الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

زويل المصرى

زويل المصرى
زويل المصرى




على الشامى يكتب:

نشأت على ضفتى النيل، بهذا التعبير الرهيف يبدأ العالم المصرى أحمد زويل الكلمة التعريفية عن نفسه فى الموقع الرسمى لجائزة نوبل، والتى يحكى فيها الفائزون بتلك الجائزة العالمية الرفيعة عن رؤيتهم لمشوارهم العلمى الذى توج بنوبل، إلى جانب التعريف بطبيعة الإنجاز الذى تحقق على أيديهم، والمستحق للجائزة.
أما «زويل» فقد اختار أن يبدأ بذكر النيل، وكأنه يصف الحضارة نفسها، فى تماهى رهيف، بعدها يعرج على مدينته رشيد، ويتحدث عن الحجر الذى سمى باسمها، والذى نقل العالم من ظلمات الجهل بالحضارة المصرية القديمة إلى فضاءات المعرفة، يتحدث زويل عن حورس، ويتحدث عن الدسوقى القطب الصوفى الشهير، يتغزل فى مصر تغزل المحبين المخلصين، وبعد ذلك يبدأ حديثه عن العلم ورحلته من مصر إلى أمريكا، التى فتحت له الأبواب لأبحاثه المذهلة فى مجال الكيمياء.
«زويل» الذى كان يباهى دوما أنه مصري، لم يفقد أبدا اتصاله بهذا المجد، فقد علم منذ البداية أن الشجرة التى بلا جذور هى أهون ما تكون، وأن تألقه هناك لأنه ينتمى إلى هنا ولأنه ضارب بجذوره فى هذه الأرض.
عندما أقرأ أو أسمع لـ«زويل» أحس بالإشفاق، أولا على قطاع عريض ممن أصاب قلوبهم المرض، أما لتنشئة بليدة أو لنفس مريضة، فلا يتركون فرصة إلا وكلوا أسوأ العبارات فى حق الوطن، وظهر عدم انتمائهم له فى كلماتهم، بل والأخطر كراهية تجدها تقطر سما! لماذا؟ هل السبب هو ضيق العيش؟ كم من فقراء الجيوب أغنياء النفوس، هل السبب هو ضعف الانتماء لصالح جماعة ما أو ما شابه؟ ربما، لكن الله لم يبتلى مصر فى تاريخها بمثل ما ابتلاها هذه الأيام من أناس محسوبين عليها، يظهرون جنسيتها ويبطنون كراهيتها، ليس أقل من عامة فاسدة مفسدة نخبة أكثر فسادا.
أتألم جدا عندما يسيء نكرة إلى مصر، وأتألم أكثر أن يكون حاملا لجنسيتها دون حبها، أما النكرات من خارجها فقد اكلت الغيرة قلوبهم السوداء.
تعلموا من كلمات «زويل» التى نطق بها على قمة المجد، أن من لا جذور له يموت عطشا، أو يذهب أدراج الرياح، فالجذور الطيبة تنبت نباتا طيبا، وهل ثمة أطيب من مصرنا الحبيبة، المبتلاة بشعبها عامة، لا يعرفون قدرها، ونخبة يأكلون على كل الموائد.
أحبوا بلادكم واستنشقوا عبيرها، حتى لا يبدلكم الله بقوم غيركم يقدرون قيمة وطنهم العظيم، ثم لا يكونوا أمثالكم.
رحم الله «زويل» واسكنه فسيح جناته، واسكن حب بلادنا فى قلوبنا.