السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حتى لا يضيع قرض الصندوق هباءً

حتى لا يضيع قرض الصندوق هباءً
حتى لا يضيع قرض الصندوق هباءً




أحمد زغلول  يكتب:

أعلنت الحكومة نهاية الأسبوع الماضى عن مفاوضات تجريها مع صندوق النقد الدولى للحصول على تمويل قيمته 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات، بمعدل 4 مليارات دولار سنويًا، وهناك توقعات أن يبدأ الصندوق، فى حالة نجاح المفاوضات - التى وصلت إلى مراحلها النهائية – فى ضخ التمويل خلال شهرين، على أن تحصل مصر على شريحة أولى قيمتها مليارى دولار.
وإلى جانب قرض صندوق النقد، فهناك حزمة تمويلية متكاملة تخطط الحكومة للحصول عليها من خلال طرح سندات خارجية، والاقتراض من البنك الدولى والبنك الافريقى للتنمية، والحصول على تمويلات من دول خليجية، وتقدر القيمة الاجمالية للتمويلات، بما فيها تمويل صندوق النقد، بنحو 21 مليار دولار.
ولا شك فى أن الحصول على تمويل ضخم، فى الوقت الراهن، خاصة من صندوق النقد الدولى، سيكون له تأثيرات مباشرة وقوية على السوق، حيث إن التوصل لاتفاق تمويلى معه يعد شهادة عالمية على أن البرنامج الاقتصادى المصرى يسير فى الاتجاه الصحيح.. وعليه فإن ذلك من شأنه أن يزيد ثقة المستثمرين الأجانب ومن ثم ضخ استثمارات مباشرة جديدة بالسوق المصرية، علاوة على أنه يزيد جاذبية سوق المال أمام الأجانب، كما يؤثر أيضًا بشكل ايجابى على رؤية مؤسسات التصنيف الدولية للأوضاع الاقتصادية بالبلاد، وما لذلك من مردود إيجابى على تقليص تكلفة الحصول على أى تمويلات جديدة.
والشىء المهم والحيوى للحصول على القرض هو سد جزء من الفجوة التمويلية بالنقد الأجنبى، تلك الفجوة التى تمثل صداعًا مزمنًا فى رأس البنك المركزى والحكومة، وكان لها تأثيراتها التى لازالت ممتدة على ارتفاع معدلات التضخم، مع  القفزات المتتالية فى سعر الدولار أمام الجنيه.
والجميع لاحظ التأثيرات على سعر الصرف بالسوق السوداء حينما تم الاعلان عن مفاوضات الحصول على التمويل، وعليه فإن الحصول على القرض من شأنه أن يحقق التوازن لسعر صرف العملة عند الحدود المقبولة رسميًا، على المدى القصير، وذلك لا يعنى أننا لن نشهد انخفاضات أو ارتفاعات لسعر الجنيه، على العكس، فستكون هناك تحركات، ولكن ليست بالشكل الصادم الذى شهدته السوق فى الأيام الماضية.
والأهم من الحصول على قرض الصندوق، أو التمويلات الأخرى التى تخطط الحكومة للحصول عليها، هو كيفية استغلال هذه التمويلات فى إحداث إفاقة حقيقية للأنشطة الاقتصادية المختلفة، حتى لا تضيع القروض التى حصلنا عليها هباء فى مصاريف جارية، دون حدوث تحركات حقيقية للقطاعات الاقتصادية المختلفة، فالقروض ما هى إلا أعباء جديدة، وقد تجاوز الدين الخارجى حاجز 50 مليار دولار، ومن ثم فلابد من التفكير جيدًا فى كل خطوة يتم اتخاذها وأن تكون هناك مسارعة فى خطى الاصلاح.
والمطلوب حتى لا نكون قد جنينا فقط زيادة جديدة فى ديوننا الخارجية، أن نسارع فى حل مشكلات الاستثمار التى تقلل من جاذبية السوق، فبعد المؤتمر الاقتصادى الذى تم عقده فى مارس 2015 كانت هناك حالة من التفاؤل لدى المستثمرين، وذلك نظرًا لحجم التسهيلات التى وعدت بها الحكومة وأقرتها فى قانون الاستثمار الجديد، الذى ما إن تم إقراره حتى بدأت مفاوضات ومناقشات ومطالبات بتعديله، وحتى الآن لم ينته الجدل حول التعديلات، لم تقدم الحكومة أى جديد فى اختصار وقت الحصول على تراخيص المشروعات والتى تستغرق أحيانًا ما يربو على العام فى حين لا تتجاوز فى دول أخرى الأسابيع.
كما لم يتم تنفيذ الشباك الواحد، أو الجهة الواحدة التى يلجأ إليها المستثمر.. مشكلات تخصيص الأراضى لازالت قائمة.. لذلك فلابد من إزالة كل المعوقات بشكل سريع ودون تردد أو مط، لأن الأوضاع أصبحت لا تحتمل.
أيضًا لابد من وضع حلول سريعة لمشكلة قطاع السياحة، وإن كانت وزارة السياحة لا تقوى على الحل أو عاجزة، فلابد أن تكون مناقشات البحث عن مخرج لهذا القطاع على أعلى مستوى، وإن استدعى الأمر أن يجتمع الرئيس مع المجموعة الاقتصادية بأكملها اسبوعيًا لحل هذه المشكلة فهو أمر يستحق، فالمشكلات التى أدت إلى تأزم الوضع لها جوانب سياسية وأمنية واقتصادية.
والرسالة التى أريد إيصالها هنا هو أن التمويلات التى ستحصل عليها الحكومة لابد أن تكون مِعبرًا لحدوث الاستقرار الاقتصادى، فهى ستهدئ حالة السعار التى عليها السوق فيما يخص الحاجة للنقد الأجنبى، لكنها لن تحل المشكلة بشكل نهائى، وما لم تسارع الحكومة فى اتخاذ الاجراءات المناسبة لإحداث الانتعاش الاقتصادى، فسنفتح الباب لمعاناة لا تنتهى نتيجة ارتفاع حجم الديون الخارجية.