السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العصبية القبلية.. البوابة الرسمية للفساد بجامعات الصعيد

العصبية القبلية.. البوابة الرسمية للفساد بجامعات الصعيد
العصبية القبلية.. البوابة الرسمية للفساد بجامعات الصعيد




كتب - محمد قبيصى


لا يزال الوجه القبلى خاصة محافظات «قنا - أسوان - الأقصر - سوهاج»، يعانون من التعصب فى التفكير والرأي، حيث إنه اتجاه وجدانى مشحون انفعاليا يدفع الفرد لمخالفة القانون تضامنا مع القبيلة، فضلا عن أنه يجعل الإنسان يرى ما يجب أن يراه فقط ولا يرى ما لا يجب أن يراه، فهو يعمى ويصم ويشوه إدراك الواقع، علاوة على أنه قد يكون اتجاها سلبيا أو إيجابيا نحو قضية أو فكرة لا تقوم على أساس منطقى أو على دليل علمى.
لم يكن هذا فحسب بل إن التعصب يمكن وصفه بأنه اتجاه مشحون بشحنة انفعالية زائدة تجعل التفكير بعيدا عن الموضوعية والمنطق السليم فتعصب الفرد نحو جماعته يجعله يشعر بالحب نحوها والبغض تجاه كل ما عداها من الجماعات، وعلى الرغم من مشروعية الانتماء والافتخار بالقبيلة كوحدة اجتماعية ومتماسكة إلا أن تجاوز ذلك إلى التعصب البغيض، والانتقاص من الآخرين، والنظر إليهم بشكل دونى لا يليق، خاصة أن ذلك لا يمكن أن ترضاه القيم الإنسانية والمعتقدات الدينية.
سلطت «روزاليوسف» الضوء على تلك الظاهرة التى تصدى لها البعض فى الكثير من المجتمعات القبلية من خلال تخصيص دراسة لظاهرة التعصب العرقى، وأخرى للتعصب الدينى، وثالثة للتعصب العائلى، ورابعة للتعصب الثقافى..
الكارثة هنا أن التعصب فى مختلف صوره وتجلياته يؤكد أن هناك جوهرًا واحدًا يواجه الانقياد العاطفى لأفكار وتصورات تتعارض مع الحقيقة الموضوعية، إما وأن تنتقل العصبية القبلية إلى مجتمع الجامعة فى انتخابات اتحادات الطلاب، التى طغى عليها أشكال التميز القبلى فى مراحل الدعاية الانتخابية فيما بينهم، وأصبحت كل جماعة من الجماعات التى تدخل الانتخابات الطلابية تعكس التميز القبلى السائد فى مجتمعها الأصلى.
والغريب هنا أن التعصب القبلى انتقل إلى الإدارة العليا بالجامعة وهذا ما تشهده الجامعة فى صعيد مصر من ممارسات قبلية لا يخطئها إلا أرمد العينين، فعلى سبيل المثال نجد أن جامعة مثل جامعة أسوان تتحكم فيها القبلية بشكل واضح، حيث إن جميع المناصب الإدارية ومناصب العمداء ونواب رئيس الجامعة هى للمنتمين إلى مركز إدفو حتى إن الجميع فى أسوان لا يعرفون مسمى جامعة أسوان بل يطلقون عليها جامعة إدفو لدرجة أن بها الكثير من الأساتذة الذين يصلحون لإدارة الكليات الناشئة إلا أن عدم انتمائهم لإدفو حال بينهم وبين توليهم تلك المناصب، حيث تم على سبيل المثال اللجوء إلى انتداب أحد الأساتذة الإدفويين من جامعات أخرى مثل جامعة الفيوم ليتولى منصب عميد كلية الآثار على مدى 3 سنوات متتالية رغم الأداء الإدارى المتواضع، دون اكتراث بواقع الكلية الذى لم يشهد أى تقدم، بالإضافة إلى إحداث الفرقة بين أعضاء الهيئة التدريسية بها.
أما جامعة جنوب الوادى فالظاهرة واضحة بشكل أكبر، خاصة أن المناصب هى أيضا للشخصيات القنائية، حيث إن نواب رئيس الجامعة الحاليين شخصيات قنائية وأقصرية وهذا لا شيء فيه رغم وجود من هم أكفأ لكنهم من خارج الحدود الإقليمية لمحافظة قنا، الأمر الذى حال بينهم وبين هذا الشرف، لكن ما زاد «الطين بلة» هو فراغ منصب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث بعد انتقال من كان يشغله إلى عضوية مجلس النواب عن الأقصر.
ورغم أنه تم ترشيح 3 شخصيات قنائية، الأول من بينهم كان يشغل المنصب 3 دورات متتالية، حيث شغل منصب نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، ثم منصب رئيس الجامعة لشئون البيئة، ثم منصب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، ثم يتم ترشيحه للمرة الرابعة بحجة عدم وجود ما يمنع ذلك وكأن الجامعة قد خلت من الأساتذة رغم أن عددهم كبير لكنهم لا يملكون الشرط الأهم وهو «قنائيتهم».
أيضا يتضح هناك نمط آخر من التعصب القبيح وهو مساندة أبناء أعضاء هيئة التدريس القنائيين بتعيينهم معيدين فى معظم الكليات ومنها كلية الآداب التى احتفظت بتعيين ابنة أخ وابنة أخت وجار تعيين ابنة من كان يشغل منصب العميد، وتعيين الابن أيضا معيدا بكلية الطب البيطري، فى حين رفضت الجامعة تعيين ابن أحد الأساتذة المتميزين بكلية الآداب الذى كان يشغل منصب وكيل الكلية فقط لأنه من خارج الإقليم القنائى.
كما تظهر المساندة والمحاباة بشكلها الصارخ عندما يتم التستر وتمييع الإجراءات فى حوادث السرقات العلمية التى تم إثباتها من قبل اللجان العلمية التى تختص بفحص إنتاج المتقدمين للترقى إلى الدرجات الأعلى من مدرس إلى أستاذ مساعد أو من أستاذ مساعد إلى أستاذ، والتى طالت شخصيات قنائية بعينها، ومنها ما تم اكتشافه من واقعة سرقة عضوة هيئة تدريس بكلية الآداب 4 أبحاث كاملة حتى تحصل على درجة أستاذ مساعد ظلما وجورا وبهتانا ورغم النشر وإدانتها فى التقرير المرسل من مقرر اللجنة العلمية، إلا أن الجامعة اكتفت بإحالتها للتحقيق متجاهلة أن القانون يقرر إحالتها إلى مجلس تأديب تمهيدا لعزلها من الوظيفة وهو ما لم يحدث بينما حدث مع أحد أعضاء هيئة التدريس بذات الكلية ليس من أبناء قنا حيث تمت إحالته لمجلس تأديب الذى قرر فصله من الخدمة ولم يعد إلا بحكم قضائى، وهناك العديد من الحالات فى كليات أخرى يتم التعامل معهم من منطلق التعصب والكيل بمكيالين.
فضلا عن أن هناك وجهًا آخر للمحاباة والمساندة يضرب البحث العلمى فى مقتل، ويتمثل فى تعاطف بعض المشرفين مع الباحثين ومنحهم الدرجة رغم علمهم أن رسائلهم وأبحاثهم المقدمة مسروقة اعتمادا على أن الجامعة تعطل النظر فى الأمر لحين تصحيح الوضع وإتاحة الفرصة للسارق أن يهرب بسرقته، وأصبح يتساءل الجميع: لماذا يتم منح اللص فرصة للهروب؟، والأغرب من ذلك هو ترك المشرف المسئول عن هذه الكارثة دون إدانة وهو من يجب احالته بنص القانون إلى مجلس تأديب.