الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كمال محجوب رئيس مجلس الإدارة فى حوار خاص: 1.8 مليار جنيه ديون دار المعارف ولن نتحمل أخطاء النظام السابق






لا يخلو حديثنا عن أزمات المؤسسات الصحفية القومية إلا وتتصدر مؤسسة دار المعارف المشهد لما تعانيه من نقص فى الموارد وتضخم للديون التى وصلت إلى 1.8 مليار جنيه.


حتى أصبح التصدى للمسئولية فى دار المعارف أزمة كبيرة بسبب تردى الأوضاع التى تحتاج علاجًا فوريًا.
 
«روزاليوسف» التقت مع كمال محجوب - رئيس مجلس إدارة دار المعارف - لتفتح معه ملف الأزمات والعراقيل التى تعانى منها الصحف القومية ووجهة نظره فى الخروج منها وتجاوزها.. وإلى نص الحوار:
 



تصوير : محمد كمال
 
■ هل هناك اختلاف فى إدارة المؤسسات الصحفية القومية بعد ثورة 25 يناير عما قبلها؟
 
- هناك شقان فى هذا الأمر.. الشق الأول هو «التحريرى» والثانى شق «تمويلى».. وبالنسبة للجانب التحريرى فكان قبل الثورة نوع من «التطبيل» والترويج وكانت المواد التحريرية فى الصحف القومية قبل الثورة تقوم على طمس طموح الدولة فى أن تكون لها مكانة مميزة بين دول العالم وكانت المقالات والمواد التحريرية مختزلة حول وجود تقدم فى البلد وأنه ليس فى الإمكان أفضل مما كان.
 
وحتى تناول القضايا الاجتماعية والمجتمعية فى الصحف القومية قبل الثورة كانت كلها تصب فى خدمة «التوريث» وأن المجتمع ليس به أى مشاكل.
 
وفيما يخص الشق التحريرى فى الصحف القومية بعد الثورة فلايزال يسوده حالة ارتباك شديدة وتخبط رغم ظهور كُتاب ثوريين فى مثل هذه الصحف، لأن هناك حالة من التربص لأى قرارات أو خطوات تتم على ساحات الدولة المختلفة سواء السياسية أو التنفيذية وغيرها.
 
وهذا الارتباك نتيجة العيش فى ظلام دامس طوال عهد النظام السابق والخروج للنور فجأة ولكن مستقبلا سوف تتضح الصورة بشكل أكبر.
 
وبالنسبة للشق التمويلى للصحف القومية فكان قبل الثورة عبارة عن رشاوى تدفع للقائمين على هذه الصحف وتوفير الإمكانيات اللازمة لها بغض النظر عن الخسائر التى تحققها المؤسسات أو إعادة هيكلتها لتحقيق أرباح ولم يكن القائمون على الدولة ينظرون لأى تأثير فى دفع هذه الرشاوى على موازنة الدولة رغم أن الجهاز المر كزى للمحاسبات كان يكشف عن تقارير مستمرة تخص مخالفات هذه الصحف.
 
وبعد الثورة وحدوث تغيير لرؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير فقد وجدوا أنفسهم يستجدون من مؤسسات الدولة رفع الديون أو توفير تمويل للصحف القومية.. خاصة أن الذين كانوا يتولون هذه الصحف قبل الثورة تركوا ديونا متراكمة ولا طاقة للمؤسسات على سدادها مما خلق توترًا فى علاقة المؤسسات مع موردى الورق والأحبار.
 
وهناك أيضًا سوء لحالة الأصول الثابتة لتلك المؤسسات علاوة على البطالة المقنعة فى جميع الوظائف بالصحف القومية بسبب الإفراط فى التعيين بدون داع مما زاد من أعباء الصحف.
 
■ وكم يبلغ حجم ديون دار المعارف؟
 
- حجم ديون دار المعارف وصل إلى حوالى مليار و800 مليون جنيه حتى الآن.
 
■ لدينا معلومات أنك تقدمت بمشروع لتطوير أداء إدارة دار المعارف وذلك قبل توليك لمنصب رئيس مجلس إدارتها؟
 
- بالفعل.. وبصفتى خبيرًا اقتصاديًا ومصرفيًا فقد قمت بإعداد دراسة خاصة بإعادة هيكلة دار المعارف ودار الهلال لإنقاذهما من الخسائر وكان ذلك فى يوم 29/8/2012 وتقدمت بها لكل من الدكتور أحمد فهمى - رئيس مجلس الشورى - وفتحى شهاب الدين - رئيس لجنة الإعلام بمجلس الشورى - وكذلك نقيب الصحفيين ممدوح الولى عقب لقاء جمعنى بهم وطلبوا منى هذا الأمر.
وقد تضمن التقرير الخاص بإعادة هيكلة المؤسستين (دار المعارف ودار الهلال) أن تطويرهما يتطلب إنشاء أو تطوير إدارة التكاليف حل مشاكل أصحاب القلم من الكتاب والمفكرين واجتذاب أصحاب الرأى والمحررين المرموقين ومشاهير الكتاب وكذلك اجتذاب الإعلانات مع مرونة فى أسعارها والعمل على إنتاج منتجات جديدة واجتذاب التمويل.
 
وكذلك تقدمت بخطة للسيطرة على الوضع المتأزم فى الوقت الحالى من خلال الأصول الثابتة وإعادة تقييمها وإدارة محفظة الأصول الثابتة بما يحقق إيرادات غير عادية مثل تأجير العقارات المملوكة لهاتين المؤسستين وأيضًا إصدار صكوك تمويل بنظام المشاركة فى الأرباح واستخدام حصيلتها فى سداد الديون.
 
■ هل يعنى هذا أن تقديمك لتقرير خاص بإعادة هيكله مؤسستى دار المعارف ودار الهلال كان سببا فى اختيارك لمنصب رئيس مجلس إدارة دار المعارف؟
 
- أنا أعمل فى القطاع المصرفى منذ 30 سنة وتاريخى معروف فى هذا المجال ولم تكن لى أى علاقة بالعمل الصحفى أو المؤسسات الصحفية من قبل سوى من خلال علاقاتى مع المحررين الصحفيين الذين يستعينوا بآرائى فى موضوعاتهم الصحفية.
 
وقد فوجئت ذات يوم باستدعائى أمام لجنة اختيار رؤساء مجالس الإدارات وقدمت لهم السيرة الذاتية الخاصة بى وأكدت لهم قدرتى على تطوير مؤسسة «دار المعارف» ليقع الاختيار على شخصى لتولى رئاسة مجلس إدارتها.
 
■ هناك من يردد أن اختيارك لهذا المنصب بسبب انتمائك لجماعة الإخوان المسلمين؟
 
- هذا كلام عار تمامًا من الصحة.. فأنا لم انتم يوما لجماعة الإخوان المسلمين أو أى تيار آخر ولكننى فقط متدين بالفطرة.
 
■ وهل وجدت معارضة من قبل العاملين فى المؤسسة لتولى المنصب خاصة أنك لست من أبنائها؟
 
- بالعكس.. لقد وجدت ترحاب كبيرًا من جميع العاملين بالمؤسسة خاصة أننى حاولت احتواء الجميع وتلبية مطالبهم فى حدود الامكانيات الموجودة خاصة أن المؤسسة يعمل بها 1051 عاملاً وصحف، وتعمدت عدم فتح أى ملفات قديمة وقدمت نفسى لهم أننى توليت المنصب لإفادتهم وليس لى أى أطماع.
 
ومما زاد ثقة العاملين بالمؤسسة فى امكانياتى بهذا المنصب هو قدرتى فى الأيام الأولى على توفير كميات كبيرة من الورق لزوم الطباعة علاوة على نجاح المفاوضات مع وزارة التربية والتعليم لطباعة 15 كتابًا بمطابع دار المعارف.
 
■ ظهر الكثير من الشكوك حول طريقة اختيار رؤساء التحرير من خلال لجنة بمجلس الشورى.. فما رأيك فى هذه الطريقة؟
 
- الصحف القومية هى ملك الشعب ومجلس الشورى يعتبر ممثلاً للشعب وله الحق فى اختيار الأسلوب الأمثل لمن يدير هذه الصحف وأظن أن الاختيار جاء بشكل مرض ورؤساء التحرير الموجودون حاليًا لم يتعالوا على الأسلوب الجديد فى اختيارهم والذى يتطلب تقديم مشروع لتطوير المؤسسة التى يسعى كل رئيس تحرير لتولى رئاسة تحرير المطبوعة التى ينتمى لها.
 
■ يقال إن جماعة الإخوان المسلمين كان لها دخل بشكل أو بآخر فى اختيار رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات.. ما تعليقك على ذلك؟
 
- لا أزعم حدوث ذلك ولكن اختيار رؤساء التحرير جاء بناء على معايير عديدة تمكنوا من اجتيازها علاوة على انسحاب عدد كبير من الذين ينتقدون حاليا أسلوب اختيار رؤساء التحرير من قبل لجنة بمجلس الشورى.
 
■ وهل هناك أى تدخل رسمى من الدولة فى السياسة التحريرية للصحف القومية؟
 
- لا يوجد أى تدخل مطلقًا في السياسة التحريرية ولا توجد أية إملاءات على صحفى أو رئيس تحرير أو رئيس مجلس إدارة والدليل أن الدولة لم تقدم أى مساعدات أو تمويل للمؤسسات وهذا الأسلوب كان يستخدمه النظام السابق لفرض وصايته على السياسة التحريرية للصحف القومية ويملى عليه ما يريد من أخبار ومقالات.
 
■ ما رأيك فى مسألة فصل الإدارة عن التحرير بالصحف القومية؟
 
- هو قرار صائب جدًا وخطوة جيدة لتطوير الصحف القومية خلال الفترة المقبلة لأنه سوف يدفع سواء رئيس التحرير أو رئيس مجلس الإدارة للتركيز فى العمل باختصاصاته.
 
■ وكيف نخرج من المأزق الذى تعانى منه مؤسسات الصحف القومية؟
 
- أول مرحلة من مراحل انعاش المؤسسة فى مرحلة الإنتاج حتى يتولد عنها ايرادات ايجابية وبعد ذلك تأتى مرحلة خلق فرص للتمويل.
 
ويجب بدء التفاوض مع الضرائب ووزارة التأمينات وذلك لاسقاط الديون الخاصة بالمؤسسات وكذلك على البنوك اسقاط الفوائد على ديون المؤسسات وجزء من أصل الدين.
 
لأن ذلك يعد عملًا قوميًا.. وهذه الديون إن كانت أصولا وودائع للعملاء فإن البنوك قد أعدمتها لمرور عقود طويلة على عدم تحصيلها وتحولت لديون ورقية.. خاصة أنها ديون لبنوك مملوكة للدولة مثل الصحف القومية.
 
ولن ينصلح حال المؤسسات الصحفية القومية إلا إذا حصلت على إعفاء من دفع الضرائب لفترة معينة (على سبيل المثال 5 سنوات) يتم خلالها إصلاح الهياكل المالية لن تخسر الخزانة العامة شيئًا حيث إن العوائد الإيجابية التى يمكن أن تحققها المؤسسات سوف تصب فى النهاية فى إيرادات الخزانة.
 
كما يجب النظر لخطة إصلاح ما يسمى بمحفظة الأصول ويتم إدارتها بطريقة سليمة بهدف تحقيق عوائد وإيرادات غير تقليدية.
 
والمفترض أننا نبحث عن أساليب لدعم المؤسسات بمعنى إدارة المحافظ كبيع الأصول أو تأجيرها لضخ موارد للمؤسسات.. كما يمكننا خلق ما يسمى بالأصول التأمينية ويتم استثمارها فى البورصة.
 
 

 
■ يطالب البعض من وقت لآخر بضرورة دمج المؤسسات المتعثرة أو خصخصتها.. هل أنت مع هذا الرأى؟
 
- فكرة الدمج لابد أن تكون بناءً على دراسات جدية ودقيقة يكون هدفها تحقيق زيادة فى نقاط القوة لدى المؤسستين المندمجتين وتلافى نقاط الضعف وتحقيق إيرادات غير تقليدية.
 
والدمج ليس شيئًا مخالفا ولكنه أسلوب ناجح يتم تطبيقه فى العديد من الدول، أما مسألة خصخصتها فهو أمر صعب جدًا خاصة أن مسألة إصدار جريدة خاصة أصبح بالأمر السهل.