الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بنى سويف».. أكبر سوق لبيع أراضى الدولة بالمزاد العلنى

«بنى سويف».. أكبر سوق لبيع أراضى الدولة بالمزاد العلنى
«بنى سويف».. أكبر سوق لبيع أراضى الدولة بالمزاد العلنى




 بنى سويف - مصطفى عرفة

 

 المتاجرة فى مياه الرى وأملاك الدولة أصبحت الدجاجة التى تبيض ذهبا لتجار الجبل فى القرى الواقعة غرب البحر اليوسفى، التابعة لمركزى سمسطا والفشن، جنوب محافظة بنى سويف، حيث إن هناك مساحات واسعة بقرى «مازورة ـ شاشة ـ قفطان الغربية ـ الشيخ خطاب بسمسطا، وقرى غروب مركز الفشن «الجمهود ـ نجع الزموط ـ عزبة مجاهد»، قريبة من الظهير الصحراوى وعلى جانبى الطريق الصحراوى الغربى «القاهرة – أسيوط».
وتقوم عصابات وأفراد بتوصيل أنابيب كبيرة بمنسوب منخفض للترع التى تمر بالقرى وتوصيلها إلى داخل الصحراء ويضعون أيديهم على آلاف الأفدنة ويعيدون بيعها لمن يريد الاستصلاح وبأسعار خيالية تحولت إلى ما يشبه المزاد العلنى، وسط تنافس وصراع بين العصابات، التى اتخذت سماسرة لجذب المشترين، حيث إن غالبيتهم من أصحاب المهن الرفيعة والعائدين من الخارج ممن يرغبون فى الاستثمار الزراعى  فى ظل وجود مصادر دائمة للمياه وسط غفلة مقصودة من المسئولين على جميع الأصعدة «أملاك الدولة ـ الرى ـ الوحدات المحلية ـ الأجهزة الرقابية والأمنية».
يقول منصور عليوة محمد، مهندس زراعى، بالمعاش: هناك عصابات محددة وأفراد استباحوا أراضى الدولة الصحراوية لقرى غرب البحر اليوسفى التابعة لمركزى سمسطا والفشن جنوب محافظة بنى سويف، واعتبروها ملكية خاصة بهم وباعوها بأسعار باهظة تفوق سعرها الحقيقى تحولت إلى مزادات مع الإقبال المتزايد من المشترين الذين يكون أغلبهم من أصحاب المهن الرفيعة كالمستشارين وضباط الشرطة، ودخل على الخط المدرسون والأطباء من أصحاب الدخول المالية المرتفعة، وتبعهم رجال أعمال ومغتربون عائدون من الخارج يرغبون فى استثمار أموالهم فى مشروعات زراعية، خاصة بعد ارتفاع قيمة الدولار وتدنى سعر الجنيه وانتشار شائعات بتجميد مدخرات المواطنين فى البنوك.
ويشير جمعة سلامة أبو عضمة، إلى أن العصابات والأفراد دخلت فى صراعات رهيبة للاستيلاء على قطع الأراضى القريبة من البحر اليوسفى أو الطرق الصحراوية، وتلك القريبة من الكتل السكانية، بما يضمن توفير المياه لها دون الرجوع إلى إدارة الأملاك بالمحافظة، حيث مدوا خطوط مواسير تحت الأرض الزراعية حتى تصل إلى الترعة الرئيسية بمنسوب أقل من منسوب المياه بالترعة لضمان الحصول على المياه بشكل مستمر حتى فى السدة الشتوية، وكذلك حتى لا يلاحظ مسئولو الرى هذه المواسير لتصب بعد ذلك فى بئر ثم يتم رفع المياه بواسطة مواتير رفع المياه وضخها فى مساقى وكأن المياه هى مياه آبار وليست المياه المخصصة داخل زمام القرى.
ويلفت عويضة حمزاوى، أحد المتضررين، إلى أن الأراضى الزراعية داخل قرية مازورة تعانى من قلة مياه الري، الأمر الذى يؤثر بشكل سلبى على المحاصيل الزراعية بالقرية، وكذلك قرية دشاشة وباقى العزب والتوابع غرب البحر اليوسفى التى كانت تروى بـ«الراحة» بسبب سحب مياه الرى والمقننات عن طريق المواتير الكهربائية، ما ساعد فى خفض منسوب الترع لأن الفدان فى الأراضى الصحراوية يستهلك ما يقرب من 10 أضعاف ما يستهلكه الفدان فى الأراضى الزراعية.
ويكمل أحمد أبوعرب، فلاح، من قرية المجاهد، بمركز الفشن: إن مياه الرى يتم استغلالها بشكل سيئ من قبل تجار ومافيا الأراضى، حيث يتم بيع الأرض والمياه للمشترين الذين لا نراهم إلا فى مناسبات بعيدة لأنهم يسلمون الأرض لمزارعين آخرين أغلبهم من محافظات أخرى ليقوموا بزراعتها نيابة عن الكبار ويغرون أهالى القرية خاصة السيدات وطلاب وطالبات المدارس للعمل فى حصد المحصول بيومية تزيد الضعف على يومية العامل فى الأراضى الطينية مع ما يستتبعه ذلك من تسرب الفتيات من المدارس.
ويقول حماد مسعود زيان، من أهالى بنى سويف: إنه تم تحرير عشرات المحاضر للمزارعين بتهمة الاستيلاء على أراضى الدولة وتبديد مياه الرى بالترع والمصارف لرى أراضِ غير قانونية وليس لها حيازة زراعية، وبمجرد استدعاء المحرر ضده المحضر يخرج فورا لأنه مجرد زارع وليس مالكا للأرض، خاصة أن جميع المحاضر لا يتم تحريرها باسم الملاك الأصليين ولم يتم تنفيذ حالة إزالة واحدة، بالعكس الظاهرة تستفحل وتعدت الجانب الغربى للطريق الصحراوى الغربية وتداخلت الحدود مع محافظتى الفيوم والمنيا والمحافظات، والوحدات المحلية غائبة عن دورها فى الحفاظ على المال العام.
«ح .ا» مغترب، ويعمل فى إحدى دول الخليج، يقول: إننى كنت أستثمر أموالى فى المجال السياحى من خلال المشاركة فى عبارة نيلية، علاوة على أننى كنت أمتلك أسهما بإحدى القرى السياحية بالبحر الأحمر، لكن مع انهيار السياحة تماما توقفت جميع استثماراتى وحققت خسائر كبيرة فاتجهت للاستثمار الزراعى ووجدته مربحا، وعن طريق سمسار شهير بمحافظة بنى سويف اشتريت 20 فدانا بقيمة نصف مليون جنيه ويقوم مزارعون بزراعتها يقودهم خولى زراعة، ويعمل بها نحو 50 مزارعًا فاتحين بيوتًا ويعولون أسرًا، فضلا عن أنه بزراعة محصول الزيتون حققت مكاسب لا بأس بها واتجهت لتصدير زيت الزيتون وأفكر فى زيادة المساحة بأى ثمن لمواجهة المطالب التصديرية وأرحب بأى حل تقترحه المحافظة لتقنين أوضاعنا. 
«م.م» طبيب شهير، يمتلك عدة عيادات خاصة، ويعمل فى مستشفيات خاصة بالقاهرة، وينتمى لأصول سويفية، يلفت إلى أنه اشترى 5 أفدنة عن طريق ابن عمه بمنطقة جبل قرية قفطان الغربية بسعر 50 ألف جنيه للفدان وهذا مبلغ زهيد مقارنة بمناطق الإصلاح فى الشيخ زويد وغرب قوتة بالفيوم، وتمت زراعتها بمحاصيل الشعير والقمح وأيضا الخضر والفاكهة ويعمل بها عشرات الأيدى العاملة، ولم أتوقع أن تنجح التجربة.
أما الدكتور محمد خلاف، أستاذ الإرشاد الزراعى، والمحاضر الدولى بجامعات أمريكا وأوروبا، يؤكد أنه ليس ضد استصلاح الأراضى، بل إن برنامج الرئيس السيسى استصلاح واستزراع مليون ونصف المليون فدان خلال الدورة الأولى لولايته كرئيس للجمهورية والدراسات تشير إلى  أننا أمام نحو 40 ألف فدان تم استصلاحها واستزراعها فى الجبال والرمال الصفراء، ولا شك أن من اشتروها بذلوا العرق والجهد والمال، مطالبا بوجود جهة إشراف حكومية على مشاريع الاستصلاح فى أراضى الجبل الغربى بمركزى سمسطا والفشن حتى لا تترك لقلة من تجار الأراضى ويسيطرون عليها وكأنهم أصحابها، ولا مانع من حفر آبار على نفقة المستصلح لمنع سرقة مياه الأراضى الزراعية لرى أراض خارج الزمام الزراعى.
من جانبة أكد المهندس شريف حبيب، محافظ بنى سويف، أن المحافظة بجميع أجهزتها وبالتعاون مع الأجهزة المعنية الرقابية والأمنية لا تتوانى عن ملاحقة من يعتدون على أملاك الدولة، منوها إلى أنه تم إصدار قرارات الإزالة اللازمة بشأن التعديات وسرقة مياه الرى وسوف يتم تنفيذ الحملات فورا.