الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

داعش مسلمون أيضا؟!

داعش مسلمون أيضا؟!
داعش مسلمون أيضا؟!




وليد طوغان  يكتب:

قطعت داعش رءوسا كثيرة. صورت بعضهم بكاميرات ديجيتال.. وبثت «الذبح» على يوتيوب. يقول أبو بكر البغدادى انه جندى لله. تنفى دول إسلامية كلام البغدادى لتناقضه مع تعاليم الدين. تصف تلك الدول نفسها بالقابضة على مفاتيح الإسلام الوسطى. ينفون عن داعش الإسلام.. وعن جنود داعش العقيدة السلمية. المعضلة فى أن تلك الدول نفسها تقطع الرءوس أيضا باسم الاسلام والدين القيم والشريعة «السمحة»!
أعدمت دولة اسلامية كبرى 50 بنى ادم خلال العام الماضى بقطع الرأس. حفرت السلطات خنادق فى ميادين عامة.. ودعت العوام للفرجة. استغربت منظمة العفو الدولية، تحالف دول «وسطية» ضد داعش.. تنفذ بالقانون ما تنفذه داعش.. بغير الإنسانية!
سألنى زميل فرنسى.. عن معانى الاسلام الوسطى، اذا كان «الوسطيون» يفعلون ما يمارسه غير الوسطيين.
سؤاله فى محله.
سألنى أيضا عن شرعية «التعذيب فى العقوبات». استفهم عن طبيعة الدين السماوى الذى يتيح للسلطة التمثيل بالجانى فى العقوبة، فتشُهد عليه خلق الله.. امتثالا لدين الله؟
فى الصومال، ومالى.. وبعض مدن باكستان.. وأفغانستان.. تسرى عقوبات الرجم وقطع اليد، وقطع الرأس والارجل.. باسم الوسطية، فى وحشية أسست لمليون سؤال عن الذى يقُصد حقيقة بـ«الوسطية؟»
لما شجبت العفو الدولية حملة قطع الرءوس، تحججت السلطات فى الدولة الاسلامية الكبرى بجلب المقطوعين للمخدرات. تشنج المشايخ وقالوا: اعلاء للشريعة. لكن داعش ذبحت الصحفى الأمريكى والسائق الفرنسى.. ومدنيون فى عرسال اللبنانية اعلاء للشريعة ايضا. فلماذا داعش «متطرفة» بينما الاخرون وسطيون؟
لا يعرف فقه الاسلام عقوبة «قطع الرأس». قطع اليد فى السرقة تسرى وفق ضوابط شرعية فى تحرى ملابسات الجريمة، لو طبقت لما قطع أحد يد أحد. الرجم فى الزنا للمتزوج عقوبة غير إسلامية. او لم تعد من الاسلام. رجم النبى قبل نزول آية «الزانية والزانى فاجلدوا كل منهما مائة جلدة..».
كثير من اهل الفقه يقولون ان النبى رجم على شريعة اليهود حتى ورد النص بالجلد فى القرآن. تماما مثلما صلى المسلمون فى نعالهم كاليهود ايضا، حتى تغيرت القبلة فمسحوا على الخفوف.. وخلعوها اثناء الصلاة.. إلا فى الحرب.
فى الفقه «الحدود» غير «التعزير». «الحدود» منصوص عليها فى كتاب الله. الحدود فى الجرائم التى اقر الله فيها عقوبات بعينها. كالزنا.. السرقة.. الحرابة. أما التعزيرات.. فمن اختصاص ولى الأمر، ومن ابتكاره، زجرا للجانى، واخافة لآخرين.. منعا للفوضى.
قطع رءوس مهربى المخدرات «تعزير»، لانه ليس فى القرآن حدا لجالب الكوكايين. لم يرد نصا لمهرب الماريجوانا. صحيح لولى الأمر تقدير العقوبة «تعزيرا» حسب الجرم وحجمه، لكن «تمادى ولى الأمر فى وحشية العقوبة» لا يمكن أن يعلق على شماعة «الشريعة.. وصحيح الدين». لا يمكن التحجج باطلاق الإسلام الحرية لولى الامر فى ابتكار ما يراه من عقوبات.
قطع رأس مهرب مخدرات فى ميدان عام.. ليس «تعزيرا شرعيا»، انما انتهاك للآدمية.. وقتل معالم ومشاعر البشر.
فى وصية حربية لأحد صحابته قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): «لا تقتلوا عسيفا.. ولا شيخا ولا طفلا.. ولا نساء.. ولا تضربوا فى الوجه. واذا قتلتم فأحسنوا القتل».
والعقوبات فى الإسلام تطهيرية، يتطهر بها المجرم من جريمته. ومن شروطها «السر مع الإعلان». يعنى الاعلان عن ان فلان سيعاقب تحذيرا للآخرين.. ثم تنفيذها فى السر رحمة بالمعاقب.
ظن بعض اهل الفقه، ان فلسفة العقوبات فى الاسلام كادت أن تعوض الجانى عن معاقبته، لتشديدها فى تحري الرفق واللين . لطم عمر بن الخطاب جلادا.. ظهر شعر إبطه، وهو يجلد سكرانا. امره بالرفق.. والا تعلو يده فوق الكتف، كى لا تشتد الضربة.
لا يصدق العالم اننا وسطيون، لأننا لسنا كذلك. تطرفت داعش.. وتطرفت دول إسلامية اعلنت الحلف على داعش بحجة جرائمها ضد الانسانية.
باتت الوسطية لبانة.. نمضغها.. بينما كثير منا آثمون ولا يعلمون!