الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حاخام إسرائيل أصدر فتوى شرعية تدعو "الموساد" للوقوف بجانب "المخلوع"






 روزاليوسف اليومية : 03 - 06 - 2011
 
صدمة حقيقية.. تصاب بها للوهلة الأولي عندما تقرأ الوثيقة التي ننفرد بنشرها اليوم في «روزاليوسف».. ذلك الخطاب الذي طالب فيه «عوفاديا يوسف» الحاخام الإسرائيلي الأول الموساد بالوقوف بجانب الرئيس المخلوع حسني مبارك بعد أن أصدر أول فتوي رسمية تدعو للوقوف بجانب مصري كسابقة دينية تاريخية لم تحدث من قبل في تاريخ اليهود.
الخطاب الذي وصل إلي أيدينا قبل أن تفسر (صحيفة اليونايتد برس) الأمريكية في خبرها المميز صباح الثلاثاء الماضي الموافق 31 مايو ما نشرته حول تعامل الرئيس المخلوع حسني مبارك مع الموساد الإسرائيلي بعلاقات وثيقة منذ عام 1979 وأنه لعب دور الوسيط السري بين الموساد الإسرائيلي وبقية الدول العربية، وربما من هنا يمكن لنا أن نفهم ونعود بالذاكرة لنعرف السبب الذي جعل العديد من رؤساء وملوك الدول العربية يتعاملون بحذر معه في بعض الأحيان وبتحفظ في أحيان أخري كثيرة.
في نص المستند الذي ننفرد بنشره كأول صحيفة بالعالم وجدنا «الفتوي» وعليه من أعلي الصفحة شعار مكتب الحاخام الأول لإسرائيل ونصه كالآتي:
عوفاديا يوسف حاخام إسرائيل الأول ورئيس مجلس حكماء التوراة اليهودية
القدس في 1 مايو 2011
لحضرة السيد/ رئيس الموساد الإسرائيلي تامير باردو
بعد التحية
الموضوع: الرئيس المصري "حسني مبارك"
أنني أعلن بإيمان لا يتزعزع بين أسباط اليهود أنه طبقا للمعروف لي وطبقا للشريعة اليهودية لشعب إسرائيل بخصوص كيفية القيام بواجبنا لرد الجميل لصديق الشعب اليهودي ودولة إسرائيل المخلص "حسني مبارك"، فأنه يجب علينا جميعا عمل كل ما بوسعنا للوقوف بجانبه في خلال آخر أيامه.
وفي هذه المناسبة أرسل إليكم في الموساد ببركاتي علي قيامكم بتخليد اسمه بالصورة اللائقة وعلي مساهمتكم في الحفاظ علي اسمه في إسرائيل حتي لا ينسي.
مع تحياتي "عوفاديا يوسف"
خاتم حاخام إسرائيل الأول ومفتي اليهود بالعالم ورئيس مجلس حكماء اليهود.
الصدمة الحقيقية أن الحاخام أصدر لأول مرة فتوي شرعية يهودية لرئيس مصري خاصة إن عدنا للتاريخ نجد أن هذا الرجل يكن لمصر وللقاهرة تحديدا بذكريات كثيرة ربما لم ينسها بعد فالحاخام عمل بالقاهرة بداية من عام 1947 عندما طلب منه معلمه والحاخام الأول لليهود وقتها "بن تسيتن مائير حاي عوزئيل" أن يترك بغداد ويسافر لمصر ليكون قاضي القاهرة الشرعي للطائفة اليهودية التي كانت موجودة في مصر ومن هنا عاش بالقاهرة وخالط أهلها وعقد المئات من عقود الزواج ليهود مصريين كما قام بعمل جنازات مشاهير يهود مصر من كل الطبقات وكانت آراؤه الشرعية تسبب له العديد من المشاكل مع اليهود المصريين وحاخاماتهم قبل أن تسبب مشاكل أخري مع السلطات المصرية مما جعله يستقيل من منصبه في عام 1949 ليتفرغ للوعظ الديني ليهود مصر حتي عام 1950 وبعدها ترك القاهرة ليسافر للقدس وهو كذلك من نصح اليهود بإطاعة دولة إسرائيل الوليدة وكان الواعظ الديني لمجموعات النشطاء اليهود الذين نفذوا عملية لافون الشهيرة في مصر بعدها بأعوام عندما زرع فيهم في سن مبكرة واجب الدفاع عن دولة إسرائيل ووطن اليهود من وجهة النظر الشرعية.
وخلال تلك الفترة تعرف الحاخام علي «مبارك» بالقاهرة أثناء فترة وجوده في مصر حيث كان يستهوي الأخير قصص اليهود وكان يتقرب منهم بمعبدي عدلي والظاهر ليتعرف علي طرق تفكيرهم حيث كان يستمع للقصص الدينية والأسطورية لليهود من «عوفاديا» نفسه وهو ما حكي عنه الحاخام عدداً من المرات عندما كان يسأل عن ذكرياته في مصر ، وربما كان ذلك هو السبب الرئيسي والمباشر الذي جعل من «مبارك» وسيطا سريا للسادات تفاوض مع الحاخام الأول سرا بعد حرب أكتوبر وحتي عام 1976 عندما كانت إسرائيل تتفاوض مع مصر علي استرداد رفات الجنود الذين سقطوا في مصر أثناء المعارك الحربية وتم دفنهم بمقابر غير يهودية بالجبهة وبمدن مصرية علي القناة وفي الدلتا وخاصة رفات جنود وضباط إسرائيل من العمليات الخاصة وسلاح الطيران الإسرائيلي.
في هذا الوقت كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات يسعي بكل طاقاته لاسترداد كل ما هو لمصر من مطالب وحقوق مشروعة وكانت إسرائيل تسعي لاسترداد جثامين من سقط من جنودها بالمعارك لتدفنهم طبقا للشريعة اليهودية في إسرائيل علي أساس أن اليهود يوم القيامة سيعرفون طريق الجنة من داخل حدود إسرائيل أما من دفن خارجها فسيضل الطريق طبقا للشريعة اليهودية.
ومن المؤكد أنه منذ هذا التاريخ لم يتصل «مبارك» فقط بالحاخام الأول لإسرائيل بل أنه تعامل مع كل الوفود العسكرية التي كانت تصاحب عوفاديا وتأتي مؤتمره بأمره وتضم معظمها ضباط المخابرات الإسرائيلية خاصة الحربية منها.
وهذه العلاقة ظهرت بجلاء في عدد صحيفة هاآرتس الصادر 16 سبتمبر 2011 عندما أرسل مبارك رسالة شخصية للحاخام الإسرائيلي كانت ردا علي رسالة سرية من «عوفاديا» سأله فيها عن صحته عقب العملية التي أجراها في ألمانيا وكانت الرسالة قد نقلت من الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريز للسلطات المصرية وكان «عوفاديا» قد بدأها علي حد تعبير الصحيفة بجملة: «صديقنا العزيز والغالي حسني مبارك نتمني لك طيلة العمر والصحة».
كما كشفت صحيفة السبت الإسرائيلية في عددها الصادر 12 يوليو 2010 عن خطاب آخر نقله بنيامين نتانياهو شخصيا وسلمه لمبارك في شرم الشيخ أثناء لقائهما في 13 يوليو كتب فيه طبقا لما جاء بالصحيفة التي نحتفظ بخبرها: "تذكر أن تستمر في قيادة شعبك بعزة وقوة ولتعيش أياما طويلة بصحة وسلام ، اذهب فبركاتي تلازمك طيلة أيامك من حيث تذهب تنجح ليعطيك الرب كل ما تتمناه ولتسمع هذا الأسبوع أخبارا سعيدة ... آمين".
المثير أن الصحيفة أكدت في الخبر أن «مبارك» كان حريصا دائما علي الحصول علي البركة من الحاخام الأول لإسرائيل حيث كان عوفاديا يعتبره ابنا له علي حد تعبيره.
ونعود لنص وثيقة الخطاب حول الفتوي اليهودية التي صدرت من حاخام إسرائيل الأول لمواطن غير يهودي بل ومصري وهي المرة الأولي في تاريخ إسرائيل.
وعندما سألنا مصدرا شرعيا نصحنا أن نرجع فتوي الحاخام عوفاديا للتوراة وحدد لي : "الإصحاح 23 سفر التثنية الفقرة 7"، الذي يتضمن هذا النص الديني في سفر التثنية وعلي لسان سيدنا موسي لليهود: "لا تكره مصريا لأنك كنت نزيلا في أرضه".
وعدنا لنسأل المصدر عن النص الديني "ويدفع ملوكهم إلي يدك فتمحو اسمهم من تحت السماء" فكانت الإجابة ان إسرائيل قد تعاملت مع «مبارك» دون شعب مصر أو قادتها.
كما كشف الخطاب عن حقيقة أشد خطورة بين حاخام إسرائيل الأول وبين رئيس الموساد الإسرائيلي تامير باردو، فماذا كان يقصد «عوفاديا» عندما فجر سر أن الموساد قام مؤخرا بتخليد اسم الرئيس المخلوع حسني مبارك وكأنهم يعاندون الشعب المصري حتي في تاريخه وتاريخ ثورته فبينما محت الثورة اسم «المخلوع» من السجلات المصرية نجدهم يخلدون ذكراه علي أساس أنه خدم اليهود.
أما عن طريقة تخليد الموساد لذكري من يخدهم فنجدها في نص مستندات وزارة الدفاع الإسرائيلية بتاريخ عام 2011 ففي الباب السادس من ملخص نشاط الوزارة لهذا العام نجد إشارة بسيطة علي أن إسرائيل سوف تقوم بتكريم من خدموا الجيش الإسرائيلي من الجنود وغير الجنود حيث تم في يوم احتفالات المخابرات الإسرائيلية سنويا بعيد الوفاء والواجب وهو كان في مايو الماضي 2011 بكتابة اسم الشخص المراد تخليد اسمه علي لوحات الشرف الإسرائيلية العملاقة والمصنوعة من الرخام الفاخر ويكتب أمامه اسمه ورتبته وما قام به من عمليات لحساب دولة إسرائيل.