الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
الفلسطينيون لن يتصالحوا!
كتب

الفلسطينيون لن يتصالحوا!




 


 كرم جبر روزاليوسف اليومية : 13 - 10 - 2009


القطيعة مستمرة لعشر سنوات مقبلة أو عشرين
1
ليس يأساً ولا إحباطاً أن أؤكد أن المصالحة الفلسطينية لن تتم، لا في نهاية الشهر الحالي كما هو مقرر، ولا في العام الحالي، ولا في الأعوام العشرة المقبلة.. لأن الوقت يلعب ضد الفلسطينيين.
لن تتم لأنه ليس من مصلحة فتح ولا حماس أن تتم، أبومازن يستفيد من القطيعة، ومشعل يعيش علي القطيعة وكل الفصائل لن يكون لها دور أو وجود إذا انتهت القطيعة.
لن تتم المصالحة ليس بسبب المؤامرات الإسرائيلية، ولكن بسبب المؤامرات الفلسطينية، إسرائيل كانت وسوف تظل الشماعة.. وإذا أرادوا المصالحة، فلن تقف أمامهم إسرائيل ولا غيرها.
2
طلبت حماس تأجيل الاجتماع الذي كان مقرراً للتوقيع علي المصالحة في أواخر هذا الشهر، "حتي تتهيأ الظروف لشعبنا الفلسطيني لقبول المصالحة".. أو هكذا تقول حماس.
من قال لحماس إن "شعبنا الفلسطيني" غير مهيأ للمصالحة، وما هي مظاهر هذه التهيئة بالضبط.. وإلي متي يتم استخدام هذه العبارات الكاذبة المطاطة في إفساد الأعمال الكبيرة؟
متحدث باسم حماس قال أمس: إن "القوي الحية" هي التي تجعل الجماهير العربية تحرر فلسطين.. والسؤال ما هي تلك القوي "الحية"، وهل يقصد بالحية "الثعبان"؟
3
إذا سلمت أذنيك لقادة حماس وهم يتحدثون في الفضائيات فسوف تلعن اللغة العربية التي مكنت هؤلاء من أن يلعبوا بها مثل الثلاث ورقات.. "فين الجوكر"؟.. مفيش!
تشعر أنهم "نصابون" وليسوا "مجاهدين".. يقولون كلاماً "إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة" ولكن إن فحصت المعاني فسوف تجده كلاماً فاسداً، يشبه ألاعيب السحرة المبتدئين.
يستخدمون لغة الجدل العقيم التي تميت القلوب وتجهض الأفكار وتروع المعاني وتكرس التوهان، شيء أقرب إلي اللغة الركيكة التي يستخدمها محمد سعد في أفلامه "إيه اللي جاب القلعة جنب البحر"؟
4
هذه المماطلة معناها إدخال القضية الفلسطينية غرف التجميد لسنوات طويلة مقبلة، وقد يتحول الأمر إلي ما يشبه ثلاجة حفظ الموتي.. موت القضية إلي الأبد.
يتصور الفلسطينيون أن العالم كله يقف علي أم رأسه منتظراً حل قضيتهم، لذلك هم يتدللون عليه، علي طريقة "التقل صنعة".
ويتصورون أن أوباما وأوروبا يعانيان من ضغوط داخلية هائلة، وأن مستقبلهما مرهون بحل القضية الفلسطينية.. وعليه فيجب الانتظار لتحقيق أفضل النتائج.
5
الفلسطينيون لا يسيرون إلا وراء الحسابات الخاطئة فلا أوباما ولا الغرب مشغولين بالقضية الفلسطينية، وحين تتأزم الأمور "فالعصا لمن عصي".. اضربيهم يا إسرائيل.
إذا اجتاحت إسرائيل غزة مرة أخري، وفعلت مثلما فعلت في المرة الأولي، فلن يبكي أحد علي الدموع الفلسطينية ولا الدماء الفلسطينية، غير المتظاهرين في شوارعنا العربية والإسلامية.
الفلسطينيون يبنون حساباتهم علي المظاهرات ليس لتحقيق النصر أو لتحرير فلسطين، ولكن لكسب التعاطف والتأييد، وهم يدركون جيداً أن الأوطان لا يتم تحريرها بالهتافات والدموع.
6
عباس لا يريد غزة وبالتالي لا يسعي إلي المصالحة، فلو أخذها هو يعلم جيداً أنه يجلس فوق برميل بارود، تحوطه عصابات مسلحة لا يستطيع ترويضها أو السيطرة عليها.
حماس أيضا لا تريد المصالحة لأن وجودها مرهون بالقطيعة وبضغوط تافهة مثل الأسير شاليط، الذي استخدمته إسرائيل ذريعة لقتل آلاف الفلسطينيين.
معسكر الرفض العربي لا يريد المصالحة.. لأن هذه الدول العربية تستخدم القضية الفلسطينية كورقة ضغط لتحقيق مكاسب إقليمية، خصوصاً دمشق وطهران.
7
السؤال الحتمي إذن: لماذا تتعب مصر نفسها في مصالحة لن تتم ومع قادة لا يلتزمون بكلمتهم أكثر من نصف ساعة، ومع محيط عربي يعيش في بلهنية؟
لأننا لا نستطيع أن نفعل غير ذلك.. بفعل "التاريخ" الذي جعل مصر تحمل القضية علي كتفيها منذ 60 سنة، وبفعل "الجغرافيا" التي جعلت فلسطين جارتنا، الجار الذي جلب علينا كثيراً من المتاعب.
ولأن مصر لها مصلحة حقيقية في استقرار الأوضاع علي حدودها الشرقية، تلك الحدود التي كانت علي مر التاريخ بوابات للغزوات والحروب والصراعات والعكننة.. وربنا يهديهم.


E-Mail : [email protected]