الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لماذا سقطت توشكي من حسابات الإعلام ؟




26 - 08 - 2009
مشروع توشكي للتنمية الزراعية بجنوب الوادي يعيش ظروفا استثنائية.. الحكومة فشلت في تسويق المشروع ليس بين رجال الأعمال بجذبهم للاستثمار هناك، بل تحديدًا في شرح أهدافه ونتائجه للناس الأمر الذي أدي لظهور قطاع رافض له والأخطر أن هناك وزراء في حكومة د. أحمد نظيف غير مؤمنين بفوائده لكن الظروف دفعتهم لعدم التعليق علي الأقل تجاه ما يحدث هناك.
الأخبار المنشورة عن توشكي في الصحف والإعلام مبتورة وملوثة باتجاهات سياسية محددة.. والغريب أن ما يحدث في توشكي أو حولها هو تجسيد للواقع السياسي الذي نعيشه. مشروع توشكي ومنذ أن تم إطلاقه في التسعينيات بات واضحًا أن المؤيدين له من الحكومة قلة، والصامتين أو المتجاهلين له أغلبية.
وبين هؤلاء تقف الحقائق علي الأرض والتي أحاول هنا رصدها ربما يعيد الصامتون تجاه المشروع النظر في مواقفهم ويتقدمون علي الأقل بدعوة تشجيع لغيرهم للمساعدة والمشاركة.
أولاً: هناك تجاهل متعمد من الإعلام الرسمي للدولة للمشروع.. لم نر كاميرات تليفزيون - علي الأقل الرسمي - تنقل لنا حركة التنمية علي الأرض هناك والزراعات والمحاصيل الموجودة ومصنع الفرز والتجفيف والتبريد.. أو تحكي لنا عن التجربة المهمة التي قادها د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار بإقامة مجتمع متكامل في تلك البقعة التنموية من مساكن ووحدات صحية ومراكز ترفيه وأندية ومراكز شباب وأفران وحظائر للإنتاج الحيواني وزراعة كل أنواع الخضر والمحاصيل والموز وغيرها..
علي الأقل لو تم بث لقطات مما يحدث هناك وتنظيم برامج حوارية مع المهندسين والعمال لتغيرت الصورة الذهنية الموجودة في خيال الرافضين للمشروع، وأعتقد أن بناء قرية للعمال والمهندسين ومجموعة من الفيللات والعيادات المجهزة أمر يصب لصالح المواطن والمفروض أن تليفزيون مصر ببرامجه المتنوعة - كما يقولون لنا - مهتم جدًا بهذه الرسالة وتوجيهها للناس!
ثانيًا: الضرر الذي أصاب توشكي من جراء النشر المبتور والتعاطي بسطحية لما يحدث هناك من ملحمة تنموية وسط ظروف استثنائية أمر أصاب المتابعين لحركة الإنماء في مصر بخيبة أمل أو علي الأقل بنوع من الغضب خاصة في ظل نشر الأرقام المنصرفة علي مراحل التنمية هناك دون شرح لبنود الصرف أو أوجه الإنفاق.
الإعلام صور مشروع توشكي علي أنه عار علي التنمية وغير مفيد ومتسرع والأهم أنه صور توشكي علي أنها أرض جرداء صفراء غير ممهدة للزراعة أو لا تستجيب لما يقدم من جهد في هذا الشأن.
الإعلام الرسمي وتليفزيون مصر وقفوا موقف المتفرج تجاه توشكي.. بل اعتمدوا في تغطية الموضوع علي رؤية المحتقنين من المشروع.. والدليل أن الإعلام في سياقه للهجوم علي الحكومة خاصة الإعلام المستقل أو الحزبي وجدوا في توشكي ضالتهم واستخدموها كسلاح ضد الوزراء والنظام، هذا المردود سببه أن تليفزيون مصر أو الإعلام الرسمي اكتفي فقط بدور المتفرج أمام وجهات النظر السلبية عن المشروع وبات يفضل إدارة الإعلام والحركة الإعلامية من الأماكن المكيفة فقط، فحرارة الصعيد مرتفعة، والطرق صعبة والحياة في مجملها صعبة. فلماذا يكلف تليفزيون مصر الرسمي أو حتي الصحافة القومية نفسها ويرسل من ينقل لنا الحقيقة والصورة المشرقة التي تحدث هناك في توشكي؟!
أنا كصحفي مهتم لم تتوقف زياراتي للمشروع لمتابعة أدق تفاصيل حركة الزراعة ونوعية الزراعات التي تنجح في هذه الأرض، وقد كنت سعيدًا وأنا أري في آخر زيارة لي منذ أسبوع نجاح زراعة الموز باستخدام أسلوب الري بالتنقيط وليس الغمر.. كانت سعادتي وأنا أري التجهيزات لزراعة مساحات كبيرة من القمح بعد استجابة شركة جنوب الوادي للتنمية الزراعية توشكي وهي إحدي شركات القومية للتشييد وإحدي شركات وزارة الاستثمار لتوجهات د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار بضرورة تكثيف زراعة القمح والتوسع فيها وهو ما يتم الإعداد له الآن لبدء الزراعة الشتوية بالقمح..
شاهدت حركة البناء والتشييد وشق الترع وأدق تفاصيل بناء محطات الري المسندة إلي شركات استصلاح الأراضي والري وهي شركات لو لم تكن توشكي موجودة لأعلنت إفلاسها رسميًا ولربما وجدنا أنفسنا في مواجهة 26 ألف عامل خاصة في ظل إحجام الدولة عن منح أي مشروعات لتلك الشركات إلا بحذر خلال الزيارة شاهدت مشروع مجمع الفرز والتجفيف والتبريد وحظائر الحيوانات والأغنام والإبل..
المهم في توشكي أن هناك 3 آلاف عامل ومهندس يعملون في صمت وسط ظروف مناخية صعبة لكن إيمانهم بالمشروع وما يحققون من نتائج خففت عنهم.
في توشكي نجحت شركة جنوب الوادي في جذب مستثمرين لزراعة محاصيل تصديرية وهي هنا نجحت لإيمان كوادرها بما يحققونه برغم أن الحكومة فشلت في تسويق توشكي إعلاميًا، الأمر الذي انعكس علي حركة القطاع الخاص في الاستثمار هناك إلا أن إحدي شركات د. محمود محيي الدين نجحت فيما فشل فيه وزراء صدعوا رؤوسنا بالحديث عن جذب القطاع الخاص للاستثمار هناك أو في مناطق زراعية أخري.
مشروع توشكي في حاجة إلي تشجيع ومتابعة واهتمام وأن يخرج كمشروع من عملية أوراق أو طلقات الرصاص الموجهة من البعض ضد البعض أو استخدامها كأسلوب للنيل من بعض الأشخاص.. إن أي مشروع تنموي في أي بلاد العالم عندما يبدأ يحاول الجميع المساعدة كل في مكانه.. إلا عندنا في مصر ارتباط اسم الشخص مهما كان اسمه بالمشروع كافٍ لوقف مساندته!! وهذه مصيبة. المهاجمون لتوشكي هم أنفسهم الذين هاجموا السد العالي ووصفوه باتهامات شنيعة..
الواقع يقول أن كل الذين هاجموا السد العالي انكسرت أقلامهم وبقي السد العالي شامخًا مدافعًا عن حاجة مصر الكهربائية والإنمائية ومشاركًا فيها.. توشكي أيضًا مشروع تنموي مُهم وأعتقد أن نفس مصير الذين هاجموا السد سوف يواجه المهاجمين لتوشكي من غير المعقول أن ينفق المصريين 8 مليارات جنيه علي استيراد اللوز والجوز واللب والسوداني وأن يثرثروا في الهواتف ب52 مليار جنيه ثم نهاجم توشكي وهو مشروع يضمن للأجيال علي الأقل جزءًا كبيرًا من الغذاء لأن الحكومة أنفقت علي البنية التحتية من محطات رفع مياه عملاقة وطرق واستصلاح وبناء وتشييد 9 مليارات جنيه.. حاجة تضحك!