الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى عيد ميلادك يا سيدتى الثائرة دائمًا




«أعتقد أن كل عمل مجيد يكون فى أوله نزوة طارقة ثم يستحيل إلى فكرة فإذا رسخت أصبحت يقينًا فجنونًا» بهذه الكلمات غرست فاطمة اليوسف شجرة الحرية ومواجهة الرأى بالرأى الآخر والحجة بالحجة، لم تحجب روزاليوسف رأيًا وجهه لها النقد فى يوم ميلادها، قدمت رأى منتقديها على ردها، فأسست لمدرسة الرأى والمهنية، التى تحولت بسرعة مذهلة من طفل وليد يحبو فى عالم الصحافة المصرية، إلى مؤسسة شابة فتية تصارع ضد الفساد، وتوجه له اللكمة تلو الأخرى، تنير العقول بالرأى والرأى الآخر، تواجه الحجة بالحجة، مفرخة للكفاءات ومدرسة للمهنية ذات خلطة سحرية، يتذوقها كل قارئ وكل منافس فى الوسط الصحفى، ففى السادس والعشرين من أكتوبر عام 1925 كان ميلاد مجلة «روزاليوسف»، التى تحتفل بعيد ميلادها الـ87 هذا العام، بعد أن تحولت لمؤسسة صحفية تنتج ثلاث مطبوعات «روزاليوسف المجلة، وروزاليوسف الجريدة اليومية، وصباح الخير المجلة الشبابية».
 

فى العدد الأول لـ«روزاليوسف» المجلة، دعت السيدة فاطمة اليوسف كبار الكتاب لنشر مقالاتهم بالإصدار الوليد، وكان من أبرز الكتاب الأديب البارز إبراهيم عبدالقادر المازني، فما كان منه إلا أن لبى الدعوة وأرسل مقاله، غير أن المقال لم يقدم التبريكات والأمنيات للمجلة وصاحبتها بالنجاح بل لم يتجاهل الحدث لموضوع آخر يعفيه من الحرج، بل انتقد المجلة بأسلوب لاذع فى عددها الأول فبلغ به أن قال لفاطمة اليوسف التى بدأت حياتها فنانة تمثل على المسرح : « هناك إذن على المسرح مجالك يا سيدتى فارجعى إليه، وإذا أبيت إلا المجلة فلتكن سلوى لا شغلانًا»، ووصف المازنى تجربة روزاليوسف الصحفية بـ«النزوة» فقال فى مستهل مقاله:
 
«روزاليوسف - كما يعرف القراء – اسم أحالته صاحبته- كما يرون الآن – إلى اسم لمجلة، ورمز لمعنى تحاول أداءه، وعنوانًا لمسعى تعالج أعباءه، وإنها لنقلة عسيرة! وأحرى بمن يعرف روزاليوسف الممثلة النابغة أن يتعذر عليه أن يجرد اسمها من الحواشى المادية وألا يقرنه فى ذهنه بالمعانى، بل أحرى به ان يسأل نفسه: أيهما خير للفن أن تبقى روزا ممثلة أو أن تستحيل مجلة وتنقلب كاتبة؟.. وأوجز فأقول إننى لست ممن يعتقدون أن الممثل البارع يمكن ان يكون فى كل حال كاتبًا بارعًا، وأن ما يوفق له المرء فى باب من الأبواب يمكن أن يوفق إلى مثله فى أى باب آخر يخطر له أن يطرقه.. إذن لماذا تعالج السيدة روزاليوسف فنًا غير الذى خلقت له وهيأت له فطرتها أسباب النجاح فيه – قاصدًا الفن المسرحي- لا أدرى! فلعلها نزوة».
 
 

 
روزاليوسف لم تمنع نشر المقال الذى يشكك فى تجربتها ويصفها بالنزوة وينصحها بالعودة إلى المسرح، رغم أن العدد الأول صدر كمجلة فنية أسبوعية مصورة بثمن «عشرة مليمات» للنسخة، بل رسخت لمدرسة الرأى الحر، فنشرت المقال فى الصفحة الأولى بعد الغلاف «3» وذيلت المقال بعبارة « اقرأ الرد فى صفحة 7» أى أنها قدمت منتقدها وأخرت مقالها الذى ترد فيه على الأستاذ المازني، واصفة مقاله النقدى بـ«الظريف» وصدرت ردها بالقول: «للاستاذ المازنى شكرى الخالص على ما أبداه من عناية بى فى مقاله الظريف الذى صدرت به صحيفتى وإننى لطاردة عنه ما يوجس خيفة منه فأصرح له بأنى ما فكرت يومًا أن أهجر التمثيل وإن كنت اليوم بعيدة عنه فلأن جو هذا العام محمل بأنفاس ثقيلة، ولكن للباطل جولة وللمرض شدة وللعاصفة عنف ثم يأتى الحق ويشرق السلام».
 
وأضافت اليوسف: «وأؤكد للاستاذ العزيز أنه لا صلة بين تركى المسرح الذى كنت أشتغل فيه وإصدارى هذه الصحيفة فإن فكرة إخراج هذه الصحيفة اختمرت فى رأسى منذ أمد بعيد ويعلم الأخصاء أننى بدأت فى مباشرة إعدادها قبل تركى ذاك المسرح، وكأن الأستاذ لا يريد إلا أن يسميها نزوة، لتكن كذلك، أعتقد أن كل عمل مجيد يكون فى أوله نزوة طارقة ثم يستحيل إلى فكرة فإذا رسخت أصبحت يقينا فجنونا كذلك كان حالى مع فنى الجميل.........أليست هذه نزوة يا سيدي».
 
العدد الأول من المجلة كان زاخرًا بالموضوعات المهمة التى لا تزال حية قابلة للنشر فى هذه الأيام لاستمرار القضايا التى طرحتها، كما هى حال تلك المؤسسة الصحفية التى لاتزال شابة بموهوبيها وكتابها، فتحت عنوان «نسائيات» كتب موضوع صحفى بعنوان «زواج مايو من ديسمبر.. وبالعكس» عن زواج المتباعدين عمريًا «حذار من زواج الكهل أو الشيخ ! نصيحة أسوقها إلى كل فتاة لها ذرة من العقل وعلى شىء من قوة الإرادة وصحة الحكم على نتائج الأمور..».
 
وحمل الغلاف صورة من روائع المصور الإيطالى نيسان «1570» رائد المدرسة الفنية فى التصوير تمثل «آلهة الربيع فلورا» والغلاف تحفة فنية تمثل صورة «مارى المجدلية» ذات التاريخ المعروف فى الإنجيل والأساطير. واهتمت المجلة بالكاريكاتير الذى أصبح فيما بعد من أهم مميزاتها، وعمل بها عملاقة الكاريكاتير مثل صاروخان وعبدالسميع والد رسام الكاريكاتير المبدع عمرو عبدالسميع، وبهجورى و جمعة، كما اهتمت بالكتابة الساخرة وابتكرت شخصية «أبوزعيزع وولده زعيزع».
 
وُلدت «روزاليوسف» السيدة واسمها الحقيقى فاطمة محمد محيى الدين اليوسف بمدينة طرابلس فى لبنان سنة 1898، وأصبحت يتيمة وهى فى السابعة من عمرها، ورحلت إلى مصر وهى فى الرابعة عشرة حيث بدأت حياتها كممثلة ناشئة فى فرقة عزيز عيد، وجورج أبيض المسرحية، وكانت البطلة الأولى فى فرقة (رمسيس) ليوسف وهبى ومن أشهر أدورها «غادة الكاميليا أوبريت العشرة الطيبة دافيد كوبرفيلد التاج والفضيلة»، وتعلمت فى تلك الفترة القراءة والكتابة والتمثيل، وأصبحت الممثلة الأولى فى مصر، وأطلق عليها النقاد «سارة برنار الشرق».
 
تُعد روزاليوسف رائدة الصحافة فى مصر، ومعلمة وقائدة لجيل من أهم كتاب وصحفيى مصر الذين بدأوا خطواتهم الأولى فى مجلة «روزاليوسف»، والتى صدرت فنية، ثم ما لبث أن تحولت هذه المجلة إلى السياسة، وكان أول تحقيق صحفى لها أثناء محاكمة محمود فهمى النقراشى وأحمد ماهر فى إحدى القضايا السياسية.، وتوالت التحقيقات السياسية والخبطات الصحفية مرورًا بتحقيقات الأسلحة الفاسدة والتى كانت من مقدمات ثورة 1952 والتى كتبها إحسان عبد القدوس نجل فاطمة اليوسف الكاتب الصحفى اللامع ورئيس تحرير روزاليوسف الأسبق والروائى المبدع، وهبت روزاليوسف مجلتها لخدمة قضايا الوطن فخاضت فى سبيل ذلك معارك طاحنة ضد الملك والإنجليز.
 
روزاليوسف كانت دائما على يسار النظام، تتمتع بالاستقلالية وعندما تقاربت مع حزب الوفد الذى قام بضمها إليه، وتعرض حزب الوفد فى تلك الفترة لحملة انتقادات عنيفة وأطلق عليه خصومه «حزب روزاليوسف»، إلا أنها لم تتخل بشخصها ومجلتها عن حياديتها فلم تدم هذه العلاقة الوطيدة بين فاطمة اليوسف وحزب الوفد، فسرعان ما تحولت إلى عداء شديد، بعد إصرارها على انتقاد رئيس الوزراء «نسيم باشا» ومطالبته بعودة دستور 1923 وإجراء انتخابات نزيهة، فما كان من الوفد إلا أن فصلها من الحزب وحاصر مجلتها ونظم المظاهرات ضدها، إلا أن نجاح حملتها ضد حكومة نسيم باشا قد أدى إلى استقالة الحكومة، وعودة دستور 1923.
 
أنشأت فاطمة صحيفة روزاليوسف اليومية التى صدرت فى 25 مارس 1935، والتى كان من أبرز محرريها عباس العقاد، ومحمود عزمي، كما أصدرت مجلات أخرى منها «الرقيب صدى الحق الشرق الأدنى مصر حرة». كما أصدرت مجلة صباح الخير عام 1956، فى فترات إلغاء الحكومات لترخيص مجلة روزاليوسف لمواقفها السياسية الوطنية، وتوقفت روزا الجريدة، ثم أعاد إصدارها الأستاذان كرم جبر رئيس مجلس الإدارة السابق وعبدالله كمال رئيس التحرير الأسبق، ليصبح بمؤسسة روزاليوسف ثلاث مطبوعات.
 
سرعان ما أضرت المجلة للتحول من الطابع الفنى للسياسى فرفضت وزارة الداخلية الترخيص لها بذلك، وعن هذا تقول فاطمة اليوسف فى «ذكرياتها» «روزاليوسف صدرت أول أمرها مجلة فنية، ولكنها كانت مجلة للفن الرفيع والأدب العالمى الذى لا تعرفه سوق الصحافة اليوم.. وكان طبيعيًا أن تعانى مجلة من هذا النوع هبوطًا مطردًا فى التوزيع.. بين أفراد أسرة التحرير تنشب الخلافات، زكى طليمات يتمسك بالأدب العالمى ويطالب بالاحتفاظ بشكل المجلة ومحمد التابعى لا يكف عن السخرية بهذا الأدب ويذكر بأرقام توزيع المجلة».
 
وانتهى الجدال للتطوير والتبسيط لكن فاطمة اشترطت عدم التعريض بأحد أو التجريح فكتب محمد التابعى بابًا ساخرًا اسمه «الطورلى» واستهل موضوعه الأول بعنوان «صاحب الطرولى وصاحبة المجلة» قال فيه «خصصنا هذه الصفحة كما أعلنا فى رأسها للحديث عن العظماء والصعاليك.. وسوف أتكلم اليوم عن صاحبة المجلة وعن نفسي، وللقارئ أن يسمينا عظماء أو صعاليك كما يشاء!».
 
وأضاف التابعى: «تأمرنى بأن أكتب وأن أملأ صفحة بشرط ألا أعرض بأحد أو أسب أحدًا أو أمدح أو أتملق أو انتقد أو،أو ثم تقول لي: فيما عدا ذلك فأمامك الميدان فسيحًا فاكتب ما تشاء!، اكتب ما أشاء! وماذا أبقت لى لأكتب عنه؟ تقوم بيننا المناقشة وهى دائمًا حادة تبدأ من القرار وترتفع إلى «جواب السيكا» فإذا طالت المناقشة ورأت هى إقفالها عمدت إلى طريقتها الخاصة فى الإقناع وهى أن تنظر بعين إلى أكبر وأضخم قاموس على المكتب ثم تنظر إلى وتحرك يدها بحركة عصبية! فإذا لم تفلح هذه الطريقة فى الإقناع عمدت إلى النشافة أو الدواية أو أى شىء آخر مما يكون قريبًا إليها، خبرونى من ذا الذى لا يقتنع أمام هذه الأدلة الثقيلة.. وهكذا تنتهى المناقشة دائمًا بانتصارها وانهزامى! ثم أكتب!»
وتقول فاطمة اليوسف: «كان قرار تحول المجلة إلى سياسية فى فترة عصيبة كانت الحياة البرلمانية تتعرض لنكسة عنيفة فقد انتهز الإنجليز فرصة مسرع السردار وأخرجوا سعد زغلول من الوزارة ووضعوا فى مقعد الرئاسة بدلًا منه زيور باشا، وأعلن زيور باشا حل مجلس النواب.. ولما اجتمع مجلس النواب الجديد تبين أن أغلبيته وفدية تؤيد سعد زغلول فحل المجلس الجديد بعد انعقاده بساعات وعاشت مصر بلا برلمان ولا دستور ولا حريات... واشتد الصراع بين سعد وزيور.. فلما طلبت السماح لى بتحويل المجلة إلى سياسية ظنت الداخلية أن الوفد يتستر ورائى فرفضت الطلب وذهبت إلى وكيل وزارة الداخلية – حسن رفعت – فرفض أيضًا بعد أن عجزت عن إقناعه بأنه لا صلة لى بالوفد على الإطلاق.. وذهبت لزيور باشا، وكان رحمة الله طيبًا جدًا.. كانت الدنيا تثور من حوله وهو لا يهتم.. لا يقرأ الصحف قط، وكان إذا قيل له إن جريدة تهاجمه يقول خليها تاكل عيش، وذهبت له محتجة مطالبة بإعطائى الترخيص الذى أريد ودهش جدًا حين علم أن الوزارة ترفض منح التراخيص للصحف السياسية واستدعى حسن رفعت ليقول له كلمته الخالدة أدوها الترخيص خلوها تاكل عيش وانصرفت والترخيص فى جيبى شاكرة الله على طيبة قلب رئيس الوزراء!.. أصبحت «روزاليوسف» إذن مجلة سياسية ودخلت ميدان السياسة وحيدة لا يسندها حزب ولا يمولها حاكم ولا يدبج لها المقالات كاتب سياسى قديم».
كان أول التحقيقات السياسية بقلم فاطمة اليوسف بعد متابعتها لـ7 جلسات من محاكمة أحمد ماهر والنقراشى بتهمة تكوين عصابة قامت باغتيال السردار وتقول روزا «لم يكن الإنجليز يريدون من هذه المحاكمة رقبتى ماهر والنقراشى فحسب بل ودمغ الوفد بالتآمر والجريمة.. هذه الجلسات مازالت ماثلة فى ذاكرتى حتى الآن.. مازلت أذكر المتهم جاد الله وهو جالس يداعب المبحة ويصيح: صلوا على النبى ويبصق على الأرض، والنقراشى صامت جامد كأن هذا الذى يدور فى الجلسة لا يعنيه، وأحمد ماهر ثائر ملتهب لا يكف عن الاعتراض والاشتباك مع الاتهام والشهود فى مناقشات عنيفة» وحملهم الشعب على الاعناق بعد البراءة وكانت روزا قد كتبت ملاحظات دقيقة عن شهود الإثبات منها تعمدهم التحدث بالإنجليزية رغم إتقانهم للعربية، وقارنت بين القاضى «كرشو» وهو إنجليزى يتحدث العربية وبشارة واكيم فى إحدى الروايات التى مثل فيها دور القاضى.
 
تولى إحسان عبدالقدوس رئاسة تحرير روزاليوسف عام 1945 بعد أن اعتقلته سلطات الاحتلال الإنجليزى لكتابته مقالاً بعنوان «الرجل الذى يجب أن يرحل» مطالبًا فيه برحيل المندوب السامى اللورد كيلرز» فأودع فى السجن لأشهر وفور خروجه عينته والدته فاطمة اليوسف رئيسًا لتحرير المجلة واستمر قى موقعه حتى العام 1964، كما تولى رئيس مجلس إدارتها منذ رحيل ولادته فى العام 1958 وأيضا بعد تأميم الصحافة عام 1960 وتحول ملكيتها إلى الشعب، ومن عام 1964 وحتى عام 1974 تولى رئاسة أخبار اليوم.
 
وقادت «روزاليوسف» حملات صحفية حفرت فى ذاكرة التاريخ منها حملة الأسلحة الفاسدة ومقالات مثل مقال «الجمعية السرية التى تحكم مصر» لإحسان عبدالقدوس».
 
وكان الاعتقال الأول من نصيب الأستاذ محمد التابعى برنس الصحافة المصرية، فنشرت «روزاليوسف» سلسلة مقالات بعنوان «ملوك وملكات أوربا تحت جنح الظلام» حول أسرار الحياة الخاصة لملوك وملكات أوروبا وكانت فاطمة اليوسف مسافرة لباريس وأنابت إبراهيم خليل لرئاسة التحرير وكان التابعى يكتب فى السياسة بدون توقيع ومن كتاباته هذه المقالات فقبض على خليل وأوقفت المجلة وتقول روزا فى ذكرياتها: «لم يكن لابراهيم خليل فى الواقع شأن بالتحرير وكأنما عز عليه أن يروح ضحية ما كتبه التابعى فاعترف فى التحقيقات أن التابعى كاتب هذه المقالات هو الأستاذ محمد التابعى الموظف بالحكومة، ولم تطلق النيابة سراح إبراهيم خليل بل قبضت على التابعى وأنزلتهما فى زنزانة واحدة» وكان التابعى أول كاتب صحفى يوضع الحديد فى يديه وكانت هذه القضية لها فضل بتقديم التابعى كاتبًا سياسيا وفقا لروزاليوسف التى قالت إنه قبل ذلك كان يكتب فى السياسة بدون توقيع.
 
لم تقف روزاليوسف المجلة فى منطقة رمادية طيلة تاريخها ولم تأخذ من السياسة جانبها الهادئ، اقتحمت ساحات المعارك السياسية وذهبت فى التأييد والمعارضة إلى أبعد مدى، فكانت فى فترة تأييد حكومة الوفد تقف مساندة للشعب الذى كان يلتف غالبيته العظمى خلف سعد زغلول زعيم الأمة وسرعان ما اختلفت المجلة وعارضته لصالح الشعب ودفاعا عن الحريات والدستور.
 
كان أول عدد صودر لـ«روزاليوسف» هو العدد 134 عندما أطلقت حملة ضد الملك تنتقد توسع سلطاته وإقالته للحكومات ونشرت المجلة «كاريكاتير» لرئيس الوزراء الجديد المعين محمد محمود يدوس على الدستور وهو يصعد لكرسى الوزارة فتمت مصادرة العدد وحصلت «روزاليوسف» على 200 جنيه فقط تعويضًا بعد حكم قضائى، وأصدرت فى هذا العام اربع مجلات بعد وقف «روزاليوسف» بشكل مؤقت.
 
أحتضنت مؤسسة روزاليوسف المئات من رموز الصحافة منهم الكاتب المبدع عبدالرحمن الشرقاوى الذى رأس مجلس إدارتها وكامل الشناوى وأحمد بهاء الدين وصلاح حافظ والدكتور مصطفى محمود ومحمود السعدنى ملك الكتابة الساخرة ويوسف إدريس وكتب بها محمد حسنين هيكل فى بداية مشواره وإبراهيم عبدالقادر المازنى .
 
وأنجبت فى العصر الحديث لفيفًا من القيادات الصحفية فى الصحافة القومية والخاصة ونجوم الفضائيات من مقدمى البرامج ومازالت المسيرة تتواصل والأجيال تتتابع يتسلم كل جيل الراية من سابقيه، وتبقى روزاليوسف ثائرة دائماً بشبابها ومهنيتها، تقاوم الصعاب وتعلوا فوق الهفوات والكبوات... عن روزاليوسف لا تكفى ألاف الكلمات لسرد مسيرة مؤسسة عاصرت الأحداث وأشعلت الثورات وأعتصر قياداتها التجربة.. فى عيد ميلادك يا سيدتى الثائرة دائماً نجدد الولاء ونتعهد بمواصلة العطاء فنحن جيلاً بعد جيل على الدرب سائرون لن توهن قوانا العثرات ولن ترهبنا السلطات ولن نكون سوى جزء من ضمير الشعب ولاؤنا له ومصلحة مصر نصب أعيننا.