الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هيكل.. من تاني!
كتب

هيكل.. من تاني!




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 21 - 10 - 2009


يتحدث عن مصر وكأنها إحدي جمهوريات الموز
يطالب بمجلس أمناء علي غرار فيلم "الأب الروحي"
يستخدم فزاعة الفوضي ليخيفنا من الفوضي
هل يعتذر عن سقطة صديقه الوقح "ديفيد أوين"؟

1
- عندما يتحدث الأستاذ هيكل بالعقل، ويطرح أفكارًا تستحق النقاش، نناقشه بالعقل ونتفق ونختلف مع ما يطرحه، ولكنه حين يتعمد توظيف الأحداث لتصفية الحسابات، يفقد كلامه كثيرًا من مصداقيته.
- في حواره الطويل مع "المصري اليوم" أشياء كثيرة نختلف معها، ولكن يجب توضيح معناها ومغزاها، حتي لا تصبح مجرد "إفيه سياسي" يتم ترديده، دون فهم مقصده.
- أول شيء هو اقتراح هيكل بإنشاء مجلس أمناء للدولة والدستور للترتيب لمرحلة انتقالية، ووضع دستور تعاقدي جديد.. وهذا اقتراح ظاهره الرحمة وباطنه الفوضي.. والعذاب.
2
- أولاً: هل يتصور الأستاذ هيكل أن مصر دولة تحت الإنشاء أو في سبيلها للاستقلال، ويخشي عليها من صراع رفقاء السلام والتحرير، أن يتنازعوا علي اقتسام السلطة، فيكون المجلس حكمًا بينهم؟
- ثانياً: المجلس الذي يقترحه هيكل ليس فكرة حديثة ولا من بنات أفكاره، ولكنه تجربة فشلت أكثر مما نجحت في كثير من الدول، سواء في أفريقيا أو أمريكا الجنوبية أو دول جمهوريات الموز، ومصر ليست كذلك.
- ثالثًاً: حتي دول "المراهقة السياسية" لا تعمل بأسلوب نسف الدستور القائم وإصدار دستور جديد، قد يكون ذلك مقبولاً في دستور سنة 3291 أيام الاحتلال، ولكن هل من المعقول الآن نسف الدستور واستبداله؟
3
- رابعاً: يستبعد هيكل خيار المطالبة بتعديلات دستورية ترسخ قواعد الممارسة الديمقراطية، ويريد دستورًا جديدًا يعده مجلس أمناء الدولة دون أن يسوق سببًا واحدًا يبرر هذا الانقلاب الدستوري الخطير.
- خامسًا: مع كل الاحترام والتقدير للأسماء التي ذكرها كأعضاء في مجلس الأمناء مثل زويل والبرادعي ومنصور حسن وعمرو موسي، إلا أنهم مجرد أسماء ترشحها إحدي الصحف الخاصة ويردد هيكل الأسماء وراءها.
- سادساً: يتعامل هيكل مع هذا الأمر الخطير وكأنه يؤجر شقة مفروشة إيجارًا جديدًا، مع أن كل ما يطالب به بخصوص انتقال السلطة موجود في الدستور الحالي، بنصوص قاطعة ليس فيها لبس أو غموض.
4
- سابعاً: فزاعة هيكل مثل الإخوان وغيرهم هي الخوف علي مصر من الفوضي، دون أن يقول لنا لماذا يتحول الناس إلي الفوضي، ما هي الأسباب والمبررات، ولماذا هو يفترض أن المصريين سيستيقظون صباحًا في حالة فوضي؟
- ثامناً: يقول هيكل إن مجلس الأمناء الجديد ستكون مهمته "التفكير"، ويقول: "نريد عقدًا اجتماعيا يعوض عملية تفريغ كبيرة في البلد".. يعني إيه يا أستاذ هيكل؟.. كلام له بريق الذهب وعيار القشرة.
- تاسعاً: يبسط هيكل المسألة وكأن انتقال السلطة "دور شطرنج" يلعبه مع صديق، فهذا المجلس الموعود كيف يمارس عمله بين سلطات الدولة وما موقفه القانوني والتشريعي وما وضعه الدستوري؟.. أسئلة بلا إجابات.
5
- قد توحي مثل هذه الأفكار لتأليف فيلم سينمائي مثل "الأب الروحي"، يحكي قصة عشرة حكماء يحكمون المدينة، ويخطط أحدهم للتخلص من التسعة الآخرين ليفوز بقلب "فتاة الحانة".
- وقد توحي بفيلم آخر بعنوان "مجلس الأمناء في الفضاء".. بطولة بعض الطيبين الذين يتم استدعاؤهم من الفضاء إلي الأرض لإنشاء الدولة الفاضلة، فانتهي الفيلم بانتحارهم جميعاً.. من "الخضة".
- يا أستاذ هيكل.. المشكلة هي أنك تضع فرضيات غير صحيحة وتتصور أنها صحيحة، وتبني عليها تحليلات وتستنبط مخاوف وأحكاماً وتصورات تتصور أنها صحيحة، رغم أنها كلها غير صحيحة.
6
- أما كلام هيكل عن الإخوان المسلمين، فيرضي كل الأطراف، ولكن إذا كان هيكل قد قال بعضه أيام الرئيس عبدالناصر.. فبالتأكيد لن يكون مصيره أسعد حالاً من مصطفي أمين.
- دون دخول في تفصيلات، فهيكل لا يهمه إلا أن يثبت أن محاولة اغتيال الإخوان لعبد الناصر كانت صحيحة، ليجد مبررًا للحقبة الناصرية ولنفسه لتبرير الصدام الدموي بين ناصر والإخوان.
- قضية الدولة المدنية هي البعد الغائب في حديث هيكل، مع أنها الإطار الأعم والأشمل لحماية الدولة واستقرارها والحفاظ علي حقوق مختلف أبنائها.
7
- غير ذلك فكلام هيكل عن الإخوان المسلمين فيه مصارحة صارخة، حين اتهمهم بأنهم لا يريدون مواجهة تاريخهم مع الاغتيال والتنظيم السري، وأنهم فعلوا ذلك دون لزوم.
- لكن هيكل يستدرك هذه الانتقادات الخفيفة بإبداء إعجابه بكل من عصام العريان وعبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد حبيب.. وهيكل يتحدث في الموضوع بطريقة: "اللي أزعله هنا أصالحه هناك".
- أما عن الحكومة فقد أبدي هيكل إعجابه بالوزيرين رشيد ويوسف بطرس، وتمني أن يكون الأول رئيسًا للوزراء والثاني نائبًا له، دون أن يذكر سر إعجابه، ولكن الحمد لله أن الأستاذ وجد من يشيد به.
8
- أتمني من الأستاذ هيكل أن يفتح موضوع صديقه "ديفيد أوين" وزير الخارجية البريطاني الأسبق الذي جاء به إلي القاهرة ليحاضر الصحفيين الشبان، ففاجأهم بقوله إن مصر هُزمت في حرب أكتوبر 1973.
- رأي هيكل في هذا الموضوع أهم بكثير من مشروعه الخاص بمجلس الأمناء.. وإذا كان ضد ما يقوله أوين، فعليه أن يعتذر عما قاله هذا الوقح للمصريين ولأرواح الشهداء والأبطال الذين صنعوا النصر.
- أما إذا كان يؤيده بالسكوت، فيجب أن نتحسس مسدسًا كلما تحدث هيكل.. لأن الذي لا ينصف بلده حين انتصرت، لا تنتظروا منه غير الافتراءات والأباطيل.


E-Mail:[email protected]