«الجاسوس» ابن «الجاسوس»

روزاليوسف اليومية : 27 - 06 - 2011

عودة سليمان ترابين سليل أسرة اعتادت التجسس علي الجيش المصري في سيناء فوالده كان جاسوسًا خاملاً ينشط في توقيتات خاصة وكان يراقب تحركات الفدائيين والمقاومة المصرية وعندما شعر بأن الأجهزة المصرية تتابعه هرب من مصر عام 1990 لإسرائيل ومعه ابنه عودة ترابين الذي كان يتسلل إلي سيناء عبر الحدود لجمع المعلومات ثم يعود ادراجه حتي تم ضبطه عند تسلله لمنزل اخته المتزوجة بالعريش وحكم عليه عام «2000» بالسجن 15 عامًا وهو الآن في سجن طرة ولا يزوره سوي القنصل والسفير الإسرائيليين وتطالب إسرائيل بوضعه علي قائمة أي صفقة محتملة لتبادل الجواسيس مع مصر.
خلال الساعات القليلة الماضية قدم اللواء احتياط عاموس جلعاد منسق العمليات الأمنية والسياسية بين الحكومة الإسرائيلية والقاهرة تقريرًا للسلطات المصرية حول وضع الجاسوس عودة سليمان ترابين الذي تطلب إسرائيل إلحاقه بأي عملية محتملة لتبادل المساجين المصريين في السجون الإسرائيلية بجواسيس إسرائيل بالقاهرة.
ومن أوراق ملف الجاسوس عودة ترابين يتبين أنه من مواليد قبيلة ترابين الصانع بالعريش في يوليو 1981 وعندما كان في التاسعة من عمره هرب مع والده سليمان عودة ترابين عابرا السلك الحدودي بين مصر وإسرائيل وعلي الجانب الآخر كان ينتظره ضباط المخابرات الحربية الإسرائيلية والموساد الإسرائيلي الذين يقومون بتشغيله حيث كان الجهازان الإسرائيليان يتشاركان معلوماته عن مصر.
عودة حكم عليه في القاهرة في 15 مارس 2000 بالسجن 15 عامًا بتهمة التجسس ونقل معلومات عسكرية للعدو وقد ذكرت الأوراق أنه أثناء ضبطه عثر معه علي جهاز اتصالات إسرائيلي الصنع كان يجري اتصالات عن طريقه بالموساد الإسرائيلي ومبلغ مالي كبير من عملة الدولارات اتضح أنها دولارات مزيفة ولذلك السبب تفرعت قضاياه حيث حكم عليه أيضا بترويج الدولارات المزيفة واتضح أنه كان يجند العملاء لحسابات إسرائيل بأن يحصل علي الأموال الحقيقية التي يأخذها كمصاريف تجنيد العملاء من المخابرات الإسرائيلية في حين كان يدفع للجواسيس النقود المزيفة.
عودة سليمان ترابين طبقا لأوراق قضيته كان قد عبر الحدود عدة مرات وراء المعلومات وسقط عندما كان متسللا لمنزل اخته المتزوجة في العريش وبعدها بيومين توصلت إليه الأجهزة المصرية بعد أن أبلغ عنه زوج اخته ويدعي سليمان ترابين وهو نفسه ابن عمته الذي اعترف عليه في المحكمة بأنه كان يتسلل من وقت لآخر لجمع معلومات عن الجيش المصري ثم يعود أدراجه عبر السلك الحدودي وكان عودة قد حاول تجنيده بل منحه بعضا من الأموال المزيفة.
المثير أن والده سليمان ترابين قد تجسس هو الآخر لحساب إسرائيل وجندته المخابرات الإسرائيلية بالعريش أيام حرب الاستنزاف حيث كان يراقب تحركات الفدائيين والمقاومة المصرية وكان من نوعية الجواسيس الخاملة حيث لا ينشط إلا في توقيتات خاصة مما يصعب معه كشفه حتي شعر بأن الأجهزة المصرية وراءه فهرب من مصر في عام 1990 عابرًا بكل أسرته الحدود حيث حصل علي الجنسية الإسرائيلية وعلي منزل حيث يقيم حاليا في رهط بجنوب إسرائيل إلا أن السلطات الإسرائيلية تطارد عائلة ترابين في مساكنها بإسرائيل بل تهدم عليهم المنازل بدعوي أنهم يقيمون بشكل غير شرعي في صحراء النقب.
وكان سليمان ترابين الأب قد حكم عليه غيابيا في القاهرة بالسجن 25 عامًا وهو مطلوب الآن للقاهرة وحكمه لا يسقط بالتقادم طبقا للقانون المصري ولذلك لا يجرؤ علي الحضور للحدود المصرية لزيارة ابنه الجاسوس الذي يمضي عقوبته بالسجن المشدد في ليمان طرة.
ونعود للقصة الرسمية للجاسوس الابن عودة سليمان ترابين وكانت مصر قد أبلغت السفارة الإسرائيلية بوجود عودة ترابين في السجن المصري في ديسمبر عام 2004 عندما كشف للسلطات المصرية لأول مرة يومها أنه يحمل الجنسية الإسرائيلية وكان قد أخفي عن المحققين ذلك خلال محاكمته ومنذ ذلك الوقت ترفض السلطات المصرية تدخل أي جهة في إطلاق سراحه حيث ثبت أنه سليل أسرة جواسيس اعتادت التجسس علي الجيش المصري بسيناء.
ولا يزور عودة حاليا بسجنه في ليمان طرة سوي القنصل الإسرائيلي إيال بسيسو والسفير الإسرائيلي اسحق لفانون أحيانا وهناك زيارات سجلت للسفير رسميا في دفاتر السجن كان منها في 9 فبراير 2010 وفي 4 سبتمبر 2010 ووالدة الجاسوس وتدعي حرية ترابين زارته مرتين مع أخيه الاصغر بعد أن كانت قد أرسلت برسالة للرئيس المصري المخلوع طالبته فيها بضرورة الافراج عن ابنها من السجن المصري نافية عنه لقب الجاسوس، أما السفارة الإسرائيلية فتخصص له مبلغًا شهريا ترسله إليه كل شهر يتعايش منه بداخل سجنه.
وفي تطور جديد أعلن اسحق ملتسر محامي عودة سليمان ترابين الإسرائيلي أنه يبذل حاليا الجهود مع عضو الكنيست عن حزب الليكود أيوب قرا نائب وزير تطوير النقب والجولان بحكومة نتانياهو من أجل المطالبة بالافراج عن الجاسوس الذي يحمل الجنسية المصرية لمولده بالعريش والاسرائيلية عن والده الجاسوس المطلوب لمصر، وأنهم في الخارجية الاسرائيلية وافقوا علي ضمه لأي صفقة جواسيس محتملة. المعروف أن اسحق ملتسر كان قد طلب عن طريق السفارة الاسرائيلية مقابلة اللواء منصور العيسوي في 20 أبريل 2011 لكن اللقاء لم يتم بسبب الاحزاب السياسية في مصر ورفض الوزير.
وكان اسحق ملتسر قد كشف لراديو جيش الدفاع الاسرائيلي هذا الاسبوع عن أن صفقة لتبادل الجاسوس عودة سليمان ترابين كانت معدة وقد وافق عليها الرئيس المخلوع حسني مبارك غير أن مدير المخابرات العامة عمر سليمان كان يرفض الصفقة بشدة حيث تقابل مع عاموس جلعاد وتحدثا حولها عدة مرات وأن مبارك كان قد اتفق مع إسرائيل قبل سقوطه بأنه سيعيد عودة ترابين لإسرائيل في 2011 غير أن الوقت بالنسبة له كان قد انتهي.
أما آخر التطورات في قضية الجاسوس عودة سليمان ترابين الذي سيبلغ عامه الثلاثين بالسجن المصري الشهر القادم فقد كان طلبا تقدم به الأمين العام لمنظمة العفو الدولية سليل شيتي في زيارته لمصر منذ أيام طالب فيه بضرورة الافراج عن الجاسوس عودة سليمان ترابين مشيرا إلي إمكانية بحث عملية تبادل موسعة بين مصر وإسرائيل في هذا الشأن كما جرت العادة والبروتوكول في مثل تلك القضايا.
عودة يعيش في نفس الزنزانة التي نزل بها عزام عزام ويعامل أفضل معاملة في سجنه ويوجد لديه موقد يعد به الطعام وراديو يلتقط ارسال جيش الدفاع ولديه ثلاجة وجهاز تليفزيون ويحصل علي افضل رعاية طبية وأجريت له منذ عام ونصف العام عملية في الرئة وعمل كشف نظارة ويقوم القنصل الاسرائيلي بالقاهرة إيال سيسو بزيارته بشكل دوري وهو يلعب كرة القدم مع زملائه في عنبر جواسيس إسرائيل بالقاهرة وجاره عماد إسماعيل هو فني النسيج الذي حكم عليه في قضية عزام عزام بالسجن 15 عاما ويجاوره أيضا محمد العطار مهندس الكمبيوتر المحكوم عليه بالسجن 25 عاما.
أسرة الجاسوس عودة سليمان ترابين كانت قد أوكلت له محاميًا من أصل بدوي مصري يدعي محمود الصانع يزوره حاليا في محبسه من وقت لآخر لحين البت في أمره إما باستكمال فترة العقوبة في مصر أو بمبادلته هو وإيلان جرابيل ضابط المخابرات الاسرائيلية المقبوض عليه بالقاهرة بما يوجد من مصريين لدي إسرائيل.
ويأتي ذلك فيما علمت «روزاليوسف» أن قضية الجاسوس الإسرائيلي إيلان جرابيل ربما تأخذ منحي جديدًا لوجود شركاء آخرين كشفتهما تحقيقات نيابة أمن الدولة لم يتوصل إليهم التحقيق الأولي مع الجاسوس حين ضبطه وكان جرابيل قد حبس لمدة 15 يوما إضافية كما أن القاهرة ربما تعلن عن جواسيس جدد بنفس القضية قريبا.