الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الروائية ابتسام شاكوش: هربت من سوريا لمخيمات تركيا سيرا على الأقدام




رحلة قاسية قطعتها الروائية السورية ابتسام شاكوش من سوريا لمصر، هربا من القصف المدمر بسوريا الذى وصل إلى قريتها «الحفة» باللاذقية ... بدأت الاهتمام بالأدب انطلاقا من أجواء المدارس فى مدينة «حماه» حيث كان معظم المعلمين من الأدباء أو المهتمين بالأدب أمثال الشاعر عبد الوهاب والشيخ خليل والسيدة ذهنية اللجمى والسيدة حلمية منجد وآخرين كثر، بدأت بالمطالعة فى سن مبكرة بتشجيع من المدرسة، ثم توسعت لتشمل كل التيارات الفكرية والأدبية باجتهاد ذاتى منها، لتنتج فيما بعد ستة روايات وثمانى مجموعات قصصية، صنعت شاكوش لنفسها دورا حيويا مع اللاجئين السوريين نقترب منه أكثر فى هذا الحوار....
 

 
 
■ كيف تقدمين نفسك للقارئ المصري؟
 
- أديبة سورية...لاجئة فى مصر...هاربة من القصف والتدمير بسوريا...تحت شعار من وصل إلى مصر وصل إلى حضن أمه...
 
 ■ حدثينا عن رحلة خروجك من سوريا لمصر.
 
- فى البداية نزحت إلينا بقريتى «الحفّة» عائلات من القرى المجاورة، وبعد أن طال قريتنا القصف، نزحنا إلى جبل الأكراد تحت مطاردة قذائف الهاون، ثم من جبل الأكراد سيرا على الأقدام فى ظلام الليل عبر الغابات إلى تركيا، وهناك لم استقر بخيمة، بل تنقلت بين المخيمات والمستشفيات حيث يعالج الجرحى السوريون، وبين المنازل التى استأجرتها العائلات السورية هناك....بعد 3 أشهر فى تركيا جئت لاجئة لمصر.
 
 ■ كيف ترين الثورة السورية بعد ما يقرب من عامين؟
 
- هى ثورة شعب بكل أطيافه وقومياته وطوائفه،...لكن النظام يحاول أن يصورها طائفية وقام بتجييش الطائفة العلوية، رغم أن الكثير من العلويين غير مقتنعين بالأوهام التى يزينها لهم بشار، بأن بقاءه بالحكم هو بقاؤهم على قيد الحياة!... وهو خطأ كبير لأن العلويين موجودون منذ آلاف السنين من قبل بشار وسيظلون، لذا فكثير منهم مساند للثورة معنويا، والقليل منهم مشارك بالفعل بالثورة ... من أفضل من عبر عن هذه الحالة هى الشاعرة السورية مناة الخيّر حين قالت: إن من أكبر أخطاء النظام تحميله للطائفة العلوية أخطاءه!
 
فسوريا بلد كبير متعدد الطوائف والأديان والقوميات وكل هذه الفسيفساء متعايشة فى أمان وسلام تحت كل الظروف.
 
 ■ بعد سقوط نظام بشار من هو التيار القادم أو الطائفة المقبلة؟
 
- لدينا مجلس وطنى وجار تشكيل حكومة انتقالية، لكن ليس هناك طائفة قادمة بل حكومة مدنية، فالشعب يبحث عن الديمقراطية.
 
 ■ معنى ذلك أن تيار الإسلام السياسى ليست له يد طولى فى سوريا؟
 
- الصورة الواضحة أن 80% من الشعب مسلم سنى، فكلمة «الله أكبر» هى شعار حماسى وليس طائفيًا متطرفًا، فالشعب بالداخل مفتقد للأمان والملبس والمأكل، ولايمثل اى تيار دينى ولا سياسى.. بالنسبة لجماعة «الإخوان المسلمين» لا وجود لها بسوريا منذ 1980، حين أضيف للدستور فقرة 49 التى تنص على الحكم بالإعدام على كل من يثبت عليه انتماؤه للإخوان المسلمين، لذا بعضهم هرب لخارج سوريا، والبعض الآخر تم اعتقاله واعدامه، وظلت الملاحقة المخابراتية مستمرة لهم جميعا.
 
 ■ هل لديك معلومات موثقة عن حجم الشهداء والمفقودين بسوريا؟
 
- المعلومات الموثقة عن الشهداء تقول إنهم يفوقوا 35 ألف شهيد وآخذين فى الزيادة أما المفقودون فهم أكثر من 100ألف آخذة فى الزيادة..الدمار والخراب أصبح شاملا ولايمكن تأكيد نسبة.
 
 ■ كيف تقرأين موقف روسيا والصين من الثورة السورية والجولة الإقليمية التى بدأها وزير الخارجية الروسى لافروف لبحث الأزمة؟
 
- روسيا على مدار تاريخها لها مطامع بالشرق الأوسط، لها قاعدة عسكرية بسوريا، فمن الطبيعى أن تدافع عن مصلحتها ... فليس لدينا أى ثقة فى جولة لافروف التى بالتأكيد تهدف لحماية مصالح بلاده وليس إنهاء الأزمة السورية!
 
■ حدثينا عن بدايتك الأدبية وعلاقتك بالأديب السورى الراحل د.عبد السلام العجيلي؟
 
- بدأت الكتابة متأخرة فى عام 1994 .. كتبت أول قصة قصيرة وهى «إشراقة أمل» ولم تكن لدى فكرة وقتها عن النشر والكتابة!... فقريتى لايوجد بها كاتب واحد!... لكن أحد أصدقائى نصحنى بالمشاركة بمسابقة «البتّاني» المحلية وفوجئت بفوز قصتى بجائزة المسابقة!.. لكننى لم أحضر حفل توزيع الجوائز خوفا من الصحفيين لأننى ليس لدى رصيد أدبى أتحدث عنه!
 
بعد مرور أسبوع على الحفل كنت قد سافرت إلى الرقة لزيارة الدكتور عبد السلام العجيلى بعيادته بعد موافقته على طلبى فى التعلم منه والنصيحة، وبالفعل نصحنى ألا أبحث عن شهرة أو مال من خلال الكتابة وألا أستمع لكلام النقاد! ... فلو استطعت الاستمرار فى الكتابة فأنا كاتبة وإن لم استطع فعلى تركها فورا!... كان رجلا عظيما بحق وطبيبا ماهرا فحتى آخر لحظات حياته كان يعالج المرضى فى مقابل أجر زهيد جدا!
 
 ■ ما المثيرات الواقعية التى تثير مخيلتك الأدبية؟
 
- أكثر ما يثير مخيلتى الأدبية «ظلم الإنسان» .. كنت موظفة بدائرة السجل المدنى بنفس مبنى المحكمة التى رأيت فيها مشاهد عديدة للظلم، ومنها بدأت أولى رواياتى «الوجه المكسور» عن أيتام الطلاق .. إن أكثر ما يستفزنى هو ظلم المرأة للمرأة!... فالمرأة مقموعة فى حد ذاتها لكنها مع ذلك تظلم نفسها بالسكوت عن هذا الظلم بل وتعين الرجل على ظلم امرأة أخرى!! وهو ما يستفزنى كثيرا...
 
 ■ بعض النقاد يرى أننا نعيش «زمن الرواية» ورغم كتابتك للرواية تنحازين للقصة القصيرة .. لماذا؟
 
لست منحازة فأنا اكتب الاثنتين حسب طبيعة الفكرة، فالفكرة هى التى تفرض على قالبها الأدبي، لكن الرواية عموما تحتاج إلى جهد ونفس طويل بينما القصة القصيرة هى الأقرب والأسرع فى القراءة نظرا لأننا فى زمن لا أحد يقرأ فيه، لذلك فإن قراءة القصة المنشورة بصحيفة أسهل وأقرب للقارىء ... حاليا أفكر فى تحويل أعمالى إلى الشاشة سواء أفلامًا تسجيلية أو درامية لأن الثقافة الآن أصبحت بصرية أكثر.
 
 ■ هل تلجئين أحيانا لما يسمى بالنشر الإليكتروني؟
 
- بالتأكيد، لكن الورق قادر أكثر على توصيل الحالة بشكل أفضل، لأن القارئ الإليكترونى قارئ سطحى ويعتمد أسلوب Take away لا يبحث عن الثقافة بعكس القارئ الورقي.
 
 ■ رغم كثرة إنتاجك القصصى فإن رواياتك هى التى حصدت الجوائز لماذا؟
 
- هذا صحيح، لكن هناك جوائز منحت لى على بعض قصصى القصيرة منفردة وليس كمجموعة قصصية، لغياب المسابقات المجلية بسوريا المهتمة بالقصة القصيرة.
 
 ■ لماذا لا تسعين للمشاركة بالمسابقات الدولية للقصة القصيرة؟
 
- سوريا بلد مقموع، لذا فإن كتاباتى التى اشتهرت بها سواء رواية أو قصة قصيرة كنت أرسلها لدور نشر خارجية عبر البريد الإليكتروني، التى أعبر فيها عن الوضع المخابراتى بسوريا، أما ما كنت أنشره بسوريا فهى كتاباتى الرمزية الباهتة التى تحتمل عدة تأويلات، فلقد كتبت كثيرا عن الرشوة والمحسوبية وتسلط عناصر المخابرات على كل فئات الشعب ومحاولاتها لتسخيف رموز الوطن والقيم المقدسة.
 
 ■ ثرت فى كتاباتك على الواقع المعيش .. اليوم بعد الثورة على ماذا ستثور ابتسام شاكوش؟
 
- ما كتبناه قبل الثورة لم يعد نافعا الآن..لأنه كان انتقادا لحالة الموت السريرى التي تعيشها الشعوب العربية وأدت للثورة الآن، لكن اليوم أنا اكتب عن النماذج المشرقة من المرأة والطفل والرجل الذى قام بالثورة، فالرواية التى اكتبها الآن «قشرة البيضة» بطلها رجل كردى له مواقف وطنية مشرفة، أؤكد من خلال أحداثها على الوحدة الوطنية التى يريد النظام تفتيتها.
 
■ هل تؤمنين بالتصنيفات الأدبية مثل الأدب النسائى والكتابة الجديدة وغيرها؟
 
- الحقيقة لا أؤمن بهذه التصنيفات، لكن الأدب النسائى الذى توقف عنده النقاد حيث رأوا أن الكاتبة غارقة فى ذاتيتها وفى هموم المرأة وهى فى النهاية جزء من المجتمع، لا أراه مصطلحا مناسبا بل هو مناسب أكثر لما أطلقته عليه الكاتبة غادة السمان «أدب الأظافر الطويلة» وهو المهتم بالمرأة كأنثى وبزينتها وليس مشاكلها المجتمعية.
 
 ■ هل أنت متفائلة بمستقبل المرأة العربية بعد ثورات الربيع العربى؟
 
- نعم متفائلة جدا...فها أنا قد سافرت من سوريا لتركيا لمصر وحدي، أتواصل مع كل السوريين بمصر وأؤمن للاجئين المسكن والعمل كما أننى أتواصل مع الجرحى بتركيا، إضافة إلى أننى أعيش من أجر كتاباتي.
 
 ■ كيف هو حال اللاجئين السوريين بمصر؟
 
- النقطة الحساسة بالموضوع أن السوريين الذين لجأوا لمصر هم من الطبقة الثرية والتى أغلبها من مؤيدى نظام بشار، يطالبون بأن يعيشوا بنفس المستوى وهو ما لا يمكن تأمينه من تبرعات الجمعيات، لكن هناك جمعيات مصرية وجمعيات دولية أخرى تقوم بجهد عظيم مشكورة عليه.