محافظون.. والله أعلم
عبد الله كمال
الأداء لا يسر.. والمراجعة واجبة.. والتنشيط ضروري. ومربط الفرس في العمل العام.. وما له علاقة بارتياح المواطن وكثير من مشكلاته اليومية يكمن في مدي توفيق وإجادة الأداء المحلي.. وعلي رأسه المحافظون.
لا يعني هذا إخلاء مسئولية الحكومة.. أولا: لأن المحافظين هم جزء من الحكومة.. ذراعها التنفيذية الأقرب إلي الشارع.. ومن ثم فإن أي انتقاد أو امتداح للمحافظين يصب بالتبعية في خانة رصيد (مضاف إلي - أو مخصوم من) الحكومة.. وثانيا: لأن كثيراً من مشكلات المحافظين تتعلق بالتقاطع فيما بين سلطاتهم وبين سلطات الوزراء.
لكن ما الحال إذن إذا كان الأمر يتعلق بأداء المحافظ هنا أو هناك.. وما هي الرؤية إذا كانت نفس المشكلة تواجه أكثر من محافظة فتجد أن هذا قد وجد أو استوجد لها حلا.. وذاك لم يصل بعد إلي الحل.. إذن المشكلة تكون في صاحب القرار المحلي ليس إلا وطريقة أدائه. عشرات من الموضوعات الملحة يمكن أن نذكرها هنا للتدليل علي هذا الافتراض.. ومنها مثلا موضوع النظافة.
القاهرة والجيزة وحلوان تواجه مشكلات كثيرة في مسألة النظافة.. حتي مع تدخل الحكومة لطرح حلول قد تؤتي أكلها بعد حين.. لكن محافظات مثل دمياط والإسكندرية وأسوان قد لا تعاني من نفس الأمر بنفس الدرجة.. لأسباب مختلفة.. منها بالطبع أداء المحافظ.
لا أريد أن أفرط في ذكر الأمثلة.. بينما الأجواء ليست هادئة حول المحافظين من قبل العيد.. والشائعات كثيرة.. فيكون ما أذكره تعضيدا لهذا أو انتقادا لذاك.. ولكن الواقع متباين بالفعل في المحافظات.. وهناك عدد لا بأس به من المحافظين لا يقوم بما هو متوقع منه في معالجة الملفات المختلفة.. والمشكلات الحياتية اليومية.. بل إن بعضهم لا توجد قنوات تواصل حية بينهم وبين مجتمعاتهم التي يعملون فيها.. وإن وجدت ففيها مشكلات كثيرة وإعاقات مختلفة.
خذ عندك مثلا موضوع العشوائيات وقد تأسس من أجل معالجة أمورها جهاز يتبع وزارة التنمية المحلية.. كيف تتصرف محافظة وأخري معه.. هناك عديد من المحافظين يخشي الاقتراب من هذه الملفات المعقدة.. حتي لو كانت هناك فرصة تستلزم قدرا من الجرأة والإقدام.. وإذا كانت الأقصر قد استطاعت أن تتخطي مشكلة من هذا النوع بقدر من الحسم والإصرار.. واهتم المحافظ بتوفير البدائل وإخراج العشوائيين من عشوائياتهم.. فإن غيره لم يفعل.. حتي لو كانت هناك سبل لذلك.
نريد محافظين لديهم قدرة علي الابتكار.. وحلولاً مبدعة.. منشغلين بأقاليمهم أكثر من انشغالهم بالقاهرة وما يدور فيها.. متواجدين بصفة مستمرة بين الناس.. لأنهم العنوان الأقرب للدولة.. إن لم يكن الأكثر التصاقا.. يتفهمون طبيعة البيئة التي يعملون فيها.. لا يصطدمون بها إلي أن تحدث المشكلة ولا يحابونها إلي أن تكون قد عقدت اتفاقية تواطؤ ضمنية بين الأطراف.. محافظين قادرين علي إحداث التوازن.. وخلق السبل التي تؤدي إلي تسهيل حياة الناس كل يوم.
طريق يحتاج إلي تطوير منذ عشر سنوات بين قرية ما ومركز ما.. ما هي علاقة الحكومة به.. ولماذا لا يتوافر له حل؟.. سيقول أحدهم إن المشكلة قد تكون في التمويل.. والواقع أن هذا كلام حق في ضوء إصرار وزير المالية علي أن يفرض سطوته علي كل مليم في جميع نواحي مصر بما في ذلك موارد المحافظات.. لكن هذا ليس صحيحا طوال الوقت.. خصوصا حين تعرف أن بعض المحافظين يتمكن من أن يدبر تمويلا ويجد طريقة لحل كثير من مشكلاته.. مع إقراري بأن موارد المحافظات لا تتساوي.
وإذا كانت المشكلة في التمويل فإن البعض لا يمكنه تصنيف الأولويات.. البعض في معرض انشغاله بإبهار القاهرة تجده ينفق علي جداريات وأرصفة في واجهة المحافظة.. ولا ينشغل بأمور أكثر أهمية.. قد تكون أكثر إلحاحا من لوحة بالموزاييك تلتقط لها الصور لكي تنشر في الصحف.. أو تكون خلفية صورة السيد المحافظ.. وهكذا هناك أمثلة عديدة.
فلنناقش هذا الأمر بموضوعية.. وبغض النظر عن الأجواء غير الهادئة حول المحافظين هذه الأيام.
الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net
البريد الإليكترونى: [email protected]