الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

زويل على قيد الحياة بعلمه

زويل على قيد الحياة بعلمه
زويل على قيد الحياة بعلمه




كمال عبدالنبى يكتب:
خسارة فادحة للعالم بفقده العالم المصرى أحمد زويل وكبيرة للمعرفة والعلم  أيضًا.  
ونأمل أن تتخذ أجيالنا القادمة من الشباب الراحل الكبير نموذجًا مشرفًا لهم فى الإصرار على التحدى.
لقد نجح زويل فى مسيرته العلمية والمهنية ووصل إلى أعلى الدرجات وحظى بالتقدير الدولى.
ولقد ساهم الفقيد فى تقديم الجديد فى علوم الكيمياء وهذه الإضافة خدمت لا شك البشرية جميعها من خلال تجاربه وعلمه الذى عكف عليه ليلًا ونهارًا.
هذا الرجل  سعى جاهدًا فى تحقيق حلمه كعالم ومخترع فى مجال الكيمياء وصولًا لـ«الفيمتو ثانية» التى كانت بمثابة طفرة علمية حقيقية على مستوى العالم نجح من خلالها فى رفع علم بلاده فى حفل ملكى ذى طابع خاص بمدينة «ستكهولم» السويدية بالحصول على جائزة «نوبل» فى مجال الكيمياء.
تقدم العالم المصرى بخطى ثابتة تجاه ملك السويد، حتى قام الأخير بمصافحته ليسلمه جائزة نوبل فى الكيمياء عام 1999، فى مشهد بديع تتنسمه مصر فى أملها وغدها فخرًا وعزة ومكانة تستحقها بلد الكنانة، وحينها نجح زويل فى إعادة الآمال فى الأذهان والقلوب، حتى قيل إنه وبعد آلاف السنين عاد حفيد الفراعنة ليغير مجرى العلم مرة أخرى باختراعه  الفذ الذى أتبعه العديد من الاكتشافات التى أفادت العالم جميعًا.
والجدير بالذكر أنه عمل أستاذًا للكيمياء والفيزياء فى معهد كاليفورنيا للتقنية، واخترع ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر فى زمن مقداره «فيمتو ثانية»، ومنها تمكن العلماء من رؤية الجزئيات أثناء التفاعلات الكيميائية.
وجاء  مجددًا بمشروع مدينة زويل للعلم والتكنولوجيا، والذى وكان بمثابة مبادرة لتطوير العلم والتعليم فى مصر.
وعلى الرغم من صراع عالمنا الجليل مع المرض فى السنوات الأخيرة ورغم انه كان حريصًا على التواجد دائماً فى اجتماعات مدينة زويل العملية كما ان المقر الجديد للمدينة لم يتم الانتهاء منه ولكن العمل يسير على قدم وساق لأن الدكتور أحمد زويل حرص أن يكون هناك نظام عمل مؤسسى وأن الأكاديمية ستقدم كل العون من العالم الجليل. لقد تحدث كثير من طلابه عنه وقالوا عن الجانب الإنسانى للدكتور الراحل يبرز ذلك الرجل بقيمة وقامة متفردين وأن تكرار تلك النماذج شىء ضئيل.
لقد حلم كثير من طلابه وغير طلابه العمل تحت يديه لأنه كان رائعًا وملهمًا فى آن واحد. علاوة على حرصه على خدمة العلماء المصريين فى الخارج بعلمه وتسهيل مهمتهم فى الخارج. فهذا العالم الكبير والذى شرف مصر فى جميع المحافل العلمية وحصل على جائزة نوبل، وكذلك حصل على حب المصريين جميعًا وهى أكبر جائزة ممكن أن يحصل عليها أى مصرى واستطاع أن يقدم للعالم أجمع نموذجًا محترمًا من نماذج النجاح والإبداع والانتماء لوطن يعتز به ويحبه ويشرف به وهذا هو النموذج الذى يجب أن يحتذى به شباب هذا الوطن العظيم» .
ولا يعرف إلا القليل أنه لا ينام، فى غربته فى الولايات المتحدة، إلا على أصوات عمالقة الفن المصرى، وكان دائمًا يقول: هذا هو الفن الراقى، وأغانى زمان، هو ما يشعره، دوما، بأنه فى اتصال مباشر مع الوطن.
  وكان يحب أن يسمع عازف العود، يعزف الأغانى المصرية القديمة، فيختار معه الأغانى، ويقضى ليلته مستمتعاً بها. وفى مرات كثيرة أثناء وجوده فى مصر، كان يتابع مواعيد احتفالات الموسيقى العربية، فإن لم يجد عرضاً فى القاهرة، كان يسافر لحضور العروض بأوبرا الاسكندرية. وكان أحد أهم أسباب نجاحات الصالون الثقافى لدار الأوبرا المصرية والذى كان يحضره ما يزيد على ستة آلاف، معظمهم من الشباب، حضروا ليشاهدوا، ويستمعوا إلى القدوة، والمثل الأعلى، ومصدر الفخر.. الدكتور أحمد زويل. لما كان المسرح الكبير لا يسع أكثر من 1500 ضيف فقط، فلقد تم تركيب شاشات عرض كبيرة فى كل من المسرح الصغير، والمكشوف، وحدائق الأوبرا، لتستوعب هذا العدد العديد من الحضور، الذى لم يتكرر فى تاريخ الأوبرا المصرية، وبالطبع تم تسجيل تلك اللقاءات والتى تمت إذاعتها على شاشات التليفزيون.
لم يقتصر وجود الدكتور أحمد زويل فى دار الأوبرا، كضيف لصالوناتها الثقافية، وإنما حل عليها ضيفاً بارزًا، فى الكثير من حفلاتها وعروضها، وكان يرفض التوجه إلى الصالون أثناء الاستراحة، أو حتى بعد نهاية العرض، مفضلًا البقاء مع الجمهور، أمام المسرح الكبير، ليتحاور معهم ويتجاذب أطراف الحديث، وكان دائم الحرص على تشجيع الشباب للتواصل معه عبر بريده الالكترونى. فكنا، دائماً، ما نجد صعوبة فى بدء العرض مرة أخرى بعد الاستراحة، فالجميع مستمتع بحديثه الشائق، وأسلوبه اللبق، وعقليته الفذة.
وموهبته الربانية.
ولما قامت ثورة  25 يناير، ونظرا لانقطاع الاتصالات عن القاهرة، أصدر بياناً إلى شعب مصر، يطلب منه أن يتحد، ويتكاتف، ويحافظ على سلمية ثورته، وهو ما تم بالفعل، وأرسل البيان إلى وسائل الإعلام المصرية، وحقق الهدف منه، لما للدكتور أحمد زويل من شعبية، واحترام فى المجتمع المصري، بجميع أطيافه.
على أية حال، أعتقد أنه حصل على جائزة أخرى، لا تقل فى أهميتها عن جائزة نوبل العالمية، وهى حب شعب مصر، وحب جميع الشعوب العربية، وفخرهم واعتزازهم به، خاصة الشباب منهم، الذين رأوا فيه القدوة الحسنة، والمثل الأعلى، وهو أكبر مكسب لزويل ، وللشعب المصري.
وان تقرر الهيئة القومية للبريد إصدار طابع بريد تذكارى تخليدًا لذكرى وفاة العالم الراحل الدكتور أحمد زويل. فهذا قليل.