الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ضروريات الرعاية الصحية

ضروريات الرعاية الصحية
ضروريات الرعاية الصحية




كتب - أحمد عبده طرابيك

أصبحت الرعاية الصحية السليمة من ضروريات المجتمعات والدول المتحضرة، حيث تخصص هذه الدول ميزانيات هائلة لأغراض الأبحاث والمختبرات الطبية من أجل اكتشاف أحدث الأدوية والأمصال الطبية وأجهزة التشخيص والعلاج التى تواجه بها الأمراض المتسارعة الانتشار، بل والوقاية من تلك الأمراض قبل الإصابة بها من خلال التطعيمات والأمصال الوقائية والكشف المبكر. 
 تقيس الدول المتحضرة مدى تقدمها بمقدار ما توفره تلك الدول من رعاية صحية لشعبها، وباتت تصدر إحصاءات وأرقامًا حول انعكاسات تلك الرعاية الصحية والتى تبدو فى شكل القضاء على فيروسات بعض الأمراض المتوطنة، أو زيادة معدلات أعمار مواطنيها بفضل ما يقدم لهم من رعاية طبية، أو عدد الأسرة بالمستشفيات، وعدد الأطباء بالنسبة لعدد السكان، وغيرها من الإحصاءات التى تشير إلى مدى ما تخصصه تلك الدول من ميزانيتها لقطاع الرعاية الصحية. 
 كانت مصر من أوائل الدول العربية والأفريقية التى بدأت فى تقديم الخدمات الصحية للمواطنين من خلال المستشفيات المركزية منذ عام 1923، كما أنها من أوائل الدول التى أنشأت وزارة للصحة فى عام 1936، والتى كان بها قسم خاص بالصحة الريفية، أى أنها كانت تلتزم بتقديم الرعاية الصحية لكل المواطنين حتى فى القرى النائية. 
 وبحسب نص الدستور الحالى، فإن الرعاية الصحية حق لكل المواطنين فى المستشفيات الحكومية، ولذلك فقد حدد الدستور نسبة 3% من الناتج المحلى الإجمالى لقطاع الصحة، ومن ثم فإن الحكومة تلتزم بتقديم الرعاية الصحية الكاملة دون أى عوائق أو صعوبات، وحسب بيانات الميزانية العامة للدولة 2016 / 2017، تبلغ ميزانية الصحة 47 مليارات و875 مليون جنيه، منها 8 مليارات جنيه للتأمين الصحى، 12 مليار للجهاز الإدارى، 3 مليارات للهيئات الخدمية، أى ما يقارب نصف ميزانية القطاع الصحي. 
 بحسب حديث الدكتور أحمد عماد وزير الصحة أمام مجلس النواب، فإن وحدات الرعاية الصحية هى خط الدفاع الأول للصحة، وهذه حقيقة لأن الرعاية الصحية هى بمثابة حائط الصد أمام انتشار الأمراض والأوبئة بمختلف درجاتها، لذلك فإن الارتقاء بالمنظومة الصحية يبدأ من البنية التحتية والتجهيزات الطبية للوحدات الصحية والمستتشفيات، إلى جانب الارتقاء بالعنصر الأساسى فى تلك المنظومة وهو الطبيب وكادر التمريض مهنياً ومادياً، ليكون متفرغاً ومتواجداً طوال فترة العمل المحددة بالمستشفيات والوحدات الصحية. 
 يعتقد البعض أن قطاع الرعاية الصحية هو من القطاعات الخدمية التى تستقطع جزءاً من ميزانية الدولة للإنفاق عليها، ولا عائد اقتصادى من ورائها، وإنما هى مجرد خدمات تقدم للمواطنين شأنها فى ذلك شأن قطاع التعليم والرعاية الاجتماعية التى لا تدر عائداً اقتصادياً على الخزينة العامة للدولة، لذلك فإن قطاع الرعاية الصحية لا يحظى بكثير من الاهتمام من جانب المسئولين، وخاصة الاقتصاديين منهم.
 ولكن الواقع يقول عكس ذلك، فقد أصبح للرعاية الصحية فرع خاص فى علم الاقتصاد، يبحث فى كيفية تطبيق علم الاقتصاد على أمور الرعاية الصحية، وبيان جوانبها المختلفة بحيث تصبح أكثر قابلية للتحليل والقياس، وتقديم المعايير الخاصة بسياسات الكفاءة الاقتصادية للرعاية الصحية وعدالة توزيع تلك الخدمات، إلى جانب قياس الفرص البديلة الناتجة عن اعتلال صحة العاملين، وأولوية الإنفاق على الرعاية الصحية الوقائية أم العلاجية، وغيرها من الدراسات المتعلقة بالجوانب الاقتصادية للرعاية الصحية. 
 ولذلك تهتم كثير من الدول بقياس وتقدير مخرجات الرعاية الصحية، والتقدير الاقتصادى للرعاية الصحية، وكذلك قياس المخرجات الصحية، وقياس التحسن فى الصحة، والتى تعد من أفضل الطرق لقياس فوائد الرعاية الصحية ضمن منظومة التقييم الاقتصادى، إلى جانب التقدير غير الاقتصادى للأوضاع الصحية، والتى ترتبط بأساليب المفاضلة الزمنية، وعلاقة الرعاية الصحية بالعمل والانتاج، ووضع مقاييس كمية محددة تربط بين القطاعين الاقتصادى والرعاية الصحية. 
 تحتاج المنظومة الصحية إلى إعادة مراجعة وترتيب، حتى يتم الاستفادة القصوى من الميزانية المخصصة لذلك القطاع المهم، ويأتى فى مقدمة ذلك توحيد أوجه الرعاية الصحية بدلا من تشعبها وتشتتها ما بين علاج على نفقة الدولة، وتأمين صحى، ومستشفيات ووحدات صحية، وغيرها من المسميات التى تعمل على إهدار جزء كبير من مخصصات ذلك القطاع، فكل هذه التشعبات من ميزانية الدولة، ويجب أن تخصص جميعها لرعاية المواطنين غير القادرين فى المستشفيات الحكومية، ومن خلال الأطباء العاملين فى الحكومة، بدون أى عوائق أو تعقيدات بيروقراطية، فالصحة تاج على رءوس الأصحاء، والرعاية الصحية من سمات الدول الساعية للتقدم والتحضر، حفظ الله أبناء الوطن.