الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لماذا الدولار مهم فى الاقتصاد العالمى؟ (1)

لماذا الدولار مهم فى الاقتصاد العالمى؟ (1)
لماذا الدولار مهم فى الاقتصاد العالمى؟ (1)




صبحى مقار يكتب:


قبل أن نعرض المخاطر المترتبة على ارتفاع سعر الدولار الأمريكى على الاقتصاد المصرى وسبل مواجهتها، نتناول بإيجاز بداية ظهور الدولار الأمريكى واستخدامه فى مجال تسوية التبادلات التجارية حتى تتضح لنا أكثر مدى أهميته التاريخية فى الاقتصاد العالمى.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وهجر العمل بقاعدة الذهب ودعم الولايات المتحدة لمشروع مارشال لإعادة تعمير الدول الأوروبية التى دمرتها الحرب، نال الدولار الأمريكى ثقة الدول الأوروبية وجعلته عملة الاحتياطيات الدولية، وقد نشأ نظام نقد عالمى جديد يتميز بثبات أسعار صرف العملات المختلفة وذلك بنسب سعر صرفها وربط قيمتها بالدولار الأمريكى الذى ينفرد وحده بربطه بمعيار ذهبى معين.
وبهذا النظام تصبح أسعار صرف العملات مقابل بعضها البعض ثابتة على الدوام، كما أن سعر أوقية الذهب ستظل ثابتة بقدر معلوم من الدولار الأمريكى «35 دولارًا لكل أوقية».
وقد أدى هذا النظام إلى جعل الدولار الأمريكى العملة الأولى فى إجراء المعاملات والتسويات المالية الدولية خاصة فى تمويل المبادلات التجارية الدولية، كما أصبحت العملة الرئيسية للاحتياطيات التى تحتفظ بها البنوك المركزية فى مختلف دول العالم، هذا بالإضافة إلى استخدامه كأحد مكونات غطاء إصدار عملات العديد من الدول، كما أصبح سوق المال الأمريكية عامل الجذب الأول للاستثمار بالنسبة للحكومات والشركات والأفراد على حد سواء.
وتجدر الإشارة إلى أنه عندما حاولت بعض الدول استرداد الذهب ببيع الدولار الأمريكى، وجد البنك الفيدرالى نفسه عاجزاً على تحويل الدولارات التى طبعها بدون غطاء من الذهب، وبدأت مرحلة إعلان فصل الدولار عن الذهب فى 15/8/1971، ولم تعد قيمة الدولار مرتبطة بالذهب، ولكن أصبحت تحدد قيمته بمدى قوة الاقتصاد الأمريكى نفسه. ومن ثم، عملت جميع الدول والمستثمرون الحائزون لاحتياطيات من الدولار الأمريكى على دعم الاقتصاد الأمريكى للحفاظ على قيمة تلك الاحتياطيات، ولذلك قامت أغلب دول العالم بربط عملتها بالدولار الأمريكى، كما قامت الدول المصدرة للنفط بتسعيره بالدولار نتيجة لما يتمتع به من قوة وحصانة نابعة من قوة اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد بدأ استخدام مؤشر الدولار الأمريكى (USDX) فى مارس 1973، وهو مقياس لقيمة الدولار الأمريكى مقارنة بسلة من العملات الأجنبية، وهو أكثر مؤشر معترف به عالمياً، فهو المتوسط ​​المرجح لقيمة الدولار بالنسبة للعملات التالية: اليورو 57.6%، الين اليابانى 13.6%، الجنيه الإسترلينى 11.9%، الدولار الكندى 9.1%، الكرون السويدى 4.2%، الفرنك السويسرى 3.6%.
ويرتفع مؤشر الدولار إلى أعلى عندما يكون الدولار قوياً أمام العملات الأخرى، وباستخدام مؤشر الدولار يمكن لكل من المصدرين والمستثمرين الاستفادة من التحركات فى قيمة الدولار الأمريكى مقابل سلة العملات العالمية، كذلك يمكنهم تفادى أى أخطار فى المستقبل.  
والجدير بالذكر، أن قيمة مؤشر الدولار الأمريكى فى عام 1973 كانت تساوى 100 ووصلت أقصى قيمة له (164.72) فى فبراير 1985، فى حين بلغت أقل قيمة له (70.698) فى مارس 2008. وقد بلغت قيمة مؤشر الدولار الأمريكى (93.67) خلال شهر يونيو 2016، وهذا يعنى أنه قد انخفض مقابل سلة العملات المكونة له عما كان عليه فى عام 1973 «سنة الأساس».  
ونعرض فيما يلى أهم أسباب زيادة أهمية الدولار الأمريكى فى الاقتصاد العالمى:
■ للدولار الأمريكى أهمية كبيرة فى التجارة العالمية إذ يمثل عملة أكبر اقتصادات العالم، كما تربط العديد من الدول عملاتها بالدولار أو بسلة عملات دول صناعية يمثل الدولار فيها وزناً نسبياً كبيراً.
■ يقوم الدولار الأمريكى بدور عملة الاحتياطى العالمى، حيث تحتفظ البنوك المركزية فى معظم دول العالم باحتياطيات كبيرة منه لتلبية احتياجاتها من السلع والخدمات المستوردة، ويستحوذ الدولار الامريكى على ثلثى احتياطيات النقد الأجنبى فى العالم.
■ يتم سداد قيمة أكثر من نصف قيمة صادرات العالم بالدولار الأمريكى، كما  تسعر كل دول منظمة أوبك نفطها بالدولار، ولذلك فإن أى اضطراب فى سعر الدولار يؤثر على أسعار تلك السلع، وعلى تقييم العملات الأخرى مقابل الدولار.
■ الدولار الأمريكى هو العملة الأساسية التى تتم بها معاملات أسواق الصرف الأجنبى، والتى تتجاوز 2 تريليون دولار يومياً.
■ تعتبر الولايات المتحدة الشريك الأول للقوى الاقتصادية الأساسية فى العالم، وبصفة خاصة اليابان والصين والاتحاد الأوروبى.
■ معدل الفائدة على الدولار هو سعر الفائدة المرجعى لمعدلات الفائدة فى السوق النقدية العالمية.
■ تعتبر درجة الثقة فى الدولار هى أساس استقرار التوازن الاقتصادى العالمى، وأن حدوث أى تقلبات للدولار تؤثر بشكل واضح على الأسواق السلعية والمالية فى آن واحد.
■ بالاعتماد على قوة الدولار الأمريكى، تقوم الولايات المتحدة الأمريكية باستخدامه كسلاح موجه ضد الدول الصاعدة، وخاصة الصين، حيث أقدمت على إغراق النظام المالى الدولى بالسيولة النقدية من الدولار مع معدلات فائدة منخفضة جداً، وقد ساعدها على تحقيق ذلك ارتفاع معدلات النمو فى الأسواق الصاعدة.
خبير اقتصادى