السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مسرح شلاتين فى العاصمة

مسرح شلاتين فى العاصمة
مسرح شلاتين فى العاصمة




د.حسام عطا يكتب:

يأتى المهرجان القومى للمسرح المصرى فى دورته التاسعة هذا العام ليقدم علامة واضحة وهى انتصار الهواة، ووضوح وتجلى أجيال جديدة بمواهب لافتة تنتمى لاختيار جمالى وفكرى ينحاز للمسرح بمعناه الجوهرى كفعل ثقافى، ولكنها فى معظمها أعمال تقوم بالأساس على صيغة الهواية.
والجديد أنها صيغة تسيطر على إنتاج جهات احترافية مثل البيت الفنى للمسرح، إذ لا يشارك المحترفون من الممثلين على وجه الخصوص بأعمال فى المهرجان، وهى دلالة على حيوية أجيال جديدة قادمة، لكنها أيضا علامة خطر على غياب المتن الاحترافى الذى راكمته أجيال عديدة فى مصر، إذ يتم منذ سنوات حجب التفكير المحترف لوجود ظروف إنتاجية صعبة، لصالح الأداء الهاوى مما يهدد الاحتراف المسرحى ويهدد المسرح كمهنة مستقرة وكصناعة رائدة فى مصر، وبالتالى فالمهرجان تنافس شبابى جاد، ولذلك كان احتفاء معظم المتابعين للمهرجان بعرض فرقة الشلاتين ليل (الغنا والدهب) لأنه كان لفرقة مختلفة، هى فرقة قصر ثقافة الشلاتين، وهى تعمل للعام الثانى مع المخرج محمد فؤاد الذى تعرض لصعوبات كثيرة لإنجاز هذا العمل، وهو احتفاء يرجع لرغبتنا فى تأمل البشر الأسمر القادم من هناك من أقصى الجنوب الحدودى الذى عانى لسنوات طويلة من النسيان، وتأمل أحلامه وارتباطه بالوطن فى أرض الذهب، حيث يحلم الطيبون ببناء البيت وإرسال الوالد والوالدة للحج، ولذلك ظل المهتمون بالمسرح فى حالة دهشة وهم يتأملون البشر المصريين بوجوههم الصافية وملابسهم الخاصة وعالمهم القيمى المبنى على إنسانية وتمسك بقيمة الأرض وخصوصية مجتمعهم المحب للحياة البسيطة الواضحة كالشمس، بعيدا عن تعقيدات مشاهد المدن الكبرى فى مصر.
ولعل اهتمام الهيئة العامة لقصور الثقافة ورئيسها د.سيد خطاب بحضور هذا المشهد الفنى الجنوبى لأرض الأوبرا بالقاهرة لهو أمر يستحق التقدير، كما يدعونا للنظر مجددا لهذه الأرض البكر نظرة أكثر جدية نحو اكتشاف فنونها التقليدية، وأعمالها الفنية التطبيقية من طرز الملابس والبيوت لأدوات الحلى والزينة، ولذلك كانت قدرة هؤلاء الهواة الأصلاء على الإدهاش فى تجربتهم المسرحية البكر، لكن المسافة تظل شاسعة بين الهواية فى المسرح المصرى والاحتراف الذى كان، والذى تختفى ملامحه تدريجيا ويتأكد غيابه هذا العام كعلامة واضحة فى المهرجان القومى للمسرح المصرى، الذى لا يسمح لفرق الأطراف الهاوية بالإقامة فى القاهرة لمتابعة باقى الأعمال المسرحية، مما يغيب الشق التدريبى عن المهرجان، وتظل عودة الاحتراف المسرحى مطلبا ملحا لإنقاذ الخبرات التاريخية فى المسرح المصرى.