الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

خسائر البلح تطارد مزارعى الوادى الجديد

خسائر البلح تطارد مزارعى الوادى الجديد
خسائر البلح تطارد مزارعى الوادى الجديد




الوادى الجديد ـ محمد عمر


بدأت محافظة الوادى الجديد مبكرا هذا العام فى جمع محصول البلح، وذلك لنفاد جميع الكميات التى كانت موجودة بثلاجات المصانع الحكومية والخاصة خلال موسم شهر رمضان الكريم، ما جعل الطلب متزايدًا على التمور وبسعر أعلى عن الموسم الماضى، علاوة على أنه من المتوقع توريد كميات كبيرة من جانب المزارعين.
فيما يعتبر البلح المحصول الاستراتيجى الأول للوادى الجديد، حيث يوجد أكثر من 2 مليون نخلة موزعة على جميع بقاع المحافظة، وذلك لعدة أسباب، أولها: درجة الحرارة المرتفعة وانخفاض نسبة الرطوبة، الأمر الذى يساعد على نضج محصول البلح، فضلا عن التربة الرملية التى تمتاز بها الواحات وتساعد على إنبات شجرة النخيل.
ويبدأ جمع محصول البلح كل عام بداية من أواخر شهر أغسطس حتى نهاية سبتمبر، حيث درجة الحرارة المرتفعة التى تتخطى 42 وتساعد على نضج المحصول، فيقوم الأهالى بقطع العراجين وجمع البلح منها وفرزه جيدا وتعبئته فى الأقفاص البلاستيك تمهيدا لبيعه للمصانع والتجار.
فى البداية يقول محمد عطية، مزارع من محافظة الوادى الجديد: إن البلح هو مصدر رزقنا الوحيد، فلم نعرف زراعة أى شىء غيره وتوارثنا ذلك عن آبائنا وأجدادنا، موضحا أن الواحات تعتمد على محصول واحد لعدم نجاح زراعات الخضر والفاكهة مثل باقى المحافظات، وذلك بسبب بيئتها الصحراوية وعدم وفرة المياه ومناخها الجاف لذلك نعتمد على زراعة النخيل وبيع محصوله كل عام.
ويلفت إلى أن جمع محصول البلح يعتبر بمثابة عيد للمزارع الواحاتى، حيث إنه يجمع ما كد وتعب فيه طوال العام بداية من شهر يناير أثناء القيام بعملية تقليم وتنظيف النخيل مرورا بتلقيحه وبعدها التدلية والتظميط، ليتم جمعه بعد عناء 8 أشهر متواصلة، مشيرا إلى أن جميع أفراد الأسرة الواحدة يشاركون فى عملية جمع المحصول التى تستغرق عدة أيام من قطع العراجين وجمع ثمارها وتعبئتها فى أقفاص بلاستيك ليتم تحميلها على السيارات لبيعها للتجار.
وينوه عطية إلى أنه بالرغم من أن البلح هو المحصول الوحيد والأول فى الواحات، إلا أن المزارعين يعانون عدة مشاكل كبيرة تواجههم كل عام، بل أصبحت تهدد هذا المحصول على أرض بيئته الخصبة، لافتا إلى أن أولى تلك هذه المشكلات هى عدم ثبات السعر وسيطرة المصانع الخاصة على المصانع الحكومية ليصبح المزارع هو الضحية وينتهى به المطاف ببيع محصوله بأقل الأسعار، وذلك لعدم التزام التجار والمصانع بالسعر الذى يقره المحافظ كل عام.
ويتابع: هذا العام تم الاتفاق على بيع سعر الكيلو بــ7 جنيهات ومع آخر الشهر وقبل عيد الأضحى تجد المصانع والجمعيات الحكومية التى تشترى البلح من المزارعين قد امتلأت مخازنها وثلاجتها عن آخرها، فتمتنع عن شراء المحصول من المزارع وتكتفى بما حصلته فى تلك الفترة الصغيرة، التى لم يكن قام فيها نحو 20% من مزارعى الواحات بجمع محصولهم وبيعه، ما يدفعهم إلى بيع المحصول إلى المصانع الخاصة التى تقوم بتسعير البلح بنفسها وبنسبة أقل من السعر الأصلى المتفق عليه مع المحافظة لعدم وجود بديل آخر، ولكى يتمكن من تصريف ما لديه من محصول خوفا من تلفه، فيضطر إلى البيع بنصف الثمن.
ويضيف مجدى حافظ، صاحب أحد المصانع الخاصة بالوادى الجديد: إن هناك نحو 28 مصنعًا حكوميًا وخاصاً على أرض المحافظة تعمل فى تغليف البلح الخام وتصنيع البلح المخلوط بالشيكولاتة والبندق واللوز والفسدق، بالإضافة إلى تصنيع العسل، مشيرا إلى أن هناك مشكلات كبيرة تواجه المصانع الخاصة وتسببت فى إغلاق الكثير منها خلال الفترة الأخيرة، مستنكرا تقاعس مديرية التموين والصحة والزراعة عن ملاحقة أصحاب مصانع بير السلم والورش غير المرخصة التى تصنع البلح دون تصريح وتضر باسم وسمعة الوادى الجديد.
وينوه إلى أن أولى هذه المشاكل قيام الدولة بفتح أسواق لبلح الإمارات والعراق داخل الأسواق المصرية، الذى يدخل إلى مصر على صورة أعلاف ويتم تصنيعه مرة أخرى ويتم تصديره أيضا، فى حين هناك نحو 8 ملايين نخلة موزعة بسيوة والواحات البحرية والوادى الجديد وأسوان، ما أضر ببلح الواحات صورة كبيرة فأصبح لا يوجد لدينا أسواق، مستنكرا ممارسات وزارة الزراعة بحق المزارعين وأصحاب المصانع والإضرار بهم كل عام.
ويؤكد حافظ أن هناك مشكلة ثانية وهى عدم وجود عمالة مدربة للعمل بالمصانع لعدم إقبال كثير من الشباب على العمل فى موسم البلح واتجاههم للعمل فى مهن أخرى، ما يدفع أصحاب المصانع إلى تعبئة البلح وتغليفه فقط دون تصنيعه، الأمر الذى يضر بسمعة بلح الواحات نتيجة قيام بعض التجار بالمحافظات الأخرى بتصنيعه فى ورشهم الخاصة دون وجود خبرات سابقة أو الالتزام بالشروط الصحية، لذلك اقترحنا أكثر من مرة على مديرية التربية والتعلم بالوادى الجديد عمل بروتوكول تعاون يقضى بتدريب طلاب المدارس الفنية داخل المصانع خلال فترة الصيف بدلا من التدريب الصيفى فى المدارس غير المثمر.
من جانبه قال الدكتور محسن عبدالوهاب، مدير عام الزراعة بالوادى الجديد: إن اللواء محمود عشماوى، محافظ الوادى الجديد، حدد سعر كيلو البلح هذا الموسم ليصبح 7 جنيهات كحد أدنى للكيلو الواحد، بجانب السماح للسعر بالزيادة أو النقصان طبقا لسياسة العرض والطلب بالسوق، بشرط عدم الانخفاض عن السعر المحدد الذى تم الاتفاق عليه مع كبار المزارعين والمنتجين للمحصول بالمحافظة.
أما صابر عبدالكريم، نقيب الفلاحين بالوادى الجديد، فيطالب بضرورة رجوع المصانع الحكومية إلى سابق عهدها، وذلك بتطويرها بما يتواكب مع السوق حاليا من إنشاء مخازن أكبر وثلاجات تتسع للكميات الكبيرة التى يقوم المزارعون بتوريدها طوال الموسم حتى لا يقعوا فريسة لجشع التاجر وأصحاب المصانع الأخرى.
ويؤكد عبدالكريم ضرورة تشكيل رابطة منتجى البلح، والتى سوف تقوم بتحديد السعر وعملية الإشراف على السوق طوال الموسم وحماية المزارع من الاستغلال، مضيفا إن الرابطة سوف تضم كبار المزارعين على أرض الواحات، وستمثل قوة كبيرة يمكنها من فتح أسواق وخطوط تسويق خارج المحافظة دون الرجوع للمصانع الحكومية والخاصة.
ويلفت نقيب الفلاحين إلى أن هناك عدة مشكلات أخرى تواجه المزارع على أرض الواحات منها: عدم توفير مياه الرى المناسبة قبل جمع المحصول فى ظل ارتفاع درجة الحرارة، وكذلك عدم زيادة ساعات تشغيل الآبار الحكومية، ما يؤدى إلى تلف البلح وتساقطه من عراجينه قبل جمعه وزيادة نسبة الفاقد منه الذى قد يصل إلى نسبة 50% من المحصول الموجود على النخلة الواحدة.