الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هذا الوقح صديق هيكل
كتب

هذا الوقح صديق هيكل




 


 كرم جبر روزاليوسف الأسبوعية : 17 - 10 - 2009

- جاء إلي بلادنا ليسبنا ويسخر منا ويشوه أعظم الانتصارات


- كان يستحق حذاءً علي طريقة منتظر الزيدي رداً علي أكاذيبه


- ما هي الدروس التي يريد هيكل أن يعلمها للأجيال الجديدة سوي الخداع؟
- صديق هيكل صورة طبق الأصل من ليبرمان و نتنياهو وشارون
- لم يكن مطلوبًا من هيكل أن يدافع عن السادات، ولكن عن أرواح شهداء وطنه
- أمريكا اعترفت بأن إسرائيل كادت أن تضيع عكس ما يراه هيكل وصديقه
خرَّف لأنه بكل وقاحة وبجاحة قال إن مصر انهزمت هزيمة منكرة في حرب أكتوبر 37.. وكان يجلس بجانبه أستاذ الكراهية محمد حسنين هيكل، لم يدافع وإنما انفرجت أساريره، لأن المتحدث الخرف عبر عما في مكنونات نفسه.
إنه ديفيد أوين وزير الخارجية البريطاني الأسبق الذي استضافه هيكل في منتصف الشهر الحالي في مؤسسته للصحافة العربية، ليحاضر الصحفيين المصريين في ذكري انتصار حرب أكتوبر المجيدة، ويكشف سراً جديداً يذاع لأول مرة وهو أن مصر انهزمت في الحرب.. وهكذا يختار هيكل أصدقاءه الذين يحاضرون في معهده في أكبر مناسبة قومية.
ديفيد أوين كان يستحق حذاء مثل حذاء منتظر الزيدي، ينطلق إلي وجهه، فربما أعادت الصفعة عقله وقاومت تخريفاته التي جاء بها إلينا، لم يستح، وهو يقول ذلك في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، بدعوة من هيكل ومعهده.. ومرة أخري نجد أنفسنا مضطرين إلي أن نسأل: ماذا يريد هيكل بالضبط؟.. وهل يصل به الحقد والغل والكراهية إلي درجة إنكار النصر العظيم، وأن يحوله إلي هزيمة؟
--
وظل هيكل صامتا!
كان بالإمكان أن تدافع عن هيكل وتحترم اختياراته لو فتح فمه وقال لهذا البريطاني القبيح، إن تحليلاتك جانبها الصواب، وإنك تقول آراء شخصية عكس الحقائق الدامغة التي تحققت في ميدان القتال، في مساحة لا يجوز فيها التجني والاجتهاد والكذب.
لكن هيكل لم ينطق ولم يدافع ولم يرد، ولم يكن مطلوباً منه أن يفعل ذلك إنصافا للسادات الذي يكرهه، ولكن دفاعا عن أرواح الشهداء ودماء الأبطال التي حررت كل شبر من أراضي سيناء الغالية، في الوقت الذي تجني فيه صديق هيكل علي أعظم انتصار يحققه الجيش المصري، صمت هيكل صمت الثعالب الماكرة.
كان بوسعه أن يقول له إن الهزيمة التي يتحدث عنها وقعت في يونيو 76 وليس أكتوبر 37.. حين خرج هيكل علي المصريين في ذلك يخدعهم ويضلهم ويقول لهم إنها نكسة وليست هزيمة، واستخدم مهاراته الكتابية وحيله اللفظية، ليخلق جدلا شريرا بين المثقفين، كان الهدف منه هو الدفاع عن الهزيمة، وحمل المهزومين فوق الأعناق.
--
أستاذ الاستسهال والتسطيح!
لعب هيكل دور جوبلز الهزيمة، وهو يستطيع أن يسوق أسباباً تثير الضحك والرثاء في آن واحد، وليس أدل علي ذلك من مزاعمه في قناة الجزيرة التي قال فيها بالحرف الواحد إن السبب المباشر لنكسة 76 أن مصر لم تمتلك جاسوسا واحدا فاعلا علي مدار فترة الستينيات.. ووصف الأعمال الدرامية التي تمجد البطولات المصرية في اختراق إسرائيل بأنها محض هراء!
بهذا التحليل المشوه يختزل هيكل كل شيء في ذاته، ويلقي بالمسئولية كاملة علي كاهل الجواسيس الذين عجزت مصر عن زرعهم في إسرائيل، ونسي هيكل المؤامرة الدولية التي قادتها الولايات المتحدة والدول الكبري في ذلك الوقت للقضاء علي عبدالناصر، وعدم السماح لمصر بأن تكون قوة إقليمية كبري في المنطقة.
يلجأ هيكل إلي التسهيل والتسطيح، ويحرم هذا البلد من بعض صور البطولة التي انشقت عنها الأرض رغم الهزيمة، لأن الذين هُزموا في النهاية هم أبناء الشعب المصري، الذين لم تتح لهم فرصة حقيقية وعادلة لقتال متكافيء.
يتناسي هيكل أن السبب الرئيسي للهزيمة - أيضا - هو فساد القيادات في ذلك الوقت وانصرافهم إلي اللهو والنساء وإدارة الفرق الكروية، دون الاهتمام بتدريب وتحديث القوات المسلحة، ووضعها علي أهبة الاستعداد لمواجهة العدو الإسرائيلي.
المسألة عند هيكل بسيطة ولا تحتاج عناء البحث والتنقيب، ولو كانت مصر تمتلك عشرة جواسيس في إسرائيل، هل كان ذلك يضمن لها النصر في حرب 76.. وماذا يفعل الجواسيس بالضبط بعد أن أبلغ عبدالناصر قواده بأن الحرب ستقع يوم الاثنين 5 يونيو الساعة السادسة صباحا ولم يهتم أحد؟
--
كارثة الخرف العمدي
رضينا بهيكل ولكن هيكل لم يرض بنا، فجاء إلينا بأصدقائه الممتلئين حقدا وكراهية، والمعروفين بانحيازهم لإسرائيل وكراهيتهم للعرب، وفي صدارتهم ديفيد أوين.. الذي أتي به ليعلم الصحفيين المصريين دروسا رائعة في فنون التضليل الصحفي.
أوين - مثلا - قال ضمن ما قال في ندوته المشئومة بالجامعة الأمريكية كل ما أستطيع أن أقوله أنه لو كان انتصارا فهو انتصار غريب الشأن، لأن الدبابات الإسرائيلية كادت أن تصل إلي القاهرة.. والمؤكد أيضا أنه كان يقصد حرب 76 وليس 37، ولكنه الخرف العمدي الذي يحول الهزائم إلي انتصارات، والانتصارات إلي هزائم.
أولا: ألم ينم إلي علم هيكل وصديقه أوين مكالمة مائير الشهيرة لوزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت هنري كيسنجر، عندما استنجدت به قائلة أخشي أن سيناء قد ضاعت.. فرد عليها بل أخشي بأن إسرائيل قد تضيع؟
ثانيا: إذا كادت دبابات إسرائيل تصل إلي القاهرة، فلماذا فتحت الولايات المتحدة ترسانتها العسكرية لإنقاذ إسرائيل، وكان كيلومتر الدبابات يشير إلي أنها لم تقطع سوي المسافة من مطارات شمال سيناء حتي جبهة القتال؟
ثالثا: لماذا قبلت إسرائيل وقف إطلاق النار وفض الاشتباك والانسحاب من سيناء، إذا كان في استطاعتها أن تصل إلي القاهرة؟
مائة سبب وسبب يمكن الرد بها علي أوين يعلمها هيكل جيدا، ولكنه آثر الصمت والسكينة، وترك شباب الصحفيين الذين يدربهم يحاولون الرد علي هذا البريطاني العنصري الوقح الذي جاء إلي عقر دارنا ليسبنا ويشكك في أعظم الانتصارات.
--
وماذا أيضاً يا أوين؟
أوين قال أيضا لشباب الصحفيين: كان من المفترض أن يتعامل الغرب وأمريكا مع حماس بعد انتصارها في الانتخابات، حتي لا نوجه ضربة قوية للديمقراطية.. والسؤال هنا: لماذا لم يقل هذا الكلام لحكومته، بدلا من أن يأتي به إلينا وكأنه يفسر الماء بعد الجهد بالماء.. وهو أيضا تحليل سطحي لايغوص في أعماق المشكلة، وإنما يعتمد فقط علي الزخارف اللفظية.
ويقول أمريكا لا تستطيع أن تملي أو تفرض شيئا علي إسرائيل دون حساب رد فعل القوي اليهودية.. قديمة.. وما هو الجديد في ذلك، وهل جئت من بلادك متحملا مشقة ومعاناة السفر لتقول لنا مثل هذا الكلام الخايب الذي لايقدم ولايؤخر؟
ونصح أوين الصحفيين العرب بالإقلاع عن المطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين، موضحا أن هذا الأمر غير قابل للتطبيق، وإن مثل تلك المطالبات تضر بموقف الفلسطينيين في التفاوض.. وموقف أوين هو نفسه موقف ليبرمان ونتنياهو وقبله شارون.. لكنه جاء هذه المرة علي لسان صديق الصديق هيكل، في شكل نصيحة مشفوعة بأحسن التمنيات.
وكشف أوين النقاب عن سر يذاع لأول مرة هو أن التفاوض يعني تنازلات صعبة جدا من الطرفين، وخصوصا قضية القدس.. والسؤال هنا: من أين عرف أوين هذا السر الرهيب، وهل تشاور مع هيكل قبل أن يعلنه علي الملأ في عقر دار الجامعة الأمريكية بالقاهرة.. وأي الأسرار في مثل هذا الكلام الخايب؟
المشكلة الحقيقية هي أن بعض الشخصيات عندما يجلسون علي المنصة ويمسكون الميكروفون يتصورون أن صدي الصوت يتفاعل مع الصوت، فتنتج عنه خضة كلامية.. تصيب المستمع، فيسلم أذنيه وعقله لحامل الميكروفون، ويقول له والله كلامك زين.. ولكن إذا شغّلت عقلك لتفحص ما تستمع إليه ستكتشف أن المسألة تجاوزت مرحلة السخف والحماقة بكثير.
--
زملائي الصحفيون.. لاتصدقوهما!
جاء هذا الوقح إلينا بدعوة من صديقه هيكل يوم 41 أكتوبر في نفس التوقيت الذي تحتفل فيه البلاد بالذكري 63 للانتصار الكبير، ولم يسأل نفسه هو وصديقه: ماذا يكون الوضع لو لم تحارب مصر ولو لم تنتصر؟
هل كان في وسعه أن يأتي ويجلس ويتحدث علي راحته، وما هي الرسائل العلنية والغامضة التي يريد هيكل أن يبعث بها من هذه الاستضافة المشبوهة؟
أولا: في تقديري أن هيكل يخشي الظهور الآن ليعبر عما يجيش بصدره من حقد دفين حتي لايتعرض لهجوم كاسح من كثير من الأقلام والكتاب، ويلجأ إلي دروع يحتمي بها، لتقول نفس ما يقول، وفي هذه الحالة ليس عليه حرج، سوي أن يجلس ويستمع ويطأطئ رأسه ويبتسم ولا تُمسك عليه كلمة أو حرفا.
ثانيا: هذا هو هيكل الذي استأذن في الانصراف.. عن الكتابة منذ عدة سنوات ثم عاد دون استئذان لأشكال أخري من الكتابة مثل البرامج التليفزيونية والمحاضرات وغيرها، لأنه يستطيع أن يفعل الشيء وعكسه ويقدم الحجج والمبررات لكل حالة.
ثالثا: هيكل لم يكن يوما محللا محايدا، أو راويا أمينا للأحداث، وإنما يمزج كل شيء بآرائه الشخصية، ويلون الوقائع والأحداث حسب أهوائه.. يتكلم حين يجب الصمت، ويصمت حين يكون الكلام حتميا، وهذا ما فعله مع أوين الوقح الذي جاء لسرقة انتصار أكتوبر.
رابعا: هيكل يريد أن يقول أنه مازال في بؤرة الضوء ويصنع الأحداث ويتحكم في مسارها، حتي لو كان مسارا شيطانيا.. المهم أن يكون موجودا حتي في دور مساعد شاهد الزور.. الشرير ديفيد أوين.
--
أكتوبر التي يتجني عليها!
هل يتفق مع قومية هيكل وعروبته، أن يأتي في هذا التوقيت بالذات ويستضيف متحدثاً ليشوه أعز انتصاراتنا ويوصمنا بالتخاذل والتفريط والاستسلام.. وهل هذا هو الدرس المهم الذي يريد أن يعلمه هيكل ل 05 صحفيا شابا يتدربون في مركزه؟
ما قاله أوين ليس حرية رأي أو فكر ولا يمت إلي الديمقراطية بصلة، ولكنه تشويه متعمد للحقائق، ورسالة مشبوهة لاتخدم سوي أغراض إسرائيل وتدافع عن أطماعها، وتعطيها الحق في ابتلاع الأراضي العربية، واستلاب حقوق الفلسطينيين.. فهل يكون هيكل سعيدا عندما يروج شباب الصحفيين الذين يدربهم هذه الأفكار المضللة، وإن كنت أشك في ذلك، لثقتي أنهم أكثر وعيا منه ومن صديقه.
لماذا عقدة الاضطهاد التي تسيطر عليه، فتجعله يحتفل بالهزيمة ويثأر من الانتصار؟.. أليست 63 عاما كافية حتي تهدئ من روعه، وينظر للأمور نظرة عادلة؟.. وهل هذه هي الذكري الجميلة التي يتركها لأحفاده، وهم يجلسون أمام التليفزيون يتابعون احتفالات النصر، فيقول لهم: أوين يؤكد أنها هزيمة وليست انتصارا؟
يبدو أن كل الجراح تختفي وتندمل بمرور الوقت، إلا جرح هيكل من السادات، الذي يزداد نزفا وألما كلما مضي الوقت؟.. جرح غائر سيظل متقيحا، مهما طال الانتظار.. لكن خطيئة هيكل الكبري أنه يخلط بين كراهيته للسادات وبين الوطن الذي انتصر والكرامة التي تم استردادها، والعلم الذي عاد خفاقا فوق كل شبر من سيناء الغالية.
--
قد يقول قائل ما ذنب هيكل عن كلام لم يقله.. ذنبه نفس ذنب من يستضيف ضيفاً قليل الأدب، فيتطاول علي أصحاب البيت ويسبهم ويستهزئ بهم.
ذنبه.. أنه يعلم جيدا ما كان سيقوله أوين وصمت عليه مع سبق الإصرار والترصد، دون أن يرد غيبة وطن وكرامة شعب.
ذنبه.. إنه يدس السم في عقول جيل جديد من الصحفيين لم يعش هذه الأحداث.. فيشوه أفكارهم، ويزرع بداخلهم الشك.. وربما ينقل بعضهم ما تعلمه علي يد الأستاذ هيكل!
ذنبه.. إنه هيكل، كلما تصورت أنه استأذن في الانصراف عن الكراهية والأحقاد.. عاد دون استئذان.


كرم جبر


E-Mail : [email protected]