الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ختام ممتع وجوائز محبطة!

ختام ممتع وجوائز محبطة!
ختام ممتع وجوائز محبطة!




الأصل فى أى مسابقة أو تنافس هو الحكم بناء على جودة المنتج الفنى المقدم بكل عناصره، وأصر المهرجان القومى للمسرح على الاحتفاظ بفكرة التسابق، كى يضمن معيار الجودة بالعروض المشاركة، ولكى تتنافس جهات الإنتاج طوال العام فى تقديم إنتاج مسرحى غزير، يحمل جودة فنية عالية، وانتهت الثلاثاء الماضى فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان، لكن انتهت معه طموح وآمال الكثير من شباب المسرحيين، فبعد تقديم40 عرضًا تابع لجهات متنوعة داخل وخارج التسابق، لم يعلم أحد على أى معيار وأساس فنى كان يتم التحكيم، وذلك  بغض النظر عن بعض الجوائز المستحقة.
لكن فى المقابل أصيب الحاضرون بإحباط شديد بعد الإنتهاء من إعلان الجوائز بالكامل، بسبب تجاهل جهد الكثير من المشاركين، وسحق آمالهم فى نيل التقدير، وبما أن الأعمال هذه الدورة كان يبدو على معظمها ضعف الإنتاج والمستوى الفني، إلا أن هذا لم يمنع من وجود عدد لا بأس به من العروض الجيدة، التى كانت تستحق الإشادة والتشجيع، ليس بمجرد منح شهادات تقدير، أو ذكرهم على سبيل الترشح للجائزة، ولكن بمنح جوائز كبرى لهؤلاء الشباب الذى لم يبخل أحدهم ببذل جهده وموهبته فى سبيل المسرح، وأخص بالذكر عرضى «االحضيض» للمؤلف ماكسيم جوركى وإخراج محمود جمال التابع لكيلة هندسة جامعة القاهرة.
وعرض «القاع» المأخوذ عن نفس النص وإخراج محمد حسن والتابع لكلية هندسة جامعة عين شمس، فبناء على أى تقييم أومعيار فنى تجاهلت لجنة التحكيم العرضين، ولم تمنحهما سوى جائزة إضاءة للقاع وملابس للحضيض، فى حين أن الاثنين من أهم وأفضل عروض الجامعات لهذا العام، وتفوق صانعوها على المحترفين، ليس هذا فحسب بل تجاهلت اللجنة أيضا جهد المخرج طارق الدويرى فى صنع سينوغرافيا مبتكرة ومختلفة بعرض «الزومبى والخطايا العشر» وحصل العرض على جوائز خارج سياق إبداعه الأساسى.
كما تجاهلت خيال وإبداع تصوير وتصميم الدعاية لكل من روبرت الأمير فى عرض «جميلة»، ومصطفى عوض فى «البصاصين» و«كاليجولا»، وتجاهلت عروض أخرى تماما، باستثناء نيل بعضهم شرف الترشح لجوائز اللجنة الموقرة مثل «زى الناس»، «ونهاية اللعبة»، «جميلة»، «هبط الملاك فى بابل»، فبدلا من أن تساهم اللجنة فى تحفيز هؤلاء المتميزين بهذه الدورة، قررت احباطهم جميعا بالردم على إبداعهم الفني، وكأنها أرادت أن تقول للأسف لم يلفت نظرنا كل ما صنعتموه من جهد وإبداع، ولم نر فيكم من يستحق التقدير!
وبدا واضحا فى الكثير من الجوائز أن هناك خللاً فى منطق الحكم على المشاركين، وحتى لحظة النهاية لم يستوعب أحد السبب الحقيقى وراء هذا الخلل غير المنطقى فى توزيع معظم الجوائز على من لا يستحق، وهو بالطبع ما يهدد الصناعة المسرحية الفترة المقبلة، لأنه ببساطة إذا كانت اللجنة لم تر فى كل من سبقوا أى تميز يذكر، سيلجأ هؤلاء بالتأكيد إلى الاستسهال العام المقبل إما بالعزوف عن المشاركة نهائيا أو قد يبخل الشباب بمنح المسرح مزيدا من الجهد والطاقة والعمل لأنه ببساطة لن يقدره أحد، بعد إهانة جهدهم على مرأى ومسمع من الجميع!
حصل عرض «القروش الثلاثة» للمخرج سعيد منسى لمنتخب جامعة طنطا جائزة أفضل مخرج وأفضل عرض، وحصل على أفضل مخرج صاعد محمد فؤاد عن «قواعد العشق الأربعون» لكلية الحقوق جامعة عين شمس، كما حصل «الرمادى» إخراج عبير والتابع لمركز الهناجر، على جائزة أفضل عرض ثان، وحصل «الإنسان الطيب» للمخرج سعيد سليمان على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، «مناصفة مع عرض «أنشودة غول لوزيتانيا» إخراج محمد المالكى لكلية الهندسة ببورسعيد، وجائزة أفضل دعاية حصل عليها عمرو حسنى عن عرض «الزومبى».
وعن نفس العرض حصل طارق الدويرى ونشوى محرم على جائزة أفضل دراماتورج، بينما حصل الشاعر أحمد عطا على جائزة أفضل أشعار عن « بير السقايا» لفرقة مطروح القومية، وحصل مناضل عنتر وشيرين حجازى على أفضل تصميم استعراضات مناصفة عن عرضى «البصاصين» إنتاج الأوبرا، و«ياسم» فرقة مستقلة، وفاز كاميللو بجائزة أفضل موسيقى عن عرض «الزومبى والخطايا العشر»، ووحصل باسل ممدوح على أفضل تصميم إضاءة عن «القاع» لكلية هندسة جامعة عين شمس، وحصلت أميرة صابر على جائزة  أفضل تصميم أزياء عن عرض «الحضيض» لكلية الهندسة جامعة القاهرة، وفاز أحمد حسنى بجائزة أفضل ديكور عن عرض «آنشودة غول لوزيتانيا» لهندسة بورسعيد، وفى جوائز التمثيل حصلت إيمان غنيم على جائزة أفضل ممثلة صاعدة عن «جميلة» إنتاج مسرح الغد، وفازت فاطمة حسن بجائزة أفضل ممثلة دور ثان عن عرض «القيد» لمركز شباب المعنى بقنا، وحصلت هاجر عفيفى على جائزة أفضل ممثلة دور أول عن عرض «الخروج عن النص» للمعهد العالى للفنون المسرحية.
وفى جوائز التمثيل رجال حصل على أفضل ممثل صاعد أحمد سعد والى عن عرض «دراما الشحاتين» لفرقة فيكتور المسرحية، وفاز أحمد ماجد ومحمد وائل بجائزة أفضل ممثل دور ثان مناصفة عن عرضى الخروج «عن النص»، و«القروش الثلاثة»، وحصل على جائزة أفضل ممثل دور أول أحمد عثمان عن عرض «الفنار» إنتاج مسرح الشباب، وفى التأليف المسرحى حصل أحمد نبيل وسامح عثمان على جائزة أفضل مؤلف صاعد، مناصفة عن عرضى «الخروج عن النص»، «ونساء شكسبير».
وفاز د. سامح مهران بجائزة أفضل نص مسرحى عن عرض « إن بوكس « لمسرح الغد ومنحت لجنة التحكيم شهادات التقدير التالية لكل من  نهلة مرسى عن ديكور « بير السقايا»، محمد صبرى عن ديكور» الحضيض»، هبة العطار عن دورها فى «نساء شكسبير»، شريف الدسوقى عن دوره فى «صاحب السمو»، غادة كمال عن موسيقى وغناء «القاع»، وريهام أبو بكر عن دورها فى «العشيقة»، ونجلاء يونس عن دورها فى «الإنسان الطيب»، هانى عبدالناصر عن موسيقى «الإنسان الطيب»، فؤاد يوسف عن دوره فى «الخروج عن النص»، إسلام على عن دوره فى « هبط الملاك فى بابل»، الأداء الجماعى لعرض «قضية ظل الحمار» لمسرح الشباب، عرض «ليل الغنا والدهب» قصر ثقافة الشلاتين عرض «دراما الشحاتين» فرقة فيكتور المسرحية، محمد مكى عن إخراج «حلم ليلة صيف»، محمد طايع عن إخراج « نساء شكسبير».
ومنحت اللجنة شهادت للتميز فى الأداء الحركى بعرض البصاصين لكل من رشا الوكيل، إيمان رزيق، عمرو صلاح، محمد عبدالعزيز. بعيدا عن أزمة توزيع الجوائز التى شهدها حفل  ختام هذه الدورة، لم يخل الحفل من بعض الإيجابيات، أولها كان عرض الختام «مين الجائزة» للمخرج باسم قناوى وتأليف باسم صادق، واستعراضات ضياء شفيق وأشعار مصطفى سليم وديكور محمد جابر وإضاءة عمرو عبد الله، وتعتبر هذه من أنجح تجارب الختام التى قدمت مؤخرا لعروض المهرجانات الفنية فى السنوات الأخيرة، حيث إعتمد فيه قناوى على فكرة بسيطة، نفذها بشكل ممتع، ولم يلجأ إلى البهرجة أو التكرار والتطويل، بل قام بعمل مزج بين المسرح الكلاسيكى والقطاع الخاص، بجانب إشارته فى العرض إلى أن الجمهور هو أساس العملية المسرحية، من ضمن الإيجابيات أيضا التوصيات التى خرج بها رئيس المهرجان ناصر عبد المنعم، وكان منها ضرورة منح مساحة أكبر للمؤلفين المصريين فى الأعمال المسرحية بعد إحصائية كبيرة، أكدت أن هناك اعتمادًا كبيرًا على النصوص العالمية، كما أوصى بضرورة زيادة نسبة مشاركة المخرجات التى لم تتجاوز هذا العام الأربع فقط، وهى نسبة ضئيلة للغاية، كما أشار إلى ضرورة أن تدرس وزارة الثقافة فكرة منح بعثات فنية للفائزين بالمهرجان بدول أوروبية حتى يستفيد هؤلاء الشباب من فكرة الإطلاع على ثقافات أخرى.
وكذلك جاءت توصيات لجنة التحكيم، وتعتبر من أفضل الأشياء التى خرجت بها اللجنة لهذه الدورة، كان من بين هذه التوصيات استغراب اللجنة من عدم مشاركة مسارح القومى والكوميدى والحديث من البيت الفنى للمسرح ضمن فعاليات المسابقة الرسمية وكأن هذه الجهات لا تمتلك إنتاجًا يذكر.
وأوصت اللجنة بضرورة إفراز مؤلفين مصريين للحركة المسرحية، وليس شرطا أن تعتمد النصوص المؤلفة على العرض بل من المهم أن يتم نشر هذه النصوص وخضوعها للتحكيم فى الدورات المقبلة، وأوصت أيضا بضرورة فتح باب جوائز الإستعراض لراقصى الباليه والفنون الشعبية، وأوصت بضرورة الاهتمام باللغة العربية الفصحى التى تعانى من تراجع شديد فى بعض العروض، وكذلك أوصت بضرورة فتح باب الجوائز فى مجال تصميم معارض فنية للتصوير الفوتوغرافى والديكور.
تمتع المهرجان هذا العام بحالة تنظيمية فريدة مقارنة بالأعوام السابقة وكان واضحا الجهد المبذول من رئيس المهرجان، واللجنة التنظيمية والتى ضمت عضوية كل من منى سليمان، وريهام أحمد، ومنى عابدين، وزينب محمد، أحمد فتحى، وكذلك لجنة الإعلام برئاسة المخرج عادل حسان سواء فى سرعة تداول الأخبار وسرعة التواصل بين إدارة الإعلام والإعلاميين المسئولين عن التغطية الصحفية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى أو عن طريق الهاتف، وكذلك جاءت نشرة المهرجان برئاسة الكاتب يسرى حسان، مختلفة تماما هذه الدورة عن الدورات السابقة، سواء فيما يخص جودة الطباعة وجودة التغطية النقدية والصحفية للعروض وفعاليات المهرجان بشكل عام.