السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سفير طاجيكستان بالقاهرة: مصر دولة فريدة.. والأزهر الشريف منارة الإسلام الصحيح ونثمن جهوده فى مواجهة الأفكار المتطرفة

سفير طاجيكستان بالقاهرة: مصر دولة فريدة.. والأزهر الشريف منارة الإسلام الصحيح ونثمن جهوده فى مواجهة الأفكار المتطرفة
سفير طاجيكستان بالقاهرة: مصر دولة فريدة.. والأزهر الشريف منارة الإسلام الصحيح ونثمن جهوده فى مواجهة الأفكار المتطرفة




حوار - علاء الدين ظاهر

تحتفل سفارة طاجيكستان بالقاهرة اليوم الخميس بذكرى الاستقلال، حيث نالت طاجيكستان استقلالها الوطنى بتاريخ 9 سبتمبر 1992 بعد تفكك الاتحاد السوفيتى السابق، وسرعان ما دخلت الحرب الأهلية حتى سنة 1997، حيث تم فى موسكو توقيع اتفاقية الوفاق والمصالحة الوطنية ومنذ ذلك الحين بدأت الأوضاع تعود إلى حالتها الطبيعية واستتب الأمن والاستقرار فى جميع أنحاء طاجيكستان.
وبهذه المناسبة أجرت جريدة «روزاليوسف» اليومية حوارا مع السفير خسرو ناظرى سفير طاجيكستان بالقاهرة، والذى قال فيه: إن علاقاتنا مع مصر تمتاز بالصداقة وحسن التعاون المثمر فى مجالات مختلفة، ونتمنى مزيداً من التطور وتعزيز تلك العلاقات الثنائية، ونحن لا ننسى أن مصر كانت من أول دول العالم التى اعترفت بنا بعد أن نالت طاجيكستان استقلالها الوطنى بتاريخ 9 سبتمبر 1992م وأصبحت لها سيادة على أراضيها.. إلى الحوار..
■ ما تقييمك للعلاقات المشتركة بين طاجيكستان ومصر حتى الآن؟
- منذ استقلالنا عام 1992 قامت علاقات دبلوماسية واقتصادية بين مصر وطاجيكستان، ومنذ ذلك الوقت نشاهد تطور علاقات التعاون المشترك فى مختلف المجالات، قد تم تبادل الزيارات بين البلدين، ومنها الزيارة التاريخية التى قام بها الرئيس إمام على رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان لمصر فى فبراير 2007، حيث تم عقد القمة الطاجيكية المصرية بالقاهرة.
وحينها تم التوقيع على حزمة اتفاقات للتعاون فى مجالات مختلفة، وتم تأسيس اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى والفنى والعلمى بين الحكومتين، وهذه اللجنة كانت بمثابة آلية مهمة لتعزيز التعاون الثنائى وانعقدت جلستها الأولى فى العاصمة دوشنبه يناير 2009، وتطرقت اللجنة حينها للموضوعات المهمة فى العلاقات الثنائية.
واتفق الطرفان على انعقاد جلستها الثانية فى القاهرة، لكن الظروف التى مر بها العالم العربى ومصر بالذات أدت لتأخر انعقادها، وبعد عودة الاستقرار لمصر ورجوعها لمسارها السليم نتمنى أن ينجح الطرفان فى تحديد موعد انعقاد الجلسة المشتركة للجنة، وفى العام الماضى شهدنا تطورا مهما فى علاقتنا الثنائية، حيث تمت مبادلة رسائل ببن زعيمى البلدين ما يؤكد رغبة واستعداد البلدين الصديقين للمضى قدما للارتقاء بالعلاقات الثنائية لمستوى الشعبين الصديقين بما فيه الخير والمنفعة والخير المشترك للبلدين والشعبين.
■ ماذا عن حجم التبادل التجارى؟
- التعاون التجارى من أهم المجالات فى العلاقات الثنائية بين كل بلدان العالم، وعلاقاتنا التجارية مع مصر ليست بنفس قوة العلاقات الثنائية، وهذا للأسف بسبب بعد المسافة بين مصر وطاجيكستان وهو بلد ليس له موانئ على بحور، كل هذا مثل معوقات فى تطوير العلاقات التجارية بين البلدين، ورغم ذلك لديهما إصرار على تطوير التجارة وتعظيم حجمها بينهما، حيث إن حجم التجارة بين مصر وطاجيكستان العام الماضى بلغ 6 ملايين دولار أمريكى، وهذا رقم ضعيف بالنسبة للعلاقات المتينة بين البلدين ولا يعكس مستوى العلاقات السياسية بينهما، واللجنة المشتركة آلية مهمة ويمكنها لعب دور كبير فى تقوية العلاقات التجارية المشتركة، وفى العام الماضى كانت واردات مصر لطاجيكستان أدوية وأثاث، كما أن طاجيكستان لديها منتجات يمكن استيرادها لمصر.
وطاجيكستان دولة زراعية ولدينا صناعة وإنتاج ألومنيوم حيث نمتلك أكبر معمل فى آسيا الوسطى لإنتاج الألومنيوم، كما أننا لدينا صناعة المنسوجات، خاصة أن أساليب الزراعة متطورة لدينا وننتج القطن عالى الجودة ونسميه القطن المصرى، لأننا أيام الاتحاد السوفيتى استوردنا بذور القطن من مصر لزراعته عندنا خاصة مع تشابه الظروف المناخية المناسبة له، وبعد ذلك قمنا بتطويره بأساليبنا ولذلك نسميه القطن المصرى، كما أننا ننتج الفواكه والخضروات ولها سوق كبيرة فى روسيا وبلدان أخرى.
وهناك ضرورة لتبادل الوفود التجارية والمستثمرين ورجال الأعمال بين الطرفين، وذلك لإطلاع كل جانب على إمكانات البلد الآخر وفرص الاستثمار فيه، والسفارة مستعدة فى أى وقت لتقديم المساعدة لرجال الأعمال والمستثمرين من مصر وطاجيكستان فى سبيل تقوية العلاقات التجارية والاستثمارات المشتركة، خاصة أنه لا توجد استثمارات طاجيكية فى مصر، فى حين أن هناك عدداً من رجال الأعمال المصريين لديهم استثمارات قائمة بالفعل فى طاجيكستان خاصة فى مجالات تصنيع الأدوية والعقارات، وهناك مستثمر مصرى ساهم فى إنشاء البرج السكنى بالعاصمة، ودور السفارة أساسى فى ذلك، حيث نرسل بشكل منتظم تقاريرنا للعاصمة دوشنبه لنعرف رجال الأعمال والمستثمرين فى طاجيكستان بفرص الاستثمار فى مصر.
■ ماذا عن التعاون المشترك فى المجال الدينى مع الأزهر ووزارة الأوقاف؟
- نحن نؤكد دور الأزهر الشريف فى العالم الإسلامى بمثابة منارة الإسلام الصحيح السمح والقيم الأصيلة، وحكومة جمهورية طاجيكستان تقيم علاقات التعاون مع الأزهر الشريف، وعقدت لذلك احتفالات رسمية شاركت فيها الدول الإسلامية، ومنها  مصر التى شاركت بوفد كبير جدا من شيوخ وعلماء الأزهر الشريف، وكان رئيس الوفد حينها الإمام الفقيد الأكبر محمد سيد طنطاوى.
وحينها تم عقد لقاء بين شيخ الأزهر ورئيس طاجيكستان خلال المؤتمر، وهذا يؤكد متانة وعمق العلاقات بين طاجيكستان والأزهر الشريف، واعتراف بدوره كمنارة مهمة للإسلام التى تحارب الإرهاب والأفكار المغلوطة والتطرف، وهو ما يحتاجه العالم الإسلامى فى الوقت الحالى، وهناك 700 طالب طاجيكستانى يدرسون فى الأزهر فى عدة تخصصات مختلفة.
■ كيف يمكن للبلدين فى إطار التعاون المشترك مواجهة الأفكار المتطرفة؟
- نحن رحبنا بإعلان الأزهر محاربة الأفكار المغلوطة والتطرف الدينى ومجهوداته فى ذلك، كما نثمن مبادرة الرئيس السيسى ودعوته لتصويب الخطاب الدينى، حيث إن العالم يرحب بجهود الأزهر فى هذا الإطار، ولا بد من التعاون بين الدول الإسلامية فى تصويب الخطاب الدينى وإنكار الأفكار المغلوطة ومواجهتها، كما رحبنا بمبادرة دار الإفتاء المصرية لتأسيس سكرتارية واتحاد عام لكل دور الإفتاء فى الدول الإسلامية لمواجهة الفتاوى العشوائية.
■ كيف ترى مشاركة عشرات من شباب الدبلوماسيين الطاجيك فى الدورات التدريبية بمعهد القاهرة للدراسات الدبلوماسية فى السنوات الماضية؟
- نحن شاكرون للجانب المصرى على ذلك خاصة معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة لخارجية المصرية، وأنا نفسى تشرفت بزيارة مصر عام 1997 وشاركت فى دورة دبوماسية به، حيث إن الدورات التدريبية المصرية من أكثر الدورات الدبلوماسية شهرة وجذبا بين الدبلوماسيين الطاجيك، حيث إنها توازن بين الجانبين التدريبى والتعليمى الدبلوماسى، وبرنامج لزيارة الآثار والأماكن التاريخية فى مصر والمقاصد السياحية مثل شرم الشيخ والغردقة، لذلك تلك الدورات مشهورة فى طاجيكستان، ونشكر الخارجية والمعهد على ذلك، كما نشكر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التى تعمل على تدريب المتخصصين من الدول المختلفة، ولدينا من شاركوا فى دوراتها خلال السنوات الماضية.
■ الأحداث التى شهدتها مصر السنوات الماضية تسببت فى تعليق اتفاقات تعاون بين مصر وطاجيكستان، هل الظروف حاليا مهيئة لعودتها مرة أخرى؟
- بين مصر وطاجيكستان حتى الآن تم توقيع 8 اتفاقات و6 منها خلال زيارة رئيس طاجيكستان لمصر 2007، حاليا هناك 10 مشاريع لاتفاقيات جديدة محل دراسة بين البلدين فى مجالات مختلفة، والسنوات الماضية التى كان بها عدم استقرار فى الشرق الأوسط ومصر، كان لها تأثير سلبى فى تنفيذ تلك الاتفاقات المبرمة بما فيها تأخير انعقاد الجلسة الثانية للجنة المشتركة للتعاون الاقتصادى والفنى.
وبعد عودة الاستقرار لمصر نتوقع انعقادها فى المستقبل، ومن تلك الاتفاقات الموقعة فى 2007 فى الثقافة والتعليم والطاقة ومكافحة الجرائم والصحة وتصنيع الأدوية، وبعضها تم تنفيذه خاصة فى الصحة والأدوية، حيث قام وزير صحة طاجيكستان بزيارة لمصر فى 2010، وعلى أساس تلك الاتفاقية بدأنا نستورد الأدوية المصرية لطاجيكستان، كما أن مستثمرين مصريين ساهموا فى إنشاء مصانع أدوية فى طاجيكستان، كما أنه بناء على اتفاقية التعليم يدرس كثير من الطلاب الطاجيك فى جامعات القاهرة وعين شمس والأزهر.
■ هل التبادل الثقافى يشغل حيزا من الاهتمام بين البلدين؟
- حكومة طاجيكستان ومصر وقعا اتفاقية تعاون ثقافى فى 1996 عقب سنوات قليلة من استقلال طاجيكستان وهى اتفاقية مهمة، خاصة أنه توجد قرابة بين ثقافة شعبى البلدين، ومصر وطاجيكستان جزء مهم من حضارات العالم ولهما إسهامات كثيرة فى إثراء الحضارة الإسلامية، وتكفى الإشارة إلى علماء كبار نفخر بهم من أصل طاجيكى منهم ابن سينا والبيرونى والإمام البخارى وأبو حنيفة والزمخشرى والترمذى.
كذلك هناك أحمد الفرغانى الذى أنشأ مقياس النيل فى الروضة، وفى القرن 11 زار مصر والقاهرة عالمنا ناصر خسرو أيام الخلافة الفاطمية ومكث فى القاهرة 3 سنوات، واستقبله المستنصر بالله وله كتاب «سفرنامة» والذى تمت ترجمته للعربية، ويعد هذا الكتاب من أهم مصادر دراسة الحياة الاجتماعية فى زمن الفاطميين.
والروابط الثقافية بين البلدين كثيرة وهى فرصة لتطوير العلاقات، وضمن مشاريع الاتفاقات الجديدة التى تتم دراستها مشروع مذكرة تفاهم تعاون ثقافى بين وزارتى الثقافة، وهذه المذكرة تحدد آليات تطبيق اتفاقية 1996 من تنظيم احتفاليات فنية وثقافية مشتركة وإقامة معارض.
وربما بعد توقيع المذكرة يمكن أن نستفيد من تبادل الوفود الثقافية بين البلدين وتعريف كل شعب بثقافة الآخر، خاصة أنه منذ 1996 لم تقم أى فعاليات ثقافية وكل طرف له أسبابه، وعلينا بذل جهد أكبر لتفعيل التعاون الثقافى خاصة مع وجود جذور حضارية مشتركة، حيث إن الثقافة تفعل وتدعم الاتفاقات الأخرى، ونحن نلمس من الجانب المصرى دعم التعاون الثقافى المشترك.
■ ماذا عن التعاون فى مجال السياحة؟
- مصر دولة فريدة من حيث السياحة وتمتلك مقاصد سياحية رائعة مثل المنتجعات الشهيرة على البحر كالغردقة وشرم الشيخ والإسكندرية، كذلك الأماكن التاريخية والأثرية والفرعونية واليونانية والرومانية والمملوكية والإسلامية، ما يجعل مصر من أهم المقاصد السياحية فى العالم، وسائحو طاجيكستان يرغبون فى زيارة مصر وآثارها.
كما أن طاجيكستان لديها جمال الطبيعة وآثارها التاريخية، وهى من المقاصد السياحية الناشئة فى العالم، والسائحون الوافدون إلينا يزيدون كل عام، وهذا يتطلب من الجانبين التعاون فى السياحة، خاصة أنه فى 2010 زار وفد سياحى مصرى طاجيكستان لتبادل الآراء وبحث التعاون المشترك، خاصة أن السياحة من أهم الأعمال الواردة للجنة المشتركة، وهناك رغبة ونية من الطرفين لدعم الشركات السياحية فى البلدين لتنظيم وتبادل زيارة الرحلات والوفود السياحية، والجهات الرسمية الطاجيكية لديها رغبة فى الاستفادة من خبرة مصر فى السياحة.
ووزير السياحة المصرى دعا رئيس لجنة شئون الشباب والرياضة والسياحة فى مجلس الوزراء الطاجيكى لزيارة مصر، ونتوقع تلك الزيارة فى المستقبل القريب، وهذه الزيارة بالتأكيد ستساعد فى تنظيم التبادل السياحى بين البلدين، حيث إنه من أبرز معوقات ذلك عدم وجود رحلات طيران مباشرة بين البلدين وهذا يحول دون زيارة السائحين الطاجيك لمصر والعكس، والمعوق الثانى عدم وجود سفارة مصرية فى دوشنبه عاصمة طاجيكستان، حيث إن السفارة المصرية فى موسكو تغطى طاجيكستان، وهذا يؤثر على استلام تأشيرات السائحين الطاجيك الراغبين فى زيارة مصر.
ومصر لها مكانة فى العالم العربى ونحن فى طاجيكستان نرحب بوجود سفارة مصرية على أرضنا، خاصة أن سفارة طاجيكستان فى مصر كانت الأولى فى العالم العربى عقب الاستقلال، وعدد السائحين الطاجيك الوافدين لمصر قليلون جدا، ورغم ذلك مصر كمقصد سياحى لها شهرة كبيرة بين الشعب الطاجيكى ويعرفون مصر كدولة عريقة وتاريخها القديم وثقافتها وحضارتها وإمكانياتها السياحية.