الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الكعبة أول بيت وضع للناس

الكعبة أول بيت وضع للناس
الكعبة أول بيت وضع للناس




كتب -  كمال عبد النبى

الحج فرحة، وكل إنسان يدعو ويطلب من الله عز وجل أن يزور الأراضى المقدسة لكى يطوف حول الكعبة المشرفة ويقف فوق جبل عرفات، ويزور قبر النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) وبين رحلة الذهاب والعودة حكايات شوق ومحبة.
إن زيارة الكعبة المشرفة التى تهفو قلوب الملايين لزيارة بيت الله الحرام وقبلة المسلمين جعلها الله سبحانه وتعالى رمزًا لعبادة المسلمين، فهى بيت الله الحرام وهى أول بيت أقيم على الأرض، وهى أول بيت وضع للناس من أجل عبادة الله جل وعلا، مرة أخرى أقول إن الكعبة المشرفة أول بيت وضع للناس بمكة مباركًا للعالمين.
قال الله تعالى «وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك انت السميع العليم» ولقد بنى سيدنا إبراهيم (عليه السلام) الكعبة من بعد طوفان نوح (عليه السلام) بحجارة بعضها فوق بعض، ولم يجعل للكعبة سقفًا ولا باباً من خشب أو غير ذلك، ولكن ترك فتحة فى الناحية الشرقية لتكون دلالة على وجه بيت الله الحرام.
لقد أقام سيدنا إبراهيم بناءً الكعبة وكان سيدنا إسماعيل يقوم بمساعدته وهو يناوله الحجارة وكانت الحجارة من جبل حراء وقد جعل سيدنا إبراهيم عليه السلام للكعبة ركنين، هما الركن الأسود والركن اليمانى، ولم يجعل لهما أركانا من جهة الحجر، إنما جعلها على هيئة نصف دائرة، وجعل الباب لاصقًا بالأرض، وجعل ارتفاعها من الأرض إلى السماء تسعة أذرع، وجعل عرض جدار وجهها اثنين وثلاثين ذراعًا، وعرض الجدار المقابل واحدًا وثلاثين ذراعًا، وعرض الجدار الذي فيه الميزاب 22 ذراعًا وعرض الجدار المقابل له عشرين ذراعًا.
وبعد زمن من الوقت، تولى أمر بناء الكعبة قصى بن كلاب، وكانت له الحجابة والسقاية، فحاز شرف مكة، ويعتبر قصى بن كلاب الجد الرابع للنبى محمد (صلى الله عليه وسلم) وقد اجتهد فى بناء الكعبة المشرفة، وجمع كثيرًا من النفقات من أجل بنائها، وقد قام بتسقيف الكعبة بخشب الدوم الممتاز وبجريد النخل، وقد بناها على خمسة وعشرين ذراعًا.
وقد جاء بعد ذلك ابن اسحاق من قبائل قريش، وقد جمع الكثير من الحجارة لبناء الكعبة، فقد قامت كل قبيلة وجمعت على حدى ثم بنوها إلى أن وصل البنيان موضع الركن، وقد اختصموا فيه وكان كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون القبيلة الأخري، وقد تحاوروا وتخالفوا لدرجة القتال وقد مكثت قريش على ذلك أربع ليال ثم اجتمعوا حولها ـ أى حول الكعبة ـ وقد تشاوروا، وقال أبو أمية بن المغيرة لمعشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون أول من دخل من باب المسجد أن يقضى بينكم فيه، وقد كان أول من دخل من باب هذا المسجد هو رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) فلما رأوه قالوا هذا الأمين نرضى به، فلما انتهى إليهم وأخبروه بالخبر قال الرسول اعطونى ثوبًا فلما اتوا به أخذه بيده ثم قال، لتأخذ كل قبيلة بناصية من الثوب ثم ارفعوه جميعًا، وقد سمعوا كلام النبى، ورفعوه إذ بلغوا به موضعه، فبنوا حتى رفعوا أربعة أذرع وشبرا ثم كسوها ووضعوا بابها مرتفعًا على هذا الذراع ورفعوها حجارة، وكان طولها تسعة أذرع وكرهوا ان يكون بغير سقف، لما بلغوا السقف قال يا قوم تحبون ان تجعلوا اسقفها دعائم.
وفى زمن آخر جاء عبد الله بن الزبير كان أمامه أمران إما أن يرمم الكعبة أو أن يهدمها، ثم يعيد بناءها، فقرر هدم الكعبة وإعادة بنائها على قواعد سيدنا إبراهيم عليه السلام، وليس كما بناها جماعة قريش، وقد دعا ابن الزبير وجوه الناس وأشرافهم فشاورهم فى هدم الكعبة فأشار عليه ناس كثيرة بهدمها وأبي أكثر الناس هدمها وكان أشهرهم عبد الله بن عباس وقال دعها علي ما أقرها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإني أخشى أن يأتي بعدك من  يهدمها ثم يأتي بعد ذلك آخر فلا تزال تهدم وتبن فتذهب حرمة هذا البيت من قلوبهم ويتهاون الناس بحرمتها ولا أحب ذلك.
فلما أراد الزبير هدم الكعبة أخرج أهل مكة منها، منهم من ذهب إلى الطائف، ومنهم من ذهب إلى منى خوفًا أن ينزل عليهم عذاب بسبب هدمها، ولم يرجعوا إلى مكة حتى أخذ فى بنائها، فلما هدم ابن الزبير الكعبة وسواها بالأرض كشف أساس سيدنا ابراهيم عليه السلام فوجده داخلًا فى الحجر نحو ستة أذرع وشبرًا وقد اخذ بعضها ببعض فدعى الزبير خمسين رجلاً واشرافهم وأشهدهم على ذلك الأساس تم وضع البناء على ذلك الأساس ووضع باب الكعبة على مد ملاصق للأرض وجعل عتبته على الحجر الأخضر الطويل الذى فى ظهر الكعبة من الركن اليمانى، وبلغ الزيد بالبناء ثمانية عشر زراعًا فى السماء كان هذا طولها يوم هدمها.
وقال الزبير كان قول قريش تسعة أذرع حتى زادت قريش فيها تسعة أذرع طولًا فى السماء ازيدنها تسعة أذرع أخرى لبناها لكي يكون بناؤها سبعة وعشرين ذراعًا فى السماء وعرض جدارها ذراعين وكان باب الكعبة قبل بناء الزبير مدخلًا واحدًا فجعل فيها مدخلين طولهما احد عشر ذراعا من الأرض إلى أعلاها.