الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ناجى فريد: نحتاج إلى إقامة ملتقى للنحت فى كل محافظة تساهم فى ميزانيته المحافظات مع رجال الأعمال

ناجى فريد: نحتاج إلى إقامة ملتقى للنحت فى كل محافظة تساهم فى ميزانيته المحافظات مع رجال الأعمال
ناجى فريد: نحتاج إلى إقامة ملتقى للنحت فى كل محافظة تساهم فى ميزانيته المحافظات مع رجال الأعمال




سمبوزيوم أسوان يعقد الدورة المقبلة فى  شرم الشيخ لأول مرة

أخطر جريمة يرتكبها النحات هو العمل حسب طلب الجاليريهات الخاصة

التماثيل الميدانية المشوهة مسئولية المحافظين الذين يتعاملون مع مقاولين وليس مع الفنانين أو الجهات المختصة

حوار - سوزى شكرى

يعد الفنان ناجى فريد أحد أبرز نحاتى مصر خلال العقدين الماضيين، يتوج رحلة ربع قرن بحصوله على جائز الدولة التشجيعية فى مجال النحت، هو فنان تفرغ لفن النحت يرى أن الفن «أنانى» لا يقبل شريكًا والمناصب الوظيفية تعوق الإبداع، وأن التمرد ضرورة فنية، يعشق التجريب والمغامرة دون خوف، يسعى لتطوير أدائه وتقنياته، شغوف جدا بالتكنولوجيا فى الفن وصناعة النحت بمعالجات جديدة، منحوتاته وشخوصه تحمل فلسفة فى التلخيص والتجريد والاختزال، لديه تكوينات ديناميكية تحرض على الحركة رغم سكونها.. تحاورنا معه حول أعماله وحول مشاكل النحاتين وحول سمبوزيوم اسوان والتمثال الميدانى.

■ حدثنا عن بداية مشوارك مع فن النحت وانتقالك من كلية الحقوق إلى كلية التربية الفنية؟
ـــ بدايتى كانت من المرحلة الإعدادية شعرت بأن بداخلى رغبة فى ممارسة العمل النحتى جذب انتباهى خامة الجبس وقمت بعمل عدة تجارب عليها وأيضا كان مدرس التربية الفنية بالمدرسة الذى مازالت أتذكره يشجعنى ويدعمنى ويعلمنى الرسم والتصوير وتقنيات التصوير، ثم المرحلة الثانوية كنت فى زيارة لـ«مجمع الفنون» حيث كنت دائم حضور المعارض، والتقيت مع الفنان عبد الهادى الوشاحى ودار بينا حوار وطلبنى منى أن انتهى من درستى الثانوية العامة، ورغم نجاحى فى القدرات إلا أننى قبلت بكلية حقوق جامعة عين شمس.
 وشاركت فى المسابقات الفنية بالكلية وجاءت لجنة التحكيم من الفنانين الكبار ومن بينهم «الوشاحى» وكان هذا اللقاء الثانى، وحصلت على الجائزة الثانية «نحت» والجائزة الثانية «تصوير»، كنت أمارس فن الرسم والنحت، وطلب منى الفنان الوشاحى أن اترك كلية الحقوق وأنها ليس مكانى، وبالفعل حولت أوراقى إلى كلية التربية الفنية.
علاقتى بكلية التربية الفنية لم تسعدنى، طموحاتى تفوق الدراسة النمطية بدأت أصقل ذاتى ثقافياً وأتردد على المكتبات ودار الكتب والمعارض الكبيرة وكان لى أصدقاء من كل مجالات الفن منهم سينمائيين وموسيقيين، كان المناخ بالكامل مجهز للإبداع.
■ من أين تستقى مصادر ومنابع أفكارك فى أشكالك النحتية؟
ـــ لا أجد صعوبة فى الحصول على الأفكار، الأفكار لا تغادرنا إلا إذا افتقدنا جذورنا وأصالتنا، واعمل بشكل دائم وأقوم بالتجريب فى مزج الخامات النبيلة، وأنا دائم الاطلاع على كل الثقافات، تعودت على تواجدى فى مرسمى بشكل يومى، نحن أحفاد الحضارة المصرية القديمة، وملوك النحت فى العالم، اعتمد على رؤية شخصية ومعالجة فكرية وتكنيك وتقنية مختلفة فى المزج بين الخامات اقترب من النحت الفرعونى كثيرا فى أعمالى، أتردد على زيارة المتحف المصرى.
كان  يجب أن ابحث عن أسلوب وتكنيك وتقنية لا تتشابه مع الآخرين، نحن أسعد حظاً أن لنا خلفية تاريخية وتراثية، وأنا دائما أتساءل عن عقلية الفرعونية من أين حصل الفنان الفرعونى على مرجعيته النحتية، أساليب المعالجة البناء النحتى الذى شكل حضارة ثرية الفكر والتقنية والجراه، رغم أنه كان يعمل بدون خلفية تاريخية سابقة، فمن أين استقى ثقافته، الفن الفرعونى نموذجى تقنية على مستوى العقيدة  وسنظل جميعا نستقى منه الفكر والفن.
■ قمت فى معرضك الأخير «ذكريات مرئية» بمغامرة.. فلأول مرة تطبع الفوتوغرافيا بالليزر على الشكل النحتى، حدثنا عن هذه التجربة؟
ــ قدمت مجموعة متنوعة من منحوتاته ما بين التمثال المجسم والمسطح النحتى بتشكيلاته البارزة والغائرة، استخدمت مادة النيكل المطلى بالفضة ليعكس صورة المتلقى داخل عمله، وبالتالى يصبح جزءاً من هذا العمل.
 أنا مؤمن أن التجريب والتمرد ضرورة فنية، وابحث عن الجديد شغوف جدا بالتكنولوجيا فى الفن وصناعة النحت بمعالجات جديدة، قدمت  للمرة الأولى أعمالاً على الجدار وشكلت تحدياً لان لغة النحت اختزالية ولا أستطيع السرد والحكى مثل التصوير، فكثفت المضمون على الكتلة، قدمتها بشكل تكنولوجي، إذا قطعت خامات بالليزر ثم قمت بتركيب فوتوغرافيا، واخترت مقاطع معينة لطباعتها على العمل لتوصيل رسالة التى ارغب فيها، واخترت أن تكون مزيجًا بين الأبيض والأسود ومعدن مع الحجر، وخشب ومعدن.
■  ما أكثر الفعاليات الفنية التى مثلت لك دعماً فى مشوارك الفنى؟
ــ كل مشاركة سواء فى مصر أو الخارج لها أهميتها فى مشوارى وتترك أثرًا لأنها تجربة وخبرة ومؤثرة فيما بعدها من فعاليات، ومثلت مصر فى أكثر من 20 ملتقى دوليًا للنحت منها بينالى فينسيا وبينالى الاكوادور، وأنا عضو باللجنة العليا لسمبوزيوم أسوان لمدة 17 سنة وهذه الفعالية الوحيدة التى وقعت فيها على أوراق كنوع من الإجراءات المطلوبة، وعملت فى كثير من لجان التحكيم منها تحكيم جائزة الإبداع بروما، وتحكيم جائزة الدولة التقديرية من عامين، وحصلت على 10 جوائز.
محظوظ جدا بمشاركتى فى الدورات الأولى للصالون الشباب، وأنا طالب فى سنة ثالثة بالكلية حصلت على الجائزة التشجيعية من الصالون، ثم فى البكالوريوس حصلت على الجائزة الأولى من الصالون، وهذه جوائز اعتراف رسمى من الدولة انى نحات، واسعدتنى جدا وشجعتنى لاستكمال طريقى ومشوارى الفنى بحماس وحفزتنى.
■ حصلت مؤخرا على جائزة الدولة التشجيعية.. صف لنا شعورك؟
ـــ تقدمت أعمالى للجنة بالمجلس الأعلى للثقافة وهى بخامة  «خشب وبرونز – جرانيت وبرونز»، وعلمت أن اللجنة أعجبت بكل أعمالى، أرفقت بالأعمال تنظيرا عن أعمالى النحتية وهدفى والحس الفرعونى الحداثى الذى اتخذته مذهبا فنيا مع المحافظة على جوهر الحضارة ورسخوها.
جوائز الدولة تسعد الفنان أكثر من الجوائز التى يحصل عليها من خارج مصر فهى اعتراف من الدولة بفنه ومصداقية مشواره، الجائزة فى أهميتها الأدبية وليس فى القيمة المادية، هى تتويج لرحلة ربع قرن من العمل بالفن، تقدمت سابقًا للجائزة ولم احصل عليها إنما كل شيء بميعاده.
■ من واقع تجربتك لمست بعض المشاكل التى تعرقل مسيرة النحات، حدثنا عنها؟
ـــ مثل كل زملائى نعانى من العديد من المشاكل منها توفير الخامة والتكلفة، التفرغ للنحت، المكان، وجود ورش المسبك، السباكة، التسويق، سفر للخارج للتواصل مع الثقافات الأخرى، السفر مسئولية وإرادة من الدولة ترجع إلى إيمان المؤسسة الرسمية بدور النحات المصرى.
 وأيضا الجاليريهات الخاصة سبب من ضمن المشاكل وذلك فى تسويقها  للنحت وبعضها يعمل بطريقة غيراحترافية وكأنها قاعات «سوبر ماركت»، يطلب من الفنانين الشباب أعمال نحتية سهلة القراءة البصرية ويفهمها الملتقى العادى،  مما أدى لوجود أشكال نحتية متشابهة فى المعالجة والرؤية والاختزال، وأخطر جريمة يرتكبها الممارس لفن النحت هو العمل حسب الطلب، وربما التمس عذرا للنحات من أجل المعيشة لكنى على الجانب الآخر أخشى على الحركة النحتية المصرية.
نحن أحفاد حضارة عريقة ورغم كل هذا إلا أن نحاتين كثيرين وزملاء يقاومون هذه النوعية من النحت تحت الطلب ويكلفهم هذا الكثير من العناء والإرهاق النفسى.
أنا تفرغت تماما للنحت منذ التخرج، الفن أنانى لا يقبل شركاء، وإذا شعر الفن بوجود شركاء سوف يهرب ويغضب ولن يعطى الفنان كل ما يريده، وابتعدت عن المناصب لأنها إهدار للطاقة والوقت رغم ان البعض جاهد حتى يوزاى بين الفن والمنصب، وهو أمر شاق، ومن وجهة نظرى انشغال الفنان بوظيفة تعوق الإبداع الحر، واكيد مشوار التفرغ بالنسبة لى  كان صعب خصوصا فى وجود أسرة وأولاد لهما التزامات واحتياجات.
■ عملت 17 عاما فى اللجنة العليا لسمبوزيوم أسوان، فما تقييمك لهذا الملتقى؟
ـــ  على المستوى الشخصى والنحتى بهرنى حجر الجرانيت وتكنيك هذه الخامة بتكنيكه صعب، وقدمت أول تجربة لى فى بينالى القاهرة الدولى عام 1998 حيث قدمت رخاماً أسود مع برونز، وهذا فتح الطريق أمامى وعملت على هذا الاتجاه حتى الآن وقمت بتطويره فى كل عمل قدمته، وبدأت الانتقال من الحجر إلى البرونز.
سمبوزيوم أسوان هو سمبوزيوم الدولة « اليتيم» ويتحمل عبء الحركة النحتية فى مصر وأغلبية فنانى النحت الجادين والمميزين فى الحركة كانوا من ضمن المشاركين، السمبوزيوم هو الأكاديمية الوحيدة التى تقدم 15 فنانًا كل سنة وهذا عدد قليل بالنسبة لنحاتى مصر، فلدينا  فنانون شباب فى انتظار الكشف عن موهبتهم.
 فى احد البلدان الأوروبية التى تعدادها 79 مليون نسمة تقريبا يقام 25 سمبوزيوم فى العام، ونحن تعداد سكان مصر 95 مليونًا، إذا نحن بحاجة إلى ملتقى فى كل محافظة تساهم فيه المحافظات من ميزانيتها، وبالتعاون مع وزارة الثقافة مع رجال الأعمال المقيمين فى المحافظة، وبالتالى سوف تتنوع الخامات المتاحة بحسب كل محافظة مثل الرخام الحديد الخردة الخشب الجرانيت وغيرها، وفنانى النحت لا يبخلون بأفكارهم على مصر والنحت المصرى وتراثنا يستحق بهذا المجهود، سبق وان قدمت سمبوزيوم نحت جرانيت فى مكتبة الإسكندرية.
نملك اكبر متحف للنحت المصرى فى العالم «المتحف المفتوح فى أسوان» والذى يعد له صياغة جديدة فى العرض المتحفى ولجنة مستقلة يرأسها الفنان أكرم المجدوب، هذا المتحف تم الصرف عليه من نفس ميزانية السمبوزيوم وارض المتحف من محافظة اسوان.
■ البعض يحمل سمبوزيوم أسوان الذى استمر 21 عاما  مسئولية تجميل الميادين فما رأيك؟
ـــ سمبوزيوم أسوان لا يتحمل أخطاء التمثال الميدانى فهذه مسئولية المحافظين الذين يتعاملون مع مقاول وليس مع الفنانين او الجهات المختصة والمنوطة بالفن مثل نقابة التشكيليين وقطاع الفنون التشكيلية و«التنسيق الحضارى»، ولابد أن يصاغ قانون ولائحة بأن التعامل يكون اجباريًا مع الجهات المختصة وليس مع مقاول، هؤلاء المحافظون هم المسئولون عن تهميش الفنان.
 وفى إحدى دورات السمبوزيوم أرسلنا إلى محافظ القاهرة لتوزيع بعض المنتج النحتى فى بعض الميادين إلا أن محافظ القاهرة من قبل الثورة قال لنا «مبحبش الحاجات دى» وقالها بنفس اللفظ بمعنى انه رفض النحت فى الوقت الذى يتعاملون فيه مع مقاول!، مع الفارق أن محافظة أسوان بها 20 عملاً موزعة على الميادين من إنتاج السمبوزيوم.
■  تم اختياراك قوميسييرا عاما لسمبوزيوم أسوان لدورة المقبلة فما هو الجديد فى هذه الدورة؟
ـــ حين أبلغونى باختيارى قوميسييرا طلبت أن امنح الحرية الكاملة فى تقديم رؤية جديدة استكمالا لنجاح وتألق السمبوزيوم فى الدورات السابقة فى أسوان، رأيت أن علينا كفنانين مصريين دوراً مهمًا على اعتبار اننا لا نعيش بمعزل عن المشهد المصرى الحالى، وتشجيعا للسياحة عن طريق الفن، والفن وهو أسمى رسالة ودعما للسياحة فى مصر لتواصل بين الثقافات وبين بلدان العالم، اخترت ان يكون هذه الدورة دورة استثنائية ولأول مرة فى «شرم الشيخ» وقررنا إهداء أعمال السمبوزيوم لشرم الشيخ، بالإضافة إلى أن هذه الدورة تبعث رسالة للعالم ان مصر دولة آمنة ومازال ينبض  فيها الفن المصرى.
تقدمت بفكرتى الى اللجنة وقد وافق الجميع عليها، والرئيس الشرفى للسمبوزيوم الفنان الكبير آدم حنين وافق ورحب بفكرتى وطلب تكرر فكرتى  لمده عامين إهداء من سمبوزيوم أسوان إلى  شرم الشيخ، وبالفعل حصلت على موافقة وزير الثقافة الكاتب حلمى النمم، وحصلنا أيضًا على موافقة محافظ جنوب سيناء والترحيب، والمشاركين من الفنانين المصرين والعرب والأجانب بالإضافة إلى الشباب وأمامهم جميعا فرصة لتقديم 3 تصورات أو 3 أفكار لمشروع ينفذ وعرضها على اللجنة العليا المكونة من عضو شرفى الفنان أحمد شيحة وعضوية كل من الفنان عصام درويش، شريف عبد البديع، هانى فيصل وأيضًا الفنان محمد صبرى القوميسيير المساعد.