الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

إنجلترا ترصد 2.7 مليار دولار أموالاً مهربة في 3 شركات استثمارية






روزاليوسف اليومية : 14 - 06 - 2011

في الحلقة الثانية من هذا التحقيق تواصل «روزاليوسف» تتبع حلقات الفساد المتشابكة التي امتدت خارج مصر في شكل شركات استثمارية هرب فيها نجلا الرئيس المخلوع أموال الشعب خارج بلاده وعاونهم في ذلك آخرون لم تطلهم يد العدالة بعد.. ففي البحث عن معلومات شركة «بوليون» المملوكة لعلاء وجمال مبارك كان لا بد من التوقف أمام معلومات شبكة تليفزيون «إن دي تي في»، ففي 13 فبراير2011 أذاعت معلومات وحددت الشبكة الأمريكية ملكية علاء مبارك من خلال شركة بوليون في ميدإنفيست ب35% من الأسهم بما يعادل 919 مليون دولار وذلك علي حد زعم الشبكة التي فجرت علاقة ميدإنفيست في لندن وربطتها بشركة بوليون المحدودة في ليماصول بقبرص وشركة (إي إف جي هيرمس) المصرية غير أن حسن هيكل المدير التنفيذي ل«إي إف جي» كان قد نفي تلك العلاقة مؤكدا في ذات الوقت أن الاستثمارات في هيرمس كانت في مجال البترول والغاز والحديد والاسمنت والأغذية والماشية لكنه رفض الحديث للشبكة الأمريكية عن علاقة هيرمس بجمال مبارك. حقيقة شركة ميدإنفيست أكدها تصريح وزير العمال البريطاني فينيس كابل عندما أكد لصحيفة «بيزنس داي» البريطانية في 14 فبراير 2011 أن السلطات البريطانية متأكدة بشأن معلوماتها عن ميدإنفيست وأن تلك الشركة كانت هي مفتاح الغطاء الذي عملت الأسرة من خلاله علي التمويه علي الأصول المالية، وذلك علي حد تصريحاته للصحيفة.
الغريب أنني أثناء التحقيق تبين أن الكشف عن أرصدة مبارك المحتملة في البنوك السويسرية كانت السلطات السويسرية قد توصلت إليها تحديدا في يوم 19 يناير 2011 أي قبل أن تنشب أحداث الثورة المصرية بنحو أسبوع كامل وعندما طلبت الاستعلام بشكل مهني قيل لي إنهم كانوا وقتها قد صدرت إليهم أوامر محلية ودولية للبحث عن أصول عربية محتملة للرئيس التونسي السابق زين العابدين وفي ذات الوقت كانوا يبحثون عن أصول محتملة لرئيس ساحل العاج لورانت جباجبو، وفي مرحلة معينة ظهر أمامهم أويل المعلومات الموثقة عما يحدث علي الشاشات الخاصة بمراقبة حركات التحويلات المالية من وإلي الدول العربية فقد كشفوا يومها عن قصة أرصدة وأصول مبارك التي قاموا بالفعل بعدها بأيام بتجميدها بشكل رسمي وتحديدا مساء يوم 11 فبراير 2011 وهو ما يتماشي مع قصة صنداي تليجراف البريطانية في عددها الصادر صباح 12 فبراير وفيه أشارت كأول صحيفة بالعالم إلي حقيقة أن مبارك استغل الأسابيع الأخيرة من حكمه في إجراء عمليات غير مبررة، قال الخبراء إنها للتمويه عن أرصدة عائلته.
وكانت صحيفة ديلي بييست البريطانية قد نشرت في ذات التاريخ 12 فبراير موضوعاً جاء بعنوان: (رحل الفرعون العجوز وبدأت عمليات البحث عن ذهبه) وأعادت الصحيفة نشر قصة استغلال مبارك الأيام الأخيرة للتغطية علي أرصدته الحقيقية.
ومن واقع بيانات البنك المركزي القبرصي نكتشف أن علاء مبارك قد أسس في 17 أكتوبر 2005 شركة في نيقوسيا قبرص باسم حورس للأغذية الزراعية التجارية ومن بيانات تلك الشركة نجد أن مديرها هو أحمد الأحمد مواطن عربي كويتي يحمل الجنسية الإنجليزية وآخر من أصل عربي يدعي وليد كابا وهو نفسه وليد كابا الذي ظهر حتي الآن في ثلاث شركات «ميدإنفيست»، «ثك بوليون» و«حورس» وعندما نحاول فك طلاسم ذلك الرجل نجد أنه دائما في خلفية كل شركات أنجال مبارك وكأنه كاتم أسرارهم وبالتواريخ كان من السهل الكشف عن علاقتهم فطبقا لبيانات البنك المركزي القبرصي قام وليد كابا بتأسيس بوليون مع علاء مبارك في أغسطس 1996 وحورس في 17 أكتوبر 2005 ومن قبل ذلك ميدإنفيست مع جمال مبارك في لندن وبالبحث يظهر لنا قبرصي من أصل مصري يدعي محمد حسن الخطيب وكما تظهر السيدة رنا زين العابدين وهما أيضا من بين المحركين وراء الكواليس لصفقات شركات الأخوين علاء وجمال مبارك، وكما نكتشف مواطناً هولندياً يدعي جيرارد فان أمبيل وهو واجهتهم العملية أمام الاتحاد الأوروبي وهو المدير التنفيذي لحورس، أما الغريب فهو أننا وجدنا أن المسجل رسميا في حورس يدل علي أن جمال مبارك يوجد اسمه بالشركة علي أساس أنه مستشار مدير الشركة غير أن مجال المشورة غير واضح وهو في تلك الوظيفة ليس إلا واحداً بين ثلاثة مصريين آخرين كانوا طبقا لتحقيقنا محمد علوي تيمور وحسن محمد حسنين هيكل الذي يظهر من اسمه أنه نجل الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل.
أما ثالث الأخوان فهو عضو البرلمان المصري يسري الملواني وهو ما أشارت التحقيقات البريطانية لتعجبها من وجوده بين تلك المجموعة التي من المفترض أنها لا يمكن أن تتلاقي بسبب خلفيات كل واحد منهم الفكرية والسياسية غير أن المستندات جمعتهم، الجدير بالذكر أن المستندات دلت علي أن البنك العربي الإفريقي هو الممول الرئيس لتلك المجموعة طبقا للمستندات القبرصية وكما حكت شبكة النهار اللبنانية.
الابن الأكبر علاء مبارك يظهر أمامنا في واقعة أخري عندما تشير مستندات البنك المركزي القبرصي لوجود شركة تسمي الصندوق الدولي للأوراق المالية ومن خلال بياناتها المسجلة بالبنك القبرصي المركزي يتضح أن علاء مبارك قد أسسها في 5 إبريل 2001 ومن تلك الشركة تظهر معلومات أخري ساعدت مكتب التحقيقات البريطاني في القضية فقد وجدوا علاقة تشابك غريبة بين الشركات كلها بل إن الشركة الأخيرة يديرها قبرصي من أصل مصري يدعي عزت جراح وهو ما قد كتبنا عنه ضمن مجموعة شركة بوليون حيث انضم لبوليون في ديسمبر 2003 كما يظهر في المستندات التي بين أيدينا في إضافة لشخص جديد يظهر أنه من معاوني الأخوين مبارك وخلال التحقيق نتعرف علي عزت جراح الذي يملك مجموعة شركات متخصصة في مجال إنتاج قطع غيار السيارات ومقرها قبرص وبالبحث لا نفاجأ عندما نعثر علي معلومة تفيد بوجود شراكة بين عزت جراح وعلاء مبارك في المجموعة ولا تنتهي بيانات المتعاونين مع الأخوين علاء وجمال إذ نجد القبرصي سقراطس سولوميدس معهم في الشركة نفسها وقد التحق بها أيضا في يونيو 2003 وكما نتذكر فإن سولوميدس متواجد في مجموعة بوليون.
المؤسس الفعلي لبوليون طبقا لأوراق ومستندات البنك المركزي القبرصي هو علاء مبارك وفي ميزانية عام 2004 نجدهم قد كتبوا في خانة الميزانية أنها مفتوحة علامة علي حجم التعاملات المالية أما في ميزانية عام 2004 فنجدهم قد حددوا المبلغ ب: 9751987دولار أمريكياً أما تاريخ التأسيس الرسمي لبوليون فنجده في أغسطس 1996 وهو ما يؤكد أن الأخوين قد قررا في هذا التاريخ - ربما ليس بالصدفة البحتة - أن يؤسس الأكبر شركاته في قبرص ويقوم الأصغر بتأسيس شركات أخري في لندن وكما قلنا فإن تلك المجموعة الأخيرة مع بوليون قبرص تكتشف سلطات التحريات البريطانية أنها موجودة في كل العمليات بل يسجلون لها العديد من التحويلات المالية من قبرص وبشكل منهجي لأحد البنوك الإسبانية علي أساس أنها أموال استثمار عادية غير أننا لم نتمكن من معرفة اسم البنك الإسباني بسبب سرية التحقيقات داخل الاتحاد الأوروبي وتظل الشركات تلعب فيما بينها بمخطط منهجي للتمويه علي تحركات الأصول حتي نصل لقصة تحقيقات مكتب مكافحة جرائم الاحتيال البريطاني وقصة انفرادنا اليوم.
قبل أن نكمل نقف أمام حجم الأموال المهربة في الثلاث شركات أو بالأصح ما يمكن الحديث عنه حاليا علي أساس إمكانية إعادته لخزانة الدولة المصرية فقيل لي إن المبلغ الفعلي يدور بين 2 مليار و2.7 مليار دولار وهو مبلغ لايزال في عداد التقديرات خاصة أن المعلومات أثبتت مؤخرا علي حد ما جاء في معلومات في شبكة ستايل نيوز الأمريكية التوصل إلي عدد 2 يخت ملكي بقيمة 60 مليون دولار لدي السلطات الفرنسية علي سواحل الريفيرا الفرنسية ومنزل بالقرب من منطقة (بووي دي بولونج) في باريس قدر بعدة ملايين يورو ولا تزال المعلومات تتواصل تمهيدا لتقديم التقرير النهائي إلي مصر في يوليو القادم طبقا لما علمناه من مكتب مكافحة جرائم الاحتيال البريطانية وعلي ذلك يمكن محاكمة العائلة بشكل متكامل.
بينما نجد المخابرات الأمريكية قد طالبت بضرورة تجميد أصول 20 شخصية من مصر محسوبين علي نظام مبارك ولم يكن بينهم مبارك نفسه نجد سويسرا قد وضعت من الوهلة الأولي طبقا للمعلومات الخاصة ل«روز اليوسف» 43 شخصية مصرية عرفنا عددهم ولم نتمكن من الحصول علي بياناتهم لسرية الموضوع وكان إريك لويس الشريك المؤسس في مؤسسة (باش) روبنسون أند لويس المتخصصة في مجال متابعة ورصد الأموال المهربة قد أعلن أنه يقوم حاليا مع جهات أخري بتقديم ما يمكن من مساعدات محترفة لمصر كي تتوصل لمصادر أموال الشعب المصري المنهوبة.
وصرح إريك لويس بأنه في تلك النقطة يشعر باحترام للحكومة المصرية علي حد تعبيره لأنها تسعي بجد لاستعادة الأموال المهربة، هذا وفي سياق نفس المعلومة وجدنا أثناء التحقيق أن هناك جهات أخري تساعد مصر بشكل محترف حاليا لديها هدف واحد وهو استعادة أموال مصر المنهوبة من بينها مساعدة الخبير السويسري ستيف بيندر مدير عام مؤسسة (ماي برايفت بانك) الموجودة في كريوز لينجن في سويسرا وكذلك البروفيسور مارك فالسيك أستاذ القانون الجنائي في جامعة جورج تاون بواشنطن وهو عضو سابق في مكتب استعادة الأصول المهربة التابع للبنك الدولي ومعهم فريق عمل السيدة هوجت لابل مديرة منظمة الشفافية الدولية ومعهم الخبير دانيال ثيليسكلاف مدير معهد بازل الدولي لاسترداد الأصول وتيودور جرينبرج وهو مدير سابق لجهاز مكافحة غسيل الأموال بوزارة العدل الأمريكية بالإضافة لعدد كبير من المنظمات المدنية والحكومية لعدد من الدول الصديقة لمصر.
غير أن الخبير مارك بيث - أستاذ القانون الجنائي في جامعة بازل وهو رئيس مجلس إدارة منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي التي تعمل علي مكافحة الرشوة بالعالم ومكافحة تحويل الأموال غير الشرعية - لم يقتنع وهاجم بشدة كلاً من فرنسا وألمانيا متهما إياهماً بعدم اتخاذ الإجراءات المناسبة والسريعة لتجميد أصول عائلة مبارك.