الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أحمد الخميسى: «الأديان» ليست بحاجة لقوانين لحمايتها فلها رب يحميها.. أما ازدراء الإنسان فهى جريمة يجب محاسبة المسئولين عنها

أحمد الخميسى: «الأديان» ليست بحاجة لقوانين لحمايتها فلها رب يحميها.. أما ازدراء الإنسان فهى جريمة يجب محاسبة المسئولين عنها
أحمد الخميسى: «الأديان» ليست بحاجة لقوانين لحمايتها فلها رب يحميها.. أما ازدراء الإنسان فهى جريمة يجب محاسبة المسئولين عنها




حوار – مروة مظلوم

كأنك تشرب فنجان قهوة مركزة دفعة واحدة على عجل  لتترك أثرها داخلك تفعل بك الأفاعيل.. فى إيجاز تلك هى القصة القصيرة.. تتبع أثر لحظات إنسانية بعينها وتكشف بكلمات موجزة جانب آخر من عالمنا الذى لانعرفه.. تاريخ يكتب بين السطور لألوان من البشر يحكمها عادات وتقاليد وأسلوب حياة لم نعاصرها لكننا نعيش تفاصيلها.. نطقنا بمفرداتهم بفضل سحر مبدعيها الذين خطوا بأقلامهم صفحات فى تاريخ الأدب العربي.. «روزاليوسف»  إلتقت القاص أحمد الخميسى وهو أحد أهم كُتاب القصة القصيرة فى مصر فى حوار يروى فيه أهم محطات حياته.

 

■ حدثنا عن نشأتك الأولى؟
- اسمى أحمد أبو الفتح عبد الرحمن الخميسى وهو اسم مركب، من مواليد 1948 فى حى المنيرة بالسيدة زينب وتحديداً شارع مندرة السكر، وأنا واحد من 13 ابنا للشاعر عبد الرحمن الخميسى أنجبهم من أربع زوجات، أطلق على هذا الاسم تيمناً بصديقه رئيس تحرير جريدة المصرى قبل الثورة، ما أذكره عن نشأتى هو السكن فى شارع الجيش بالعباسية، كان عمرى لم يتجاوز 6 سنوات حين اقتحمه البوليس السياسى للقبض على والدى وقام الضابط وقتها بسحب أحد الكتب من مكتبته وأعطاه لأحد المخبرين برفقته مما استفزنى وهجمت عليه لأنتزعه منه فالكتاب ملك لأبى، هذا المشهد ظل عالقاً فى ذهنى ومنحنى شعوراً بعدم الآمان وأن هناك قوة تبطش بكل شىء.
■ هل كان لغياب الأب وقتها أثر واضح على تفكيرك؟
- بالطبع واختلاف الحياة والظروف، فبعد اعتقاله عام 1953 انتقلنا للعيش مع جدى بالجيزة، غيابه وقتها أثار تساؤلا عن السر وراء الاعتقال فالحياة ليست كما تبدو على السطح هادئة ففيها صراع بين الظلم والعدل، فى تلك الفترة لم أجد أمامى سوى مكتبة جدى وقد كان رجل «رجعى» كتبه معظمها لعباس محمود العقاد فلم أمسها، وعندما خرج والدى من المعتقل انتقلنا إلى شارع مصر والسودان وهناك بدأت تجربتى  الحقيقية، عودة إلى مكتبتنا الضخمة دفعتنى للقراءة بل ولجأت أيضاً لمكتبة فى نفس الشارع الذى أسكن فيه على رصيف فيلا مهجورة لأحد الرسامين، وكنت اشترى الكتاب من البائع بقرش وأقرأه فى ساعة فعقدنا ميثاق شرف أن أعطيه قرشا يومياً مقابل أن يتركنى أقرأ ما شئت من مكتبته دون الاحتفاظ بالكتب، فصرت أقضى نهارى بعد المدرسة على الرصيف  أقرأ بجواره.
■ لمن قرأ أحمد الخميسى صبياً؟
- قرأت وقتها لأجاثا كريستى ويوسف السباعى وإحسان عبد القدروس، لكنى تحسست بداية طريقى بكتابين هم الأهم فى تاريخى، كتاب لسلامة موسى ورواية «ذات الرداء الأبيض» لـ«ويلكى كولينز» وهو من أشعرنى بأهمية الأدب وأثره، وبعد أن انتهيت من مجموعة الكتب على هذا السور خلال ثلاثة أشهر وكلفنى ذلك جنيها واحدا نصحنى بائع الكتب بالانتقال إلى «سور الأزبكية».
■ ما الشخصيات التى تركت أثرا أو بصمة فى حياتك؟
- أول من نشر لى هو والدى عبد الرحمن الخميسى، قصة قصيرة باسم «أم نبيل»، كان عمرى لم يتجاوز 14 عاماً وكان لديه وقتها صفحة ثابتة فى جريدة الجمهورية باسم «حصاد الأسبوع»، فنشر القصة وكان فخوراً بأولى كتاباتى، فالدفعة الأولى كانت بيديه على الرغم من كونى وقتها لم أكن أتخيل أن ما أكتبه ينتمى لتصنيف الأدب، فلم يكن لدى طموح فى هذا المجال وقتها أو هدف محدد، حتى نشر لى محمود السعدنى بعدها بعام قصة بعنوان «رجل صبور»، لكن والدى  لم يؤثر على بشكل مباشر فنياً فهو شاعر بينما أنا قاص، لكنه أثر فى انسانياً، فعلى سبيل المثال فترة اعتقاله مُنع عنا راتبه وكنت طفلاً صغيراً إلا أننى سألت أمى يوماً ماذا لو كتبت أنا مقالات والدى ونرسلها للجريدة باسمه هل سيعيدون صرف راتبه؟، فكرة أن الوالد كاتب وسجن من أجل قضية كانت إلهاماً لى، فقد كان رحمه الله شخصية غير عادية، يكفى أنه إكتشف أكبر موهبتين: يوسف إدريس وسعاد حسني، على الرغم أنه ليس مجال عمله أو تخصصه، كذلك اكتشف شمس البارودى وحسين الشربينى ومجموعة كبيرة من الفنانين.
يوسف ادريس أثر فى فنياً ككاتب قصة أولا،ً وإنسانيا لنزعته القوية على مساندة شباب الأدباء وتوجيههم وتقديمهم فى «مجلة الكاتب»، كانت جلساتنا معه أشبه بالورش الأدبية لكتابة القصة، الآن يمكن الجزم بأن أول من أبتكرها هو يوسف إدريس، أذكر أنه ذات يوم كنا فى اتحاد الكتاب أنا ويحى الطاهر عبد الله ومحمود مبروك ومجموعة من الأدباء الشبان وقال  أنه سيبدأ قصة يكمل جزء منها يحيى ثم ألتقط خيوطها منه لأتمها.
بعد قصة «رجل صبور» التى نشرها لى محمود السعدنى كتبت قصة «استرجاع الآحلام» وذهبت بها إلى «إدريس» فى مجلة الكاتب فطلب منى تغيير كلمة «استرجاع»، وعلى الرغم من أن العنوان سخيف إلا أن شيطانى همس لى وقتها بأنه لن تأتنى فرصة أخرى أحكى عنها لأولادى بأننى اختلفت مع «يوسف ادريس» فقلتها حازمة له «لايمكن أغير العنوان»، نظر إلى وقتها وكأنه فهم مغزى الرفض ونشر القصة فى المجلة مع مقدمة جميلة جداً تبعها العديد من القصص التى نشر لها يوسف إدريس، فهو يصنف ضمن ذلك النوع من البشر الذى يعطى بلاحدود.
نجيب محفوظ بالنسبة لى كان على العكس من يوسف إدريس «عمره ماقال كلمة مفيدة» يمكنك أن تقطعه إلى قطع صغيرة دون أن ينطق بجملة مفيدة، «الثلاثية» كانت بالنسبة لجيلى كالقصر الضخم أمام مانقرأه من روايات وقصص أشبه بالبيوت الصغيرة، ذهلت بعد قرائتها وصار شغلى الشاغل وقتها أن أقابل «محفوظ» ومعى مجموعة كبيرة مثل يحيى الطاهر عبدالله وأمل دنقل، وكان معتادا على الجلوس فى الدور الثانى لكازينو صفية حلمى أمام تمثال ابراهيم باشا، وكنا وقتها شباباً أحوج مايكون للتوجيه ولو حتى لقراءة كتب معينة لكنه لم يفعل أبدا.
عام 1961 كان هناك سفاح فى الإسكندرية اسمه محمود سليمان، كان مثيراً للرعب والفزع حتى أن محفوظ فى ثلاث ندوات على التوالى كان يسألنا «لو تناولتم قصة هذا السفاح  كيف تكتبونها على الورق؟!»، كل منا خرج بفكرة، وبعد 6 أشهر أصدر روايته «اللص والكلاب» عن هذا السفاح، لا أستطيع القول بأنه استفاد بماعرضناه من أفكار فهى تافهة بالنسبة لما كتبه لكن الناس بالنسبة له كانوا مادة للتأمل لا للتواصل الإنسانى والتفاعل.
 أقرب شخصيات «محفوظ» لشخصه هو «السيد أحمد عبد الجواد»، تعانى الإزدواجية، محترمة ومحتشمة فى البيت وخارج بيته «مهرج» و«ابن حظ»، وهى فى الأساس شخصية نجيب محفوظ طوال حياته، شخصيتين، واحد طول النهار يكذب ويجامل فى الحكومة، وطول الليل يهاجمها فى رواياته، لكنه كان محترماً جداً فى سلوكه وتعاملاته مع الناس حتى «الجارسون» فى «مقهى ريش» كان يقف له، وأثناء عمله مع «يحيى حقى» فى «مصلحة الفنون» وكلاهما أدباء لكن يحيى كان رئيسه، فعند دخوله مكتبه يقف نجيب محفوظ احتراماً «فيقول يحيى حقى «مش معقول يانجيب» فيرد عليه «الشغل شغل».
جمال الغيطانى كان صديقى منذ الطفولة، تعرفت إليه بالصدفة، والدتى كانت تعمل فى «هيئة الكتاب» كانت هى المسئولة عن النشر فدخل عليها جمال الغيطانى حاملاً «شوال قصص» لم تكن ناضجة لتصلح للنشر فقالت له «بص يابنى أنا عندى ابن زيك كده بيعك وبيحب يكتب قصص تعالى اتعرف عليه»  فجاء جمال إلى المنزل وكان عمرى وقتها 14 سنة، كان جمال  اجتماعيا عكسى أنا انطوائيا، هو من اقترح على يوماً الذهاب لنجيب محفوظ وعرض مانكتب عليه وأقترح أن نقابله خلال ممارسته لرياضته المفضلة «المشى» من منزله لماسبيرو فنستوقفه فى منتصف رحلته على الكوبرى وبالفعل التقينا به وأخذ منا القصص، ولم يصبر جمال فقال «احنا نروح له بقى الصبح على الكوبري»، حاولت منعه فربما لم يكن لديه متسع لقراءتها لكنه أصر، وعندما التقينا بنجيب محفوظ لمعرفة رأيه فيما نكتب قال لى «يا أحمد لو كان فى درجات للقصة كنت أديك 9 من 10» كانت سعادتى يومها لاتوصف لكن بعد أن عرفت أنه يجامل طوب الأرض فهمت أنه حتى لو قال 10/10 ليس هناك فارق.
كانت الخطوة الثانية لى مع جمال الغيطانى فى محاولة الوصول بما نكتب للناس فأشار على بالذهاب معه إلى مجلة «القصة» التى كان يتولى إدارة تحريرها ثروت أباظة ويرأسها محمود تيمور، لم يتخيل الساعى وقتها أننا كُتاب فقال لثروت أباظة «فيه أولاد قرايبك عايزين يقابلوك» وعندما قدمنا أنفسنا له بثقة «احنا كتاب» أظنه كتم الضحك وعرضنا عليه قصتين وكان ذلك عام 1964، قرأهم فى تلك الجلسة وسجل ملاحظاته عليها وكان أول من نبهنى إلى أن الفصحى تخاطب الوطن العربى كله وليس القارئ المصرى فقط.
■ جددت عهد الأب فى المعتقل وأنت لازلت طالباّ.. حدثنا عن تلك التجربة؟
- عام 1968 صدرت أحكام على قادة الطيران كمسئولين عن النكسة وكانت أحكاماً مخففة جدا،ً ثلاث سنوات لاتتناسب مع حجم الكارثة، فخرجت مظاهرات عمال حلوان احتجاجاً على النكسة وخرج الطلبة وأنا فى صفوفهم مؤيدين للعمال، لم أكن أنتمى لفصيل سياسى لكننى أُعتقلت لثلاث سنوات تقريباً دون جريمة.
كانا من فصائل وانتماءات مختلفة وبعضهم لم يكن له فصيل إلا الغضب على النكسة، وظروفنا المالية وقتها تكاد تكون معدومة فالعملة المتداولة للخزانة العامة كانت لشراء السجائر فى حدود العشر جنيهات الخاصة بكل نزيل ورفقائى آنذاك المؤرخ صلاح عيسى والدكتور عبد الغفار مكاوى وهو مترجم والناقد على شلش، ومجموعة من الناس، لحسن حظنا إنضم إلينا أحد الأشخاص الأثرياء - يملك السجائر بوفرة - زكان يهوى كتابة المسرحيات، فكنا ندعه يقرأ لنا مايكتب ونحن نقاد والنقد يحب «النقدية»، نستمع لمسرحياته فى مقابل السجائر، مسرحية لا تتجاوز 4 ورقات قرأها فى 6 أشهر، فى الحقيقة لم نقرأ المسرحية وإنما «دخناها».
أما زملاء القناطر فكانوا أحمد فؤا نجم، والشيخ إمام وقبل الاعتقال كنا نعمل أنا وأحمد نجم وأمل دنقل فى منظمة التضامن التى يرأسها يوسف السباعى فكان هناك صداقة قديمة، وتم حبسنا انفراديا لانرى الشمس إلا ساعة فى اليوم، زنزانتى كانت تتوسط، كلمنا أحمد فؤاد نجم ولواء طيار يدعى صفوت، أنا ونجم كنا نقرأ بينما اللواء لم يكن لديه مايشغل فراغه فكان يطلب من «نجم» أثناء تلك الساعة أن يؤلف له لعبة الكلمات المتقاطعة - بما أنها كانت عمله بالإضافة إلى «بريد القراء» و«لك ياسيدتى»- وبالفعل كان يكتبها له بالنهار ليشغله بحلها فى المساء وكنت أنا الوسيط بين «صفوت» و»نجم» الذى كان يسأله عن الحل كل مرة فيصرخ «نجم «هو أنا أكتبهاله بالنهار وأحلها له بالليل مايحلها هو»، المعتقل لم يترك أثراً سيئاً، على العكس أكسبنا قوة فلم يعد هناك شيء مؤثر بقدره.
المعتقل كان فترة اختزنت فيها خبرة وتجارب استغلها فى الكتابة حتى الآن، لكنه لم يكن فترة إبداع فى الكتابة فقد وضعونا على قائمة اليسارين وكانت إدارة المعتقل تسمح لنا فقط بالقرآن الكريم أما الإخوان المسلمين فيمررون لهم كتب الشيوعيين مثل «رأس المال» لـ«كارل ماركس»، ماحدث كان خيراً لى فعامين ونصف داخل المعتقل كافية لحفظ القرآن الكريم.
■ لماذا حصرت نفسك فى مجال القصة القصيرة ولم تغامر بكتابة رواية طويلة؟
- سألت «يوسف إدريس» سؤال مشابه فأجابنى إجابة شافية «لماذا هناك سباح لمسافة 100 متر وسباح لمسافة 1000 متر»، الفارق بين كل السباحين «النفس الطويل» وأنا لا أملكه ومع ذلك فللقصة القصيرة تميزها معظم الكتاب العالمين أبدعوا بقصصهم القصيرة ولم يكتبوا فى حياتهم روايات طويلة.
■ هل أنت مع أم ضد تحويل النص الأدبى لعمل سينمائى؟
مع ذلك لأنه يكسب العمل الأدبى رواجاً مادام يبرز العمل ولايشوه، على سبيل المثال نجيب محفوظ كتب 3 روايات تاريخية وأربع روايات واقعية «زقاق المدق» و«خان الخليلى «و«بداية ونهاية» و«القاهرة 30»، كل هذه الأعمال لم تكن معروفة قبل أن تلتقطها السينما.
■ هل تقدر اللغة الأدبية على رفع قيمة العمل السينمائى فى ظل المستوى المتدنى للغة السينما؟
- اللغة الأدبية مفهوم مستقل بذاته لكن لغة الحوار السينمائى أو الدرامى أو المسرحى مفهوم مختلف، اللغة تدهورت بشكل مزرى وبصورة مؤسفة لأن اللغة وسيط جمالى كالفتاة الجميلة مصانة لايفترض أن تهان بهذه الطريقة، توفيق الحكيم دعا لوجود لغة وسط بين الفصحى والعامية وهو من أرقى كتاب الحوار لكن مقارنة بما نراه الآن من لغة متدنية تنقل معها متفجرات قبح فى المجتمع دون وظيفة فنية فى النص، فما يقدم من قبح فى حوار السينما يقدم مجاناً دون وظيفة.
■ ما أزهى عصور الإبداع فى رأيك؟
- فترة جمال عبد الناصر، فعلى الرغم من كونها فترة اعتقالات لكنه لم يصادر فكر عمل إبداعى، لاحق من له نشاط سياسى لكن لم يلاحق من له نشاط ثقافى، عندما قام ثروت أباظة بكتابة «شىء من الخوف» وتحويله لعمل سينمائى قالوا له «ياريس عتريس ده أنت» فشاهد الفيلم وهو من أفرج عنه من الرقابة، كذلك عندما كتب توفيق الحكيم «بنك القلق» بعد التأميمات اعترض محمد حسنين هيكل وأبلغ ملاحظاته للرئيس لكنه سمح بالنشر، أولاد حارتنا» نشرت فى عهد جمال عبد الناصر، لم أسمع عن عمل تم مصادرته مادام فى حدود الفن والأدب لايمسه شيئًا، لكن حين دخوله فى السياسة يقف لهم بالمرصاد.
أيام السادات فترة قاتمة أعتبرها أساس كل الإنهيارات الثقافية والسياسية والاقتصادية التى وقعت فى مصر.
■ ترجمت كتبا وروايات عن الأدب الروسى.. حدثنا عنها؟ وما سبب تمجيد الشباب لأدب «ديستوفيسكى» وميلهم لقراءة مترجمات الأدب الروسى؟ ومن هو أفضل من ترجم عن الروسية؟
- ترجمت كتباً وروايات عن الأدب الروسى منها المجموعة القصصية «رائحة الخبز» و كتاب «نساء الكرملين» و«المعجم الأدبى» وكتاب «مجمل تاريخ الأدب الروسى» وقصص وقصائد للأطفال.
تأثير الأدب الروسى ليس وليد الأمس وليس على الشباب وحدهم، فنجيب محفوظ وهو فى سن التسعين وكان لا يرى ولا يسمع جيداً وعندما سألوه عما يذكره من روايات قال «الحرب والسلام» لتولستوى، يحى حقى كان يقول فى عام 1918 كنا مجموعتين على المقهى مجموعة أنصار «موباسان» الفرنسى وأخرى «تشيخوف» الروسى، الشباب لهم الحق فى الانبهار بأدب ديستوفيسكى ولكن عليهم أيضاً أن يعودوا لـ«تشيخوف»، وأفضل من ترجم عن الروسية هو د.أبو بكر يوسف الذى ترجم لأنطون تيشخوف من الروسية للعربية.
■ ماذا عن علاقة الأدباء بالسلطة؟
علاقة الأدباء بالسلطة عموماً أمر شائك وبالغ التعقيد، يوسف السباعى لم يكن قلماً فى يد السلطة وإنما كان السلطة نفسها هو لم يكن يروج لأفكار هى فى الأساس مبادئه، نجيب محفوظ أكثر الكتاب تأييداً للسلطة فى مقالاته وأكثرالكتاب هجوماً على السلطة فى رواياته، بعد الثلاثية كل رواياته ضد السلطة «ميرامار»، «السمان والخريف»، «اللص والكلاب»، «الطريق»، كنا شباباً ونشعر بالتخبط فيما نقرأ هل نحاسبه على مقالاته أم رواياته؟ أيهم أصدق؟ فكان رده صريحاً «صدقوا رواياتى».
■ هل كانت مقالات محفوظ كانت دليلاً على عدم مواجهته للسلطة بشكل مباشر؟
على العكس لم يكن هناك أديب أشجع من نجيب محفوظ فى تاريخ مصر هاجم النظام الناصرى فى كل رواياته وبعنف لكنه حسبها بطريقة مختلفة حتى يضمن استمراره فى الكتابة يجب أن يظل بعيداً عن الصدام مع السلطة، لكن هناك كتاب دخلوا فى الصدام بصدر رحب ليثبتوا أنهم ليسوا جبناء كما هو الحال مع «عبد الرحمن الشرقاوى» و«عبد الرحمن الخميسي» و«يوسف إدريس» لكن دخولهم المعتقلات عطلهم عن إبداعهم الأدبى.
■ ما تفسيرك  لندرة إنتاج أدب الطفل فى مصر؟
لأنه ليس مربحاً ولايوجد له دعم ويمكن للكاتب أن يضيع سنوات عمره فى الكتابة للطفل دون مقابل، الكتابة للطفل تحتاج لكاتب يحب مايفعل مثل كامل الكيلانى وهانز كريستيان أندرسن.. مشروع مكتبة الأسرة كان مشروعاً ثقافياً جيداً بغض النظر عن من يتولاه.
■ ما رأيك تهمة ازدراء الأديان؟
الأديان لها رب يحميها ليست بحاجة لقوانين تسن لحمايتها الدين لله.. هى أمور من العصور الوسطى انتهت.. لكن هناك تهمة هى أقسى ولايوجد قانون رادع لها  إزدراء الإنسان بشر بلا طعام لبلا ماء بلا مأوى  فى رأيى إزدراء الإنسان هى جريمة يجب أن يحاسب المسئولون عنها.
■ كيف ترى حال الثقافة المصرية؟
- الحركة الثقافية راكدة أما وزير الثقافة فهو مدير للثقافة وليس وزيراً مثل من قبله من وزراء، لم يأت بجديد، كيف يتحول منزل أبو الموسيقى المصرية سيد درويش فى الأسكندرية إلى حظيرة ماعز وتنشر الصور حتى تتحرك الوزارة ولاحياة لمن تنادى، عندما يهدم منزل أحمد رامى فى حدائق القبة، منزل أحمد عرابى زعيم الثورة العرابية أصبح وكراً لمتعاطى المخدرات ولا حراك من الوزارة إذاً أين وزير الثقافة؟، لم ألمس للوزارة دور حقيقى فى تقديم فكرة لامعة تنذر بالتجديد أو فى القيام بتنفيذ مشروع لافت للأنظار، على سبيل المثال تم الاحتفال بذكرى طه حسين فى المجلس الأعلى للثقافة فلماذ لا نحتفل بها فى مسقط رأسه بقرية طه حسين بمغاغة، بين أهله لكان لها أثر قوى.