الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خطبة «الجمعة» وعظة «الأحد»

خطبة «الجمعة» وعظة «الأحد»
خطبة «الجمعة» وعظة «الأحد»




منذ فترة يراودنى سؤال ملح: لماذا لا تبادر أى قناة فضائية خاصة أو قناة تليفزيونية رسمية رئيسية - اتحاد الإذاعة والتليفزيون- بالاهتمام بإذاعة «عظة الأحد» الخاصة بالإخوة المسيحيين، كما تهتم كل القنوات بإذاعة «خطبة وصلاة الجمعة» كل أسبوع؟
ويزداد السؤال إلحاحًا إذا تعلق الأمر بالقنوات الخاصة، التى ترفع شعار «الليبرالية، والحرية والمساواة»، ويصرخ فينا مذيعوها صباحا ومساء؛ بحثا عن حقوق المواطنين المختلفة، لكنَّ أحدا منهم لم يجرؤ على المبادرة بنقل وإذاعة «عظة الأحد» من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أو من الكاتدرائية فى الإسكندرية.
والحقيقة بما أننا جميعا مواطنون متساوون فى الحقوق والواجبات، وفقا للدستور الذى حظى بقبول الغالبية، فلماذا لا تبادر القنوات التليفزيونية الرسمية الرئيسية كالقناة الأولى - وليس كما هو متبع نقل العظة من حين لآخر على قناة النيل الثقافية على استحياء أو الاقتصار على نقل صلاوات الأعياد - والفضائيات الخاصة بنقل الشعائر الدينية للإخوة المسيحيين كل يوم أحد، خاصة أنهم كأى مواطن مصرى يدفعون الضرائب، ويؤدون كل الحقوق المطلوبة منهم تجاه الدولة.
بل إن الأغرب إن جميع القنوات الرسمية؛ التلفزيون المصرى، والإذاعة المصرية، والفضائيات الخاصة، تتبنى إذاعة برامج دينية إسلامية لمشايخ وأساتذة وعلماء من مؤسسة الأزهر، للوعظ، وتلقى الأسئلة التى تشغل بال المواطن، بينما لا نجد برنامجا دينيا واحدا يهتم بشئون الخطاب الدينى المسيحى فى كل قنوات التليفزيون المصرى، والفضائيات يماثل البرامج الدينية الإسلامية، ولا أجد تفسيرا لذلك سوى أنه تجاهل لحقوق مواطنين يحملون عقيدة دينية مختلفة عن عقيدة الأغلبية فى الدولة، وهو ليس مبررا منطقيا أو مقبولا لحجب حق من حقوقهم الأصيلة.
فكما تتبنّى الدولة ممثلة فى جهاتها المختلفة المؤسسة الدينية الإسلامية الرسمية -الأزهر- وتتيح لعلمائه ومشايخه تبصير وتثقيف المسلمين بصحيح دينهم، لمحاربة التطرف، ومواجهة الأفكار الهدامة، عليها أن تتبنى نشر فكر الكنيسة الرسمية، وتتيح لعلماء الدين بها مخاطبة «شعب» الكنيسة، والرد على أسئلتهم، والتواصل معهم عبر وسائل الإعلام الرسمية، بما يحول دون تفرد جناح متطرف بالخطاب الدينى لأصحاب الديانة الإسلامية، أو المسيحية.
الأمر ليس بالصعب ولا بالمستحيل، ولكنه يحتاج لإرادة سياسية وتنفيذية من القائمين على إدارة شئون البلاد، فمجرد توجيه بسيط للتليفزيون المصري، بالتنسيق مع الكنيسة لنقل «العظة الأسبوعية» وإتاحة مساحة من الوقت لإعداد برنامج دينى مسيحى، سينتهى الأمر، وسيصبح لدى الإخوة المسيحيين، واحد من حقهم فى التثقيف الدينى.
قد يكون هناك عدد من القنوات الدينية المسيحية الخاصة بالفعل، وهو أمر طبيعى، فكما هناك عشرات القنوات الدينية الإسلامية الخاصة، سيكون هناك أيضا مثل هذه القنوات، ولكن هذا لا يتعارض مع ضرورة أن يحصلوا على حقهم فى المعرفة من التليفزيون الرسمى، ومن القنوات الفضائية الخاصة، التى ترفع شعارات، ولكنها لا تطبقها على أرض الواقع.
ولعل كثيرا منا يغفل أن للكنيسة المصرية تابعين فى العديد من الدول الإفريقية، بل إن لها امتدادا ولديها قساوسة ورهبان فى عدد من هذه الدول، وهو ما يعنى أن تخصيص جزء من الوقت لإذاعة برنامج دينى مسيحى، ونقل العظة الأسبوعية، سيسهم فى  متابعة الآلاف من هذه الدول للقنوات المصرية الرسمية والفضائية، بحكم الارتباط الروحى بالكنيسة وتعاليمها، وربما يوثق هذا أواصر الارتباط غير الرسمى بين الشعوب المختلفة، عبر خطاب دينى يدعو للتسامح والترابط والتعايش السلمى، بدعم من الدولة، التى ترعى جميع مواطنيها فى الداخل والخارج، وفقا للدستور.
والحمد لله أن ديننا الإسلامى الحنيف، أمر الله - عز وجل - كل من يتبعونه بالإيمان بكل الرسالات السماوية السابقة، وبالرسل والأنبياء الذين أرسلهم الله لأقوامهم بهذه الأديان، حيث أرسل سيدنا موسى -عليه السلام- بالتوراة لبنى إسرائيل، وأرسل سيدنا عيسى - عليه السلام- بالإنجيل لبنى إسرائيل أيضا، وأرسل خاتم الأنبياء محمدا - صلى الله عليه وسلم- بالقرآن للبشرية كافة رسولا ومبشرا ونذيرا.
نحن كمسلمين مأمورون -إذن- بأن نؤمن بكل ما سبقنا من الديانات السماوية، ومأمورون بنص قرآنى واضح بأن نحترم أصحاب الديانات الأخرى وفقا للآية القرآنية الكريمة: (لكم دينكم ولى دين)،
وبما أن ديننا يحثنا على حفظ الحقوق لكل بشرى، مهما كانت عقيدته، ودستورنا الوضعى الذى توافقنا عليه على مبدأ المواطنة، الذى يساوى بين الأشخاص فى الحقوق والواجبات، فهل تبادر الدولة وتهدى المسيحيين المصريين هذا الحق فى أٌقرب وقت؟