الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حكاية منزل «علوان» الذى استضاف أحمد عرابى فى رشيد

حكاية منزل «علوان» الذى استضاف أحمد عرابى فى رشيد
حكاية منزل «علوان» الذى استضاف أحمد عرابى فى رشيد




كتب- علاء الدين ظاهر

وسط عشرات المنازل الأثرية فى مدينة رشيد، يأتى منزل علوان (محمد اغا علوان) القرن 12 هـ/ 18م ليحمل خصوصية وتفردًا بسبب شخصية لعبت دورًا مهمًا فى تاريخ مصر الحديث، حيث شهد هذا المنزل اجتماع الزعيم أحمد عرابى باشا بعلوان بك كبير تجار رشيد، وذلك بعد أن تولى احمد عرابى نظارة «وزارة» الحربية عام 1299هـ - 1881م، حيث قام بجولة فى محافظات مصر من أجل كسب مساندة الشعب فى خلافه مع الخديو توفيق، وهو ما أكده مؤرخون كثيرون فى كتاباتهم.
«روزاليوسف» اليومية زارت المنزل الذى يحمل رقم 43 ضمن الآثار مع محمد التهامى مدير عام آثار رشيد، وشاهدنا الحجرة التى شهدت هذا الاجتماع التاريخى بالمنزل الذى يقع بشارع دهليز الملك، وطبقا لما رأيناه وأخبرنا به التهامى يتكون المنزل من ثلاثة أدوار وبالواجهة مدخلان أولهما بارز به باب الوكالة يعلوه زخارف متدرجة، أما المدخل فيؤدى إلى السلم ويعلو الباب الأول منور ويعلو الثانى منوران، والدوران العلويان تنقسم كل واجهة كل منها إلى قطاعين رأسيين، الأول منهما بارز على ما ورده وبه شباكان وثلاثة مناور والجوانب قواصف تعلوها مناور، أما القطاع الثانى فهو مرتد يشغله شباك يعلوه منور بكل من الدورين.
ومن الداخل، يؤدى المدخل الأول إلى دركاه ذات أقبية متقاطعة تؤدى إلى وكالة المنزل التى تتكون من فناء مكشوف تشرف عليه الحواصل التى تتقدمها سقيفة تقوم على أعمدة وتغطى الحواصل أقبية متقاطعة وبالفناء سلم يؤدى إلى الدور الأول (الدهليز)، أما الباب الثانى فيؤدى لسلم المنزل حيث يصل إلى الدورين العلويين، ويتكون كل منهما من ثلاثة قطاعات يمثل أوسطها الدور قاعة التى تطل على الفناء بشباك مزدوج، أما القطاع الأول الجنوبى فيمثل حجرة وخزانة، والقطاع الثالث (الشمالى) يمثل حجرة ومرحاضًا كما توجد بالدور قاعة فتحة لدولاب المناولة.
وصعدنا إلى الدور الأول علوي، حيث توجد الحجرة الجنوبية وهى الرئيسية والتى أخبرنا مدير عام آثار رشيد أنها التى شهدت الاجتماع الشهير لعرابي، وكشف عن سر تميزها زخرفيا عن باقى الحجرات، حيث إن جدرانها مغطاة ببلاطات القاشانى والتى يظهر عليها التأثير المغربى والأندلسى فى أشكال زخرفية بديعة، حيث تمت تكسية الجدران ببلاطات خزفية على غرار تكسيات العمارة الداخلية ببلدان شمال افريقية «تونس - الجزائر - المغرب»، مما أضفى عليها رونقا زخرفيا وجماليا بديعا.
وفى الركن الشرقى يوجد المدخل الجنوبى الشرقى المؤدى الى الوكالة الملحقة بالمنزل، الذى يعلوه عتب مستقيم ويعلو العتب منور مستطيل من المصبعات الحديدية وعلى يمين ويسار الداخل مكسلتان من الطوب، وقد زخرفت كوشتى العقد بزخارف تأخذ أشكالا لصلبان معقوفة تحصر فيما بينها أشكالا نجمية وهندسية سداسية وزخارف متدرجة «شمعدان»، ومنفذة بالطوب المنجور ذى اللونين الأحمر والأسود وصفوف الكحلة البارزة، وعلى جانبى المنور إطار مربع مزخرف بأشكال نجمية وهندسية ويدور حولها زخارف جصية لأشكال صلبان معقوفة تحصر فيما بينها أشكالا نجمية، وباب الوكالة خشبى من مصراعين بالحشوة العليا له زخرفة قوامها نجمة سداسية.
ويؤدى مدخل الوكالة إلى دركاة مستطيلة الشكل من الشمال إلى الجنوب مسقوفة بأقبية متقاطعة مخوصة، ويتدلى منها حلقة حديد مستديرة الشكل وإلى يمين الداخل كتف مبنى من الطوب يرتكز عليه العقد، ثم فتحة معقودة بعقد مدبب منه الى حجرة سقفها معقود بعقد مروحى، وإلى اليسار فتحة عقد منكسر وهو الذى يؤدى إلى المنزل ومن الدركاة إلى دركاة أوسع منها نصفها الجنوبى فناء سماوى مكشوف والشمالى مسقوف بالخشب، وهذا الفناء المكشوف تفتح عليه أبواب الحواصل والتى تتقدمها سقيفة محمولة على عقدين يرتكزان على عمود جرانيتى له تاج كورنثى وسقفت تلك الحواصل بأقبية متقاطعة ويوجد فى الركن الشمالى الشرقى مرحاض تتقدمه غرفة بها خرزة الصهريج.
وعن سبب وجود وكالة بالمنزل مثل كثير من منازل رشيد، قال التهامى: دعت الظروف إلى إنشاء وكالات داخل المنازل نظرا لرغبة أصحاب هذه المنشآت فى ممارسة الأعمال التجارية بها بحرية، إلى جانب عدم وفاء الوكالات الأخرى بضرورة العمليات التجارية ورغبة فى استغلال الوكالات لاستضافة التجار من أنحاء القطر، حيث خصص لهم دور سكنى أعلى الوكالة، وكل ذلك كان من نتائج الحرية التجارية والإزدهار الذى شهدته مدينة رشيد، وقد حافظ المعمار على منسوب مدخل الوكالة والمخازن بنفس منسوب الشارع.