الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإهمال تسبب فى نجاح الدعاية السلبية ضد سمعة مصر الأمنية

الإهمال تسبب فى نجاح الدعاية السلبية ضد سمعة مصر الأمنية
الإهمال تسبب فى نجاح الدعاية السلبية ضد سمعة مصر الأمنية




يعود مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى، كى يستكمل مسيرته التنويرية، بعد غياب دام ستة أعوام كاملة، تنعقد يوم 20 سبتمبر الجارى وحتى يوم 30 من نفس الشهر دورته الثالثة والعشرون، والتى علق انعقادها طويلا من بعد أحداث ثورة 25 يناير وما تلاها من تبعات سياسية، لكن اليوم يعود المهرجان فى ثوب جديد وتحت مسمى آخر «مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى»، وبالرغم من الصعوبات الكثيرة التى واجهت إدارته الحالية حتى يخرج للنور، إلا أن رئيس المهرجان الدكتور سامح مهران يؤكد أنه تغلب عليها، وربما كان أبرزها وأشقها تشويه سمعة مصر الأمنية بالدول الأوروبية، والتى ما زالت تحتاج إلى مجهود مضاعف لإعادة الثقة الأمنية بالبلد من جديد، وفى هذا الحوار الصريح قال مهران لروزاليوسف:

■ كيف ترى عودة المهرجان بعد غياب دام ستة أعوام كاملة؟
- لدينا مكتسبات، فعلى سبيل المثال أصبح هناك مجلس إدراة للمهرجان يعمل بشكل مؤسسى، وستكون له ميزانيته المستقلة فى الموازنة العامة لوزارة الثقافة بدءا من العام القادم، لأنه كان هناك بند يسمى المهرجانات لكننا سعينا كى يخصص بند لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى، كما أننا نعتمد على سياسة العمل الجماعى حتى ولو كنا نعمل بقدم واحدة نتيجة الظروف الدولية والمصرية، فهناك أشخاص معادين تماما للمهرجان داخل مصر، حتى اننى فوجئت بالبعض يشيع بأن المهرجان لن يخرج للنور، وهذه حالة غريبة من الإفساد، وهناك من يتجه إلى إبراز فكرة أن رغيف العيش أهم من إقامة المهرجان ..!! وهذا منطق وزارة المالية وليس وزارة الثقافة، فإذا لم تهتم مصر بالبعد الثقافى ستخسر كثيرا خاصة مع تنامى التخلف والتطرف، ومن الإيجابيات أيضا أننا استحدثنا فكرة الورش ومدتها ثمانية أيام، واقترحت أن تقام دورة المهرجان كل عامين بدلا من كل عام، على أن تستمر الورش طوال العام بمقابل مادى، وتشمل ورش فى تقنيات الخشبة من إمكانيات صوت وإضاءة وديكور وورش فى الكتابة للمسرح الحديث وورش فى التمثيل والإخراج مدفوعة وبهذا الطريق ندخل فى اقتصاديات الثقافة، لأننى أتذكر أن وزراة الآثار فى فترة من الفترات أسست موقع إلكترونى عالمى كان يدخل للدولة 350 مليون جنيه سنويا، فإذا أسس المهرجان موقعا ضخما بتصميم حقيقى وانفتح بالاتصال مع المهرجانات الدولية، لرؤية ومتابعة ما يحدث بالخارج، ستختلف شكل الحركة المسرحية، كما وجهنا دعوات لرؤساء المهرجانات الدولية والعربية، لأننا بصدد عمل بروتوكول مع هذه المهرجانات لتبادل الخبرات والورش الفنية، وحتى نتمكن من إرسال شبابنا لهذه المهرجانات، لكننا للأسف خسرنا الإصدارات التى كان يواظب الدكتور فوزى فهمى على ترجماتها وإصدارها بالمهرجان لأنها كانت إنجازا كبيرا للحركة المسرحية، وأتذكر أنه طبع خلال فترة رئاسته حوالى 600 كتاب كانوا مهمين للغاية، وكنت من أكثر المستفدين من هذه الكتب.
■ ما هو تصورك لهذا الموقع الإلكترونى؟
- سيوفر ترجمة لكل الدوريات الحديثة التى تم إصدارها مؤخرا، وسيوفر معلومات وبيانات عن كل العروض المسرحية بالصور من العالم العربى والغربى وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، لأننا يجب أن ننفتح وهذا سيحدث نقلة نوعية بالحركة المسرحية، كما أن الموقع سيأتى بأموال طائلة، وسيغطى أزمة نقص مجلات المسرح فى مصر، وسيحدث تواصل مع الأجيال الجديدة باللغة العربية والإنجيلزية، بجانب إدماج مقاطع فيديو وإعلانات من العروض المسرحية بالخارج لمدة خمس أو ست دقائق، فأعتقد أن مشاهدة مقاطع من أحد عروض برودواى شىء فى غاية المتعة والأهمية.
■ كيف ستعيد تقليد إصدار الكتب للمهرجان من جديد؟
- فكرت أن نتعاون مع المركز القومى للترجمة خلال الدورة القادمة الرابعة والعشرين، بحيث ندفع حقوق الملكية الفكرية لبعض الكتب المهمة وحضرت قائمة بهذه الكتب لا تقل عن 150 أو 170 كتابا من أحدث الإصدارات فى علوم المسرح، بجانب ترجمة نصوص لبعض الكتاب الكبار مثل هيفرا بن، وهى كاتبة بريطانية فى القرن 17، وتعد النظير النسوى لوليم شكسبير فى إنجلترا، انتجت حوالى 17 نصا مسرحيا، ونحن فى مصر لا نعلم عنها شيئا، وبالتالى نضع أسسا لما هو قادم خلال هذه الفترة.
■ لكن ألم تتسبب انعقاد دورة المهرجان كل عامين فى إفساد حالة الارتباط والمشاركة به؟
- اقترحت أن تنعقد دورته كل عامين، بدلا من كل سنة، لإتاحة الفرصة لإفراز إنتاج جديد سواء بمصر أو العالم العربى أو الغربى، لأنه فى رأى سيكون أقوى اذا أقيم كل عامين ولن تحدث أى خسائر على العكس أتصور أنه سيكون أقوى كثيرا، وهذا لصالح المنفعة العامة ولن يخسرنا شىء، وطرحنا الفكرة على مجلس الإدراة ولم نصل بعد إلى قرار، لكننى أميل إلى تحقيقها، وأن يكون هناك بعد اقتصادى بالمهرجان عن طريق الورش الفنية حتى يصبح المهرجان قادرا على تدوير نفسه عبر اقتصاديات الثقافة، يوفر فلوس للدولة، وإذا حدث وجاء شخص مثل فيليب زاريلى، وهو أحد الشخصيات المهمة بالولايات المتحدة، وقدم منهجا كاملا فى سيكولوجية التمثيل، فإذا أقام ورشة هنا لمدة شهر ألم يكن هذا مكسبا للمسرحيين ويشارك فيها محترفون وغير محترفين ومستقلون، وهواة وبالتالى سيتسبب هذا فى إحداث نقلة كبيرة بالحركة المسرحية المصرية.
■ ما أهم التحديات التى واجهت إدارة المهرجان ؟
- قد يتسبب كلامى فى إغضاب الكثيرين، لأن سمعة مصر أمنيا ليست جيدة بالقدر الكافي، وبعض الدول مازالت تعتقد أن مصر غير آمنة وهذا غير حقيقى، وهذا يعنى أننا نواجه ضغطا هائلا من الشائعات ولا أعلم الأجهزة التى من المفترض أن تتصدى لهذه الهجمات، من المسئول عن هذا الملف؟!! فأرسلت دعوة لأحد الكتاب بالدول الأوروبية رفض الحضور، وقال إنه لن يأتى إلى دولة فاشية، فقلت له هل من المعقول أن يقف المثقف المصرى بجانب ما تسميه فاشية، فرد قائلا هذا سؤال مهم ولم يخطر ببالى طرحه، وقال إنه بالفعل قام بمراجعة عدد من المثقفين المصريين على اختلاف فئاتهم، وتأكد أن كلامى محل صدق، فنحن نتعرض لهجمة شرسة من أجهزة الدعاية الغربية إلى جانب أننا مساهمون فى هذه الهجمة بالإهمال، وبعدم الجدية فى التعامل مع هذا الملف المهم، لذلك اقترح أن يتم تخصيص مساحة مع كل وفد مسرحى وغير مسرحى، من أحد المثقفين الكبار كى يشرح الوضع العام فى مصر بالاتفاق مع العلاقات الثقافية الخارجية.
■ كيف استطعت إقناع باقى الوفود بالحضور؟
- لجأت إلى وزير الثقافة كى يسخر لى المساعدة فى ذلك، لأنه ضمن لوائح المهرجانات الفرق المدعوة عادة ما تتحمل تذاكر الطيران الخاصة بها، لكن فى رأي يجب أن تلعب المؤسسات الثقافية دورا سياسيا بجانب دورها الثقافى وبالتالى تعمدت تحمل تذاكر الطيران للفرق التى رفضت دولها توفير تذاكر لها بحجة الأمن، لأن المهرجان لابد أن يخرج للنور حتى ولو كان خروجه غير مكتمل لكننا بحاجة لإثبات أن مصر دولة آمنة وأن المثقف المصرى قادر على شرح ومواجهة التحديات الراهنة وتحت كل الظروف نعمل ونقيم مهرجانات ولن نغيب عن الساحات الدولية والإقليمية.
■ هل تسبب إلغاء التسابق فى تراجع الفرق عن الحضور؟
- إطلاقا لأن التسابق لعبة ضارة بالمسرح، فكل مسرح وليد بيئته ووليد سياق حضارى وثقافى واجتماعى وسياسى مختلف عن الآخر، وبالتالى من الصعب جدا مقارنة سياق بسياق آخر، وفى مهرجانات مثل أدنبرا وأفنيون كونستنت بروكسل ليس هناك أى تسابق، لأن التنافس يخلق حالة من التشاحن بين المشاركين، وبالتالى لن ينظر كل شخص إلى عمل الآخر برحابة صدر بل يدخل متنمرا لتصيد الأخطاء، فلماذا لا نسعى لإمتاع الناس بالمهرجان عن طريق المتابعة والمشاهدة فقط.
■ لكن ألم يتسبب هذا الإلغاء فى استسهال البعض لعدم وجود تقييم؟
- التقييم والأفضل يكون وفقا لأذواق لجان التحكيم وأى جائزة لا تمنح بشكل مطلق بمعنى أن الأفضل دائما سيكون خاضعا لاختلاف أذواق اللجان، فإذا كانت لجنة ذوقها الفنى كلاسيكى ستحظى العروض الكلاسيكية بالأفضلية والعكس، لكننا إذا شاهدنا الموجات الجديدة بالمسرح سنجد أنها أصبحت لا تقدم معنى وبالتالى هذا يقتضى نوعية من الكتابة مختلف، ففى النهاية الكل سيلجأ للإنحياز إلى ذوقه الفنى.
■ ما المعيار الذى تم على أساسه اختيار عروض هذه الدورة؟
- فى كلمة المهرجان تحدثنا فى هذه القضية، لأن هناك من هاجموا فكرة المزج بين كلمتى المعاصر والتجريبى، فمن الناحية اللغوية لا ينعطف اللفظان لغويا على بعضهما البعض، لكن فى لجنة المسرح كان هناك تياران تيار ينادى بالتغيير وإقامة مهرجان دولى للمسرح، وآخرون هاجمونا واتهموننا بالفرعنة باعتبارنا نريد إلغاء ما سبق والبدء من الصفر، وفى النهاية لجأنا إلى حل وأقمنا المؤتمر القومى الأول للمسرح المصرى هذا المؤتمر جمع ألوان الطيف من المسرح، ووجدنا الأغلبية منحازة إلى فكرة التجريبى، ومارسنا شكل بالغ الدميقراطية، لأن هناك متفرجا لا يميل للعروض التجريبية، لذلك فكرنا فى اجتذاب شرائح جماهيرية جديدة، كنوع من التعددية فى الرؤى والفرجة، فاختيار الاسم والعروض كان شكل من أشكال تحقيق الموائمة المسرحية وليست اللغوية.
■ كم عدد الدول المشاركة بهذه الدورة؟
- لم نعمل بمبدأ التمثيل السياسى وكان معيار الاختيار فنى تماما، ولم أتدخل فى عمل لجان المشاهدة إلا بأقل القليل، فيشارك هذه الدورة 17 دولة عربية وأجنبية، و15 عرضا مصريا، وبما أنه لا يوجد تسابق أصبحت المسألة أكثر انفتاحا فى استقبال العروض، وتعمدنا فى اختيار العروض المصرية، أن تمثل ألوان الطيف المسرحى بمصر، والتى سيكون من ضمنها العرض الأول والثانى بالمهرحان القومى للمسرح «القروش الثلاثة» و«الرمادى».
■ ماذا عن المسارح المشاركة بالمهرجان؟
- وجدت تعاونا كبيرا جدا من اسماعيل مختار رئيس البيت الفنى للمسرح، ومنحنا مسارح كثيرة وكذلك الدكتورة الصديقة إيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا فى الافتتاح والختام على المسرح الكبير وسوف تقتصر الفعاليات على افتتاح بروتوكولى ثم يبدأ أحد عروض المهرجان فليس هناك حفلى افتتاح وختام كما هو معتاد، ومنحتنا الصغير أربعة أيام، وخاطبت الدكتور أشرف زكى عميد المعهد العالى للفنون المسرحية، سنأخذ مسرح المعهد ومسرح النهار كما أبدى هشام عطوة رئيس البيت الفنى للفنون الشعبية استعداده لتوفير مسرح البالون فالجميع على استعداد للتعاون.
■ تعرضت لحالة من الهدم طوال الفترة الماضية هل كان لهذا أثر على قرارات إدارة المهرجان؟
- أخطر ما يتعرض له المصريون اليوم أن الشريف وغير الشريف يتحدثون بلسان واحد، وهذا بالطبع تسبب فى أزمة السيولة الكلامية التى نعيشها، والمجتمع أصبح غير قادر على فرز الجيد من الردىء، الجميع يتحدثون لغة واحدة، وهذا قد يترك لدينا غصة لكنه لا يهزمنا على الإطلاق.
■ ما توقعاتك لحجم نجاح الدورة المقبلة؟
- وفقا للسائد الدورة ستكون جيدة وناجحة لكن وفقا لطموحنا، هذا ليس كل طموحى فهناك فرق بين الحلم والواقع والحلم هو ما أسعى إلى تحقيقه دائما وبالتالى يساعدنا على التطوير المستمر، لكننا تحركنا فى إطار المتاح والظروف العالمية، ووزير الثقافة الحقيقية كان رجلا متفهما ومتعاونا للغاية وبالغ الأدب والإحترام، ولم يتأخر بمد يد المساعدة وفقا لظروف الوزراة.