محافظ في نعيم
عبد الله كمال
أستمر اليوم مع عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة.. لكنني أولا أريد أن أؤكد أنني لا أستهدفه شخصيا بالانتقاد بقدر ما يأتي ذلك في إطار ملاحظات أدونها منذ يوم الأحد علي أداء المحافظين عموما.
وبخلاف هذه الملاحظة في الشكل.. أضيف ملاحظة في الموضوع حول تلك الأسطورة التي تروج دائما حول أي محافظ للقاهرة.. وانتشرت كثيرا منذ تولي شئونها عبدالعظيم وزير.. وهي أن القاهرة عصية علي المحافظين.. حالتها صعبة.. والفشل فيها متوقع.. بل يقال عنها في الأوساط السياسية القاهرة.. مقبرة المحافظين.. هذا كلام غير سليم.
محافظ القاهرة في نعيم.. أي محافظ.. والذي يفشل يحدث له هذا لأنه لايعمل حق العمل.. ذلك أنه يتميز عن بقية المحافظين بأن محافظته تتلقي العناية من كل الوزارات والجهات المختلفة.. أي جهد تنموي من أي نوع يوجه إلي العاصمة قبل غيرها.. مثلا المحاور والطرق الدائرية والكباري ومشروعات المياه والصرف الصحي ومشروعات الإسكان والاستثمارات الكبيرة والمصانع.. وغير ذلك.. كله يظهر في القاهرة قبل غيرها.. وتقوم به وزارات وتموله ميزانية لا علاقة لها بميزانية المحافظة.
وبالتالي فإن أي سوء في أحوال العاصمة.. كما هو الحال الآن.. يتحمله المحافظ ومن يعملون معه.. خصوصا في السنوات الأخيرة.. بعد أن ابتدعت الدولة للقاهرة فكرة تقسيم المحافظات المحيطة بها.. فاقتطعت من مسئوليتها مساحات كبيرة ذهبت إلي حلوان.. ولم يجد جديد علي أحوال الناس.. لا مواطنو حلوان سعدوا.. ولا مواطنو القاهرة انبسطوا.
كثير من الجمعيات الأهلية المختلفة يبذل جهدا كبيراً في تطوير العشوائيات في العاصمة.. ويقف المحافظ ليلتقط بضع صور مع المطورين كما لو أنه بذل جهداً ملموساً.. ولو كان قد فعل فهل هذا يقاس بسنوات عمله الممتدة.. وهل يمكن أن نقارن جهد المحافظة في العشوائيات بما فعلته الجمعيات والجهات الأخري؟.. أرجو أن يكون تساؤلي في غير محله.
قبل فترة كنت آخذ الطريق بصفة مستمرة من شارع بورسعيد.. باعتباري من سكان حي حدائق القبة السابقين.. وكانت أسخف الظواهر هي أن تجار ركام الهدم والأتربة حولوا الشارع الفسيح إلي مقلب للردم.. عربية كارو تأتي في لحظة وتلقي حمولتها علي أحد الجوانب.. وينتهي الأمر.. وبقيت الظاهرة مستمرة بلا أي رقابة أو تدخل.. إلي أن أضيف لأكوام الردم أكوام القمامة.. وقد زار المحافظ الشارع قبل فترة وجيزة ولم يتغير شيء وفق ما قال لي بعض السكان.
ومن المثير أن يتصل بي عدد كبير من القراء.. بينهم أعضاء في مجلس الشعب.. بعد عمود الأمس وكان عنوانه المحافظ والشجرة.. وسألني أحدهم إن كان المحافظ قد أمر برصف أي شارع في وسط البلد.. وقال لي أحد النواب إنه يتمتع بعلاقات غير طيبة مع كثير من نواب مجلس الشعب.
وإذا كانت تلك ليست هي المشكلة وليست هي آلية التقييم وتقدير ما إذا كان الجهد قد فشل أو نجح.. فإنني أقول إن القاهرة كمحافظة تعاني من مشكلات مختلفة.. وهي كعاصمة لا تليق ببلد كبير.. وحالها قد يكون إحدي معضلات التكدير الاجتماعي اليومي لنحو خمس عدد السكان.. هؤلاء هم الذين يقودون المزاج القومي العام.. ولو كانت القاهرة مريحة لهم لانتقل منهم الانطباع إلي بقية سكان البلد.
خذ عندك مثلا أمراً بسيطاً جداً.. مول تجاري كبير اسمه سيتي ستارز في مدينة نصر.. عليه إقبال يومي بعشرات الآلاف.. المحافظة لاتستطيع أن تدير الأمور من حوله.. وتركته مرتعاً للبلطجية وعتاة الشوارع وبما في ذلك بودي جاردات أمن المول.. وليس بعيداً عن هذا الانفلات أن يكلمك الناس في بعض الأحياء ليس عن عدم توافر المياه النقية ولكن عن أنها لاتصل إلا ضعيفة.. وبالكاد تبلغ الأدوار العليا في عديد من الأماكن.
هذه ملاحظات بسيطة ليس من الداعي أن نضيف إليها أي كلام عن حال مصر القديمة.. وفوضي السيدة زينب.. ومرتع الارتباك الاجتماعي في الزاوية الحمراء.. وعبثية الحياة في مدينة السلام.. وتدهور أحياء الطبقة الوسطي بحيث تحولت إلي مناطق أقرب للفقر والتدهور السكاني.. كما في الظاهر والحدائق وشبرا.. ناهيك عن أدغال عين شمس.. وغير ذلك كثير.
يحدث هذا بينما المحافظ مشغول ببضع أشجار يتم تقليمها في مركز شباب الجزيرة.. كان الله في عونه.
الموقع الإليكتروني: www.abkamal.net
البريد الإليكتروني: [email protected]