الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التونسية فوزية العكرمى: الشعر يتحدى التكنولوجيا ويسعى إلى غزوها

التونسية فوزية العكرمى: الشعر يتحدى التكنولوجيا ويسعى إلى غزوها
التونسية فوزية العكرمى: الشعر يتحدى التكنولوجيا ويسعى إلى غزوها




حوار - خالد بيومى

فوزية العكرمى شاعرة تونسية، عضوة بإتحاد الكتاب التونسيين، أستاذة الأدب واللغة العربية، مؤسسة لجمعية ثقافة وفنون، أسهمت فى تأسيس العديد من النوادى الأدبية والثقافية، نشرت جل أعمالها بالصحف والمجلات التونسية والعربية، لها مشاركات فى العديد من التظاهرات الأدبية والفكرية الوطنية والعربية، تمّ تكريمها فى أكثر من ملتقى وطنى وعربي، رئيسة فرع الكاتبات التونسيات بباجة، رئيسة فرع رابطة المبدعين العرب بتونس والتى مقرّها المغرب، تمثّل العديد من الجمعيات العربية والرابطات (جماعة النيل الأدبية –رابطة المبدعين العرب وغيرها)، كُتب عن سيرتها العديد من البحوث والمقالات، نشرت نصوصها بالعديد من المجلات الوطنية والعربية مثل دبى الثقافية، مجلة نزوى، مجلة الشعر وغيرها كما ترجمت العديد من نصوصها إلى الفرنسية والإنجليزية والفارسية وضمن تآليف عديدة، صدر عن تجربتها الشعرية كتاب (ظلّ حلم) بإيران من تأليف الدكتور جمال نصاري، من مؤلفاتها: وجوه أخرى للشجن (2005)، ذات زمن خجول (2011)، كان القمر لى (2014) صدر بلندن، ولها تحت الطبع: مجموعة شعرية (جديرٌ بالحياة)، مجموعة قصصية (هبوط اضطراري)، عن رؤاها وأفكارها كان حوارنا معها.

 

■ متى وكيف بدأت علاقتك مع الشعر؟
- بدأت علاقتى بالشعر فى سنّ مبكّرة فى مرحلة التعليم الابتدائى وكانت أولى محاولاتى عن الجرح الفلسطينى بعنوان: «ياللفضيحة ياعرب» فقد وعيت بالجرح الفلسطينى باكرا فكانت قصائدى فى هذه المرحلة كلّها عن فلسطين الحبيبة ناهيك عن نشأتى فى عائلة محافظة السلطة فيها للأخ الأكبر فكان الشعر ملاذى وملجئى لحماية ذاتى وخصوصياتى من عيون الآخرين ومراقبتهم.
■ لماذا تكتبين الشعر فى زمن الرواية والدراما التلفزيونية؟
- أثبتت التجربة أنّ الشعر يتحدّى التكنولوجيا بل هو يسعى إلى غزوها باعتباره تجربة ذاتية وهو بالنسبة للشاعر كالهواء الذى يتنفسه وهو أكسير الحياة. الشعر ضرورى اليوم أكثر من ذى قبل.
أكتب الشعر لأعبّر عن ذاتى لأتنفّس فى ظل واقع  يزداد بؤسا وقتامة. أكتب الشعر لأتحدّى وضعا  اجتماعيا بائسا  للمرأة يلغى ذاتها ويعتدى على حقوقها دون رادع رغم القوانين التى تسوّى بين المرأة والرجل. أكتب لأنّ الحاجة إلى الشعر حاجة روحية إذ به تشبع الذات نهمها إلى فهم حقيقتها فى الكون والوجود عامّة أكتب لأعيد الاعتبار لنفس عاشت ظروفا صعبة وقاهرة ولابديل عن القصيد التى تمخر عباب الروح لتستجلى كنهها.
■  عناوين دواوينك تشى بالرومانسية.. هل مازالت الرومانسية موجودة؟
- الرومانسية اتجاه فى الأدب وهى فى الحياة منهج وطريقة فى التعامل مع الآخرين والإحساس بقيمة الحياة التى نحياها. الرومانسية موجودة فى كل التفاصيل والجزئيات ولا بديل عنها نسمعها فى ارتعاشة صوت العصفور وفى هطول المطر ونلمسها فى حياتنا اليومية كأشد ما يكون إنّها ضرورية فى ظل واقع ماديّ يفقد براءته كل يوم ويزداد فيه الإنسان وحشية بل إنه تحوّل إلى كائن سطحى بلا أبعاد بل هو مجرّد رقم وبهذا تكون الرومانسية بديلا عن التلاشى والذوبان.
■ ما القضايا التى تشغلك كشاعرة؟
- أكثر ما يشغلنى اليوم هو حال الوطن الذى يحاول أن ينهض وينطلق لعملية البناء والتطوير وما يجابهه يوميا من مخاطر الإرهاب والفساد، يشغلنى أيضا حال الإنسانية المعذبة فى كل مكان وحالنا نحن  العرب وقد تعسّر إيجاد الدواء الناجح لمحنتنا بعد أن استفحل الدمار الشامل فى أكثر من بلد تحت راية الربيع العربى. يشغلنى أيضا هموم الذات ومعاناتها وهى تستنهض الكلمات وتنفخ فيها الحياة.
■  أنت رئيسة فرع الكاتبات التونسيات فى باجة .. برأيك هل هناك أدب نسوى وأدب ذكوري؟
- النسوية والذكورية هى تقسيم اجتماعى تجاوزه الزمن بحكم وضع المرأة الجديد بسبب علمها وعملها وهى اليوم نصف المجتمع فكتابة المرأة تتنزل فى سياق فرض الوجود وتطوير العقلية الاجتماعية السائدة هى كتابة ضد العادات والتقاليد ضد الإقصاء والتهميش فلا يجب أن يكون هنالك تصنيف للأدب على أساس ذكورى ونسوى وإنما علينا أن نهتم بالرسالة الأدبية فى ذاتها أيّ كان صاحبها.
■ هل تجاوبت قصائدك مع ثورة الياسمين أم مازال الوقت مبكرا للكتابة عنها؟
- ابتعدت عن عالم الشعر واختفيت طيلة عشر سنوات أو أكثر ولمّا قامت الثورة التونسية وجدت نفسى صلب المعركة، ثورة الشعب على الديكتاتورية وثورة الذات على الاستكانة والضعف والانسحاب .كتبت قصائد حماسية وأخرى ترثى حالنا وتنعى آمالنا وقد عشت لحظات عسيرة بين الأمل والقلق والخوف فلقد عدّلت قيثارة نفسى على مستجدّات الأمور وما يطرأ فى المجتمع من تغييرات وإن كانت بسيطة إلا أنها مهمّة فى تاريخ التحولات السياسية والاجتماعية التى تشهدها الشعوب بعد كل ثورة ناجحة وإلى اليوم أحاول أن أجعل محمّلة بطاقة الإرادة والقدرة على البناء ومتحدية لكل مظاهر الفساد.
■ هل تعتقدين أن دور الكتاب الورقى يتراجع بعد ظهور وسائل لتكنولوجيا الحديثة؟
- ليس هنالك تراجع وإنما الإشكال فى الإقبال على الكتاب لأنّ القراء عندنا قليلون وهو ما يفسّر تقلّص الكتب الورقية. إضافة إلى ظهور الكتب الرقمية التى يسّرت للقارئ والباحث الحصول على الكتاب المطلوب فى وقت وجيز جدا. الكتاب الورقى يستغيث اليوم ولابدّ من خطة وطنية تتضافر فيها كل الجهود لإعادة القارئ إلى الكتاب الورقي.
■ هل اللغة العربية بخير فى تونس أم لا تزال الفرنسية تزاحمها؟
- من الخطأ الاعتقاد أنّ هنالك صراعا بين العربية والفرنسية فى تونس فالكتّاب باللغة العربية أكثر عددا وهم متمسكون بفنونهم وأدبهم  ولنا مرجعيات كان همّها ترقية اللغة العربية لمواكبة العصر مع المحافظة على جماليتها التقليدية وصفائها مثل الأديب الكبير محمود المسعدى أما الفرنسية فهى ميراث استعمارى أثرت بالضرورة فى كلامنا وهى آخذة فى التقلص مع العلم وأننا نعتبرها أداة من أدوات التواصل التى تفتح أفقا وسبلا نحو الثقافات الأخرى.
■ كيف يحضر الرجل فى قصائدك؟
- يحضر الرجل فى شعرى فى أشكال عديدة هو الصديق والأب والأخ والزوج والابن والرمز السياسى أيضا فالرجل هو شريك فاعل فى عمليّة البناء والتجديد وهو خاصة الزوج الذى غطّى بظهوره صورا بائسة لى عن الرجل القاسى الأنانى فلقد منحنى زوجى كل معانى الحياة التى خلتها انطفأت فإذا بها تورق من جديد على يديه .لقد وفّر لى جوّا رائعا للكتابة والصفاء الذهنى وشجّعنى على فعل الكتابة وحرّضنى على عصيان كل القيود .وقد قلت عنه فى إحدى قصائدي:
ولَوْكُنْتُ أَعْلَمُ
أَنَّكَ كُلّ الرِّجَال الذينَ عَرَفْتُ
لعدّلْتُ أَوْتَارَعمرى قَلِيلًا
لِيُصبح عَزْفُكَ مُنْفَرِدًا.
■  طموحك إلى أين يقف؟
- الطموح قيمة متجددة ومبرّر حياة ووضع حد للطموح يعنى وضع حد للحياة والأدب. الطموح لا نهاية له إلا بالموت ولو كنت تقصد الحديث عن مطامحى فلى أحلام كثيرة لعلّ أبرزها أن أكتب القصيدة التى أريد. مازلت إلى اليوم أبحث عن كلمات لا تبلى تقول كل ما تريد فى خفقة واحدة لكن أنّى لى ذلك الآن وأنا المحاصرة بالمشاغل وأعباء الحياة.
■  هل أنت راضية عن المتابعة النقدية لأعمالك؟
- لا يمكن أن نتحدث عن حركة نقدية ممنهجة تهدف إلى تأسيس التجربة الشعرية عندنا إذ أغلب ما يكتب حول الشعر إما مجاملات أو إثارة للمعارك والعداوات ونادرا ما تظفر بمقال نقدى يهتم بالشعر فى حد ذاته فنون وممارسة وما كتب حول شعرى مبادرات فردية قليلة أشكر أصحابها وأتمنى لو يصبح للنقد حركة تهتم به وتوليه ما يستحق من عناية لأنه لا يمكن للأدب أن يتطور دون أن تنظر إليه عين النقد بالتقييم والتمحيص.