الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

صحة «المنايفة» تحت أقدام ملائكة الرحمة بالتأمين الصحى

صحة «المنايفة» تحت أقدام ملائكة الرحمة بالتأمين الصحى
صحة «المنايفة» تحت أقدام ملائكة الرحمة بالتأمين الصحى




المنوفية - منال حسين

مأساة حقيقية يعيشها يوميا المرضى وكبار السن من أهالى المنوفية من المنتفعين بخدمات التأمين الصحي، بعد الإهمال الجسيم من قبل العاملين بفرع الهيئة فى المحافظة، خاصة عيادات مستشفى أبوبكر الصديق، التى تقع فى الطابق الثالث بمجمع المصالح بمدينة شبين الكوم، حيث إن المرضى يفترشون الطرقات لعدم وجود مقاعد دون مراعاة لكبار السن وشيخوخة المترددين، علاوة على ضيق المكان وعدم وجود فتحات للتهوية فى ظل توافد أعداد هائلة يوميا، الأمر الذى تسبب فى حدوث حالات اختناق.
لم يكن هذا فحسب، بل إن المرضى ينتظرون قدوم الأطباء بالساعات المكلفين بمتابعة الحالات المرضية أو المختصين بصرف الأدوية بالساعات، ويصل الأمر أحيانا إلى الانتظار إلى اليوم الذى يليه، فضلا عن عدم توافر عدد من الأدوية والتأخر فى صرفها، إلى جانب المعاملة غير الآدمية والروتين الممل بشأن ضرورة استيفاء الإجراءات الورقية، ما يجبر المريض على التردد بين الطوابق بعضهما البعض من خلال سلالم المستشفى لعدم وجود أسانسير.
أيضا لم تنته المأساة والمعاناة عند هذا الحد بل يتعمد الأطباء عرقلة الإجراءات أمام المرضى لأغراض شخصية أو رغبة منهم فى إرغامهم على المتابعة لديهم فى عياداتهم الخاصة التى يتعدى ثمن الكشف بها 3 أضعاف التأمين الصحي، فى ظل ضعف الإمكانات المادية، وتدنى مستوى المعيشة، وغلاء الأسعار، وتدنى الأجور، وانهيار الجنيه أمام الدولار وفقا لما نراه خلال الفترة الحالية.
والكارثة أنه مع تكرار شكاوى المواطنين قرر الدكتور هشام عبدالباسط، محافظ المنوفية، تفقد عيادات التأمين الصحى، وصيدلية المستشفى بنفسه، فى 3 من نوفمبر عام 2015، للتأكد من مدى صدق الشكاوى المقدمة، وبعد أن تجسدت مأساة المرضى على أرض الواقع أمام أعين محافظ المنوفية وبعد استماعه شكواهم من تأخر وصول الأطباء والعاملين بالعيادات لفترات تتجاوز اليومين، وتأخر صرف الأدوية، جاءت قراراته مخيبة لآمال أهالى المنوفية.
خاصة أن قرارات عبدالباسط تضمنت توجيه الأطباء والعاملين بحسن معاملة المرضى وتوفير منفذ خاص لكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة لصرف الأدوية، فضلا عن ضرورة تقديم الخدمة كاملة وميسرة لجميع المرضى والمترددين على عيادات أبوبكر الصديق، مشددا على ضرورة تواجد الأطباء فى المواعيد الرسمية دون تأخير، ناهيك أنه لم يكن هناك أى عقوبات تمت على المقصرين لعدم تكرار أخطائهم، وظل الوضع كما هو عليه حتى الآن.
«روزاليوسف» تجولت فى طرقات عيادات أبوبكر الصديق للتأمين الصحي، لترصد معاناة المرضى به ومعرفة مايدور داخل دهاليز المبني، والعمل على توصيل صوت المطحونين من أهالى المنوفية..
بداية يقول الحاج عبدالعاطى سليم، 51 سنة، أحد المنتفعين من خدمات التأمين الصحى والمترددين على عيادة أبوبكر الصديق إن الحكومة لم تراع ضعف كبر السن وذوى الاحتياجات الخاصة، وأنشأت عيادات التأمين بالطابق الثالث بمجمع المصالح، فى الوقت الذى يصعب على الجميع من كبار السن صعود السلم للوصول للعيادة للخضوع للكشف الطبي، موضحا أن المسئولين لم ينظروا إلى المرضى وكبار السن بعين الرأفة والرحمة، فضلا عن أنه سوء تخطيط بيّن.
وتستنكر الحاجة أم عبدالرحمن، 55 سنة، إحدى المتضررات، مايحدث من قبل أحد الأطباء المتواجدين بالعيادات بعد تعنته تجاه المرضي، خاصة عند تدوين روشتة العلاج لهم، رغبة منه فى ذهابهم إليه فى عيادته الخاصة، فى الوقت الذى يعانى فيه معظم الحالات المترددة على التأمين الصحى ضيق الحال وعدم توافر سيولة مادية تكفى الذهاب للعيادات الخاصة أو شراء الأدوية من الخارج، قائلة الدكاترة مش واخدين بالهم إن لو معانا فلوس مكناش جينا هنا، والفقر السبب الرئيسى فى إننا هنا فى التأمين الصحي.
ويصف المهندس أحمد الشاذلي، أحد المترددين لمحاولة صرف علاج والده المحجوز فى مستشفى الجامعة بعد إجرائه عملية جراحية، مايحدث فى عيادات التأمين الصحى ماهو إلا انتهاك صارخ لآدمية المواطنين، فى الوقت الذى يجلس فيه جميع المسئولين فى غرف مكيفة، تاركين مئات الفقراء من الشعب فى طرقات ضيقة لا تتعدى المتر ونصف المتر، لا توجد بها أى فتحات للتهوية أو مقاعد يجلس عليها المرضى من كبار السن أو ذوى الاحتياجات الخاصة.
وتحكى الحاجة عواطف، 59 سنة، مأساتها مع التأمين الصحي، حيث تقول إن العلاج الذى تأتى لصرفه من صيدلية العيادة دائما ما يكون غير متوفر، ما يستوجب على الطبيب المعالج لها صرف علاج بديل أقل فاعلية من السابق وهو الأمر الذى ترفضه خوفا من تدهور حالتها الصحية، وتجد نفسها مجبرة على صرف الأدوية وشرائها من الخارج من الصيدليات الخاصة بضعف الموجود فى التأمين الصحي، فى الوقت الذى تكون فيه عاجزة ولا تحتكم فيه على ثمن الأول، منوهة إلى أنه رغم عدم تواجد إلا أصناف معينة يكون هناك طوابير طويلة تتجاوز عشرات الأمتار.
وتعرب سعاد عبدالرحمن، إحدى المتضررات، عن استيائها من معاملة القائمين على عيادات أبوبكر الصديق للتأمين الصحي، حيث إن العاملين به يرفعون شعار فوت علينا بكرة، وذلك بسبب عدم تواجد الأطباء المختصين أو الأدوية التى يستلزم على المرضى تناولها، دون مرعاة لكبر السن، وأرق المواصلات وارتفاع الأجرة، للوصول إلى المستشفى، الذى نرجع دائما منه بـخفى حنين.
ويناشد المرضى وكبار السن والمنتفعين بخدمات التأمين الصحي، المسئولين، وعلى رأسهم وزير الصحة، ورئيس هيئة التأمين الصحي، والدكتور هشام عبدالباسط، محافظ المنوفية، وكيل وزارة الصحة بالمحافظة، تكليف جميع العاملين بالمجال الطبى من أطباء وصيادلة وممرضين، بمراعاة آدمية المترددين على العيادات المختلفة للتأمين الصحي، وتوفير الأدوية اللازمة لجميع الحالات المرضية، حيث إن معظم المنتفعين بقانون التأمين الصحى تحت خط الفقر، ولا يمتلكون أى نفقات مالية تغطى تكاليف الذهاب إلى العيادات الخاصة والتعامل مع أطبائها، مطالبين محافظ المنوفية بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب على المقصرين، والمرور الدورى على العيادات، وإجبار الأطباء على الالتزام بالمواعيد الرسمية، حيث إن صحة المواطنين ليست لعبة فى أيدى معدومى الضمير.