الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فتح الله جولن ضد الإسلاميين دفاعا عن الإسلام

فتح الله جولن ضد الإسلاميين دفاعا عن الإسلام
فتح الله جولن ضد الإسلاميين دفاعا عن الإسلام




كتب - محمد شعبان

عاد العلامة التركى فتح الله جولن الى واجهة الاحداث مرة اخرى وذلك بعد الاتهامات التى وجهها الرئيس التركى رجب طيب اردوغان لحركة «خدمة» بمحاولة الانقلاب عليه ومن ثم طالبت تركيا الولايات المتحدة الامريكية بتسليم جولن بوصفه زعيما لـ«خدمة».
قد يعتقد البعض أن جولن - المقيم ببنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية - مجرد زعيم سياسى منافس لأردوغان لكن الحقيقة أن الخلاف بين جولن وأردوغان ليس سياسيا بل بالأساس فكرى، فجولن مصلح اجتماعى ودينى يرفض الانخراط فى السياسة ويؤمن بالإصلاح المجتمعى على خلاف التوجه الإخوانى الذى يمثله اردوغان بإختصار شديد اذا كان اردوغان يمثل المشروع الإخوانى الموصوف بالإسلام السياسى فمشروع جولن يوصف بالإسلام الاجتماعى أو الحضارى.

 

كان أردوغان قد وصف جولن مؤخرا بالإرهابى وسنحاول الابتعاد عن السياسة ورسم الخطوط الفكرية الفاصلة بينهما لنعرف من هو فعلا الإرهابى.. من خلال استعراض آراء جولن فى الحاكمية وعلاقة الدين بالسياسة وتصوره لمعنى الشريعة وموقفه من الخلافة.
أولا: الشريعة
يردد دعاة الإسلام السياسى دائما مقولة: نريد تطبيق الشريعة ويعنون بهذه العبارة احكاما وقوانين مستنبطة من الفقه بل ان حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه اردوغان كان يطالب قبل محاولة الانقلاب الفاشلة بقانون إسلامى فما هو موقف جولن من هذا الفهم وما هو تصوره للشريعة؟
الجواب كما سجله جولن فى حوار له مع مجلة العالم الإسلامى عام 2015 يمكن تلخيصه فى النقاط التالية:
أولا: يرفض جولن استخدام لفظ الشريعة كمرادف للقانون ويؤكد أن الشريعة تعنى الإسلام كله بمعنى أى شعيرة دينية أو خلقية يؤديها المسلم تعد تطبيقا للشريعة فمن يصدق فى حديثه ولا يؤذى جاره يطبق الشريعة وليس الأمر مقصورا على مادة فى الدستور.
ثانيا: يؤكد جولن ان الشريعة - أحكام الإسلام - يتعلق 95% منها بالأفراد فى حين تتعلق الـ5% الباقية بالدولة بمعنى آخر: تطبيق الشريعة خاص بالأفراد بالدرجة الأولى ثم تأتى بعد ذلك مهمة الدولة.. طبعا هذا يناقض تصور دعاة الإسلام السياسى من ان الدولة منوط بها تطبيق الشريعة.
ثالثا: يرى زعيم جماعة خدمة أن السلطة التشريعية والمؤسسات التنفيذية مسموح لها دائما أن تقوم بسنّ القوانين، وهذا بناءً على الضروريات والحاجيات والمصالح المرسلة، فى إطار الضوابط والمعايير العامة للشريعة.
وفيما يلى نص كلام جولن: هناك الكثير من الذين يعتقدون أن «الشريعة» منحصرة فى وجود نظام دولة مبنى على الأحكام الدينية. وهم يتخذون موقفًا معاديًا للشريعة دون النظر إلى معنى الشريعة ومحتواها، والحال أن كلمة «الشريعة» هى - بطريقة ما - مرادفة لكلمة «الدين»، فإنها تشير إلى حياة دينية مؤسسة على أوامر الله جل جلاله، وأقوال النبى صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وإجماع الأمة الإسلامية؛ والأحكام المرتبطة بإدارة الدولة فيها 5% فقط، والـ95 % الباقية تتعلق بالأمور الأخرى مثل أركان الإيمان والإسلام والمبادئ الأخلاقية.
ثانيا: الإسلام والسياسة
تحول الاسلام من دين إلى عقيدة أو أيديولوجيا سياسية لدى تيار الإسلام السياسى فالإسلام وفق تصورهم لا يكتمل إلا بالحكم والسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية فلا إسلام خارج هذه الاطر السياسية فى المقابل يرى التيار العلمانى إن الاسم دين خلاص فردى لا علاقة له بالحياة.
يقف جولن موقفا مخالفا لهذين التيارين فيقول: الناس يقعون فى الإفراط أو التفريط فيما يتعلق بفهم العلاقة بين الإسلام والسياسة؛ فقال البعض إن دين الإسلام لا علاقة له بالسياسة، فى حين يعتقد آخرون أن الإسلام هو السياسة نفسها، متجاهلين الجوانب المتنوعة والغنية لهذا الدين. ونحن نجد فى القرآن آيات كثيرة متعلقة بالحكم والسياسة، ومثلها فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم، كذلك نجد مصطلحات قرآنية مثل «أولو الأمر» و«الشورى» و«الحرب» و«الصلح» كلُّها تتعلق بالحكم والسياسية».
ثم يعلن جولن رفضه تحويل الإسلام كدين إلى مذهب فى السياسة والحكم قائلا: مع هذا فإنه ليس من الممكن فى الإسلام أن يحصر مفهوم الحكم والسياسة فى نموذج واحد، على عكس مبادئ الإيمان وأركان الإسلام. ويعرض تاريخ الإسلام لنا -منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين- أشكالًا كثيرةً من نظم الإدارة والحكم، فمن لم يفهم ماهية الأمر ظن كلًّا من هذه الأشكال نظامًا منفصلًا، لأن فى تفاصيل المسألة اختلافات كثيرة وإن لم يكن اختلافاً كبيراً فى الأصول. وينبغى أن أشير هنا إلى أن هذه الاختلافات وقعت فى جوانب الدين المفتوحة للرأى والاجتهاد.
ومن أجل الوصول إلى فهم سليم ونتائج إيجابية فى هذا الموضوع ينبغى لنا أن نرجع إلى المصدر الرئيس للإسلام، وهو القرآن والسنة، ولا شك أن للتجارب التاريخية أيضًا مرجعيتها.
وبالإضافة إلى الآيات القرآنية المتعلقة بعلاقة البشر مع الله نجد الكثير من الآيات الأخرى تقوم بتنظيم علاقات الإنسان مع الآخرين، وقد جاء كل من هذين الصنفين من الآيات من نبع إلهى واحد. والآيات التى تُذكّرنا بواجباتنا ومسئولياتنا أمام الله تعالى تعبُّدية ومحفوظة كما جاءت وكما عمل بها النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه. أما الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بالصنف الآخر، والتى تركز على قواعد حياة البشر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية فتشير إلى بعض العِلَل والحِكم والمصالح؛ فالآيات المتعلقة بالعدل واحترام الحقوق والصدق والشفقة والرحمة والقيام والشورى والعفة والعصمة وعدم خداع الآخرين... كل هذه الآيات تُعتبر أمثلة لهذا الصنف.
ثالثا: الدولة
يجعل دعاة الإسلام السياسى الدولة مرادفا للدين لدرجة أن أبا الأعلى المودودى زعيم الإسلام السياسى المعاصر قال فى احد كتبه ان الدين هو الحكومة على نقيض ذلك يفرق جولن بين الدين والحكومة او الدولة فالاحكام المتعلقة بالدولة اجتهادية صاغها فقهاء وعلماء بناء على اجتهاداتهم الشخصية من القران والسنة وتجارب المسلمين والهدف منها مصالح المسلمين رافضا ان تكون هناك سلطة دينية تتحكم فى رقاب العباد حيث يقول: مفهوم الدولة سواء أكان مستمدًّا من مصادر الوحى الرئيسة أو من اجتهادات العلماء المبنية على هذه المصادر، فيمكن للمرء أن يسأل: «ما هو الفهم الإسلامى للدولة؟» ونجيب بأن الحكم والسلطان فى الإسلام لله سبحانه وتعالى، والقرآن يؤكد هذه النقطة فى آيات عدة ويعلن أن الحكم والأمر لله وحده. يقول تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾(الأحزاب:36) وبذلك يعلن القرآن أن الحكم ليس لزعماء روحانيين معصومين، كما فى بعض الحكومات الدينية، أو لأى مؤسسة دينية، فإن الإسلام يقول: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾(الحجرات:13) وبهذا فهو لا يعطى أى ميزة بناء على العائلة أو الطبقة أو العرق أو اللون أو الثروة أو السلطة والنفوذ، لكنه بدلًا من ذلك اهتم بالتقوى والجدارة والإخلاص والعدالة. لذلك لا توجد فى الإسلام القائم على القرآن والسنة مَلَكية مطلقة أو ديمقراطية كلاسيكية غربية، كما لا توجد فيه ديكتاتورية أو شمولية. فالإدارة فى الإسلام تعنى عقدًا مشتركًا بين الحاكم والرعية، وتستمد شرعيتها من القانون وسيادته؛ وبهذا فإن القانون يصبح فوق الحاكم والرعية، وهو لله سبحانه وتعالى، فلا يمكن تغييره أو اغتصابه. وتطبيق القانون يتم حسب أوامر الخالق سبحانه، وبالطريقة التى عبر عنها النبى صلى الله عليه وسلم وطبقها. والإسلام لا يعد إدارةً تخالف القانون شرعيةً؛ وفى الإدارة الإسلامية يجب على من هم فى موقع السلطة أن ينقادوا للقانون، مثلهم فى ذلك مثل عامة الناس، فليس لهم أن ينتهكوا هذه المبادئ ولا أن يمارسوا شيئًا يخالفها، كما يجب على الرعية أن تعترف بالقانون، وإلا تعتبر باغية.
وينبغى الإشارة هنا إلى أن كل ما ذكرناه آنفًا لا يعنى أن السلطة التشريعية والمؤسسات التنفيذية ليس لها ما تقوم به؛ فالسلطة التشريعية والمؤسسات التنفيذية من المسموح لها دائما أن تقوم بسنّ القوانين، وهذا بناءً على الضروريات والحاجيات والمصالح المرسلة، فى إطار الضوابط والمعايير العامة للشريعة وفيما يتعلق بالقضايا المحلية فى المجتمع الإسلامى وعلاقته بالأمم الأخرى، بما فى ذلك العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية، يقوم المسلمون دائمًا بتطوير القوانين فى هذه الشؤون».
ثالثا: الحاكمية
من المفاهيم التى روج لها الاسلام السياسى المعاصر مفهوم الحاكمية والذى يعنى أنه لا يصح ولا يحق لاحد كائنا من كان - فردا كان أو جمهورا - أن يشرع أو يشارك فى عملية تشريع القوانين فى المجتمعات الاسلامية لذلك ترفض هذه التيارات المجالس النيابية وتعتبرها تشارك الله فى تشريعاته.
يرفض جولن هذا التصور ويرى أن معنى: السيادة لله وحده ان ينزع من أيدى الطواغيت والمستبدين وتكون بيد جمهور الأمة فالبشر احرار فى اختياراتهم الاجتماعية والسياسية حيث يقول نص فى الحوار المشار اليه سابقًا: سيادة الأمة لا تعنى إنكارَ أن الحكم لله، بل تعنى أن السيادة التى ائتمن اللهُ البشرَ عليها تُنزع من الظلمة والجبابرة والمستبدين وتُعطى للجمهور، وهذا ما شهدته الإنسانيةُ فى عهد الخلفاء الراشدين.
إن الله هو الحاكم على كل شيء فى الكون لا ريب فيه، وأفكارنا وغاياتنا جميعها لا تتحقق إلا إذا أراد سبحانه وتعالى. ومع ذلك فإن هذا لا يعنى أننا لا نملك إرادة أو رغبة أو اختيارًا؛ فكما كان البشر أحرارًا مخيَّرين فى حياتهم الشخصية، فهم كذلك أحرار مخيَّرون فى اختياراتهم الاجتماعية والسياسية من وجه؛ وهذا ينطبق على عصر السعادة، عهد النبى صلى الله عليه وسلم وعلى عهد الخلفاء الراشدين الأربعة، رضى الله عنهم؛ فانتخاب الخليفة الأول سيدنا أبى بكر، كان مختلفًا عن انتخاب الخليفة الثانى سيدنا عمر بن الخطاب، وكذلك كان انتخاب سيدنا عثمان مختلفًا عن انتخاب سيدنا عليٍّ الخليفةِ الرابع، رضى الله عنهم أجمعين، والله أعلم بالصواب.
خامسا: الخلافة
واحدة من اهم المسائل التى يخالف فيها جولن الاسلاميين هو الموقف من الخلافة حيث يرى زعيم «خدمة» ان إحياء الخلافة غاية فى الصعوبة، كما أن جعل المسلمين يقبلون بها قد يكون مستحيلًا مشيرا فى ذات السياق ان نظرة العالم الغربى لاعادة الخلافة قد لا يكون فى صالح الاسلام والمسلمين.
إلا أنه يعلن رفضه للخلافة مقدما تأصيلا علميا للأمر ويستعرض مختلف الاراء والتصورات لقضية الخلافة.
ففى أعقاب انتهاء أو سقوط الدولة العثمانية والتى كانت تسمى الخلافة ظهر رأيان تجاه عودة مؤسسة الخلافة تيار يمثله عالم الاجتماع التركى ضياء كوك آلب ضرورة العمل على إعادة الخلافة مرة ثانية فى حين رأى التيار المقابل أن الخلافة انقضى زمنها ولا يمكن إعادتها وهذا الرأى هو الذى مال إليه جولن واختاره.
ثم ينقل راى ابن خلدون تجاه الخلافة ومن بين الآراء التى ذكرها ابن خلدون ان الخلافة مبناها على المصلحة وحاجة الناس وليست مسألة دينية ومن ثم يجوز للناس اختيار الشكل الانسب لهم ولعصرهم وفيما يلى نص الكلام النفيس الذى قاله جولن: اثناء إلغاء مؤسسة الخلافة كان هناك العديد من الآراء التى تم الإعلان عنها إما للخلافة أو عليها. فعالم الاجتماع التركى «ضياء كوك آلب» – فى بداية أمره - وهؤلاء السالكون لخطّه الفكرى كان لديهم وجهة النظر التالية: «إن مؤسسة الخلافة تتمتع بمكانة كبيرة بين المسلمين. وإذا لم توجد مثل هذه المؤسسة فإن العالم الإسلامى سوف يكون أشبه بمسبحة ليس لها مركز، وسوف تنفرط كل حبات العقد». وهناك مفكرون مثل «سيد بَك» يعتقدون أن «الخلافة لها غاية حكيمة، وأنها مسألة وُكل أمرُها إلى الأمة، وأنها تنقاد لمتطلبات الزمن. فعندما مات النبى صلى الله عليه وسلم لم يذكر أيَّ شيء لأصحابه بشأن الخلافة، ولا توجد أيّة آية فى القرآن الكريم تتعلق بهذه القضية».
ويركز «سيد بك» على الشورى والطاعة للحكام، كما ذُكر فى القرآن، ويؤكد أهميتهما فى الإدارة والسياسة. ويعتقد أن الخلافة الإسلامية قد انتهت بخلافة على رضى الله عنه فى السنة الثلاثين من الهجرة. ويستدل فى هذا السياق بآراء بعض المجتهدين وعلماء الكلام، ويشير إلى تاريخية الخلافة يقول إن ما ينبغى فعله هو التركيز على غاية الخلافة وما قُصد منها، لا الخلافةِ نفسها؛ فعهد الخلافة قد انقضى عنده بعد الخلفاء الأربعة، والذين جاؤوا من بعدهم ليسوا خلفاء حقيقيين، وإنما خلفاء فى الشكل.
فأُلغيت الخلافة بحكم البرلمان التركى التالي: «لقد تم عزل الخليفة، وتم إلغاء مؤسسة الخلافة، لأنها مندرجة تحت مفهوم ومعنى الحكومة والجمهورية».
ويذكر «ابن خلدون» فى مقدمته آراء ثلاثة فيما يتعلق بالخلافة؛ فالأول هو: أن الخلافة مؤسسة إلهية ضرورية، والثاني: أن وجودها مبنى على الحاجات، والثالث: أنه لا حاجة للخلافة كما قال بذلك بعض الخوارج.
وهؤلاء الذين يعتقدون فى عصرنا الحالى أنه لا حاجة للخلافة يقولون هذا بسبب ظهور الدول القومية وتطور أفكار الاستقلال، ولأن الخلافة قد فقدت تأثيرها».
ويؤمن آخرون بأن الخلافة ما زالت تحتفظ بحيويتها وتأثيرها؛ إذ هى وسيلة للوحدة بين المسلمين، كما أنها تيسر التعاون بين الدول الإسلامية من خلال تبادل المهارات والفرص، وأن بمصطلح دينيّ مثل الخلافة يمكن للجماهير أن تتجمع تحت رايته.
وإذا آل الأمر إلى هذا الحد فإنه قد يكون إحياء الخلافة غاية فى الصعوبة، كما أن جعل المسلمين يقبلون بها قد يكون مستحيلًا. ومن جهة أخرى فإن نظرة العالم المعاصر لمثل هذه المبادرة من الأهمية بمكان ويجب أن تؤخذ فى الاعتبار. ومن المفيد أن ننظر إلى مفهوم الخلافة وحركات إحياء الخلافة فى ضوء الأفكار والملاحظات السابق ذكرها.
سادسا: المرأة فى الإسلام
يقدم جولن تصورا فريدا لمكانة المرأة فى الإسلام يفوق تصور الغرب فيرى انه رغم ما وصلت إليه المرأة فى ظل الحضارة الغربية هناك جوانب يمكن أن يقدمها الاسلام لم يقدمها الغرب رافضا ما يروج له فى العلوم الغربية ان الطبيعة الجسمانية للمرأة لا تؤهلها لتولى المناصب التى يتبوأها الرجال مثل رئاسة الجمهورية وتولى قيادة الجيش واجهزة الاستخبارات فيقول: النسبة لحقوق المرأة بالمعنى العام فإننى على قناعة كاملة بأن الإسلام لديه أشياء كثيرة سيقولها للعالم أجمع فى هذا الموضوع، وربما أن حق الحديث الوحيد فى هذا الموضوع مكفول له هو فحسب. إذ لم يكن الحديث عما يسمى حقوق المرأة أمرًا ممكنًا فى المجتمع الغربى حتى وقت قريب. أما فى يومنا الحاضر فإن ثمة شذوذًا وإفراطات متنوعة يتم الدخول فيها، ويبدو الأمر وكأنه رد فعل موجه ضد الأزمنة السالفة. والواقع أن كل هذه الأمور تبقى أمرًا نظريًّا فحسب. فكم امرأة ترأس دولة فى العالم؟ وفى كم دولة فى العالم تتولى امرأة وظيفة فى مراتب الجيش العليا؟ تُرى هل تمثلُ فى البرلمانات النساءُ اللائى يساوين الرجال فى تعداد السكان تمثيلًا ملائمًا لنسبهم المئوية؟ كم امرأة تتبوأ مكانها بين القادة الروحانيين فى العالم؟ ويمكننا أن نضيف إلى هذه المجالات القضاء، والحياة المدنية، ومنظمات الأمن، وأجهزة الاستخبارات أيضًا.
ويمضى: هناك متحمسون للغاية فى الغرب يقولون ينبغى أن يكون الأمر كذلك، لم نصادف قط وجود أمثال هؤلاء فى عالمنا الإسلامى. ويتحدث عالم الاجتماع الفرنسى «بوتول جاستون (Bouthaul Gaston)» عن أن النساء لا يستطعن القيام ببعض القضايا الصعبة بسبب جوانبهن النفسية ونظمهن المنطقية الخاصة، وأن بعض المواضيع، مثل الحرب، ستظل كما هى عليه من شأن الرجال أيضًا فى الأيام القابلة. وهو يرى أنه من الخطأ أيضًا التسوية بين الرجال والنساء فى الأمور السياسية. والحاصل أنه يركز على البنية البدنية للمرأة، ويوصى ببعض الأشياء وفقًا لذلك، وعدد من يفكرون مثله فى الغرب ليس قليلًا ويرد على ذلك قائلا: اختلاف المرأة جسديًّا لا يبرر احتقارها.
سابعا: نهضة المسلمين
يقدم جولن «روشتة» متكاملة لنهضة المسلمين تقوم على العقل والنقل والوجدان والتجربة فيقول: هناك ثلاثة أصول للروح الإسلامية، وإهمال أى من هذه الأصول يؤدى إلى شلل القوى المحركة للأصلين الآخرين، ويمكن تلخيص هذه الأصول كما يلى:
1 - تفسير العلوم الدينية المستقاة من القرآن والسنة بما يتوافق مع فهم العصر كما كان الحال فى الفترة الأولى للإسلام أو حقبة التدوين.
2 - قراءة الكتاب الكبير الذى يأتى من صفتى الله «القدرة والإرادة» وهو الكون والقوانين الإلهية الموجودة فى الطبيعة، كقراءة القرآن الذى يأتى من صفة الله «الكلام».
3 - الحفاظ على التوازن بين المادة والمعنى، والجسد والروح، والدنيا والعقبى، والطبيعة وما وراء الطبيعة.
ففى عالم أُهمل فيه العقل، وجُنب القلب، وأُخمدت نار حب الحقيقة، وانطفأ لهب الشوق للمعرفة، لا يمكن الحديث عن النخبة والمفكرين.