الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رؤية دينية فى إعصار ساندى






 
 
 
تعددت الآراء والتحليلات إزاء إعصار ساندى على الولايات المتحدة الأمريكية، فمن الناس من ذهب إلى أنه عقاب من السماء جراء جرائم النظام الأمريكى فى العراق وأفغانستان والصومال وفلسطين وسوريا وغيرها، فإذا سئل هؤلاء وما ذنب الشعب الأمريكى؟ قالوا: لأنهم سكتوا على ظلم حكامهم ولم يقفوا فى وجه قادتهم حين ظلموا غيرهم، فمادام الظلم يقع على غيرهم فالأمر لا يعنيهم، المهم حقوقهم بالداخل لاتتأثر، وحياتهم المعيشية لا تتغير، وحرياتهم لا يقترب منها أحد، والضرائب لاترتفع.
 
 
ومنهم من قال: إنها لغة السماء التى يجب أن يفهمها الأمريكيون ،ويعلموا أن الله الذى أحياهم قادر على أن يميتهم، وأن قدرته يجب أن تقف أمامها حساباتهم المادية،  حين يذهب بهم غرورهم إلى حد التفكير فى تدمير أى قوة مناوئة لهم باستحداث حرب غير تقليدية من خلال إحداث مايشبه الزلازل التى تضرب شواطئ ومحيط تلك الدول فتدمرها دون خسائر بشرية فى صفوفهم، وما حدث درس إلهى لا ينبغى لساسة أمريكا أن يغفلوه أو يتغافلوا عنه، وأن يعلموا عمليا أن قوتهم المادية - مها بلغت - لا يمكن أن تضارع قوة السماء، وإن فاقت قوتهم المادية قوة غيرهم من البشر، وأن الله سبحانه قادر على أن يأتيهم من حيث لم يحتسبوا.
 
 
ومنهم من قال : إنه الكأس الذى أذاقوه لغيرهم والذى شرب منه كثير من الناس فى العالم كأس الخوف والفزع والهلع والتشريد والتدمير ألا فليذوقوا منه لعلهم يرجعون، فإذا عجزت قوى الأرض عن إيذائهم فإن قوى السماء تغار للمستضعفين فى الأرض وهى كفيلة بإعادة الأمور لنصابها.
 
 
وسأل بعضهم إن من بين الأمريكيين مسلمين  يسبحون الله ويحمدونه، وقد يهلكون فى هذه الأعاصير، وكان الجواب : إن هؤلاء يبعثون على نياتهم والله سبحانه أعلم بهم، وهو أحكم الحاكمين، فحين أرسل عليهم هذا الطوفان فى هذا التوقيت فهو أعلم، وعدله سبحانه وحكمته ينفيان عن هذا البلاء صفة العبث، وإيماننا بعلمه سبحانه يمضى بنا يقينا أن ما كان لم يكن أمرا لايريده سبحانه بل كان أمرا مقضيا، وكان أمرا مفعولا (وما كان ربك نسيا) مريم.
 
 
وقد يكون الأمر فى تحليل ما حدث كل ذلك وأبعد من ذلك، ولكل قول حقيقة ووجاهة، وإن كنا – نحن المسلمين – لا نشمت بأحد من الشعب الأمريكى بعمومه، بل نتمنى أن يرفع الله سبحانه البلاء عنهم علهم يعودوا إلى ربهم، ويخرج منهم ومن أصلابهم من يعبد الله ولايشرك به أحدا، وإن كان هذا – أيضا -  لايمنعنا شرعا من الدعاء على الساسة الظالمين الأمريكيين وغير الأمريكيين، ونتمنى زوال سلطانهم، الذين لايقيمون حرمة لحق الحياة حين يعتدون على الآمنين، ويغيرون على الضعفاء، ويقفون مساندين للمعتدى ضد ضحاياه، ويسيرون جحافل الجند لإبادة شعوب آمنة ونشر الرعب فى بقاع مطمئنة.
 
 
إننى أفرق جيدا بين الظالم وغير الظالم،، وأساس العلاقة بين المسلم وغير المسلم، ومنطق القرآن فى المعاملة مع المعتدى والمسالم  (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿٨﴾ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٩﴾) الممتحنة.