الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع .. الزيارة

واحة الإبداع .. الزيارة
واحة الإبداع .. الزيارة




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 550 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]


الزيارة

كتبها - السيد الزرقانى

فى الصباح قامت «زينب» من نومها وكانت تشعر ببعض الإرهاق البدنى من فرط الحزن منذ صدور الحكم على ابنها «احمد» بسنة سجنًا فى تلك الخناقة التى وقعت بينه وبين ابن محمود بيه أمين عام الحزب الحاكم فى المحافظة رغم أنه كان فى حالة دفاع عن النفس بعد تعمد محمد المصرى إهانته أكثر من مرة أمام الاخرين فى الكافيه الذى يعمل فيه حين كان فى كل زيارة له للكافيه يتعمد الإهانة وإشعاره بحالة من الدونية رغم أن ابنها كان قد انتهى من دراسة كلية الهندسة إلا أن الوظائف كانت محجوزة للبعض من أبناء المحظوظين.
- خرج ابنى للبحث عن العمل وتوصل الى هذا الكافيه واشتغل فيه إلا أن هؤلاء مازال تأثيرهم فى كل مكان.
- وصل الامر الى قيام محمد المصرى بإلقاء الشاى فى وجه ابنى فما كان منه الا ان ألقى الصينية جنبا وانهال عليه ضربا وأصابه فى وجهه دفاعا عن كرامته التى حاول ابن البيه النيل منها ولقنه علقة ساخنة أمام ضيوفه من أبناء الذوات.
- ترك العمل وعاد الى البيت إلا أن الامر لم ينته إلى هذا الحد فتم القبض عليه فى تلك الليلة وتم عمل محضر بعد عمل تقرير طبى مزور يثبت فيه انه اصيب بعاهة مستديمة وقدم إلى المحاكمة.. قامت (زينب) ببيع كل ما تملك من اجل المحامين للدفاع عن ابنها إلا أن المحكمة قد حكمت عليه جنائيا بالسجن سنة مع النفاذ
- اليوم قامت وفتحت الراديو الذى بقى من عفش المنزل واذا بها تسمع المذيعة تعلن عن ان الرئيس قرر السماح بزيارة إضافية للسجناء بمناسبة ذكرى الثورة احست بفرح كبير وقررت الاعداد لتلك الزيارة لانها فرصة لترى ابنها وتشد من ازره فى تلك المحنة وتتأسف له لأنها تتأخر عن الزيارة بسبب الظروف الصعبة التى تعيش فيها منذ تلك الليلة المشؤمة التى تم القبض عليه فيها.
- جلست تفكر ماذا اعد له وأنا لا أملك من أمرى شيئا قامت واعدت العمود وهو مكون من عدة أوان وطبخت ملوخية وارز وصلطة وقررت الذهاب إلى وادى النطرون فى السجن الثانى واستقلت السيارة وقد ذهب تفكيرها فى امور عديدة هل تروى له عن حالها الذى وصل الى الحضيض أم تحكى له انها تمارس العمل فى البيوت من أجل تدبير أحوالها أم تحكى له عن «صفية»  حبيبته التى كان يحلم بالزواج منها وأنها وافقت على الزواج من غيره عقب صدور الحكم بسجنه ولو تصبر........ لا لن اخبره بأى شيء كفاية عليه ماهو فيه من محنة السجن.
وقفت السيارة امام البوابة ونزلت زينب تحمل العمود وبه الطعام حتى اقتربت من البوابة حيث وجدت الحراسة المشددة ونادت على احد الجنود فجاء اليها وسألها عن سبب حضورها إلى هنا قالت له انها جاءت من أجل زيارة ابنها فى السجن فأخبرها بأن الزيارة تم الغاؤها وعليها العودة إلى حيث جاءت.
عم الحزن عليها واخذت العمود واتجهت إلى الرصيف المواجه للبوابة وجلست تبكى على حالها فأحست بأحد الأفراد يقترب منها فرفعت عينها إلى القادم لها.
أنه شخص يرتدى بدلة انيقة سألها لماذا تبكى؟
- كنت عايزة أزور ابنى لأنى سمعت أن الرئيس قد أعلن عن زيارة إضافية فى ذكرى الثورة وتحملت الكثير حتى جئت إلى هنا وأخبرنى العسكرى بأن الزيارة قد تم الغائها.
- أنا ممكن أساعدك على الزيارة بس نتفق على الاتعاب الاول وانا ادافع عن ابنك فى القضية.
- ابنى قضيته انتهت والحكم نهائى وليس معى أى فلوس.
- نظر إليها وقد وجد أساور ذهبية اللون فى يدها وقال لها طيب مانت لبسة أساور اهى نتفق عليها.
- دى أساور قشرة يابنى لا تساوى أى شيء
- نظر الى العمود وقال لها طيب العمود ده أكيد فيه لحوم وخير كثير.
- لاء يا ابنى دا يادوب ملوخية وارز
- كويس هاتى العمود واخذه وأكل كل مابه من طعام وقال لها انتظرى قليلا وسوف ادخلك لزيارة ابنك فقالت له حاضر.
- ذهب المحامى إلى البوابة ودخل والتقى بعض الضباط وعاد اليها وأخذها من أجل زيارة ابنها وعند الوصول إلى البوابة الرئيسية للسجن وجدت الجميع جنودا وضباطا قد وقفوا على الجانبين اعتقدت أنهم وقفوا لها ولكن كان الوقوف وفتح البوابة الرئيسية لامرأة أخرى تركب سيارة فارهة سوداء اللون وترتدى الأساور الذهبية وراحت تلقى بأكياس الطعام إلى هؤلاء الواقفين على الجانبين والكل يتسابق فى تقديم التحية إليها.
أنها والدة اثنين من أكبر اللصوص الكبار الذين نهبوا أموال الدولة ومصوا دم الشعب.