الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

رابحون وخاسرون فى أزمة القمح

رابحون وخاسرون فى أزمة القمح
رابحون وخاسرون فى أزمة القمح




كتب - د.خالد وصيف

بدون التطرق لتفاصيل قضية أصبحت أمام النائب العام، فقد نجم عن تفجر موضوع قمح الصوامح والشون مكاسب هائلة لا تقل عما نتج عنها من خسائر فادحة، بل ربما تزيد عنها.
قائمة الخسارة واضحة ومعروفة: هناك أصحاب الصوامع والشون التى ثبت وجود تلاعب فى كميات الاقماح بها وتم تحويلهم للنائب العام. مع المجموعة المساندة والمعاونة من الجهاز التنفيذى الذين أقاموا شبكة مصالح وثيقة للاستفادة من منظومة دعم القمح، والذى قدمته الدولة للفلاح المصرى لتحسين وضعه الاقتصادى ولتشجيعه على زراعة القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتى. فإذا بتلك المجموعة تستغل منظومة القمح لدعمها هى شخصيا بملايين الجنيهات. هذه المجموعة حتى لو استطاع بعض كبرائها الاستفادة من ثغرات القانون، وسداد العجز الذى تم اكتشافه، وتسوية موقفها القانونى، فهى قد فقدت مصداقيتها لدى المصريين. خصوصا لمن كان له دور سياسى مكمل لدوره الاستثمارى فى منظومة القمح ومساند له.
خسر الدكتور خالد حنفى منصبه الوزارى، بعد ان قدم استقالته بعد صدور تقرير اللجنة، وهو تصرف حكيم وراشد فى دولة تسعى لتطوير مسارها الديمقراطى، فحتى لو لم تكن هناك مسئولية جنائية يتحملها الوزير السابق، فان مسئوليته السياسية عن فساد ضرب بجذوره فى مؤسسات تابعة له تجعل استقالته تصرفا طبيعيا فى اية نظام ديمقراطى يقوم على مبدأ فصل السلطات. كما ان التحقيق معه لا يمكن ان يمحو الآثار الايجابية التى قام بها لتوفير الخبز المدعم للمصريين. فهذه نقرة وتلك نقرة اخرى.
حققت لجنة تقصى الحقائق مكسبا هائلا وضعها على قائمة الرابحين من تفجر أزمة القمح. فالمجهود الكبير الذى بذلته فى دراسة الملف والقيام بزيارات ميدانية لأماكن الصوامع من اقصى شرق الدلتا الى غربها ومن جنوب مصر الى شمالها. استعادت لجنة تقصى الحقائق الدور الذى كاد ان يغيب لمجلس النواب فى مراقبة انشطة السلطة التنفيذية. خصوصا بعدما تابعنا خلال العام الماضى مستوى المناقشات والموضوعات التى كان يثيرها السادة النواب، والتى ادت لحالة من الاحباط لدى قطاع كبير من المصريين الذين وضعوا آمالهم فى مجلسهم المنتخب لحماية حقوق المصريين. استعادت لجنة تقصى الحقائق ثقة الشارع المصرى مرة اخرى بعد أدائها المشرف الذى يجعلها مهيئة للعب ادوار اكبر واهم خلال الفترة القادمة، ليمارس مجلس النواب كافة الصلاحيات التى اتاحها له الدستور، وهى بالمناسبة أوسع من كل الصلاحيات التى اتيحت لكل المجالس النيابية منذ عام 1952.
الرابح الثانى هو النظام السياسى المصرى وسلطته التنفيذية ممثلة فى مجلس الوزراء، الذى اثبت عدم حمايته لاى انحراف او شبهة فساد. وتعامل مع تقرير مجلس النواب بكل جدية واحترام. مما بث روح الامل فى الرغبة الجادة للحكومة فى محابة الفساد، وان تصريحاتها فى هذا الشأن ستبارح مربع الامنيات والتصريحات الى مربع الفعل. وجود فساد لا يشين اى نظام سياسى لكن عدم التعامل الجاد معه هو الذى يمثل اساءة بالغة تتناقض مع قيم المحاسبة والشفافية. كما ان اكتشاف فساد فى منظومة القمح سيؤدى الذى تعديل المنظومة الحالية والتعامل مع الثغرة التى نفذ منها هؤلاء الفاسدون، وبالتالى يمكن توفير بضعة مئات من الملايين كانت ستضيع العام القادم لو استمرت المنظومة تعمل بالوضع الحالى.
الرابح الثالث هو وسائل الإعلام المصرية التى تابعت القضية واثارتها وقت ان كان السيد وزير التموين مازال يشغل منصبه، ولم تكن الرؤية قد اتضحت بعد فى كيفية التعامل مع الملف. هذه الوسائل الاعلامية استعادت مرة اخرى ثقة المشاهد والقارئ المصرى لها، او هى فى طريقها لاستعادته طالما داومت على الانحياز لمصالح رجل الشارع البسيط، والجمهور الواسع من المصريين.
الرابح الرابع هو الفلاح المصرى الذى ذاق الامرين اثناء توريد محصوله من القمح هذا العام، وكل من اقترب من الفلاحين واستمع الى همساتهم يعلم قدر الابتزاز الذى تعرضوا له سواء من تكدس السيارات امام الشون لاتمام عملية التوريد، او القبول بخصم نسبة من الوزن الفعلى للقمح المورد بدون سند منطقى سوى استغلا ظروف هؤلاء البسطاء لتحقيق مكاسب هائلة لمجموعة من الفاسدين.
الرابح الاكبر هو الشعب المصرى الذى تابع القضية منذ بدايتها، وتجلى وعيه فى المتابعة اليقظة للقضية. ومتابعة سريعة لصفحات التواصل الاجتماعى خلال الاسابيع الماضية تؤكد ان هذا الملف كان على قائمة اكثر الموضوعات تعليقا ومتابعة. ربح المصريون الذين شكلوا رأيا عاما قويا ونافذا، وأكثر تأثيرا من كل الاحزاب السياسية، واستطاع هذا الرأى العام ان يفرض ارادته على الجميع.