الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

ودواعش الرياضة أيضا!‎

ودواعش الرياضة أيضا!‎
ودواعش الرياضة أيضا!‎




هشام فتحى يكتب:

ليس بمستغرب حجم السباب والشتائم المتبادل على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى (الفيسبوك) بين جمهورى الأهلى والزمالك، بعد مباراة الناديين فى نهائى كأس مصر. ليس بمستغرب أن مجتمعنا الرياضى، إعلامًا ومتابعين، وجماهير، قد طمر كل ماله علاقة بـ«الروح الرياضية» لحساب التعصب والكراهية والإقصاء للآخر - إلا من قلة مازالت تنادى بنبذ التعصب وإعلاء قيم الرياضة الحقة – وللأسف، يمكننى القول: إن مجتمعنا عموما، كان الممون الأعظم والممول لهذا السقوط من خلال ثقافة إقصائية (داعشية) ترفض الآخر وتقتله معنويا تمهيدا لقتله فيزيقيا.
ما الذى يجعل شبابا صغارا يجمعون كل بذاءات العالم ليلقونها فى وجه آخرين من مناصرى الفريق الآخر، لا لشيء إلا لأن هذا الفريق الآخر هزم فريقهم فى مباراة كرة قدم؟!
ليست القضية مرتبطة بفوز فى مباراة أو هزيمة، إنما هى مرتبطة بـ«ثقافة شعب» يرفض الآخر، يرفض لونه، ثقافته، كلماته، ديانته، زيّه الذى يرتديه، طريقة حياته ومعيشته. نعم هذه هى الحقيقة، من يكره الآخر مجتمعيًا يكرهه رياضيًا، أليست الرياضة وجه المجتمع ووليدته؟! ما الذى تفعله «داعش» غير الكراهية؟! لاشىء. اكره واقتل، تعصب وانبذ، كفّر (بتشديد الفاء) واقطع الرقاب.
أيها السادة: كفاكم طمرًا لجذور المشكلة، أنتم تعرفون الحقيقة لكنكم تكفرونها (تغطونها وتخفونها)، تعرفون العَرَض والمرض، لكنكم تنبذون العلاج والحل. لاحل إلا بـ«المشروع الثقافى التعليمى» مشروعًا وطنيًا تستثمر فيه «الدولة» كل إمكاناتها لإعادة بعث الطاقة والروح والإيجابية، بعث العلم والمعرفة و«قبول الآخر».
بحت الأصوات على مدى الأنظمة المتعاقبة مطالبة الحكومات بتبنى «الخلاص» ذلك المشروع الوطنى للتعليم والمعرفة والثقافة، ولا مجيب. تحدثنا من قبل وتحدثتم عن «تنقية المناهج التعليمية» من كل نصوص الكراهية والنبذ والإقصاء، فماذا فعلتم؟
يقينا إن شعبا متعلما راقى الفكر والثقافة لن يلجأ إلى نبذ «الآخر» فى مضمار الرياضة. ومن العجيب أننا نحرص شعبًا وحكومات على تشييد المساجد ورفع المآذن، لكننا - فى معظمنا - لم نلتفت لمكارم الأخلاق التى نسمعها ليل نهار داخل هذه المساجد! فأين الخلل إذن؟! الخلل يكمن فى جهلنا بـ«لغة الخطاب» التى يتبناها «المشايخ»، يحدثونك بلغة لا تجد لها صدى بمسامع الناس لجهلهم بالمصطلحات والمفاهيم، ناهيك عن تعبيرات صيغت بما لايفهمون، وهنا أطالب بتحديث حقيقى للغة الخطاب الدينى على مستوى المصطلح وعلى مستوى التعبير، فما المشكلة فى أن يتبنى الخطباء حديثا بـ «اللغة المصرية» بديلا عن العربية الصعبة، تحث الناس على «مكارم الاخلاق» باللغة التى يفهمونها؟!
إن اللغة هى وعاء الفكر، مجرد وعاء، فإذا كان الوعاء غير مناسب لمحتواه فلماذا لاتبدله؟ أليست «الحكمة» ضالة المؤمن؟
أما على الجانب الآخر، ما هو «دور الدولة» الثقافى لاحتواء هذه المشكلة؟ وبالتدقيق ماهو دور «وزارة الثقافة» فى رفع الوعى بين المواطنين؟ كم نسبة قصور الثقافة لعدد السكان فى مصر؟ ما هو عدد المكتبات العامة فى كل منطقة وحى فى مصر؟ ما طبيعة ما تقدمه هذه القصور والمكتبات على ندرتها؟
لقد كنا نتوسم فى الوزير المثقف «حلمى النمنم» تبنى هذا المشروع الإحيائى فما الذى حدث؟ هل توقف جهد الوزير على إصدار كتيب يثبت لنا فيه سعودية جزيرتى تيران وصنافير؟!
يقينا، لن يرتفع وعى هذا الشعب لـ«قبول الآخر» مجتمعيا ورياضيا إلا بتبنى المشروع الوطنى للتعليم والثقافة، ولن تجدى أى استثمارات فى مبان أو طرق أو قنوات أو فضائيات أو تسليحات مادام الشعب جاهلا.
أمة تقرأ أمة ترقى.