الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القمح وسنينه

القمح وسنينه
القمح وسنينه




إبراهيم رمضان يكتب:

فى أعقاب نشر المقال السابق بعنوان «القمح والإرجوت، وأمريكا»، تساءل البعض ممن قرأوا المقال عن المسئول الذى وبّخه يوسف والى - وزير الزراعة الأسبق- على تصريحه الخاص بإمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، وشكك البعض فى الرواية، بدون أن يجهدوا أنفسهم فى التواصل مع الوزير «والي» للتحقق من صحة ما كتبت، خاصة أن بعضهم على علاقة وثيقة به، ويزوره من وقت للآخر فى محل سكنه بمنطقة العجوزة.
أما إشكالية تحقيق الاكتفاء الذاتى المختلف عليها ما بين مؤيد لإمكانية ذلك ومعارض له، فهو أمر متعلق بالسياسة الزراعية للدولة أولا، وثانيا، نظرة بسيطة للأرقام الخاصة بوزارة الزراعة وجهاز التعبئة والإحصاء - الجهات الرسمية المعنية بالتدقيق والإعلان عن الأرقام - فإن متوسط المساحات المنزرعة بالمحصول يتراوح ما بين 3 و 3.5 مليون فدان - فى آخر 5 سنوات - يصل متوسط إنتاجيتها ما بين 8 و 8.5 مليون طن قمح محلي، تتسلم الدولة سنويا من هؤلاء الفلاحين حتى العام الماضى من 3 إلى 3.5 مليون طن، ويتبقَّى منها حوالى 5 ملايين طن، فأين تذهب هذه الأقماح؟  ولماذا لا تتسلمها الحكومة كاملة من الفلاحين؟
هذه هى الإشكالية الأساسية التى نجحت الدولة فى فك طلاسمها مؤخرا، وبدأت فى معالجتها، من خلال بناء صوامع معدنية حديثة سعة كل صومعة منها 60 ألف طن، وذلك لزيادة السعات التخزينية اللازمة لاستلام القمح المحلي، فإجمالى السعات التخزينية من شون - بنك التنمية والائتمان الزراعى والصوامع التابعة لوزارة التموين - لا تستوعب سوى هذه الكميات التى يتم استلامها.
فبحسب بيانات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، فقد تم الانتهاء من تدشين 25 صومعة تسع لتخزين 1.5 مليون طن قمح، ومن ثم سيصل إجمالى السعات التخزينية المتاحة شاملة -شون بنك التنمية والائتمان والصوامع التابعة للتموين والصوامع الجديدة- إلى حوالى 4.5 إلى 5 ملايين طن، وأعتقد أن هناك خطة تتبناها الدولة لزيادة هذه الصوامع لتصل لـ100 صومعة، تتسع لتخزين 6 ملايين طن قمح، بالإضافة للسعات التخزينية المتاحة، والتى يجرى تطويرها كشون بنك الائتمان الزراعى التى تصل لـ300 شونة.
كل هذه المعطيات والإجراءات مرتبطة ارتباطا وثيقا بعمليات استيراد القمح والمشاكل، التى تتعرض لها مصر من وقت لآخر، والتى كان آخرها مشكلة قرار وزير الزراعة الحالى الدكتور عصام فايد، والخاص بالسماح باستيراد أقماح مصابة بفطر «الإرجوت»، وهو القرار الذى لاقَى رفضا من خبراء أمراض القمح لخطورته على صحة الإنسان والثروة الزراعية.
فخطوات الدولة نحو زيادة بناء الصوامع، ستؤدى لزيادة الكميات المستلمة من الفلاحين بمقدار 2 مليون طن على الأقل، ومن ثم لن تستورد وزارة التموين هذه الكميات من الخارج بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى ضمان عدم ترك كميات كبيرة من القمح المحلى ذى الجودة العالية لدى الفلاحين، ليستفيد منها التجار، كما أن هذه الخطوات ستضمن استمرار الباحثين فى كليات الزراعة ومركز البحوث الزراعية، للسعى لاستنباط سلالات قمح، يمكنها مواجهة التغيّرات المناخية المتوقعة، وبمتوسط إنتاجية عالية لوحدة الفدان.
ربما يقول البعض إننا نستورد كميات تصل لـ10 ملايين طن، وهو بالفعل رقم كبير يضع مصر فى المركز الأول فى استيراد القمح عالميا، ولكن هذا الرقم مقسم كالتالى إجمالى ما تستورده هيئة السلع التموينية يتراوح ما بين 4 و 6 ملايين طن، ومن ثم فزيادة المستلم من الفلاحين سيقلل الكميات المستوردة لصالح هيئة السلع التموينية، أما باقى ما يتم استيراده من الأقماح، فهو لصالح القطاع الخاص،
إذن، فوَفقا لهذه الأرقام، فعملية تقليل واردتنا من القمح ليست مستحيلة، والوصول لحد الأمان وليس الاكتفاء ليس بالصعب، وتجنيب البلاد شراء أقماح تصنّف فى بعض الدول على أنها أعلاف محملة بكل الآفات والأمراض لنأكلها فى رغيف الخبز –المدعم- بالهناء والشفاء، فتتفشَّى الأمراض المعروف منها وغير المعروف، وليهنَأ المستوردون بأرباحهم المليونية، والمسئولين بمناصبهم -البهية- وليذهب الغلابة للجحيم.