الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تعاون قبطى ـ إسلامى فى إصدار «أهل الكتاب فى التشريع الإسلامى» للدكتور كريمة

تعاون قبطى ـ إسلامى فى إصدار «أهل الكتاب فى التشريع الإسلامى» للدكتور كريمة
تعاون قبطى ـ إسلامى فى إصدار «أهل الكتاب فى التشريع الإسلامى» للدكتور كريمة




كتب - عمر حسن


فى الوقت الذى يسعى فيه أعوان الشيطان، ودُعاة التطرف، لتأجيج ما يسمى بـ«الفتنة الطائفية» فى محافظتى المنيا وبنى سويف، مُتخذين من فتاوى المتشددين منهاجًا يسيرون عليه، خرج أستاذ الشريعة الإسلامية، والفقه المقارن، بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، بكتاب جديد، تحت عنوان «أهل الكتاب فى التشريع الإسلامى»، يوضح فيه حقوق المواطنة لأهل الكتاب، ووجوب احترام شرائعهم ومعتقداتهم ومعابدهم وكنائسهم.
الجدير بالذكر، أن من أنفق على ذلك الكتاب ليخرج إلى النور، هو المستشار نجيب جبرائيل ميخائيل، فى محاولة من الرجلين لوأد مساعى المتطرفين الحالمة بإشعال الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، من خلال ترويج أحاديث نبوية مغلوطة، واقتطاع آيات قرآنية فى غير سياقها، لإيهام أتباعهم المغلوبين على أمرهم بأن الإسلام أمر بالتنكيل بالنصارى وغير المسلمين.
وكما يقول د.أحمد كريمة فإن الكتاب محاولة جديدة لتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة، عن طريق توضيح مفهوم «أهل الكتاب» فى الإسلام، وما حقوقهم وواجباتهم، وكيف عاملهم الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأوصى بحسن المعاملة لهم بعد وفاته، فسار على نهجه الخلفاء الراشدين والتابعين، مُستدلًا على ذلك بآيات قرآنية صريحة، وأحاديث نبوية متواترة (قطعية الثبوت).
وفى البداية أوضح «كريمة» أن ما يشتمل عليه مفهوم أهل الكتاب فى التراث الموروث، وهم اليهود والنصارى بطوائفهم المختلفة، مشيرًا إلى أن هذه التسمية «أهل الكتاب»، جاءت لتمييزهم عن عباد غيرالله.. وقال: «بما أن الفكر الجهادى الحالى لا يعترف بمفهوم المواطنة، وسلطة الدولة والحكومات المدنية فى تسيير شئون الرعية المُنتسبين للديانات المختلفة، سواء مسلمين أو نصارى أو غير ذلك، ركّز الكاتب حديثه حول طريقة تعاطى الإسلام مع أهل الذمة قبل ظهور الأنظمة الحكومية، وترسيم حدود الدول.
وأكد أن قاعدة «لهم ما لهم وعليهم ما علينا»، هو  ما أقرّه الشرع بحق أهل الذمة، كما قال «عليّ بن أبى طالب –رضى الله عنه-: «إنما قبلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا»، فلهم حق الحماية من العدوان الخارجى، بل والموت فى سبيل هذه الغاية، ولهم حق الإقامة والتنقل، وعدم التعرض لهم فى عقيدتهم، ومن يعتدى عليهم ولو بكلمة سوء فقد ضيع ذمة الله، وذمة دين الإسلام، هذا ما نصّ عليه عقد الذمة.، موضحا  أنه مع وجود نظم معاصرة، منها «الجنسية» و«المواطنة» لم يعد هناك وجود لمصطلح «أهل الذمة»، مع ثبات الحقوق المقررة شرعًا لفريضة «العدل والإحسان وإيتاء ذى القربى».
استعرض بعد ذلك الكاتب ما جاء فى القرآن الكريم من آيات ثناء ومدح فى حق أهل الكتاب، حسب المفهوم سالف الذكر، والبالغ عددها 35 آية، فجاء لفظ «اليهود» ثمانى مرات، ولفظ «يهوديًا» مرة واحدة، وجاء لفظ «النصارى» 14 مرة، ولفظ «نصرانيًا» مرة واحدة، موضحُا أن المجاملة والمحاباة لا وجود لها فى النصوص الشرعية، ومن بين تلك الآيات: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين».
وبالمثل استعرض «كريمة» آيات الزجر والتأنيب، ليس لأهل الكتاب فقط، ولكن انطبقت على بعض الصحابة وسكان المدينة من المسلمين، مثل: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ»، لينتهى إلى أن آيات المدح جاءت للثناء على المسالمين والمنصفين من أهل الكتاب، بينما جاءت آيات الزجر للطعن على المحاربين والمعتدين.
وحول معاملات عملية لأهل الكتاب المسالمين قال الكتاب: «إن «الإحسان إلى أهل الكتاب»، أولى هذه المعاملات، حيث يقضى الإسلام بضرورة عدم إلغاء الغير، أو محو تراثه، أو طمس هويته، فقد ضمن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لنصارى نجران كنائسهم وصلبانهم، وكتبهم ورجال دينهم.
وذكر الكاتب أن من شواهد تكريم أهل الكتاب، فرح المسلمين بنصر الروم على الفرس، واعتزاز النبى بسيدنا المسيح، واحتفاله بنجاة سيدنا موسى، وكذا ثناء القرآن على أهل الكتاب.
ودعا «كريمة» فى كتابه إلى اتخاذ تدابير وقائية وزجرية للفتنة الطائفية، وأولها تقويم العمل الدعوى لدى المسلمين والمسيحين، فمن غير المعقول أن تكون روافد التعصب والمغالاة هى منهاج «الدعوة» أو «التبشير»، خاصة فى ظل وجود ضبابية لرؤية المؤسسات الدينية فى الدولة، التى سمحت بظهور «أشياخ» متسلفة وإخوان، كمرجعيات بديلة أو موازية للأزهر الشريف، والتى حرّمت تهنئة النصارى بأعيادهم، ومبادرتهم بالتحية، وما يقابلهم من ظهور أتباع «مدارس الأحد» فى المسيحية، الذين خرجوا عن جوهر الديانة، بإحياء مزاعم «أصل الوطن»، و»الغزاة العرب»، و«المساواة العددية للسكان ودور العبادة ومناصب الدولة».
قواسم مشتركة
وعن البحث  عن القواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية لدرأ الفتن يتناول المبحث الخامس من الكتاب  تلك القواسم، ومن بينها «الإيمان بشخص سيدنا المسيح»، فلا خلاف بين المسلمين والمسيحين على ذلك، وكذلك «الرفع الإلهى لسيدنا المسيح» عقب المؤامرة ضده، وأخيرًا عودة المسيح آخر الزمان، فكل هذه القواسم من شأنها تقليل الفجوة التى يحاول المتطرفون توسيعها قدر المستطاع، حتى يحل لهم العيث فى الأرض فسادًا.