الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تأييد أزهرى لمبادرة إلغاء «الشبكة» لتيسير الزواج بين الشباب

تأييد أزهرى لمبادرة إلغاء «الشبكة»  لتيسير الزواج بين الشباب
تأييد أزهرى لمبادرة إلغاء «الشبكة» لتيسير الزواج بين الشباب




تحقيق – عمر حسن

مبادرة جديدة انطلقت من قلب الصعيد تدعو إلى إلغاء الشبكة لتيسير الزواج وتبناها مشايخ بعض القرى فى الأقصر وسوهاج، والبداية كانت من مواقع التواصل الاجتماعي، حينما أطلق شاب يُدعى جلال ربيع، حملة «زواج بدون ذهب»، مؤكدًا أن الفكرة جاءت عقب وصول سعر جرام الذهب إلى 450 جنيهًا مصريًا، ولا توجد فتاة إلا ويطلب أهلها ما لا يقل عن 60 إلى 150 جرامًا من الذهب، وهو ما يعنى أن يتكفل العريس بتقديم شبكة لا تقل قيمتها وفق السعر الحالى للذهب ما بين 35 ألفا إلى 60 ألف جنيه، هذا بخلاف الشقة التى تكلف مئات الآلاف من الجنيهات وغيرها، أى أن الشاب الراغب فى الزواج عليه توفير ما لا يقل عن نصف مليون جنيه بصورة مبدئية للتفكير فى الزواج وتأسيس عش الزوجية.
بين مؤيد ومعارض، استقبل الناس هذه الحملة التى انطلقت من «بنى سويف»، جنوب القاهرة، ولاقت صدى فى عدد من المناطق، ولكن ماذا عن رأى علماء الدين فى هذه المسألة؟
فى البداية أكدت دار الإفتاء المصرية  أن «الشبكة» جزء من المهر، وفقًا للعُرف السائد، وليست هدية العريس لعروسه كما يرى البعض، مُستندة فى ذلك إلى قول عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه «ما رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ الله حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ الله سَيِّئٌ»، أخرجه أحمد والطيالسى فى مسنديهما.  
وتابعت دار الإفتاء: «الشبكة من المهر، حتى إن الشبكة المقدمة من الخاطب لمخطوبته تكون للخاطب إذا عدل أحدهما أو كلاهما عن عقد الزواج، ولا يؤثر فى ذلك كون الفسخ من الرجل أو المرأة، لأن الشبكة جزء من المهر، وهذا ما عليه الفتوى».
من جانبه أكد رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر، الشيخ عبد الحميد الأطرش، أن الزواج فى أصله مودة ورحمة، يعتمد على حسن الاختيار المتبادل بين الشاب والفتاة، على أساس التقوى، فذلك الذى يحافظ على الزواج، ويضمن له الاستمرارية.
وفيما يتعلق بإلغاء «الشبكة»، أوضح الأطرش قول النبى –صلى الله عليه وسلم-: « أقلهن مهورا أكثرهن بركة»، أى أن من بركة المرأة يسر مهرها، وسرعة تزويجها، متابعًا: «وفى هذه الأيام نرى مغالاة الأهل فى طلبات الزواج من أثاث وخلاف، ما دفع كثيرًا من الشباب إلى العزوف عن الزواج».
وأضاف الأطرش فى تصريحات خاصة، أنه لا مانع من إلغاء «الشبكة» طالما سيصب ذلك فى الصالح العام، ويقلل من نسبة العنوسة، مشيرًا إلى أن «الشبكة» لا تزال تُعد ضرورة قصوى فى الريف المصري، وهى ثقافة ينبغى تغييرها، لأنها تجعل من البنت سلعة تُباع وتُشترى، متابعًا: «الزواج الذى يتم على أنه صفقة لا بد وأن يفشل».
وعن رأى البعض فى أن «الشبكة» تعد بمثابة ضمانة لمستقبل الفتاة، قال: «انعدام الثقة هذا هو الى ودانا فى داهية، أنا مش هجوز بنتى غير لحد أنا واثق فى أخلاقه»، لافتًا إلى أن التعجيزات المادية لن تحول دون الطلاق إن كان لا بد منه.
واختتم قائلًا: «أنا عندى 4 بنات، قلت لكل خاطب لبناتى جهز بيتك بما يتلاءم مع ظروفك، المهم إنك تتقى الله فيها».
فى سياق متصل أكد وكيل الأزهر الأسبق، الشيخ محمود عاشور، أن «الشبكة» ليست جزءًا من المهر، وليس لها علاقة بالزواج، فهى هدية العريس إلى عروسه، ولا ينبغى التشديد عليها كنوع من الإجبار، خاصة فى ظل حالة الغلاء التى نعيشها، وما نتج عنها من ارتفاع نسبة العنوسة.
وتابع عاشور فى تصريحات لـ«روزاليوسف» قائلًا: «هذا كلام زمنه انتهى ولا يوجد حرج من إلغاء الشبكة»، مختتمًا: «أما الأثاث فهو من حق الزوجة شرعًا، لكن القائمة عُرف وليست شرعًا، لضمان هذا الحق».
من جانبها أوضحت النائبة البرلمانية، وأستاذ الفلسفة الإسلامية، الدكتورة آمنة نصير، أنها ترحب بالتيسير على الشباب للزواج، ولكن قبل ذلك يجب أن نعلم شبابنا كيف يحترم الزوجة، التى يريد أن يأخذها بدون تكلفة.
وتابعت نصير فى تصريحات خاصة قائلة: «ما أراه من ثقافة أولادنا فى هذا الزمن يجعلنى أتخوف كثيرًا من تزويج البنت بهذا الرخص، وبلا مقابل كاف، يضمن لها حياة مستقرة فى بيتها، فمثل هذه القيود المادية قد تكون فرامل للطلاق السريع عند أبسط الغضب».
وأردفت أستاذ الفلسفة: إننا فى مرحلة أصبحت الزوجة فيها بلا كرامة داخل بيت الزوجية، فما بال بعد تنازلها عن قيمة «الشبكة» أو «القائمة»؟، متابعة: «هذا يحميها ويرتقى بمكانتها لدى أهل زوجها، لأن اللى خدها بالرخيص هيرميها بالرخيص».
وأكملت: «رغم أن عقيدتى تفرض التسهيل فى هذه الأمور، لكن من هؤلاء الشباب الذين يستحقون أن تتنازل البنات لهم عن حقوق مادية؟»، متابعة: «لا تتخيل كم المكالمات التى تأتينى يوميا من زوجات يتعرضن للاضطهاد من أزواجهم وحمواتهم، لدرجة أن الفتاة تعطينى رقم حماتها لكى أتكلم معها».
واختتمت قائلة: «لسانى لا يطاوعنى أن أؤيد هذه الفكرة.. بعد العمر ده كله لا أستطيع أن أدلى برأى صريح فى هذا الأمر، لأننى أعيش وسط هذا المجتمع، وأشهد على مشكلات الزوجية وما يحدث داخل الكثير من البيوت».
على الجانب العلمى والاجتماعي، قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن ظاهرة شراء شبكة باهظة الثمن موروثات مصرية أصلية، لا تحدث فى دول العالم المتقدم.
وأضافت خضر  قائلة: «أنا لفيت العالم كله فرنسا واليابان وبلاد كثيرة مشوفتش حد بيجيب شبكة غالية كده، والبنت دلوقتى بتتعلم وتشتغل مش محتاجة ذهب كثير من الشاب لكن لازم يكون فى هدية بسيطة حتى لو خاتم للبنت».
وأوضحت أستاذ علم الاجتماع، أن العبرة ليست بشراء الذهب ولكن بأخلاق الشاب نفسه، مشيرة الى أنه من الضرورى شراء هدية بسيطة للفتاة عند الزواج كما هو متعارف فى دول العالم.
أما عن رأى الشباب، قالت ضحى عصام، 21 عامًا، إنها ليست مع أو ضد المبادرة بشكل مطلق، ولكنها تؤيد فكرة الهدية البسيطة من الخطيب لمخطوبته على سبيل الفرحة، مؤكدة أنها لا يجب أن تكون هدية باهظة الثمن، ويمكن أن تقتصر على «الدبلة».
فى حين أشار عبد الكريم طاهر، 27 عامًا، إلى  أنها مجرد عادة توارثها الأجيال، مضيفًا: إن فكرة الشبكة الكاملة بمثابة تعسيف مبالغ فيه للشاب، هذا بخلاف تكاليف الزواج الأخرى، خاصة لو لم يحصل الشاب على دعم من أسرته، مختتمًا: «منظومة الزواج تحتاج إلى إعادة النظر اجتماعيا».
بينما وافقت شيماء محمد، 22 عامًا، على فكرة إلغاء الشبكة، قائلة: «أنا هعيش معاه مش مع الشبكة»، رافضة إلغاء «القائمة» لضمان حق الزوجة فى مقتنيات المنزل.
وأخيرًا رفضت سلمى إيهاب، 21 عامًا، إلغاء الشبكة، لأنه يعد تنازلًا عن الحقوق، فى حين أن الراجل لا يتنازل عن امتيازاته كزوج، فهل يقبل الزوج أن تكون «العصمة» مناصفة بينه وبين زوجته؟، وهل يقبل أن تفرض عليه الزوجة أعمالًا منزلية؟
واختتمت: «أوافق على قرار إلغاء الشبكة فى حالة تساوت الحقوق بيننا وبين الرجال».