الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر ومجموعة «آسيان»

مصر ومجموعة «آسيان»
مصر ومجموعة «آسيان»




كتب - أحمد عبده طرابيك

 وقعت مصر يوم الثلاثاء 6 سبتمبر 2016 على معاهدة الصداقة والتعاون لرابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان» إلى جانب المملكة المغربية، وذلك خلال قمة المنظمة المنعقدة فى فينتيان عاصمة جمهورية لاوس الرئيس الحالى للرابطة، بحضور وزراء خارجية الدول العشر الأعضاء والسكرتير العام للرابطة، الأمر الذى جعلهما - مصر والمغرب - أول دولتين عربيتين وأفريقيتين توقعان على هذه المعاهدة، ورغم أهمية الحدث إلا أنه لم يأخذ حظه من الاهتمام سواء على المستوى الإعلامى أو السياسى.
 تأتى أهمية الخطوة على اعتبار أن التعاون مع الآسيان يشكل حدثاً مهمًا على المستويين الاقتصادى والسياسى والأمنى، فقد حققت دول الرابطة نمواً اقتصادياً هائلاً خلال السنوات القليلة الماضية، الأمر الذى يتوقع أن يحقق نمواً قدره 5% خلال السنوات العشر القادمة، ليتفوق على الاتحاد الأوروبى خلال فترة تتراوح من عشر إلى خمسة عشر عاماً، والذى من المتوقع ألا يزيد معدل النمو به عن 2% خلال السنوات العشر القادمة، ومن ثم يصبح اقتصاد مجموعة آسيان التى تضم عشر دول سابع أكبر اقتصاد فى العالم.
 تأسست رابطة دول جنوب شرقى آسيا «آسيان» فى 8 أغسطس 1967 فى بانكوك عاصمة تايلاند من خمس دول (إندونيسيا، ماليزيا، الفلبين، تايلاند، سنغافورة) وعقدت أول قمة لها فى إندونيسيا فى فبراير 1976، حيث تم التوقيع على اتفاق الوئام والتعاون فى شرقى آسيا وإعلان معاهدة آسيان، التى يتم من خلالها تدعيم التعاون فيما بينهم فى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية حيث تم تبنى استراتيجيات عملية لتحقيق التنمية السريعة فى اقتصاداتها، وقد انضمت بروناى إلى المجموعة فى يناير 1984، وفيتنام 1995، ولاوس وميانمار فى 1997، وكمبوديا فى عام 1999.
 فى عام 2003 تم تأسيس مجموعة آسيان استنادا إلى ثلاثة مرتكزات هى مجموعة آسيان الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية، وفى عام 2005 تم وضع ميثاق الرابطة الذى يهدف إلى تحقيق هدف طويل الأمد تصبح من خلاله المجموعة كياناً إقليمياً موحداً، من أجل تسريع النمو الاقتصادى وتحقيق التقدم الاجتماعى والتنمية الثقافية فى جنوب شرق آسيا من خلال عمل مشترك يقوم على روح التعاون والتضامن والتكافؤ، والمشاركة من أجل تعزيز قواعد مجتمع مزدهر يسوده السلام.
 تؤمن دول آسيان بأهمية تعميق التعاون الوثيق بين الدول الأعضاء للوصول إلى الوحدة الكاملة، لذلك نجد اعتزاز الدول الأعضاء بالانتماء إلى الرابطة، وهذا ما يتضح من وضع علم الرابطة بشعارها المميز جنباً إلى جنب مع علم الدولة الوطنى، على غرار ما تفعله دول الاتحاد الأوروبى، وهو ما يعكس أهمية التعاون والتقارب والوحدة بين الدول الأعضاء، ورغبتها فى الوصول إلى تلك الأهداف، الأمر الذى لا نراه فى الدول العربية، حيث لم نر أن دولة عربية واحدة رفعت علم الجامعة العربية إلى جوار علمها الوطنى.
 تعاون مصر مع رابطة آسيان يحقق الكثير من المصالح المشتركة للجانبين، فتنمية وتطوير الحوار السياسى والتعاون الاقتصادى مع الرابطة يعمل على تنشيط ثلاثة جوانب اقتصادية هامة، أولها: جذب الكثير من الاستثمارات من منطقة تعد من أكثر مناطق العالم نمواً، ثانياً: جذب أعداد كبيرة من السياح من مختلف دول الرابطة العشر، وبشكل خاص من الدول الإسلامية بها (إندونيسيا، ماليزيا، بروناى) أما الجانب الثالث: فيرتبط بتنشيط حركة التجارة ليس بين الجانب والمصرى ودول الرابطة وحسب، بل مع الدول الإقليمية لكلا الجانبين، حيث تتطلع مجموعة آسيان إلى توثيق التعاون مع مصر باعتبارها بوابة القارة الأفريقية، وكذلك فتح أسواق الدول التى ترتبط مع الآسيان باتفقيات تجارية أمام حركة المنتجات والسلع المصرية.
 ينتقل مركز العالم الاقتصادى فى الألفية الثالثة شيئاً فشيئاً نحو القارة الآسيوية، فالصين الصاعدة بقوة باتت محط اهتمام القوى الدولية الكبرى بما حققته من إنجازات غير مسبوقة فى معدلات التنمية، وبما تعده من مشروعات طموحة عملاقة كالبنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية، ومشروع طريق الحرير الجديد، ومجموعة «بريكس»، ومنظمة شنغهاى للتعاون، ومن ثم تحاول الدول الآسيوية اغتنام تلك الفرصة والتواجد بقوة على خارطة الاقتصاد العالمى، وهى تعلم أنها كدول صغيرة لن تستطيع تحقيق طموحاتها فى المنافسة وسط الكبار إلا من خلال التعاون والوحدة مع الدول الآخرى فى إقليمها الجغرافى والانطلاق من ذلك التعاون إلى العالم الخارجى من خلال علاقات الشراكة والتعاون مع الدول والتجمعات الإقليمية الأخرى.