الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المريس.. قرية أقصرية تبحث عن هوية

المريس.. قرية أقصرية تبحث عن هوية
المريس.. قرية أقصرية تبحث عن هوية




الأقصر ـ أسماء مرعى

القرية الحائرة.. هذا هو الاسم الذى يطلق على قرية المريس، المنضمة لمدينة الطود جنوب محافظة الأقصر، بعد فصلها عن مدينة البياضية، وتحويلها لمركز مستقل، وذلك بموجب قرار جمهورى يحمل رقم 2801، لسنة 2009، حيث إن القرية الكائنة غرب نهر النيل، وتبعد 20 كيلو مترًا عن محافظة الأقصر، ويقطنها أكثر من 35 ألف نسمة، تعتبر من القرى الأكثر فقرا بالمحافظة، بل يعيش سكانها واقعا مآساويا، وحالة من التشتت، منذ ما يزيد على 7 سنوات.
والكارثة أنها فقدت هويتها بين 3 مراكز بالمحافظة «غربا ـ جنوبا ـ شرقا»، حيث تتبع قرية «المريس» مدينة الطود إداريًا وصحيًا وزراعيا وتعليميًا، بينما تتبع مركز القرنة فى المياه والكهرباء وقسم الشرطة، علاوة على أنها تتبع مركز أرمنت فى مجال الرى والتأمينات، ما جعل مواطنى القرية يقطعون رحلة «كعب داير» بين مراكز المحافظة، ليتوه مواطنو القرية من أجل إنهاء مصالحهم.
يقول أحمد عبدالله، أحد أهالى قرية المريس: إننا نعانى أشد المعاناة من تعدد القرارات الخاصة بقرية المريس، حيث تم فصل القرية عن مركز أرمنت فى عام 2006، الذى كان وقتها يتبع محافظة قنا، حيث لم تكن الأقصر قد أصبحت محافظة بعد، ثم ضمها إلى مركز البياضية، منوها إلى أنها انضمت إلى مركز القرنة فى البر الغربى فى أواخر عام 2009، بعد تحويل الأقصر إلى محافظة مستقلة، وتحويل الطود إلى مركز منفصل عن مركز البياضية.
ويوضح على جود، أحد المتضررين، أن قرية «المريس» انضمت لمدينة الطود منذ 7 سنوات تقريبا، لتصبح القرية الوحيدة التى تقع فى البر الغربي، وتتبع مركز ومدينة الطود فى البر الشرقى، الأمر الذى تسبب فى تشتت مصالحها بين مراكز المحافظة، منوها إلى أن تبعيتها للطود لا تخرج عن كونها حبرًا على ورق، فما زالت القرية تتبع مركزى أرمنت والقرنة فى أغلب المصالح الحكومية، مستنكرا ضم قرية «المريس» لمدينة الطود التى تبعد عنها 15 كيلو مترًا تقريبا، ويفصل بينهما نهر النيل، بالرغم من وقوع القرية بالقرب من مركزى أرمنت والقرنة، الذى لا يستغرق الوصول إليهما وقتًا لا يتجاوز 15 دقيقة تقريبا.
ويشير أبومحمد حسنين، إدارى بإحدى مدارس القرية، إلى أنه يعانى أشد المعاناة عند الذهاب إلى الإدارة التعليمية بمدينة الطود، حيث إنه يضطر إلى التنقل بين 3 سيارات أجرة، والسير مسافة 15 كيلو مترًا، ناهيك عن انتظار وسائل المواصلات بالساعات، مطالبا بعودة تبعية قرية «المريس» لمركز أرمنت، كما كانت فى السابق، لقربه من القرية، فضلا عن توافر وسائل المواصلات للذهاب إليه، بالإضافة إلى أن قرية المريس أقرب اجتماعيا فى العادات والتقاليد، منها الى مدينة أرمنت عن سواها.
وفاجأنا أحمد حمايد، الشاب العشرينى، برفضه إضافة مدينة الطود إلى هويته الشخصية، حيث يقول: إننى توجهت إلى مركز القرنة لتجديد بطاقتى الشخصية، وطلبت من الموظف المسئول إلحاق عنوان مسكنى بقرية المريس إلى مدينة القرنة وليس الطود، موضحا أنه استخرج البطاقة الشخصية بأن «المريس» تابعة لمركز القرنة، فضلا عن أن قرية «المريس» هى القرية الوحيدة مجهولة الهوية، حيث تتبع لـ3 مراكز بالمحافظة، ما يتسبب فى معاناة شديدة لأهالى القرية عند إنهاء أوراقهم، مطالبا المسئولين بعودة تبعية المريس وضمها إلى مركز أرمنت.
ويلفت حمايد إلى أن القرية تفتقر لأبسط الحقوق وأقل الخدمات، فوسائل المواصلات داخل القرية غير آدمية، والطرق غير ممهدة، والترعة الرئيسية تصدر الأمراض والأوبئة للمواطنين، بسبب تراكم المخلفات عليها، فضلا عن إغلاق الوحدة الصحية بالساعات، وانقطاع المياه طيلة النهار، والمعاملة السيئة من مسئولى الشئون الاجتماعية للأهالى.
ويقول الشاب العشريني، الذى يعانى من إعاقة حركية: إنه ذهب إلى الشئون الاجتماعية لختم بعض الأوراق المهمة الخاصة بجامعته، إلا أن مسئولى الشئون رفضوا التوقيع عليها، ما اضطره للسير مسافة 15 كيلو مترًا، للذهاب لإدارة الشئون الاجتماعية الكائنة بمدينة الطود لإنجاز أوراقه، منوها إلى أنه قدم العديد من الشكاوى يتهم فيها الشئون بالمماطلة إلا أنه لم يتحرك ساكن حتى الآن.
ويضيف أبومريم، أحد المضارين: إن زوجته اتجهت إلى الشئون لاستلام بطاقة التكافل والكرامة، إلا أن مسئولى الشئون رفضوا تسليمها البطاقة، واشترطوا ضرورة حضور زوجها معها، بالرغم من وجود بطاقته الشخصية برفقتها، منوها إلى أن مسئولى الشئون يتفننون فى تعطيل المصالح للمواطنين ـ على حد وصفه
ويشير يحيى حسين، أحد الأهالى، إلى أن المياه دائمة الانقطاع بالقرية، حيث يعيش الأهالى فى أزمة مستمرة، بسبب غيابها، خاصة أنها لا تصل إليهم سوى فى منتصف الليل، ما يضطرهم للسهر لملء الجراكن والأوانى الموجودة فى المنزل، التى لا تكفى احتياجاتهم اليومية، الأمر الذى يجبر الأهالى على الذهاب إلى القرى المجاورة، التى تبعد عنهم مسافة 4 كيلو مترات، من أجل الحصول على المياه.
ولم يقتصر الأمر على انقطاع المياه فقط، بل تعانى القرية من عدم وجود مشروع الصرف الصحى.. يقول محمود أحمد، أحد المتضررين: إنه يعانى أشد المعاناة بسبب غياب الصرف الصحى عن منزله، واعتماده على الترنشات والبيارات، التى تهدد منزله بالانهيار، إلى جانب إصابة أسرته بالأمراض والأوبئة، التى قد تودى بحياتهم، منوها إلى أن توصيل مرفق الصرف الصحى للقرية أصبح حلما منشودا ينتظره الأهالى منذ عدة سنوات.
وأثناء تجول «روزاليوسف» فى «المريس»، رصدت تراكم المخلفات والقمامة، على ترعة القرية، حيث يقول حسين جمعة: إننا نعانى أشد المعاناة من الروائح الكريهة، وانتشار القمامة على ترعة المريس، حيث أصبحت مصرفاً للقمامة والقاذورات، وتتسبب فى انتشار الباعوض والحشرات والفيروسات، التى تهدد حياة الأهالى وخاصة الأطفال بالأمراض، كالتهاب الكبدى الوبائى وفيروس سى، مضيفًا إلى أنه قدم العديد من الشكاوى للوحدة المحلية لإزاله القمامة وتنظيف الترعة، وتوفير صناديق وحاويات مخصصة لجمعها، إلا أنها تبرأت من تنظيف الترعة، وأسندت المسئولية لمديرية الرى بالمحافظة.
ويلفت جمعة، إلى ان عدم تنظيف الحشائش ونبات الهيش والرمل والأتربة بصفة دورية على شاطئ الترعة، ما يجعل منازلهم ملجأ للحيوانات الضارة كالثعابين والعقارب، مستنكرًا إغلاق الوحدة الصحية أكثر من افتتاحها، وأنها لا تعمل سوى ساعات معدودة، فضلا عن تدنى الخدمات وعدم توافر الأدوية، ونقص الأمصال كمصل العقرب، الذى يؤدى نقصه إلى الإضرار بحياة عشرات الأهالى خاصة الأطفال.
وتوضح إسراء محمود، إحدى المتضررات، أن ابنتها أصيبت بارتفاع فى درجة الحرارة، وعندما ذهبت للوحدة وجدتها مغلقة بالضبة والمفتاح، فرجعت بخفى حنين واضطرت للكشف فى عيادة خارجية، لتدهور حالة ابنتها الصحية، منوهة إلى أنها عندما تجد الوحدة الصحية مفتوحة، فإن الطبيب يقوم بصرف الدواء دون فحص، أو الخضوع للكشف الطبى الفعلى، حيث يكتفى الطبيب بتدوين روشتة العلاج، بناء على ما يسمعه شفهيًا من المريض، فضلا عن عدم توافر معظم الادوية بالوحدة.
من جانبه أكد هشام أبوزيد، رئيس الوحدة المحلية بـ«المريس»، ورود عدة شكاوى من الأهالى ضد الشئون الاجتماعية بالقرية، الذى بدوره يحيلها إلى مديرية الشئون الاجتماعية بالطود للنظر فيها.
 يشار إلى أن قرية «المريس»، انضمت لمدينة الطود فى عهد سمير فرج، المحافظ السابق، لتحويلها لمرسى سياحي، إلا أنه بعد اعتراض الأهالى صدر قرار من أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، بإلغاء المشروع، ليذهب المشروع ورئيس الوزراء والمحافظ، ويبقي التشتت والتبعية لأهالى المريس‏.‏