الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

إسرائيل تكثف نشاط وحدات «الموساد» و«الحرب الإلكترونية» علي الحدود المصرية (12)






روزاليوسف اليومية : 02 - 06 - 2011

«في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقا قائلا: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلي النهر الكبير نهر الفرات».. هكذا قالت التوراة وكذلك كتبوا في صدر مستندات وزارة الدفاع الإسرائيلية التي تكشف «روزاليوسف» عنها اليوم فعندما يتحدثون عن الحدود تكون آية سفر التكوين أول أسفار التوراة هي الحكم لديهم، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي «مناحم بيجن» قد خالفها عندما وقع معاهدة السلام مع الرئيس الراحل أنور السادات في عام 1979 حيث ذهب إليه حاخام كبير وألقي عليه ما نسيه من التوراة فدخل «بيجن» في حالة اكتئاب وظل يعاقب نفسه علي التفريط في حدود الرب، وفي 28 أغسطس 1983 انسحب من الحياة السياسية بعد أن وقف علي المنصة في جلسة علنية للكنيست الإسرائيلي ليلقي كلمة حيث نظر إلي نفس «الحاخام» نظرة طويلة ثم قال: «لا يمكنني الاستمرار» ليتواري بعدها عن الناس ويدخل مصحة نفسية.
الحدود كلمة مهمة فسرتها إسرائيل علي عملتها المعدنية الرسمية الحديثة فئة العشرة أجورات، فعلي جانب منها تجد خريطة إسرائيل كما يرونها من النيل للفرات، وهي ذات الحدود التي نتناولها اليوم من واقع مستندات رسمية تم تسريبها من وزارة الدفاع الإسرائيلية تثبت أن إسرائيل بدأت خطة منذ عام 2005 لتغيير الوضع بين القوي علي الأرض مستغلة حالة الرئيس المخلوع مبارك الميئوس منه من شعبه.
المستندات تفجر حقيقة جديدة لم تظهر من قبل حيث تكشف أنهم كانوا علي علم في 2005 بأن حدثاً جللاً وربما ثورة ستحدث في مصر لتطرد نظام «المخلوع» الذي لا يفهم التطورات من حوله، كما تكشف أنهم حددوا الرئيس في شخصين إما «مبارك» أو «ابنه جمال» أي أن المخابرات الإسرائيلية كانت تعلم أن مصر ستنفجر بغض النظر عن موعد انفجارها إما في عهد المخلوع أو نجله ما دفعهم للبدء في تحريك القوات علي الأرض لتصبح علي بعد كيلو مترات قليلة من حدودها مع مصر.
في الوثيقة الأولي نجد القرار السري رقم 4415 الصادر في يوم 20 نوفمبر 2005 الذي يقول في السطر الأول منه: بناء علي قرار الحكومة في اطار خطة قومية استراتيجية تحت مسمي تطوير صحراء النقب ستبدأ إسرائيل خطة استراتيجية لتحريك قواتها تجاه الحدود المصرية تستغرق 9 سنوات تبدأ في يناير 2006 وتنتهي في يناير 2015 وفيها تنتقل كل الوحدات العسكرية الإسرائيلية من داخل المدن لتكون مرابطة علي الحدود مع مصر بالقرب من طابا ونقطة المعبر المصري في رفح.
وتتضمن المستندات أيضا باقي الخطة قائلة: علي أن يكون التركيز علي نقل كل الوحدات التكنولوجية لفرع العمليات التابع للمخابرات الحربية الإسرائيلية «أمان» ونقل الوحدات التابعة لسلاح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمنطقة «بئر السبع» وما حولها.
أما المستند الثاني فيكشف أنهم في سبتمبر 2010 رفعوا حالة التأهب القصوي في الجيش الاسرائيلي تحسبا لاحداث جسيمة ستقع في مصر وعلي ما يبدو أن تلك كانت اللحظة التي تيقنت فيها المخابرات الإسرائيلية بأن قصة «مبارك» علي وشك الانتهاء.
ثم نجد المستند رقم 3976 الصادر بتاريخ 24 أغسطس 2008 وفيه قرار الحكومة الاسرائيلية بوضع خطة استراتيجية ضد «العدو المصري» وفيها تعديلات زمنية علي تنفيذ الخطة فتنقل كل وحدات المخابرات الحربية الإسرائيلية لصحراء النقب لداخل منطقة سيطلق عليها مدينة المخابرات الإسرائيلية ينتهي العمل بها وتتركز بها جميع أجهزة المخابرات الإسرائيلية في 31 ديسمبر 2015 بينما ستنقل كل الاسلحة التكنولوجية لمنطقة: «ليكيت عومر» العسكرية لتتجمع وتستقر هناك مع صباح يوم 31 ديسمبر 2017 وطبقا للمستندات فإن إسرائيل ستحرك مع تلك الوحدات 10 آلاف جندي وضابط إسرائيلي علي أن يكون تشكيلهم بموجب 32% من الضباط العاملين و64% من الاحتياط من بين العلماء وأصحاب القدرات والخبرات الخاصة وأن تلك الخطة قد وضع لها ميزانية تصل إلي 14.7 مليار شيكل إسرائيلي أي ما يعادل بسعر صرف عام 2009 نحو 7.8 مليار دولار.
وبالتحليل المبسط للاحداث نكشف سر مبلغ ال20 مليار دولار الذي طلبته إسرائيل من أمريكا مقابل «الصمت» عما يدور في مصر أيام الثورة، فهي تكاليف تقدم وحدات النخبة الإسرائيلية للحدود المصرية.
وفي نفس المستند نجدهم قد أتموا الدراسة المالية واللوجستية لنقل وحدات الجيش الإسرائيلي حيث استغرقت عاما كاملا حددوه في المستند في يونيو 2009 إلي يونيو 2010 بالإضافة إلي تقرير سري كتبه اللواء «دان هارائيل» نائب رئيس الأركان الإسرائيلي عام 2005 قال فيه: «إن مشروع نقل الوحدات الإسرائيلية والمخابرات الإسرائيلية للنقب يعد الأكبر في تاريخ دولة إسرائيل وهو الحل الوحيد لمواجهة العدو المصري الذي يهددنا في تلك المنطقة».
أما المستند رقم «إيه 61» فيكشف مفاجأة أخري حيث لم تكن تشتمل فقط علي نقل كل أجهزة المخابرات وأسلحة الحرب الإلكترونية ممثلة في سلاح تكنولوجيا المعلومات بالقرب من الحدود المصرية بل إن هناك خططاً أخري نجد منها ما تم بالفعل ويكشفه القرار رقم 2698 الصادر بتاريخ 6 نوفمبر 2002 وفيه نجدهم قاموا بخطة سرية حركوا فيها قواعد طيران إسرائيلية وما يسمي بقطاع حرب الفضاء من منطقة «اللد» إلي منطقة «ناباطيم» القريبة من الحدود المصرية.
ويشير المستند إلي أن تلك المعلومة كشفت في تقرير الحكومة الرسمي «58 بي» في صفحته رقم 1425 الصادر بتاريخ 2008 وأن تمام الانتقال والتشغيل الكامل كان في ديسمبر 2009.
ونعود للخطة الحالية فنجد المخابرات الحربية الإسرائيلية قد وضعت دراسات حديثة أشارت لضرورة نقل أجهزة المخابرات الإسرائيلية مدعومة بأجهزة وأسلحة الحرب الإلكترونية للحدود المصرية حتي تكون لإسرائيل اليد العليا في استخدام وسائل التجسس التكنولوجي الحديثة علي مصر وتكون مستعدة لتحديات المستقبل.
وتوضح المستندات أن ما يسمي بسلاح حرب الفضاء ما هو إلا قيادة الأقمار الصناعية العسكرية لإسرائيل التي تضمنها الخطة حيث تؤكد أن تواجد تلك الوحدات المتطورة علي الحدود مع مصر يكشف علي الأرض أي تحركات بل والكشف أيضا عن حركة حفر الأنفاق الحدودية.
وحددت إسرائيل موعدًا نهائيا لإكمال نقل الوحدات في ديسمبر 2017 في حالة قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتمويل الخطة بشكل مباشر وهو ما تم حاليا بالفعل أو يكون تمام النقل في ديسمبر 2019 في حالة اشتراك القطاع الخاص في إسرائيل في مشروعات البناء بالمشاركة التمويلية وهو ما أصبح غير وارد الآن.
ويكشف المستند السري أن «إيال جباي» مدير عام مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد أعلن لمراقب الدولة في مايو 2010 أن رئيس الوزراء قرر تسريع نقل وحدات المخابرات الإسرائيلية ووحدات سلاح الحرب الإلكترونية وسلاح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسلاح حرب الفضاء المتحكم في أقمار التجسس الإسرائيلية الحربية بناء علي قرار رسمي صدر في جلسة حكومية مغلقة عقدت في أكتوبر 2009 وأن القرار الفعلي قد كان في يوليو 2010 وأن أول جلسة تنفيذية قد كانت في أغسطس 2010 وأن أجهزة المخابرات الإسرائيلية مجتمعة قد بدأت الانتقال الفعلي منذ سبتمبر 2010 بعد أن وفرت وزارة المالية الإسرائيلية التمويل الأولي في أغسطس 2010.
الغريب أنه في كل صفحة من المستندات التي من المفترض سريتها يؤكدون أن حالة مبارك «المذرية» في الحكم كانت تساعدهم استراتيجيا فلا تجد فقرة تخلو من أنهم يجب أن يستغلوا الوضع المساعد لإسرائيل في مصر فتجدهم يصفون حكم مبارك بعدد من المصطلحات منها: «الوضع المستقر - الحليف الهادئ - الحليف المساعد - الحدود الصامتة- السياسة الموالية للدفاع الإسرائيلي» وكلها تجعلنا نشعر بأهمية ما قام به ثوار ميدان التحرير.