السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العرب واليونسكو

العرب واليونسكو
العرب واليونسكو




كتب - خالد عبدالخالق

لا يمكن عزل السياق السياسى عن السياق الثقافى للعرب، لذلك ليس غريبا ان يكون هناك ثلاثة مرشحين عرب لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» حتى الآن، وربما يزيد العدد وبدلا من ان تتنافس عليه 3 دول عربية ربما تكون أربع دول أو أكثر، فالعرب كسروا الحواجز وتخطوا المستحيل فى التفاهات والمعارك الصغيرة. السيناريو يتكرر للمرة الثالثة ولم يراجع العرب أنفسهم، أو أن تكون هناك وقفة مع الذات، الإخفاقات تتوالى والهزائم تتكرر فى المحافل الدولية سواء السياسية أو الثقافية أو الرياضية، لم يتعلم العرب من الماضى لم يراجع أحد ذاته قبل إقدامه على التفكير فى الدفع بمرشح عربى لهذا المنصب.
فى عام 1999 تنافس على المنصب اثنان عرب هما إسماعيل سراج الدين من مصر وغازى القصيبى من السعودية، خسر الاثنان، فى عام 2009 تنافس على المنصب اثنان من المرشحين العرب هما فاروق حسنى من مصر ومحمد بجاوى من الجزائر وخسر الاثنان. وعلى ما أعتقد أن عام 2017 لن يختلف عن الدورتين السابقتين.
الكارثة أن السيناريو تكرر هذا العام لكن فى محفل رياضى دولى وهو انتخابات الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا»، مملكة الأردن رشحت الأمير على بن الحسين، مملكة البحرين رشحت الشيخ سلمان آل خليفة، تنافس الاثنان، شتتا الأصوات، خسرا الاثنان، ضاع المنصب.
بحثت كثيرا فى تاريخ الأمم ولم أجد امة تدمر نفسها مثلما تفعل الأمة العربية، الأمم الأخرى دائما ما تكون لديها نهج أو سياسة خاصة بها كمنافسة الآخر، محاربة الآخر، القضاء على الآخر، لكن الأمة العربية هوايتها وسياساتها هى محاربة نفسها، منافسة ذاتها، القضاء على نفسها، كل قُطر عربى يسعى ويجاهد لمحاربة القُطر العربى المجاور له؛ مع أن الاثنين ليس بينهما اى ميزة نسبية أو مطلقة، وعلى الرغم من ذلك تجد العلاقة بينهما كعلاقة الأسود لكن لو حدث خلاف بين دولة عربية ودولة أخرى من دول الجوار غير العربى فإن العلاقة تتحول إلى علاقة الحملان بالذئاب وبالطبع الطرف العربى يكون هو الحمل.
تباين السياسات العربية أفقد العرب قَدرهم وقيمتهم بين سائر الامم، أضاع العرب فرصاً على مدار تاريخهم بسياسات متباينة فيما بينها، لم يخرج قرار عربى من الجامعة العربية بدون تحفظ أو رفض أو اعتراض دولة أو اكثر من الدول العربية، الأمور تكون واضحة عند كل دول العالم إلا الدول العربية تكون الأمور لها أكثر من رؤى واكثر من معنى، السياسات العربية متباينة بل ومتصارعة فيما بينها، اختلف العرب فى كل شىء لم يتفقوا فى شىء، أضاع العرب ماضيهم والآن يضيعون حاضرهم ويدمرون ويقضون على أى مستقبل لأولادهم، كل المجموعات الإقليمية فى المنظمة الدولية أقروا بأن المجموعة العربية هى الوحيدة التى لم تشغل منصب المدير العام لليونسكو، وبذلك تكون فرصة لتوافق عربى من أجل الفوز بهذا المنصب إذا حدث توافق عربي، لكن هذا هو المستحيل.
لم يحدث أى تنسيق عربى من اجل الفوز بهذا المنصب الدولى الرفيع، اختلف العربى حول قُطرية المنصب وبدلا من أن يكون هناك اجماع على عروبته هذه الدورة صار الخلاف على قُطريته، وقد يؤدى الصراع إلى ضياع المنصب من المجموعة العربية مثلما حدث قبل ذلك، مصر لها مرشح ولبنان لها مرشح ثان وقطر لها مرشح ثالث ومثلما هناك انقسام وتشرذم عربى فى السياسات والمواقف داخل الجامعة العربية هناك تشرذم وانقسام عربى داخل المحافل الدولية.
مجلس التعاون الخليجى أبلغ الجامعة العربية بأن مرشح قطر هو مرشح المجموعة الخليجية لليونسكو، ولو اتحاد المغرب العربى فَعال لكان هناك مرشح لاتحاد المغرب العربى، ولو كان مجلس التعاون العربى قائماً لكنا سمعنا عن مرشح لهذا المجلس.
المواطن العربى لم يفاجأ بتلك الترشيحات، لأن سبق تلك المسرحية الهزلية مسرحيات أكثر هزلية وعبثية، فالمواطن العربى يرى دولاً عربية تدعم الإرهاب وتموله بالمال والسلاح وتدفع أطرافاً ودولاً غير عربية للقضاء على دولاً وشعوب عربية مثلما تفعل قطر فى سوريا وليبيا.
المواطن العربى كان شاهدا على تدمير وتفتيت دول عربية ذات حضارة عريقة «العراق» شاركت فيها دول عربية سواء بالمال او السلاح، المواطن العربى يرى دول عربية تتحالف مع كيانات استعمارية من اجل القضاء وتدمير دول عربية اثرت الثقافة العالمية فكرا وعلمًا وكانت نبراسًا للعالم بحضارتها وعلمها وآثارها.