الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مبادرة مصرية - سودانية جديدة لاحتواء الأزمةاستمرار الخلاف حول اتفاقية النيل لن يكون المحطة الأخيرة






 «لا يستطيع مسئول حكومى انكار أضرار أى منشأ على النيل الأزرق بإثيوبيا وانعكاسه على مصر».. بهذه الشفافية تحدث المهندس أحمد بهاء رئيس قطاع مياه النيل الجديد عن سد النهضة الإثيوبى، وكشف فى حواره معنا عقب استلام مهامهه بساعات أن العرض المصرى للدخول كشركاء فى تمويل بناء السد الإثيوبى لازال قائمًا ولن يتم إلا فى حال التوافق النهائى مع حكومة أديس أبابا على قواعد تشغيل السد لحفظ حقوقنا المائية وتخفيف أضراره علينا.
 
 
 
■ ما أولويات استراتيجيتك لتنظيم العمل بقطاع مياه النيل؟
 
- فى البداية هناك ايضاح لابد منه وهو أن قطاع مياه النيل دوره الأصلى يتلخص فى مشروعات التعاون الفنى مع دول حوض النيل، وجميع الدراسات الخاصة بأعالى النيل، وتقييم أى دراسات مخططة تقوم بتنفيذها أى من الدول. ثم ترفع هذه التقارير الفنية للجهات المعنية لاتخاذ التوجه السياسى المناسب بشأنها، ولست المسئول الأول عن التفاوض مع دول منابع النيل، وإنما المسئولية تشاركية، فالقطاع ليس الجهة الوحيدة المسئولة عن إدارة أزمة حوض النيل، ونشترك مع جهات عديدة فى إدارة الملف منها الخارجية والكهرباء وجهات سيادية أخرى والكل يعمل وله دور فى شكل تكاملى، وهناك تفاعل إيجابى بالفعل وإذا كانت الظروف السياسية بعد الثورة جعلت اهتمامات الدولة تتوجه لأشياء أخرى كأولويات وهو أمر خارج عن إرادتنا مثل تشكيل الحكومة ووضع الدستور، إلا أن ذلك لا يعنى أننا نغفل لحظة عن واجبنا.
 
واتمنى أن يكون للقطاع فى المرحلة المقبلة رؤية جديدة تعتمد على تفعيل تخصصات مثل اقتصاديات المياه، ووضع مخططات شاملة مع باقى أجهزة الدولة لاقامة كيانات اقتصادية مع هذه الدول بحيث لا تكون قضايا المياه هى الشىء الوحيد المشترك.
 
■ وهل تغيرت سياسة العمل من دول حوض النيل على مستوى القيادة السياسية بعد الثورة؟
 
- هناك اختلاف بالفعل مع خلال السنة المحمودة للرئيس بالتوجه الجديد للبوصلة الهرمية
المصرية نحو أفريقيا والتى كانت غائبة نحو 30 عاما ماضية، حيث كان التوجه ضعيفًا ويتمثل فى أدوار حكومية بعيدة عن القيادة السياسية، من خلال وزارة الرى المصرية ورغم أنها سباقة فى هذا الملف ولكن لم يكن تمثيلها يعوض ضرورة وجود تمثيل مناسب على مستوى القيادة السياسية، وكانت هناك مبادرات حكومية لوزارات الكهرباء والتعليم والصحة من خلال إنشاء مجمعات تعليمية ومدارس وجامعات فضلا عن خدمات طبية مصرية متعددة بمستشفيات دول حوض النيل، ولم تكن القيادة السياسية بهذه الدولة تعتبره معوضا عن غياب تواصل القادة.
 
ولعل من الواضح جدا فى الآونة الأخيرة نجاح الرئيس مرسى فى العمل على وضع نواة تحسين العلاقات مع دول منابع النيل والذى يأتى بناء على اشارات تشير إلى اعتدال الأمور والبوصلة، ولعل الزيارات التى يقوم بها الرئيس من وقت لآخر لحوض النيل فى إطار المناسبات المختلفة كانت بمثابة فرص التشاور مع قيادات هذا الدول فى قضية المياه وبما ساهم فى وجود بوادر ونوايا كثيرة للعمل على حل الخلاف، خاصة وأن هذه الدول بعد ثورة 25 يناير كانت تنتظر من مصر توجهات وأفكار مختلفة بحسب كلام المسئولين بحوض النيل تعمل على لم الشمل، والأسوار العالية المبنية بين مصر ودول المنابع خلال 30 عاما من حكم المخلوع يحتاج تحطيمها والقفز من فوقها مزيدًا من الوقت.
 
 

 
■ هل هناك تباين فى الموقف المصرى من بناء السدود النيلية؟
 
- مصر دائما لم ولن تكون ضد أى مشاريع تنموية بدول الحوض تعتمد على نهر النيل مادامت تنفذ طبقا للقواعد الفنية المتعارف عليها دوليا ولأغراض لا تعرض المصالح المائية المصرية لأية أخطار والأمثلة على هذا كثيرة «سد أوين بأوغندا - سد بوجاجالى بأوغندا - سد مروى بالسودان - مشروع نفق تانا بليس بإثيوبيا - تعلية خزان الروصيرص بالسودان وغير ذلك من مشروعات مياه الشرب التى يمولها البنك الدولى».
 
■ ولكن سد تيكيزى الإثيوبى يضر بحصة مصر من مياه النيل وتم مباركة بنائه وتشغيله قبل الثورة؟
 
- لم تخطر مصر رسميا بسد تيكيزى من قبل الحكومة الإثيوبية، والدراسات التى تم إجراؤها على السد بعد تشغيله تؤكد أنه حتى الآن السد لتوليد الكهرباء ويعمل بنظام جريان مياه النهر، وكنا قد قمنا بدراسات خاصة بالقطاع ووجدنا أن تأثير السد السلبى يتمثل فى وجود نسبة كبيرة من البخر فى المياه المخزنة أمامه إلا أنه لا يمنع سريان مياه الفيضان إلينا.
 
■ ما قيمة عمل اللجنة الثلاثية المشكلة من خبراء من مصر والسودان واثيوبيا وخبراء دوليين لتقييم آثار سد النهضة طالما أن السد يبنى بالفعل؟
 
- كلمة أن السد يبنى بالفعل بها شىء من المبالغة فكل ما يتم حاليا تجهيزات للموقع ولن أقلل من هذه النقطة السلبية، وبالنسبة لتشكيل اللجنة لكى أشعر بالشفافية والمصداقية نتمنى أن يتباطأ الجانب الأثيوبى فى عمليات الانشاء إلى أن تنتهى اللجنة وترفع تقريرها للجهات المعنية ونتفهم أنه مشروع قومى وإن كان الجانب الأثيوبى يحتاج لهذا الكم الهائل من الكهرباء والطاقة فهناك بدائل أخرى ليس بالضرورة اقامة سدود بهذه الضخامة ولكن نأمل أن تسير أثيوبيا بالتوازى مع أعمال اللجنة ولا تسبقها حتى لا يكون من الصعب التعامل مع أى منشأ وازالته، وهو ما ننادى به فى اجتماعات اللجنة، والتى تقرر انعقادها فى الأسبوع الأخير من نوفمبر.
 
■ ولماذا لم تنته اللجنة الوطنية المشكلة من خبراء مصريين لتقييم سد الألفية من تقريرها؟
 
- اللجنة الوطنية المشكلة لتقييم سد الألفية الاثيوبى لم تنته من تقريرها النهائى بعد لأن عملها مرتبط بالبيانات والمعلومات الفنية المتاحة من الجانب الاثيوبى عن منشأ السد، ولهذا لا زال عملها جاريًا أسوة باللجنة الثلاثية الدولية المشكلة من خبراء من الدول الثلاثة بالاضافة إلى 4 خبراء دوليين.
 
ومهمة اللجنة هو الدراسات المستفيضة لجميع الجوانب الفنية والبيئية المترتبة على انشاء السد والتى بها متخصصون فى جميع فروع الانشاءات والسدود وموارد المياه هيدرولوجيا المياه، وهى ذات دور مساند للخبراء الوطنيين الذين يمثلون مصر فى اللجنة الثلاثية خاصة وأن عددهم اثنان فقط وهو عدد غير كاف لدراسات جميع الجوانب الخاصة بالسد، وتعمل اللجنة الوطنية على تقديم تقارير الدعم الفنية المطلوبة للاعضاء الرسميين فى اللجنة الثلاثية والتى ينقلونها إلى الاجتماعات الرسمية على التوالى.
 
■ لكن التقارير الفنية الواردة من الشركة الإيطالية المنفذة للسد تؤكد أن هناك اضراراً من بنائه على حصة مصر؟
 
- أى سد يقام على النيل الأزرق بهذه المواصفات المعلنة لابد وأن يكون له تأثير علينا، وكمسئول حكومى لن أجمل الصورة ولن أقول أنه لا توجد مشكلة، ولا يوجد أحد يستطيع أن يجمل الصورة فأى منشأ يقام على النيل الأزرق سيكون له تأثير.
 
وإنما كم هذه التأثيرات ونسبته لابد وأن تحسب من خلال الدراسات الكاملة والمبنية على كل البيانات وهناك اجراءات يجب اتخاذها بعد التحقق منها عن طريق التشاور مع الدولة صاحبة السد على سنوات الملأ، ولابد من وجود اتفاق عليها وبحيث يبنى السد بقواعد تشغيل كما هو متبع مع السدود النيلية الأخرى مثل سد أوين بأوغندا وسد بوجاجالى والذى يعمل من خلال منحنى يماثل تصرفات بحيرة فيكتوريا، وبناء أيضا على قواعد تشغيل السدود السودانية مروى والروصيرص وخشم القربا وبحيث لا تؤثر هذه السدود على كميات المياه الواردة إلينا على مدار العام.
 
■ هل هناك بالفعل عرض مصرى للدخول كشركاء فى تمويل بناء السد والاستفادة منه؟
 
- لازالت فكرة الشراكة مع الجانب الاثيوبى موجودة من الجانب المصرى واعلن السودان استعداده للدخول كشريك أيضا، ولكن هذا لن يتم قبل الاتفاق النهائى حول انشاء السد وحجم التخزين وطريقة التشغيل والملء بحيث تكون هناك شراكة على قدر الفائدة من السد.
 
■ ماذا عن سير المفاوضات حول الخلافات القائمة بشأن الاتفاقية الجديدة بين دول منابع النيل وهل انشغلنا بالسد الجديد عنها؟
 
- لم ننشغل بالسد عن الاتفاقية والاهتمام بالملفين يسير بالتوازى وهناك اجتماع استثنائى للمجلس الوزارى سيتم تحديد موعده عقب اجتماعات الانترو لمناقشة التداعيات ومصر والسودان تعرضان نتيجة توقيع دول المنابع على الاتفاقية الاطارية غير المكتملة ونسير بالتوازى ولا يوجد اهمال على حساب آخر، ولا ننتظر موعد الاجتماع لتجهيز واعداد ما سيتم عرضه مع السودان.
 
■ وما تفاصيل المبادرة المصرية السودانية لحل أزمة اتفاقية منابع النيل؟
 
- تفاصيل المبادرة المصرية السودانية لا يمكن الإفصاح عنها فى الوقت الراهن ولكن هناك أيضا مبادرات من دول أخرى يتم دراساتها والاستماع إليها، والتعاون ليس خيارًا وإنما حتمية لحوض النيل من أبعاد سياسية وجغرافية وطبيعة الحوض تحتم علينا الاستفادة منه، ونعمل باستراتيجية لا توصد الباب حتى بعد الاجتماع الاستثنائى واستمرار الخلاف حول الاتفاقية لن يكون المحطة الأخيرة والتعاون الثنائى مهم جدا ليكون دائما باب الحوار مفتوحًا.
 
■ وبالنسبة للموقف المصرى من انضمام جنوب السودان لمبادرة حوض النيل كدولة مستقلة وهل سيكون فى صالحنا أم لا؟
 
- انضمام جنوب السودان للمبادرة قد يكون عنصرًا داعمًا للموقف المصرى السودانى فى حالة ما إذا قام الجنوب بدور ايجابى للتقريب بين وجهات النظر على النحو الذى يساعد على عودة النشاط الفنى لسيرته الأولى والذى تتمناه جنوب السودان لدعم احتياجاتها الفنية وفى نفس الوقت إعادة التفاوض على المسار السياسى القانونى فيما يخص الاتفاقية الإطارية.