الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بالوثائق: «تنظيم الإخوان الدولى» يعلن «جاهلية» الشعوب العربية والإسلامية.. ويخرجها عن الملة!

بالوثائق: «تنظيم الإخوان الدولى» يعلن «جاهلية» الشعوب العربية والإسلامية.. ويخرجها عن الملة!
بالوثائق: «تنظيم الإخوان الدولى» يعلن «جاهلية» الشعوب العربية والإسلامية.. ويخرجها عن الملة!




دراسة يكتبها هانى عبدالله

مثّلت «بذرة» المنظمات الإسلامية، التى وضعها «الإخوان» داخل أوروبا، وأمريكا الشمالية، خلال فترة الستينيات، «نواة» حقيقية للنمو، والتكاثر.. إذ سرعان ما بدأت تلك المنظمات، والجمعيات فى «الانشطار» بشكلٍ لافت؛ لبسط سيطرتها على أغلب الروافد «المُغذية» لأفكار أبناء «الجاليات الإسلامية».
ففى «الولايات المتحدة الأمريكية» على سبيل المثال.. وفى أعقاب تأسيس «سعيد رمضان» (صهر البنا) لـ«رابطة العالم الإسلامي» بالعام 1962م، فى «المملكة العربية السعودية»، كأول منظمة دولية لـ«الإخوان»؛ كان أن أنشأت «الجماعة» بالولايات المتحدة: «جمعية الطلاب المسلمين» (MSA)، أو «اتحاد الطلبة المسلمين فى الولايات المتحدة وكندا». (1)

إذ كان الاتحاد بمثابة «حجر الزاوية»، الذى تأسس عليه عدد آخر من الجمعيات، والمؤسسات، مثل: مركز التعليم الإسلامى (ITC)، والوقف الإسلامى لأمريكا الشمالية (NAIT)، والاتحاد الإسلامى لأمريكا الشمالية (ISNA).. وتدريجيًّا.. انبثق عن هذا الأخير (أى: الاتحاد الإسلامى لأمريكا الشمالية) عدد آخر من المنظمات، منها: «رابطة الشباب المسلم العربى» (MAYA)، و «تنظيم الشباب المسلم بأمريكا الشمالية» (MYNA)، و«الجمعية الطبية الإسلامية» (IMA)، و«جمعية العلماء والمهندسين المسلمين» (AMSE)، و«جمعية علماء الاجتماع المسلمين»  (AMSS)، و«اللجنة الإسلامية للعلاقات العامة» (MPAC).
 وفى محاولة لخلق «كونفيدرالية» فكرية؛ كان أن تم تأسيس «المعهد العالمى للفكر الإسلامي» (IIIT)، فى العام 1981م، بضاحية «هيرندن» القريبة من العاصمة واشنطن.. وحظى المعهد بتمويل سخى من «مؤسسة الراجحي» السعودية، حتى منتصف التسعينيات، إذ انحسرت أنشطته فى وقت لاحق.. واتجه الكثيرون من العاملين به نحو إنشاء «الكلية الإسلامية للعلوم الاجتماعية» بضاحية «ليسبرج» التابعة لولاية فرجينيا. (2)
داخل «أوروبا» أيضًا؛ كانت «بذرة منظمات الستينيات، ونهايات الخمسينيات» تواصل نموها بشكل سرطاني، داخل جسد «القارة العجوز»، إذ تذهب بعض «الروايات الاستخبارية» إلى أن هذا الأمر، تمّ – من حيث الأصل – بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. (3)
.. فبالتزامن مع تأسيس «سعيد رمضان» لـ«الجمعية الإسلامية فى ألمانيا» (عُرفت فيما بعد باسم: «التجمع الإسلامى فى ألمانيا»)؛ أسس «رمضان» بالتعاون مع «غالب همت» - وهو سورى يحمل الجنسية الإيطالية – «المركز الإسلامى فى ميونخ».
وكان لذلك النشاط الأوروبى، أثره «الفعّال» فى تشجيع العديد من أعضاء التنظيم، من ذوى الجنسيات المختلفة، على تكرار التجربة بمناطق أخرى.. إذ تأسس، وقتئذ: «جمعية الطلاب المسلمين فى المملكة المتحدة وشمال أيرلندا» (MSS) بـ«ليفربول».. و«اتحاد الطلبة المسلمين فى أوروبا» (UMSO)، بالعام 1961م.. و»اتحاد المنظمات الطلابية الإسلامية» (FOSIO)، فى المملكة المتحدة وشمال أيرلندا، بالعام 1962م.. و«الاتحاد الإسلامى العالمى للمنظمات الطلابية فى مدينة آخن الألمانية» (IIFSO)، بالعام 1969م. (4)
كما لم تبتعد – كذلك - الأحداث داخل «فرنسا» أيضًا، عن الوتيرة ذاتها.. إذ أسهمت «التجمعات الصغيرة» التى تم تشكيلها، آنئذ؛ فى خلق أقوى ثانى أذرع التنظيم فى أوروبا، حاليًّا، بعد «اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا» (مقره، الحالى، بروكسل).. ونقصد بذلك: «اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا»، أو «اتحاد المنظمات الإسلامية لفرنسا»، بحسب الترجمة الدقيقة عن الفرنسية.. إذ أُنشئ الاتحاد (تم إعلان تأسيسه فى العام 1983م)، بـ«مورثاى موزال»، بمعرفة كل من: العراقى «محمود زهير»، والتونسى «عبد الله بن منصور» (يتولى الأخير – حاليًّا – مسئولية الذراع الأوروبية الأولى للتنظيم: «اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا»!).
 وكان «الاتحاد» فى بدايته، يتكون من تجمعات إسلامية، ذات تنظيم «شبه سري»، إذ امتدّت جذور الاتحاد؛ لتتضمن: «اتحاد الطلبة المسلمين بفرنسا» (AEIF)، الّذِى أنشأه بالعام 1963م «حميد حميد الله»، ذو الأصول الهندية (كانت تربطه علاقة صداقة قوية بكل من: «سعيد رمضان»، والقيادى الإخوانى السورى «عصام العطار»).. وكان الرافد الثانى للاتحاد، هو «المجموعة الإسلامية بفرنسا» (GIF)، الّتِى أنشئت بالعام 1979م، بمدينة «فلانسنيان» (شمال شرق فرنسا، بالقرب من مدينة «ليل»)؛ إذ ضمت تلك المجموعة الطلاب التونسيين بقيادة الداعية أحمد جاب الله، الّذِى كان مرتبطًا، بدوره، و«حركة الرعاية الإسلامية المعارضة» (MTI)، الّتِى قادها «راشد الغنوشي»، وتحولت - فيما بعد - لحركة النهضة (الفرع التونسى للإخوان).. ورغم أن «المجموعة الإسلامية بفرنسا» (GIF)، كانت هى القطاع الرئيسى الّذِى يتحرك داخله الطلاب التونسيون، إلا أن المجموعة اتخذت - فى حينه - القيادى والفقيه الإخواني، لبنانى الجنسية، «فيصل مولوي» مرشدًا روحيًّا لها. (5)
فى إطار عملية الانتشار الدولى لأفكار التنظيم (سواء ما كان منها فى سياقه الأوروبى، أم فى سياقه العربى)؛ كان أن أغرت تلك القوة المتزايدة – منذ نهاية السبعينيات - «مكتب إرشاد القاهرة»، وصقوره من أبناء «سيد قطب»؛ للتحرك من أجل خلق «كونفيدرالية دولية»، تحت مُسمى: «التنظيم الدولى للجماعة»، بما يُمكنهم – فيما بعد - من بسط نفوذهم، وتأثيرهم على حكومات الدول الغربية (فضلاً عن بعض الحكومات العربية).
وإن كان من الثابت (تاريخيًّا)، أن تنظيم الإخوان الدولى تأسس (فعليًّا) بالعام 1982م؛ تحت إشراف مباشر من صقور التنظيم الخاص (الجناح العسكرية «السابقة» للجماعة).. فمن الثابت (وثائقيًّا)، أن «سنة التأسيس» تلك، سبقها العديد من جلسات التداول، منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي؛ لتحقيق ثلاثة أهداف «رئيسية»، هى:
1 - إحكام قبضة «إخوان مصر» على «إخوان الخارج».
2 - إحياء «الجهاد العسكرى» بالتنظيم، مرة أخرى.
3 - إعلان «الخلافة الإسلامية» على يد قيادات التنظيم.
وفى هذا السياق؛ تقول الكاتبة، والباحثة البريطانية «أليسون بارجتر»: «إنه حدث فى السبعينيات، أن سعت مجموعة صقورية من إخوان مصر إلى تضخيم دور القاهرة، وإلى استغلال الأبعاد الدوليّة للحركة لمصلحتهم.. وكانت تلك المجموعة، تضم بين أعضائها«مصطفى مشهور»، و«أحمد الملط»، و«كمال السنانيري»، وكانوا جميعهم ينتمون للنظام الخاص، وأطلق سراحهم من المعتقلات بعد تولى السادات السلطة.. وقد سعت تلك المجموعة بمجرد الإفراج عنها؛ لانتزاع السيطرة على إخوان مصر من المرشد (تقصد: «عُمر التلمساني»)، وعلى بعث الحياة فى الحركة الّتِى كانت قد زوت إلى حدٍ كبير، فى أوائل الخمسينيات.. إلا أن طموحاتهم للجماعة تخطت حدود مصر.. وكان هؤلاء.. هم من أصبحوا القوة المحركة خلف تشكيل التنظيم الدولي». (6)
وبقليل من الجهد؛ يُمكننا ملاحظة أن الأهداف الرئيسية السابقة (المستهدفات «الثلاثة» من إعادة تأسيس التنظيم الدولي)، لم تكن بعيدة – بأى حال من الأحوال - عن ذهنية «صقور الجماعة»، وهم يصيغون اللائحة الأولى للتنظيم الدولى بالعام 1982م.. إذ كانت تُبيّن (المادة 1)، أن القاهرة هى المقر الرئيسى للجماعة.. ويجوز نقل القيادة فى «الظروف الاستثنائية» بقرار من مجلس الشورى، إذا تعذر ذلك من مكتب الإرشاد.
بينما كانت أهداف الجماعة، وفقًا لـ(المادة 2): إن «الإخوان» هيئة إسلامية جامعة (أي: سياسية ــ دينية)، تعمل لإقامة دين الله فى الأرض (!)، ومما يتصل بهذه الأغراض:
1 ــ تبليغ دعوة الإسلام إلى الناس، كافة.. وإلى المسلمين، خاصة (!)
2 ــ جمع القلوب والنفوس على مبادئ الإسلام (!)
3 ــ تحرير الوطن الإسلامى بكل أجزائه من كل سلطان غير إسلامي، ومساعدة الأقليات الإسلامية فى كل مكان، والسعى إلى تجميع المسلمين حتى يصيروا أمةً واحدة.
4 ــ قيام الدولة الإسلامية التى تنفِّذ أحكام الإسلام وتعاليمه عمليًّا، وتحرسها فى الداخل، وتعمل على نشرها، وتبليغها فى الخارج.
والمُدقق فى الأهداف «الأربعة» السابقة، المُتصلة بأغراض تأسيس «التنظيم الدولي»؛ لن يخطئ ــ من النظرة الأولى ــ تأثير أفكار «سيد قطب» حول «جاهلية المجتمع» على أفكار من وضعوا اللائحة «العالمية» للتنظيم، إذ انطلقت الجماعة من أن «الإسلام» لم يعد موجودًا بين أهله (!)، وأن على الجماعة أن تعيد تبليغ رسالة الإسلام إلى المسلمين من جديد؛ تمهيدًا لإقامة الدولة الإسلامية، التى تُنفِّذ أحكام الإسلام وتعاليمه عمليًّا (!)
.. أما وسائل الجماعة فى تحقيق هذه الأهداف، فكانت - وفقًا لـ(المادة 3) - كالآتي:
أ‌- الدعوة: بطريق النشر والإذاعة المختلفة؛ من: الرسائل، والنشرات، والصحف، والمجلات، والكتب والمطبوعات، وتجهيز الوفود والبعثات.. فى الداخل والخارج.
ب‌- التربية: ليُطبع أعضاء الجماعة على هذه المبادئ، وتعكس معنى التدين «قولاً، وعملاً» فى أنفسهم «أفرادًا وبيوتًا»، وتربيتهم تربية صالحة؛ عقائديًّا، وفق الكتاب والسنة.. وعقليًّا بالعلم.. وروحيًّا بالعبادة.. وخلقيًّا بالفضيلة.. و(بدنيًّا) بالرياضة (!)، وتثبيت معنى الأخوة الصادقة، والتكامل التام، والتعاون الحقيقى بينهم؛ حتى يتكون رأى إسلامى موحد، وينشأ جيل جديد يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا (!)
ج- التوجيه: بوضع المناهج الصالحة فى كل شئون المجتمع؛ من: التربية والتعليم، والتشريع، و(القضاء)، والإدارة، و«الجندية!»، والاقتصاد، و«الحكم».
د- العمل: بإنشاء مؤسسات تربوية، واجتماعية، واقتصادية، وعلمية.. وتأسيس المساجد، والمدارس، والمستوصفات، والملاجئ ، والنوادي.. وتأليف اللجان لـ»تنظيم الزكاة، والصدقات»، وأعمال البر (!)
هـ - إعداد الأمة: «إعدادًا جهاديًّا!»؛ لتقف جبهة واحدة فى وجه الغزاة، و«المتسلطين من أعداء الله»؛ تمهيدًا لإقامة الدولة الإسلامية الراشدة (!)
والمُلاحظ، هنا؛ أنّ اللائحة العالمية للتنظيم، التى تم إقرارها بالعام 1982م (بشكل مؤقت) - وإن كانت «قُطبيّة» بامتياز؛ إذ اعتمدت «تكفير المجتمع» أسلوبًا للعمل داخل التنظيم، والارتكان لعملية «الإعداد العسكري» لأفراد الصف- إلا أن تلك النظرة لم تتغير، فى أى مرحلة تالية، وظلت (نهجًا) راسخًا، طوال سنوات التداول على تعديل اللائحة، خاصةً فى مرحلة التسعينيات (مرحلة اعتماد اللائحة النهائية للتنظيم الدولي).. وهو ما سنقف على أبرز ملامحه، بشىء من التفصيل، فى وقتٍ لاحق.