الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

من «بيت الله» إلى «البيت الأبيض» وثائق «صعود» و«سقوط» الإخوان الحلقة السابعة

من «بيت الله» إلى «البيت الأبيض» وثائق «صعود» و«سقوط» الإخوان الحلقة السابعة
من «بيت الله» إلى «البيت الأبيض» وثائق «صعود» و«سقوط» الإخوان الحلقة السابعة




العلاقات «السرية» بين «التنظيم الدولى» وحركات «العنف المسلح»


دراسة يكتبها: هانى عبدالله

فى سياق سعى «تنظيم الإخوان الدولى»، نحو إحداث نوعٍ من «التوازن» بين تطوير «هياكله الداخلية»، والحفاظ على «بنائه الهرمى» التقليدى؛ مثلت «وثيقة المشروع» (وثيقة الثمانينيات) محور الاتزان «الأساسى» فى تلك المُعادلة.. إذ وضعت «الوثيقة» العديد من النقاط «المفصليّة»، التى مكّنت التنظيم – فيما بعد – من تطوير هياكله، بشكلٍ «أفقى»، من دون المساس بـ«هرميته» المُعتادة (وهو ما غاب – إلى حدٍّ بعيد – عن أغلب من تعرض للوثيقة بالرصد، والتحليل.. فى أوقات سابقة).
فقد مهدت «الوثيقة» الطريق، أمام إضافة «كيانات تنظيمية» مُستحدثة، يحمل كلٌ منها مسمى «جهاز»؛ للقيام بالمهام التنفيذية «الممهدة» لمرحلة التمكين.. وهى «أجهزة» تتشابه فى مضمونها – إلى حدٍّ بعيد – ومضمون الأقسام الداخلية «المعروفة» بكل قٌطر من الأقطار التى يتواجد بها فرعٌ للتنظيم.. إلا أنّ بعضها (أى: بعض تلك الأجهزة) مستحدثٌ تمامًا (أى: ليس له نظير بالأقسام المحلية).. كما أنَّ كل «قسم محلى» ليس بالضرورة له «جهاز» مناظر، من الناحية العالمية، إذ يتوقف هذا الأمر على الحاجة المرحليّة لـ«التنظيم العالمى»، ومدى أهمية تأسيس «أجهزة عالمية» مناظرة لبعض «الأقسام المحلية»، من عدمه.
فهى (أى: الأجهزة)، تُمثل- فى مجملها- روافد للتغذية، و«التغذية المرتدة»؛ لدعم العمل العالمى.. وبالتالى.. كان أن تم إخضاعها – بشكل مباشر - لإشراف قيادات مكتب الإرشاد العالمى (يُشرف على عمل كل جهاز، عضوٌ من أعضاء المكتب).. ومن ثمَّ.. كان من محصلة هذا «التطور الأفقى»؛ اعتماد إنشاء عدد من الأجهزة التنظيمية، منها: (جهاز الأمانة - جهاز التربية - جهاز الأخوات - الجهاز الطلابى - الجهاز السياسى - الجهاز الإعلامى - الجهاز المالي).. إلى جوار استحداث جهازى: «التخطيط»، و«الدعم والإسناد» (1).
■ ■ ■
يُمكننا ملاحظة الأساس الذى تم بناء «جهاز التخطيط» عليه، من خلال «المنطلق الأول»، الذى تحدثت عنه الوثيقة (ونقصد بذلك، مُنطلق: معرفة أرض الواقع، واعتماد «المنهجية العلمية» فى التخطيط، والتنفيذ).. إذ إن «عناصر» هذا المُنطلق – على وجه التحديد – هى نفسها العناصر التى تطورت إلى تأسيس هذا الجهاز فى التسعينيات».. إذ كان هدف الجماعة: معرفة العوامل المؤثرة «الفاعلة» فى العالم، من حيث «القوى الإسلامية»، و«القوى المعادية»، و«القوى المحايدة»، واستخدام الأساليب العلمية، والتكنولوجية؛ لدراسة تلك القوى، ومدى إمكانية التعامل معها لاحقًا.
وكانت وسيلة التنظيم إلى ذلك: إنشاء «مراكز للمعلومات» (مراكز استخبارية) تتبع التنظيم، إلى جانب إنشاء «مراكز للدراسات والبحوث»؛ لتحقيق تلك الخطوة.. فضلاً عن استخدام تلك المراكز كـ «واجهات بحثية»؛ لإتمام اللقاءات التنظيمية من خلالها (على سبيل المثال: يُعد مركز «إتقان للتنمية» – مقره بيروت – الواجهة البحثية للقاءات المكتب التنفيذى لجهاز التخطيط) (2).
تدريجيًّا.. بدأت مخططات «جهاز التخطيط» – خلال المراحل الزمنية التالية - فى التطور؛ لتصبح أكثر تعقيدًا، وتداخلاً.. إذ تطور العنصر الخاص بـ(دراسة العوامل المؤثرة «الفاعلة» فى العالم، من حيث «القوى الإسلامية»، و«القوى المعادية»، و«القوى المحايدة»).. إلى خمسة محاور أساسية، هى على سبيل الحصر، محاور:
الصف (أى أفراد الجماعة) – و»التنظيم» (أى: أفرعه الدولية) – و«الأمة» (أى: الدول الإسلامية.. وتنقسم إلى فئتين: «حكومات، وشعوب» - و»غير المسلمين» (وتنقسم إلى فئتين: غير المسلمين بالخارج، وغير المسلمين بالدول الإسلامية) – و«المشروعات المعادية» (أي: الأيديولوجيات، والمُعتقدات، التى تختلف أهدافها مع أهداف الجماعة) – و«الاستراتيجيات العامة» التى ستستخدمها الجماعة؛ للوصول إلى مرحلة التمكين.. وذلك عبر «تقارير رفع الواقع» التى أشار إليها «المنطلق الأول».
ومن هنا.. وتأسيسًا على المرتكزات السابقة؛ كان أن بدأ «جهاز التخطيط» فى عمل خريطة عقائدية «زمنية» للعالم؛ بقصد إعطاء نظرة «كلية» شاملة، تشمل العالم منذ مائة عام» إلى اليوم.. إلى جانب؛ عمل «خريطة مذهبية» للعالم الإسلامى، وأخرى للحركات الإسلامية فى العالم الإسلامي.. والعديد من الدراسات التقيمية لتاريخ «الحركات الإسلامية المعاصرة»، والاستفادة منها.
وكان من شأن تلك التحركات «المُبكرة» كافة؛ أن أشرف «الجهاز» نفسه على وضع الإطار الحركى؛ لتنفيذ «خطة التنظيم العامة» – فضلاً عن تطوير الخطة نفسها – إذ صاغ لهذا الغرض، وثيقة أخرى حملت عنوان «وثيقة المهام والقواعد»، تضمنت نحو 100 هدف واجبة التحقيق، وفقًا للمحاور «الخمسة» السابقة.
.. وكما هو متبع بين قيادات الجماعة، صبت محاور الخطة العامة ــ كذلك ــ فى اتجاه (تأميم) الإسلام، وفقًا لرؤية الجماعة.. إذ يقتضى هذا الأمر من أفراد الصف الإيمان بقيم (الجهاد) فى الداخل والخارج، على حدٍ سواء.. وألا يخل فرد الصف، تحت أى ظروف، بمفهوم الانقياد الكامل خلف رغبات الجماعة (مبدأ السمع والطاعة).. وتقديمها على مصالحهم الخاصة.
كما يتعين على «التنظيم الدولى» فى المقابل؛ إيجاد قنوات اتصال تمكن الجماعة من اختراق المجتمع الدولى (الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن الصين وآسيا)، لإقناعهم بحتمية التعاون ومشروع الجماعة.. وأنهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بالشريك الإسلامى (الجماعة)، أو تهديد مصالحهم الاستراتيجية عبر صناعة أزمات داخلية لأصحاب المشروعات المنافسة (المعادية) (3).
■ ■ ■
يدخل – كذلك – كلٌ من المنطلقين: «الرابع»، و«الخامس»، فى سياق المهام الملقاة على عاتق «جهاز التخطيط».. إذ يُطالب «المنطلق الرابع» بضرورة الجمع بين الاشتغال بالسياسة، وعدم الانعزال – من جهة – والتربية المستمرة للأجيال، والعمل المؤسسى، من جهة أخرى.. وهو فى هذا يتقاطع مع البعض المهام الملقاة على عاتق «جهاز التربية» (4).. إذ اعتمد «جهاز التخطيط» فى تحقيق ذلك الغرض، على عدةِ عناصر، منها:
(حرية العمل السياسى داخل كل قطر – حسب الظروف المحلية – مع ملاحظة عدم الاشتراك فى مسئولية اتخاذ قرارات مصيرية، تخالف نصوص الشريعة الإسلامية).. و(ندب الجميع للاشتراك فى المجالس النيابية، والبلدية، والنقابية، وغيرها من المؤسسات، التى يختار مجالسها الشعب).. و(الاستمرار فى تربية الأفراد، والأجيال.. بما فى ذلك إعداد الاختصاصيين فى المجالات المختلفة، وفق مخطط مدروس).. و(بناء المؤسسات الاجتماعية، والاقتصادية، والصحية، والعلمية، والدخول فى ميادين «الخدمة الاجتماعية»؛ للاتصال بالشعب، وخدمته عن طريق «المؤسسات الاجتماعية»).
وأن يتم هذا الأمر، وفقًا لعدد من المستلزمات الإجرائية، منها:
(دراسة الهيئات السياسية المختلفة، ومدى إمكانية النجاح فى كل قطر).. و(عمل مخطط إرسال «بعثات للدراسات المتخصصة» فى الحقول النادرة، والمفيدة.. كالإعلام، والتاريخ الإسلامى... إلخ).. و(عمل دراسات جدوى لمؤسسات متنوعة.. وإنشاؤها، وفق أولويات محددة فى كل قطر).
.. وهو ما يستلزم – فى المقابل – تحديد عدد آخر من «المهمات المقترحة»، مثل: (دراسة التجارب السياسية للحركات الإسلامية، وأخذ العبر منها).. و(إبداء الرأى السياسى الإسلامى فى سائر القضايا المحلية).. و(تبنى القضايا المحلية «الهامة» فى إطار إسلامى.. كقضايا العمال، و«النقابات»... إلخ).
بيما يُطالب «المنطلق الخامس»، بضرورة السعى، لإقامة «الدولة الإسلامية»، والعمل الموازى «التدريجى» فى السيطرة على مراكز القوى المحلية.. واستخدام العمل المؤسسى وسيلة لذلك.. عبر عدة عناصر، منها:
(تركيز الفكر، والتربية، والعمل؛ لإقامة «حُكم إسلامى» فى الأرض).. و(التأثير على مراكز «القوى المحلية»، و«العالمية»؛ لصالح دعوة الجماعة).. وفقًا للمستلزمات الإجرائية، التالية:
(عمل دراسة علمية لإمكانيات قيام «حكم الله» على أية بقعة فى الأرض، وفق أولويات مدروسة).. و(دراسة علمية لمراكز القوى العالمية، والمحلية.. وإمكانية التأثير فيها).. و(عمل دراسة عصرية لمفهوم «النصرة» للدعوة الإسلامية، والحكم الإسلامى، من حيث، الرجال «المؤثرين» فى الدولة، والبلد).. وأن يتم هذا عبر «المهمات المقترحة» الآتية:
(العمل على تدوين دستور إسلامى، فى ضوء المجهودات التى بُذلت، حتى اللحظة الأخيرة).. و(العمل على تدوين قوانين إسلامية، وغير ذلك... إلخ).. و(اختيار «بُقعة» وإعطاؤها الأولوية؛ لإقامة «حكم إسلامى» فيها، وتركيز الجُهد فيها).. و(العمل فى المؤسسات المختلفة «ذات مراكز القوى»، واستخدامها لصالح دعوة الجماعة).
وهو ما تمت ترجمته – فيما بعد – داخل سياق «الخطة المرحلية» التى يُجددها الجهاز كل أربع سنوات؛ لتحقيق متطلبات «وثيقة المهام والقواعد» (وثيقة الـ 100 هدف).
■ ■ ■
رسخ – أيضًا – «المنطلق الحادى عشر» من الوثيقة (أى: وثيقة المشروع)، لما ُعرف فى أوقات سابقة باسم «جهاز فلسطين».. إذ طالب ذلك المُنطلق، بضرورة: «تبنى القضية الفلسطينية، على المستوى العالمى (على الصعيدين: السياسى، والجهادي)؛ لأنها مفتاح سيادة العالم الإسلامى من جديد فى العصر الحاضر».. وفقًا لتصورات التنظيم.
.. وهو «جهاز» تم تشكيله – من حيث الأصل – لضم عناصر «حماس» بالتنظيم، وتوجيه نشاطها داخل الأراضى المحتلة، بما يُحقق أهداف التنظيم.. وقت أن كان «التنظيم الفلسطينى» تابعًا لـ«تنظيم بلاد الشام» داخل الساحة الأردنية (5).. إذ كان يستهدف تأسيس الجهاز، من حيث الأصل، كما زعم قادة التنظيم:
(إعداد الأمة للجهاد من أجل تحرير فلسطين.. ويُمكن قيادة الأمة، وتحقيق سائر أهداف الحركة الإسلامية، من هذا الطريق.. وخصوصًا، إذا تحقق النصر ).. وفقًا لعدد من «المستلزمات الإجرائية»، منها:
• ضمان جمع المال اللازم للجهاد باستمرار.
• عمل مسح بشرى للأوضاع الإسلامية، وأوضاع العدو فى فلسطين المحتلة (6).
لكن.. ثمة جهاز آخر (أحدث فى تكوينه)، يتجاوز فى مضمونه «دعم القضية الفلسطينية على المستوى العالمى»، إلى مد جسور التواصل مع «الحركات الإسلامية» الأخرى، وتبنى قضاياها عالميًّا؛ للاستفادة منها، واستنزافها قدر المستطاع.. وهو جهاز يُعرف باسم (جهاز الدعم والإسناد).
ويُمكننا أن نلاحظ شيئًا من أثر «البذور الأولى» لذلك الجهاز بين فقرات المنطلقات: السادس، والسابع، والتاسع.. إذ يطالب المنطلق السادس»، بضرورة العمل بإخلاص مع «الجماعات والهيئات الإسلامية» فى محاور مختلفة، وبالاتفاق على قدر مشترك من النشاط «نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه».
.. وكان الغرض – وفقًا لـ«تصورات التنظيم الدولى» - هو: تنسيق العمل الإسلامى فى اتجاه واحد؛ ليتكامل وينمو فى طريق إقامة المجتمع الإسلامى، وإقامة حكم الله فى الأرض.. كلٌ فى المجال الذى يرغبه، أو يتقنه.. وحسب ما يُعطى من جهد.. والعبرة بالإخلاص، وتنسيق الجهود.
وأن يتم ذلك، عبر دراسة «واقع الحركات الإسلامية»، وتقييم تجاربها، ورسم الخطط؛ للتعاون فيما بينها.. والوقف دون إقامة مزيد من الحركات الإسلامية، بالبلادٍ التى بها حركات إسلامية «شاملة».
وفيما نادى «المنطلق السابع» بضرورة قبول وجود نوع من «التعاون المرحلى» بين الحركات الإسلامية (داخل التنظيم).. فضلاً عن غيرها من «الحركات الوطنية»، فى القضايا العامة، بصورة لا ترقى إلى مستوى التحالفات (المصيرية أو الاستراتيجية).. كان أن طالب «المنطلق التاسع» بحتمية البناء المستمر للقوة اللازمة للدعوة الإسلامية، و«دعم الحركات الجهادية فى العالم الإسلامى».. عبر «الاتصال» بأية «حركة جهادية» تنشأ فى أى قطر من العالم الإسلامى، والأقليات الإسلامية، وبناء الجسور معها، بنسب متفاوتة؛ من أجل دعمها والتعاون المشترك.
.. والتحرك فى اتجاه الإبقاء على «فريضة الجهاد» حية؛ لبناء قوة أمن ذاتية؛ لحماية الدعوة والدعاة (محليًّا، وعالميًّا).. إلى جانب دراسة الحركات الجهادية فى العالم الإسلامى، والأقليات الإسلامية؛ بقصد معرفة أوضاعها بدقة.
وهو ما يقطع – بما لا يدع مجالاً للشك – من أن ثمة علاقات تعاون «وثيقة» نجح تنظيم الجماعة الدولى فى إقامتها – عبر سنوات خلت – والعديد من التنظيمات «المتطرفة» الممتدة بطول، وعرض العالم الإسلامى.. وأن علاقة التعاون تلك؛ لم تبتعد فى كثير من الأحيان عن سيناريوهات «التوظيف العنيف» الذى تؤمن به «قيادات التنظيم القُطبية» للتنظيم (نسبة: لـ«سيد قطب»)، ممن سعت – ابتداءً - لإعادة هيكلة «التنظيم الدولى».. فضلاً عن دعم حكات «العنف المُسلح» تلك، من حيث الأصل (!)
■ ■ ■
يبدو واضحًا – فى سياق عمليات التطور الهيكلية السابقة، داخل «تنظيم الإخوان الدولى» أن التنظيم وجه «الجزء الأكبر» من تحركاته المُستحدثة نحو «آليات جمع المعلومات» (سواء أكانت تلك المعلومات: دولية، أم إقليمية، أم محلية).. فضلاً عن تحليلها، وتوظيفها لحسابه الخاص؛ من أجل فرض سيطرة «عالمية» على مُجمل نشاط الحركة الإسلامية «المعاصرة».. بما فى ذلك روافدها «الأكثر عنفًا»، التى تسعى لحمل السلاح، وإعلان «الجهاد الدينى» على كل من تراه عقبة فى طريق مشروعها «التاريخى».
وليس خافيًا – هنا – أن هذا التوجه يتجاوز – فى مضمونه - عملية توظيف «الحركات الإسلامية» نحو إعلان الجهاد داخل أراضٍ «عربية» طالتها أيادى الاحتلال.. إذ يمتد ذلك المضمون، نحو الحركات الأخرى، التى تتبنى «أعمالاً مُسلحة» بزعم إعلان «الجهاد العالمى» على القوى المعادية للإسلام (!)
فلم يعد من قبيل السر؛ الدور الذى لعبه القيادى الإخوانى «عبدالله عزام» فى تأسيس «تنظيم القاعدة» من حيث الأصل.. أو الدور الذى لعبته «الجماعة» نفسها فى «تفريخ» العديد من كوادر هذا التنظيم، ومساندته بـ«المال، والأفراد، والمساعدات العينية» خلال ما اصطلح على تسميته بـ«سنوات الجهاد الأفغانى»، وما تلاها. (7)
ولأن المعلومات كانت هى الهدف الذى يقتات عليه «جهاز التخطيط»؛ كان لابد من دعم تلك المعلومات بأكثر من طريقة.. فإلى جوار «المعلومات» التى كانت تسهم «مراكز الدراسات» التابعة للجهاز فى الحصول عليها؛ لعب - أيضًا – ما يُعرف داخل التنظيم باسم «الجهاز الإعلامى» دورًا مُكملاً فى تأمين جانب آخر من تلك المعلومات، وضخها داخل أروقة تنظيم الجماعة الدولى؛ لإعادة تدويرها مرة أخرى بين ثنايا «مخططات جهاز التخطيط»، واستراتيجياته العامة، و»تكتيكاته المرحلية».
وهو ما يُمكن ملاحظته بوضوح، بين سطور «المنطلق العاشر» من الوثيقة.. وهو منطلقٌ، نادى بالاعتماد على «أجهزة رصد» متنوعة، وفى أماكن مختلفة؛ للتغذية بالمعلومات.. إلى جوار «السياسة الإعلامية» للتنظيم.. إذ إن «الرصد»، و«عمل القرارات السياسية»، و»الإعلام الفعال» – وفقًا لمنطوق الوثيقة -؛ عملٌ متكامل الأجزاء، من حيث التكوين والأداء.. وهو ما قد يتأتى عبر إنشاء «جهاز رصد حديث»، يستخدم التكنولوجيا المتطورة، بما يتكامل مع «مركز المعلومات المقترح» (المركز التابع لـ«جهاز التخطيط»)، وإنشاء «جهاز إعلامى» واعٍ.
لكن.. لم تتوقف عجلة التطور الداخلى (فى عمقها الدولي) على كيانات التنظيم «العالمى» فحسب.. إذ امتدت؛ لتطال كيانين آخرين (من تلك الكيانات ذات «التأثير الدولى»، يتبعان «مكتب إرشاد القاهرة» بشكل مباشر.. وهو ما سيكون لنا معه وقفة جديدة.

هوامش

• هانى عبدالله، «كعبة الجواسيس: الوثائق السرية لتنظيم الإخوان الدولى» – مركز الأهرام للنشر (مؤسسة الأهرام)، 2015م. (بتصرف).
• لمزيد من التفاصيل عن هذا المركز، والدور الذى لعبه القيادى الإخوانى «عبدالمنعم أبو الفتوح»، والنائب اللبنانى «عماد الحوت» فى توظيفه لمصلحة التنظيم.. يمكن الرجوع إلى «المصدر السابق».
• هانى عبدالله (مصدر سابق).
• شغل مرشد الجماعة الحالى «محمد بديع» موقع المشرف على «جهاز التربية» التابع للتنظيم الدولى، قبل تصعيده – مباشرة – لموقعه الجديد، خلفًا للمرشد السابق «محمد مهدى عاكف».
• تم اعتماد هذا انفصال «حماس» عن «تنظيم بلاد الشام» بمجلس شورى «حركة حماس» فى يناير من العام 2012م، بعد نحو 4 سنوات من المداولات والتجهيزات داخل أروقة التنظيم الدولى للجماعة.
• ليس خافيًّا بمكان أن التنظيم جمّد – تقريبًا – كل نشاط لحركة «حماس» بالأراضى الفلسطينية ضد قوى «الاحتلال الصهيونية»، فى أعقاب وصوله للحكم بمصر فى العام 2012م.. وهو ما يعكس – إلى حدٍّ بعيد - «نفعية» التنظيم فى توظيف «القضية الفلسطينية» لمصلحته الخاصة «ضد أنظمة المنطقة السابقة»، خلال أغلب السنوات التى رفع خلالها «راية الجهاد» (!)
• فى اتصال هاتفى - تم فى أعقاب إعلان «الولايات المتحدة الأمريكية» مصرع «أسامة بن لادن» - ذكر مرشد الجماعة السابق «محمد مهدى عاكف» للباحث، أن الجماعة تعتبر «بن لادن» شهيدًا فى سبيل الله.. إذ دافع «عاكف» عن العديد من أعمال «تنظيم القاعدة»، التى طالت العديد من الأبرياء.. وهو ما وثقناه – فى حينه – على صفحات مجلة «روزاليوسف»، فى مقال لنا، تحت عنوان: «اللى تحسبه قاعدة.. يطلع إخوان».