المحافظ والشجرة
عبد الله كمال
أروي هذه الواقعة اليوم لكي ألفت الانتباه إلي انشغال عدد من المحافظين بأمور غير حيوية.. والواقعة بطلها المستشار عبدالعظيم وزير أعانه الله علي مهمته الصعبة والمتعثرة في محافظة القاهرة.. والدكتور صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومي للشباب.
مركز شباب الجزيرة معروف بضخامته.. وكبر عدد أعضائه.. وأنشطته المهولة.. وأيضا بصراعات الأطراف التي تديره.. فقد عاني لسنوات من تطاحنات مجالس الإدارة.
هذه الصراعات موجودة في مراكز شباب مختلفة بعرض وطول الجمهورية.. والخاسر هو النشاط الذي تدوسه التطاحنات.. د. صفي أعد لائحة لما يسمي بمراكز الشباب النموذجية.. نوع مختلف من المراكز.. يعين له مجلس إدارة منسجم بدلا من تلك المجالس المنتخبة وفقا للائحة السائدة.. وجمعية عمومية في مركز شباب الجزيرة انعقدت.. وطلبت أن تطبق عليها اللائحة الجديدة.. فتم تعيين مجلس إدارة جديد لمركز شباب الجزيرة.
المجلس الجديد أنجز.. مضي قدما في استكمال مشروع فندق متعطل من 15 سنة.. ومشروع حمام سباحة متعطل بدوره منذ 13 سنة.. وكاد الافتتاح أن يقترب.. أساتذة في كلية الزراعة اقترحوا تقليم ثماني شجرات كافور حول الحمام.. بطريقة معينة.. وليس قطع الشجرات لمنع سقوط أوراقها في الحمام.. وبالموازاة لذلك تم رفع أطنان من الركام والأتربة والأغصان الجافة كانت تشغل المكان.. لكي يبدأ عمل الحمام.
صحف خاصة فجأة كتبت عن مذبحة الأشجار التي وصفتها بأنها نادرة.. شجر الكافور لمن لا يعرف يمكن أن تقطعه بالكامل حتي ما قبل جذوره فينمو مجددا وأكبر مما كان عليه.. محافظ القاهرة تضرر من الموقف لسبب ما.. وقالت بضع صحف - دون أن ينفي - إنه قرر حل مجلس الإدارة المعين.. وبدأ بالفعل البحث عن مفوض.. بل تناقش مع إحدي الشخصيات الجامعية المعروفة ليعينه رئيسا بديلا لمجلس الإدارة.. لكنه رفض.
المحافظ فعل هذا قبل انتهاء أيام العمل في رمضان.. سلطاته قد تسمح له بحل مجلس الإدارة.. في ضوء ما يخوله رئيس المجلس القومي للشباب من تفويض صلاحياته للمحافظين.. لكن العرف جري علي أن يدور تشاور بين هذا وأولئك.. ولما وجد د.صفي أن المحافظ بصدد قرار يعطل العمل في مركز الشباب الذي كان قد انطلق.. أصدر قرارا بسحب تفويض صلاحياته للمحافظين.. وليس محافظ القاهرة وحده.
تقاطع بيروقراطي مفهوم.. ومتوقع حدوثه.. عادي يعني.. وليس مهما هنا من الذي علي حق من الناحية القانونية.. وإن كنت لا أري الحق مع عبدالعظيم وزير.. المهم هنا أن المحافظ انشغل بعض الوقت بأن يلاحق مشكلة ثماني شجرات تسقط أوراقها في حمام سباحة كان معطلاً أصلا منذ سنوات بعيدة.. والسؤال: هل انتهت كل مشاكل القاهرة المعقدة لكي ينشغل عبدالعظيم وزير بهذا الموضوع.
ثم لنفترض أنه علي حق في تحفظه علي ما قام به مجلس الإدارة بخصوص مشكلة الأشجار العظيمة.. التي وصفت في صحف بعينها بأنها مذبحة.. لنقل إنها مذبحة.. والأشجار بالفعل - تخيلا - نادرة.. ألم يكن بيد المحافظ أن يستدعي مجلس الإدارة ويسائله.. ألم يكن له أن يفهم منهم ماذا يفعلون.. هل هو وفر لهم تمويل بناء الحمام وإنجاز الفندق.. أم إن الحكاية برمتها صراع علي الأضواء؟
الأهم: ما الذي فعله المحافظ من أجل حل مشكلة الزبالة المتناثرة في جميع أنحاء القاهرة في نفس التوقيت.. والصحف أيضا تضج بالكلام حول تلك المشكلة.. هل كان عليه أن يحل عديدا من مجالس الإدارات والجهات المختصة التابعة له لفشلها في إيجاد حل.. أم إنه كان عليه أن يقيل عشرات من المسئولين حوله لكي يعاقبهم علي عدم القيام بمسئولياتهم في أمور حيوية تهم الناس؟
هذا ما أتحدث عنه حين أتناول طريقة وأداء المحافظين.. الاهتمام بأمور.. والتغافل عن أمور أخطر.. الانشغال بمسائل قد يكون من الأفضل أن يمنح الوقت المخصص لها لموضوعات تمثل جوهر انشغال المواطنين.
ملاحظة أخيرة: قد يكون طريفاً ان عنوان مقالي هو الممحافظ والشجرة.. بينما زميلي رسام الكاريكاتير شريف عرفة انشغل بإعلان ملتصق بالنخيل في محافظة حلوان.. مجرد صدفة.. تدعوني لمقال في الغد.
الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net
البريد الإليكترونى: [email protected]