الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كتـُب الطبخ.. وكتاب الدين!

كتـُب الطبخ.. وكتاب الدين!
كتـُب الطبخ.. وكتاب الدين!




كتب - وليد طوغان 

 

مرة تانية كلام فى مناهج التطرف فى المدارس. تدريس علم الأخلاق فكرة جيدة، على الأقل فى المرحلة الابتدائية. الكلام عن استبدال تدريس التربية الدينية بتدريس علوم الاخلاق فكرة فى محلها. 
لماذا؟ 
لأن حرب التطرف تبدأ من التعليم الابتدائى، بينما فى كتب الابتدائى تبعنا ينام الإرهاب والتعصب الدينى ملء جفونه، ويصحو ويشرب الشاى الأخضر فى انسجام. 
فى حصة الدين وفى حكايات المدرسين فى مدارسنا، ينمو التشدد، والخرافات ونوع من غريب من الفكر الدينى. 
بذور التطرف تنام ليل نهار فى مدارسنا. النظرة المستريبة فى الآخر تبدأ من خروج التلاميذ المسيحيين من الفصل فى حصة الدين الإسلامى، أقلية، لغرفة الموسيقى. 
قبل شهور نفت وزارة التربية والتعليم استبدال مناهج التربية الدينية بكتاب اسمه «كتاب القيم والأخلاق». قالت الوزارة أن الحديث عن الاستبدال كلام إخوانى، لتشويه صورة الوزارة، ونظام 30 يونيو.
ياريت الوزارة ما نفقت. ياريت كان مشروع تدريس الأخلاق صحيحًا. ما الذى يمنعنا من استبدال مناهج التربية الدينية، بتدريس علم الاخلاق فى مرحلة التعليم الإلزامى؟
فى الهند واليابان، لا يدرسان الدين للتلاميذ تحت 12 عاماً. ليس هذا ضد الدين، إنما حشو أدمغة الصغار بكلام ميتافيزيقى لا يفهمه اطفال هو الذى يضر عقولا «صغيرة» ليست فى سن التكليف. 
فى اليابان والهند، مليون أسطورة، وألوف المذاهب الدينية، لكن المتطرفين قليلون. تلك الشعوب عانت كثيرا من التعصب الدينى، والقتل على المذهب، والقتل على العقيدة. عانت من تطرف فكرى شديد، أدخلها عصور الدم، مراحل، ولما خرجت، وجدت أن حرب التطرف، ومكافحة الأساطير التى تتلبس الدين، فتكره الآخر باسمه، وتقتل المعاير باسمه، وتسمم الخناجر باسم الله، لا يمكن أن تحارب من عند رءوس الكهنة فى المعابد، لكن تبدأ حربها الحقيقة من عند التلاميذ الصغار فى مدارسهم.
فكرة تدريس علم الأخلاق جيدة. وعلم الأخلاق مدخل سيكولوجى ممتاز، ممكن اعتباره تمهيداً أو تأهيلاً لاطلاع الاطفال على عقائدهم الدينية فى الإعدادى والثانوى، حيث كبرت العقول، وتفتحت السرائر، وصعب وقتها ان تجذبهم للتطرف قصص خرافية لمدرس الدين، أو تهويمات لا أصل لها عند مدرسة العربى المنقبة. 
تدرّس علوم الأخلاق مصادر الإلزام الخلقى للإنسان. ما الذى يجبرك على فعل شىء، ويمنعك من فعل آخر؟ ما هو الخير، وما هو الشر؟ ما هى نظرتك للآخر، وكيف تتكون؟ 
كيف نستعمل عقولنا؟ هل نمتثل لرأى ما، باعتباره لا يجوز الاجتهاد معه لأنه مشهور أن النبى فلان قاله؟ 
فى الفقه الإسلامى، يقوم الدين الإسلامى على أربع: العقيدة، الأخلاق، المعاملات، ثم العبادات التدرج بين تلك المراحل مهم، فالعقيدة تحسن الأخلاق، ثم تسيطر على المعاملات، لتتوجها العبادات، تأكيدا على الايمان.
ماذا يعنى التطرف؟
التطرف هو ارباك فى تلك المعادلة، ارتباك فى الترتيب. يعنى البدء بالعبادات وتحويلها لطقوس، ثم تكييف العقيدة، والاخلاق، والمعاملات، على تلك الطقوس. راجع كتب التربية الدينية فى مدارسنا، ستجد اكثرها قصصا عن أهل الكهف، وناقة صالح، مع كم هائل من فقه العبادات. من كتب التربية الدينية، ينشأ التلاميذ على أن العالم هو «الإسلام» وأن «الآخر» هو كل من لا يدين بالإسلام. 
من ابتدائى فى مدارسنا نشب على أن العالم كله ضد الدين، وأن الإسلام يدافع عن نفسه ضد العالم.. مع أن هذا ليس صحيحا!
من ابتدائى، يخرج أطفالنا مؤهلين لاستيعاب قصص عن عذاب القبر، ويأجوج ومأجوج. من صغر سنهم، يخرج التلاميذ المسلمون مدفوعين بعدم تهنئة الآخر بأعياد الكريسماس والفصح. 
من صغر سنهم، يلوكون قصصا مسلماً بها عن تحريف الكتب المقدسة لغير المسلمين، فيقدرون كتب الطبخ اكثر من كتب العقيدة عند غير المسلمين!
مصيبة، والله!