الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«صناعة الدواجن» تحتضر بالقليوبية

«صناعة الدواجن» تحتضر بالقليوبية
«صناعة الدواجن» تحتضر بالقليوبية




تحقيق - حنان عليوه

تشهد محافظة القليوبية كارثة تتمثل فى انهيار مشروع تربية الدواجن بأنحاء المحافظة، حيث تعتبر من أكثر المحافظات إنتاجا للدواجن بنسبة 70% من إنتاج مصر من الدواجن، حيث تعرض المربون للخسائر الفادحة بسبب نفوق مزارع الدواجن، ما أدى إلى هجر المئات من المربين للنشاط، وغلقهم للمزارع بسبب تراكم الديون، وتعرضهم للسجن بسبب الدعاوى القضائية لعدم قدرتهم على سداد الديون.

رصدت «روزاليوسف» أوضاع صناعة الدواجن بالقليوبية حيث يوجد بها أكثر من 7000 مزرعة – حسب أصحاب المزارع – أو 5 آلاف مزرعة مرخصة - حسب مسئولى الطب البيطرى – ورغم هذا العدد الكبير فإن صناعة الدواجن أصبحت فى انهيار بالمحافظة فقد وصل سعر الكيلو إلى 25 جنيهًا  وفى تزايد مستمر، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الخامات التى تستخدم فى صناعة الدواجن مثل الذرة والصويا والأعلاف.

فى البداية يقول أيمن محمد - أحد مربى الدواجن بالقليوبية – إن المربين يتعرضون للخسائر يوميا، بسبب نفوق دورات كاملة، وذلك بسبب المركزات التى توضع على الأعلاف منتهية الصلاحية، والتحصين المضروب، واستطرد: نحصل على تحصين للكتاكيت ولكنها لم تكن بمفعول جيد ولم يكن لها أى تأثير إيجابى، كما أن غياب الرقابة على الأدوية تسبب فى انتعاش شركات بير السلم التى تقلد الأدوية مما يؤثر على الدواجن ويتسبب فى نفوقها.
ويؤكد أحمد محمد نجيب - أحد المربين - أن التربية العشوائية من أسباب انهيار الصناعة، حيث تسببت قيام ربات المنازل فى تربية الدواجن العشوائية فى ظهور الاكتفاء الذاتي، مما تسبب فى ركود حركة البيع والشراء، كما أن التربية العشوائية لأصحاب المزارع وصغار المربين تسبب فى عشوائية الأسعار وعدم استقرارها.
ويوضح إبراهيم صبحى - أحد المربين - أن ارتفاع سعر الدولار تسبب فى ارتفاع أسعار الأعلاف، حيث وصل سعر طن الأعلاف لـ 5 آلاف جنيه، مقارنة بالفترة الماضية والذى بلغ 3500 جنيه، مما يتسبب فى تعرض المربين للخسائر، مشيرا إلى غلق العشرات من المزارع وتحول المربين لأنشطة أخرى بسبب الخسائر.
ويلفت هشام فوزى - أحد المربين – إلى أن معظم المربين يستخدمون نوعين من الدواجن وهما «ساسو، وأبيض»، حيث تستغرق الدورة للنوع الأول من 55 إلى 60 يومًا ليصبح وزنها حوالى 1800 جرامًا، والنوع الثانى من 35 إلى 40 يوما ليصبح وزنها حوالى 1750 جرام تقريبا.
وأرجع المهتمون بتربية الدواجن سبب الانهيار إلى ارتفاع تكلفة التربية، وتحكم بعض التجار والسماسرة فى الأسواق، فهم عصابة متحكمة فى الذرة والصويا والأدوية، حيث رفعوا أسعار الخامات، ويرجع أسبابها إلى تحكم بعض التجار فى السوق والصناعة والتهديد التى تلاحق صغار المربين.
ويقول جمال عبدالرحمن - مربى دواجن - أن صناعة الدواجن تعرضت للعديد من المشاكل، وخسائر كبيرة للمربين ونقص المعروض فى السوق، مما أدى الى ارتفاع أسعار المنتج، وتحمل المربى الخسارة وتحمل المستهلك ارتفاع الأسعار، وتعرض المربى إلى زيادة باهظة فى أسعار مدخلات الأعلاف حيث زاد سعر طن العلف أكثر من 1000 جنيه، ولذلك نطالب بوضع استراتيجية جديدة لدعم المربين مع وجود رقابة حقيقية ومستمرة من كافة الجهات المعنية على أسعار الخامات بأنواعها.
وواصل: فى ظل تلك العوائق، هناك غياب للبيطريين، حيث يحضرون للمزارع للحصول على معلومات دون فائدة، ولا يقدمون معلومات أو نصائح تفيد المربين، وان هناك فيروسات تأتى من استيراد الأدوية من الخارج مثل فيرس «الجمبورو» وفى حالة دخوله العنبر يقضى على كل ما فيه خلال 3 أيام مما يعرضنا لخسارة باهظة، كما أن هناك غياب لبورصة الدواجن، فليس لها أى دور فعال، حيث سيطر كبار السماسرة على السوق.
ويقول أحمد عواد - موظف إشراف ومتابعة ورقابة ببورصة الدواجن - أنه لا يوجد لدى البورصة أى قرار قضائى أو أفراد شرطة أو ضبطية قضائية لتحصيل المخالفات، كما أن الايصالات الذى يقومون بتحصيلها لا يوجد بها أى أختام أو شعار الجمهورية، وقال: لذلك عندما نقوم بتحصيل أموال الدولة نقع تحت طائفة غير القانونيين، وعند وجود خلافات مع أصحاب سيارات الدواجن الهاربين من الرسوم، وتحرير محاضر بمراكز وأقسام الشرطة نعامل معاملة المتهمين خلال مأموريات العمل، ويتم احتجازنا مع المتهمين للعرض على النيابة رغم أننا موظفون بالدولة.
وكشف عن أن بعض أصحاب المزارع يتفقون مع السماسرة بإعطائهم عمولات لرفع أسعار الدواجن، مطالبا بتشديد الرقابة على السوق والسماسرة والإشراف الحكومى، كما طالب بدعم مجلس الوزراء قانونيا واقتصاديا لتكون جهة عامة تخضع جميع الجهات الرقابية لها، مؤكدا أن ٨٠% من كبار السماسرة يوجدون بالقليوبية.
فيما كشفت «روزاليوسف» واقعة تزوير سابقة لتراخيص نقل الطيور الحية ببعض المحافظات الأخرى لذبحها بمجازر القليوبية وقت اجتياح أزمة إنفلونزا الطيور، حيث تضمنت المستندات تكرار رقم الترخيص الواحد لعدة مرات فى أوقات مختلفة وقد تكون صادرة فى نفس الأسبوع، كما تبين وجود تصاريح فى بعض مجازر الدواجن بالمحافظة وهى مختومة بشعار حى واضح ومكتوب عليه «مديرية الطب البيطرى بالدقهلية، الإدارة البيطرية بشربين، الزرقا» وتبين أن أسماء الأطباء وتوقيعاتهم فى جميع التصاريح ثابتة، وهذا ثابت من خلال الفحص الدقيق لعينة منها وهى التصاريح المرافقة للدواجن المنقولة من محافظة دمياط لمدة عام كامل.
كما أن تلك التراخيص المزورة امتدت إلى عدد من المحافظات، وذلك من خلال أخذ عينات عشوائية على فترات متباعدة نسبيا من مجازر المحافظة لفحصها بمعهد بحوث صحة الحيوان لاستبيان مدى انتشار فيروس إنفلونزا الطيور.
وكشفت المستندات فى يوم 2/ 9 / 2011 تصريح رقم 560002 صادر من محافظة دمياط إلى مجزر الرواد بالقليوبية هو نفس رقم الترخيص الصادر من ذات المحافظة بتاريخ 11/ 10/ 2011 إلى نفس المجزر، وفى يوم 1/ 10/ 2011 صدر ترخيص رقم 560017 من محافظة دمياط إلى ذات المجزر بالقليوبية وتكرر نفس الأمر بالمخالفة بتاريخ 8 / 10/ 2011، وأيضا بتاريخ 8/ 1/ 2012.. كما تكرر تصريح رقم 560079 من محافظة دمياط إلى مجزر الرواد بمواعيد 6/ 8/ 2011ـــ 26/ 9/ 2011ـــ 16/10/ 2011ـــ 19/ 1/ 2012 4/2/2012.
من جانبه نفى د. سيد عوض - مدير عام الطب البيطرى بالقليوبية - وجود أى إصابات بمزارع الدواجن بمرض «سرطان أمهات الدواجن» مؤكدًا أن القليوبية خالية تماما من أى أمراض وبائية ومعدية خاصة مرض إنفلونزا الطيور حتى الآن، وهناك استعدادات لمواجهته مع حلول فصل الشتاء، ولم تظهر أى حالات إيجابية للمرض أو غيرها والحالة مطمئنة، مشيرا الى أن مديرية الطب البيطرى بالمحافظة ترسل فرقاً لمتابعة مزارع الدواجن باستمرار لاكتشاف أى حالات مرضية والتعامل معها فورا.
من جانبه أكد إبراهيم ناصر - مدير بورصة الدواجن بالقليوبية - أن البورصة تعد ثروة قومية، وكانت تدر دخلاً كبيرًا للمحافظة خلال السنوات الماضية، ولكن تأثرت مثل باقى القطاعات بالظروف التى مرت بها البلاد، وتدهور الحالة الأمنية، وانصراف التجار والمربين والسماسرة عن البورصة أدى إلى توقف العمل بها.
موضحًا أنه هناك أكمنة ليلية متحركة لتحصيل الغرامات من السيارات التى لم تدفع كارتة البورصة، بحضوره مع عدد ٥ أفراد من العاملين بالبورصة، وفوجئ بقيام أصحاب السيارات المحملة بالدواجن بالسطو المسلح وبحوزتهم أسلحة وشوم وحديد، وعند توقف السيارات لدفع الغرامات قاموا بتهديد الكمين محاولين الاعتداء على أفراده، مما يضطر الكمين إلى ترك السيارة دون تحصيل. 
مشيرا إلى أنه لا يوجد ضباط أو أمناء شرطة بالكمين وجميعهم عاملون بالبورصة، مطالبا محافظ القليوبية، ومدير الأمن، بالتنسيق مع البورصة للمساعدة فى تحصيل أموال الدولة، والتنبيه على إدارات المرور بعدم تجديد رخص السيارات التى تمتنع عن دفع الغرامة والتى سيتم الإبلاغ عنها من قبل اللجنة إلا بعد الرجوع للبورصة وعمل مصالحة ودفع الغرامة، ومساعدة الجهات الأمنية للعاملين فى الأكمنة تنفيذا لقرار المحافظ رقم ١٢٦١ لسنة ٢٠٠٢ .
واقترح ناصر أن يتم التنبيه على أصحاب المزارع بالاطلاع على كارتة البورصة قبل تحميل السيارة بالدواجن، على أن يتم تغريم المزرعة غرامة مماثلة للسيارة ويتم تحصيلها عن طريق الحجز الإدارى، وإجراء حصر لجميع المزارع على مستوى المحافظة وتسجيلها بالبورصة لدفع اشتراك ٥٠ جنيهًا على الدورة للبورصة، وجذب السماسرة والتجار والمربين، وعمل قاعدة بيانات لجميع المزارع على مستوى الجمهورية، ويتم تقديم حوافز للسماسرة الذين سوف يتعاونون مع البورصة، وتحصيل الكارتة على جميع أنواع الطيور الحية، مع عمل نشرة يومية بالبورصة عن أسعار جميع الطيور.
وقال رفعت سعيد - مدير عام الغرفة التجارية بالقليوبية - إن مهمة الغرفة تقتصر على إعداد البيانات وتوضيح حالة الأسعار فى الأسواق وعرضها على الجهات المختصة، مشيرا إلى أنه لا توجد شعبة للدواجن بالغرفة ولا يوجد أى كيان لهم، ولكن يوجد سجلات تجارية لبعض مزارع الدواجن بالمحافظة، فى الوقت الذى يوجد فيه أعداد كبيرة مخالفة وتم بناؤها على أراض زراعية.
وقال مدير عام الغرفة التجارية إنه تما مناقشة أوضاع النشاط فى اجتماع مجلس الإدارة السابق بالغرفة بشأن إنشاء شعبة لهم تجمع التجار والمربين وجميع العاملين بالنشاط الداجنى، موضحا أن بالقليوبية حوالى ١٣٦٠ مزرعة ومحلاً من العاملة بالنشاط الداجنى المسجلين بالغرفة، ويوجد لهم سجلات فيها، أما باقى المزارع بالقليوبية فليس لها أى بيانات بالغرفة وجميعهم مخالفة.
ويؤكد الدكتور حاتم البدوى - عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية وسكرتير عام شعبة الصيدليات - أن صناعة الدواجن أمن القومى، حيث يحتوى على البروتين وهو مصدر غذائى أساسى لجميع الطبقات، خاصة الفقيرة، موضحا أن شكاوى المربين من صناعة الدواجن تكمن فى عدم جودة الأمصال والأدوية التى يحصلون عليها من شركات غير معتمدة، ولكن أمصال مهربة ومجهولة المصدر وغير معلومة التخزين والحفظ.
واقترح البدوى أن تشكل شعبة أو اتحاد يجمع العاملين بالنشاط الداجنى، لمناقشة المشاكل التى تواجه العاملين بالصناعة، ويكون تحت أى مسمى مثلا « النشاط الداجنى، الإنتاج الداجنى»، ويتم عقد دورات توعية بكيفية الحصول على الأدوية والأمصال والأماكن المعتمدة، لافتا إلى أنه لابد من وجود تشريع يقوم بتنظيم التعامل مع مزارع الدواجن، ولابد من إجبار التجار والسماسرة على التعامل مع البورصة، حيث إن غياب السلطة التنفيذية عن المنظومة من أسباب انفلات الأسعار.
وتقول مرفت عبدالصمد مدير عام الاستثمار والأسواق والمعارض بالقليوبية، أنها تعد تقريرًا اقتصاديًا بحالة الأسواق والأسعار ودراسته بالتعاون مع مجموعة العمل بالغرفة التجارية، لمعرفة أسباب زيادة الأسعار وإيجاد حلول لها، ويقتصر دورها على طرح المشاكل وعرض الاقتراحات وطرق حلول المشكلة.
ويقول الدكتور مجدى فؤاد - مدير عام الوقاية والدواجن بمديرية الطب البيطرى بالقليوبية - أنه يوجد 5 آلاف مزرعة دواجن مسجلة رسميا عبارة عن بياض وتسمين وحضانات، حيث يتم توفير لقاح إنفلونزا الطيور عن طريق الهيئة العامة للخدمات البيطرية، ويتم التحصين مجانا، وأن دور المديرية إشرافى على المزارع، وتنتقل للمزارع عند تلقى بلاغ بحالات نفوق، حيث يتم التعامل معها والدفن الصحى لمنع انتشار المرض، موضحا أن هناك حالة واحدة فقط بالمحافظة بمزرعة فى «نقباس» بمركز بنها لأنفلونزا الطيور وتم التعامل معها، وهناك إشراف بيطرى على المجازر دوريا، وتم تحصين 729 ألف طائر بلقاح إنفلونزا الطيور مجانا منذ يوليو الماضى، وإعداد لجان الإرشادية داخل القرى للتوعية بالتحصينات ضد مرض أنفلونزا الطيور.
ويقول الدكتور عصام رمضان - خبير الطب البيطرى بالجمعية المصرية للأمم المتحدة - إن استثمارات الثروة الداجنة فى مصر تقدر بحوالى من 12 إلى 14 مليار جنيه، بواقع 2 مليون دجاجة يوميا، عبر مزارع رئيسية وليس تربية منزلية، حيث تقدر المنزلية بحوالى 25% من الإنتاج المحلى، ووصلت الخسائر إلى 6 مليارات جنيه، وترجع إلى طريقة معالجة الدولة لأزمة أنفلونزا الطيور والتى تعرضت لها المزارع فى مصر خلال عام 2006، ويوجد عدة عوامل للخسائر وتشمل المقومات الخاصة بالمشروع من أعلاف وأدوية وتكلفة عمالة وإيجار، والشق الثانى تحصينات وأمراض وافدة، كما أن العومل الجوية وتأثير درجات الحرارة والبرودة تؤثر على المزارع المفتوحة وليس المغلقة «المكيفة»، حيث لا تتأثر بالعوامل الجوية، وطريقة الذبح فى المحلات غير الأمنة وتعرضها للتلوث.
ويؤكد الدكتور تامر سمير - عضو الجمعية البيطرية المصرية للدواجن - أن صناعة الدواجن تسببت فى فشلها وزارة الزراعة واتحاد مربى الدواجن، وعدم الاهتمام بالطب البيطرى وتفعيل قوانينه، مضيفًا أن قانون الإشراف البيطرى على المزارع لم يفعل حتى الآن من قبل الهيئة العامة للخدمات البيطرية ووزارة الزراعة، ومن أسباب انهيار الصناعة قلة العملة الصعبة مع زيادة استيراد مقومات الصناعة من العلف، مما أدى إلى زيادة التكلفة على المربين، كما أن ارتفاع نسبة النفوق فى المزارع نتيجة الأمراض المختلفة، وعدم وجود أطباء بيطريين تسبب فى تعرض المربين لخسائر جسيمة وقيامهم بغلق المزارع وتعرض أغلبهم للسجن والمطاردات من قبل الدائنين، وطالب بتعيين أطباء بيطريين جدد لسد الفجوة فى التحصينات والمراقبة على المستوردة والأدوية، وتوجيه الاهتمام بالصناعة الداخلية، واستيراد التحصينات المختلفة الخاصة بصناعة الدواجن.
وقال اللواء الدكتور رضا فرحات - محافظ القليوبية - إن البورصة لم يكن لها أى نشاط حاليا، مضيفا أنه جار دراسة خطة شامة للنهوض بها وعودة نشاطها كما كانت من قبل، وجعلها بورصة سلعية تخدم السلع الزراعية والحيوانية والإنتاج الداجنى، وتحديد أسعار استرشادية لمواجهة الانفلات فى الأسعار، كما أن مهمتها جذب التجار والمربين والسماسرة، واستغلال الأماكن الشاغرة، وإعادة تشغيل الأجهزة المتوقفة، وتشمل تنمية شاملة عمليا وإداريا، وأكد أنه خلال فترة قصيرة سيتم الانتهاء منها بحلول جذرية لتنمية وتطوير أعمال البورصة.